حكومة كردستان مخالفة للدستور العراقي!

رياض الحسيني

بعد ان وافق الحزبان الكرديان الرئيسيان الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على الدستور العراقي الذي كان يحمل بصمات كردية واضحة في محاولة لاستمالتهم واعادة جسور الثقة بين الاكراد والعرب بعد ان فككتها الانظمة الديكتاتورية المتعاقبة على حكم العراق فهاهم اليوم يرمون هذا الدستور بعرض الحائط؟!

 ولا ادري حقيقة السبب الرئيس وراء الصمت المطبق الذي يخيّم على البرلمان العراقي والقوى العراقية الاخرى ومنظمات المجتمع المدني ومن قبلها وبعدها كل الفعاليات والمليشيات المسلّحة والمنزوعة السلاح! الاغرب من ذلك هو حضور مكثّف للقوى الحزبية العراقية الاخرى لمراسيم تنصيب "حكومة كردستان" من دون ان يكلّف احدهم نفسه ويتسائل على رؤوس الاشهاد ليس عن جدوى قيام مثل هذه الحكومة في العراق الجديد والذي يضمن الدستور حقوق كل مواطنيه من دون تغليب لعرق او جنس او طائفة! كما وليس عن الداعي لتنصيب هذا الكم الهائل من الوزراء والذين وصل عددهم الى 40 وزيرا (13 منهم وزير بلا وزارة)، فضلا عن رئيس الوزراء نيجيرفان البارزاني. بالمناسبة هذا الحدث الجلل فرض على احد الكتاب العراقيين البارزين ان يربطه بحكاية "علي بابا والاربعين حرامي"! فاضحكني كثيرا وابكى كثيرا حتما؟! ولانطالبهم بان يفرضوا رفع العلم  العراقي في كردستان الذي رفعه من قبل كل من البارزاني والطالباني وتقاتلوا تحت رايته! ولانطالبهم بالرد على البارزاني الذي تعهّد بطرد كل العرب من كردستان والحاق مناطق عربية اخرى باقليمهم!

كل مانطلبه هو تطبيق الدستور على كل ربوع العراق ليكون العراقيون فيه سواء كاسنان المشط. بطبيعة الحال الدستور العراقي يضمن اقامة الاقاليم في العراق الجديد ولكن لايجوّز في الوقت نفسه تشكيل وزارات سيادية موازية لوزارات الحكومة الفدرالية.

 وهذه الوزارات هي: الخارجية والداخلية والدفاع والمالية والنفط. بيد انه من خلال نظرة فاحصة لحكومة اقليم كردستان يتبين لنا ان الدستور العراقي مغيّب في تلك التشكيلة وبشكل متعمّد لايقبل الشك. فمثلا كان يمتلك الذين حضروا مأدبة التنصيب هذه الحق كما نحن ان يسألوا حكومة كردستان عن معنى تنصيب وزيرين للبيشمركة، احدهما وزيرا للبشيمركة بشكل مباشر هو السيد عمر عثمان علي والاخر "وزير الاقليم لشؤون البيشمركة" هو السيد جعفر مصطفى علي. حقيقة لا ادري ماالفرق بين هذا الوزير وذاك وما الذي يختص به هذا الوزير عن ذلك وما نهاية حدود صلاحيات الوزير الاول لتبدأ صلاحيات الثاني؟ ربما ينبري احد المتفلسفين كصاحب الصفحات الخمس مثلا ليقول ان هذا شأن كردي داخلي ولايحق للعرب الخوض فيه!

اعتراضنا ينبع من حقيقة كون هذين الوزيرين انما يقومان مقام وزير الدفاع ورئيس اركان الجيش ولكن حتى لاتثير مثل هذه التسميات المعتمدة والمتعارف عليها اي نوع من الشد والجذب بين حكومة كردستان وباقي العراق فقد جاءت التسمية على تلك الشاكلة كاجراء مؤقت! والدليل على ذلك اعتماد هذا الترتيب على اكثر من وزراة سيادية كان المفترض ان تختص بها الحكومة الفيدرالية وليس لحكومة الاقليم الحق في تشكيل وزراة مماثلة لها باي شكل من الاشكال.

 ايضا وزارة الداخلية فمثلا عثمان محمود وزيرا للداخلية وهو كذلك وعبد الكريم سنجاري "وزير الاقليم للشؤون الداخلية" بمعنى رئيسا لجهاز المخابرات! ويستمر الالتفاف ليصل الى وزراة النفط فقد جاءت تسمية السيد اشتي هورامي  "وزيرا للموارد الطبيعية" وهكذا مع وزراة الخارجية حيث تم تنصيب السيد محمد احسان "وزير شؤون مناطق خارج الاقليم". ويتواصل المسلسل ليتم تعيين السيد سركيس اغاجان وزيرا للمالية وهو كذلك وتعيين السيد بايز سعيد محمد وزيرا للاقليم لشؤون المالية، وهو مايوازي مدير البنك المركزي كمقدمة لسك عملة كردية خاصة بالاقليم مستقبلا!

ترى هل سيقرأ برلماننا هذه الالتفاتة؟ وهل التفتت اليها نخبنا؟ وماهو رد حكومتنا "الفيدرالية" وهي ترى الاقاليم تنازعها سطلتها؟ وكيف سيكون رد المحكمة الفيدرالية بهذا الشان والخصوص؟! ام ان الامر لايخص هؤلاء جميعا! شخصيا لا اعتقد ان ردا من كل هؤلاء سيكون ولكن هل سيبقى الشعب العراقي متفرجا على مهزلة اخرى تضاف الى مهازل مابعد السقوط؟! هذا ماسيشهده العراق في الايام القادمة والجميع مدعو معنا طبعا لمشاهدة حلقة اخرى من حلقات تقسيم الكعكة التي مات صاحبها ولم يورّث!

*كاتب صحافي وناشط سياسي عراقي مستقل

www.riyad.bravehost.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعه 12/ايار/2006 -13/ربيع الثاني/1427