التخطيط والإعداد لتنصيب جمال مبارك وريثا لعرش مصر

تسيطر على الكاتب الصحفي المصري احمد فكري قناعة بان الرئيس حسني مبارك سيتنحي عن منصبه قريبا لدرجة انه تصور مسودة خطاب تنحي الزعيم الذي يتولي حكم البلاد منذ نحو ربع قرن.

وتصور فكري في المسودة التي نشرت في صحيفة الدستور الاسبوعية المعارضة ان مبارك يقول في خطاب التنحي انه يعهد الى ابنه جمال برئاسة البلاد وانه ينصحه بالحفاظ على النظام الجمهوري.

والسؤال عمن سيتولى صلاحيات الرئاسة الواسعة في مصر بعد مبارك الذي سيتم عامه الثامن والسبعين في مايو ايار هو أكثر المسائل السياسية الحاحا في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان.

لكن في غياب أي تصريح رسمي حول من يمكن ان يحل محله أو متي قد يحدث التغيير يضرب المصريون أخماسا في اسداس.

ويعتقد كثيرون ان جمال مبارك القيادي البارز في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سيتولى الرئاسة برغم تأكيداته بانه لا يرغب في المنصب الذي يشغله والده منذ عام 1981.

وفسرت تصريحات أدلى بها مسؤول كبير لرويترز مؤخرا بان مبارك سيتنحى اذا وجد من يخلفه على نطاق واسع بان تغييرا في الطريق.

ويرى بعض المحللين والدبلوماسيين والمعارضين ان مبارك سيتنحى خلال عام ويقول اخرون انه سيفعل خلال عامين. ويصعب على البعض توقع ان يكمل فترة رئاسته ومدتها ست سنوات التي فاز بها في الانتخابات التي جرت العام الماضي.

ويقول المحلل السياسي جوشوا ستاتشر "يجري التخطيط والاعداد بعناية لفترة ما بعد مبارك. التصريحات تستهدف اعداد الشعب لحقيقة ان الرئيس التالي سيحكم عاجلا وليس اجلا."

وقال اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس في تصريحات لرويترز الشهر الماضي ان مبارك سيبقى في منصبه "ما دام مستطيعا وقادرا .. لكنه لو وجد ان هناك مجموعة اخرى من الناس .. شخصا اخر .. مستعدون لحمل الشعلة.. فان احساسي انه سيرحب بذلك."

وأكد الباز ان مبارك لا يفكر في توريث السلطة لجمال مضيفا "ليس واضحا الى الان من الذي يمكنه ان يتولى. لا أحد يستطيع ان يقول. والمؤكد ان الرئيس واسرته لا يفكرون في الخلافة."

ويقول اخرون ايضا ان الصمت الرسمي حول المسألة يرجع لعدم حسم القرار بشأن من سيخلف الرئيس أكثر منه رغبة في السرية. وقال دبلوماسي " ربما لا يكون هناك قدرا كافيا من الحقيقة للكشف عنه."

لكن بالنسبة للغالبية العظمى من الصعب رؤية بديل واضح لجمال (42 عاما) وهو خبير في مجال العمل المصرفي بحكم عمله السابق في البنوك الاستثمارية وبات من أبرز الشخصيات في الحزب الحاكم.

وطالما نفى مبارك فكرة انه سيورث الحكم لجمال قائلا ان مصر ليست سوريا حيث خلف بشار الاسد والده بعد وفاته عام 2000.

لكن الصعود الصاروخي لجمال في صفوف الحزب الوطني الديمقراطي جعل من الصعب على كثيرين عدم التصديق انه يعد بسرعة للرئاسة. ويستشهدون بتصعيد جمال مؤخرا لمنصب الامين العام المساعد للحزب واعلان خطبته باعتبارهما أحدث اشارتين على خطط الخلافة. وقال دبلوماسي "كل التطورات تدعم هذا الاتجاه."

وتقول هالة مصطفى العضو السابق في لجنة السياسات بالحزب التي يرأسها نجل الرئيس والتي انشقت عن الحزب مؤخرا ان نفوذ جمال داخل الحزب لا يضاهى.

وبموجب قواعد وضعت العام الماضي للانتخابات الرئاسية يمكن فقط للاحزاب التي تفي بمتطلبات معينة ان تقدم مرشحا.

وتقول هالة انه اذا ما تنحى مبارك فان الحزب الوطني سيطلب من جمال ان يكون مرشحه. وتضيف هالة التي ترأس تحرير دورية الديمقراطية التي تصدرها مؤسسة الاهرام "ليس له أي منافسين".

لكن محللين ودبلوماسيين يرون ان نجاح هذا السيناريو يحتاج لاشراف مبارك بنفسه على انتقال السلطة ويشيرون الى احتمال تلاشي التأييد لجمال اذا توفى والده وهو في الرئاسة.

وقال دبلوماسي "هل ضمن تأييد الناس المهم حقا كسب تأييدهم..ومن هم.. من غير الواضح الى اي مدى يملك كبار الضباط حق الاعتراض."

ومنذ ثورة يوليو 1952 التي أطاحت بالملكية جاء كل رؤساء مصر من صفوف الجيش.

لكن التعديل الدستوري الذي حدد العام الماضي قوانين الانتخابات الرئاسية مهد الطريق في رأي المحللين امام خليفة مدني لمبارك. وقال مبارك نفسه العام الماضي ان الجيش ليس له دور في السياسة.

وينتمي عمر سليمان رئيس المخابرات وهو ضابط برتبة لواء الى الجيش شأنه شأن باقي رؤساء مصر السابقين. ويتردد الحديث احيانا عن سليمان الذي يوفد بانتظام في مهمات دبلوماسية كخليفة محتمل لمبارك.

لكن سليمان ليس عضوا بارزا في الحزب الحاكم مما يحول دون ترشيحه في الوقت الحالي.

وأيا كان مرشح الحزب الوطني الديمقراطي فانه لن يواجه أي منافس اذ لا توجد أي جماعة معارضة تفي بالشروط الصعبة للترشيح. وتقول المعارضة ان الشروط وضعت لعرقلة اي ساعي لمنصب الرئيس.

ويقول منتقدون ان تصريحات اسامة الباز تعكس بصورة اكبر نقص الاصلاح الديمقراطي في مصر.

وقال محمد السيد سعيد المحلل السياسي واحد دعاة الاصلاح انه ليس من وظيفة الرئيس ان يختار رئيسا اخر وان هناك حاجة لتفعيل الديمقراطية بحيث يمكن للناس الاختيار.

شبكة النبأ المعلوماتية-الأربعاء 26/نيسان/2006 -27/ربيع الاول/1427