المرجع المنتظري في حوار  مع قناة NTV التركية: على أمريكا أن لا تفكر بالهجوم على إيران ويجب حل الأزمة النووية بطرق سلمية

* ولي الفقيه المذكور في الدستور عليه أن يكون المشرف لا أن يكون هو الحاكم على الإطلاق..

* الكلمة النهائية للناس وليس رأي القوى العسكرية..

* إذا أرادوا الهجوم على إيران فإنهم مخطئون، لأنهم هاجموا أفغانستان والعراق والآن يعانون بمشاكل..

*تركيا بلدة إسلامية لابد أن يكون تاريخكم التاريخ الإسلامي وأن تكون عطلتكم يوم الجمعة..

 

أجرى مراسل قناة NTV التركية حوارا مع سماحة آية الله العظمى الشيخ المنتظري بمكتبه في قم المقدسة، حيث تحدث سماحته من خلالها حول مستجدات الساحة السياسية والأزمة النووية والهجوم المحتمل على إيران، وفيما يلي نص المقابلة:

 

السؤال الاول: قبل كل شئ بإسمي وبإسم الشبكة الخبرية أشكركم كثيرا على قبولكم للحوار. كأول سؤال أريد أن أسئلكم عن ماضيكم، بإعتباركم من الأعمدة والأركان الرئيسية المؤسسة للثورة الإسلامية في إيران، خلال الأعوام الأولى كنتم تواصلون نشاطاتكم مع الإمام الخميني في طهران، وبعد فترة تشرفتم بالذهاب إلى قم. أريد أسئل ما هوالخلاف الذي حصل وأدى أن تذهبوا إلى قم وتواصلوا نشاطاتكم منها، أريد أن أسمع ذلك على لسانكم؟

المرجع المنتظري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.

لم يكن لدي منذ الوهلة الأولى خلاف مع سماحته. هوأيضا جاء إلى قم فيما بعد. لكن لتقنين مواد الدستور أجريت إنتخابات وتم إنتخابي من طهران، لذلك اضطررت أن اذهب إلى طهران من أجل وضع الدستور. حينما توفي آية الله الطالقاني الذي كان إمام جمعة طهران، عينني آية الله الخميني إمام جمعة طهران. حينما تمت أعمال مجلس الخبراء لتقنين الدستور، ذهبت إليه وقلت بما أني طالب في الحوزة فإني أرغب بأن أكون في قم، إسمح لي أن أذهب إلى قم لأكون في الحوزة. إذن القضية لم تكن إختلافات الرأي. كان رأيي بما أنه توجد حكومة تتصدى للأمور السياسية والمرحوم المهندس بازركان قد انتخب آنذاك رئيسا للوزراء في الحكومة المؤقتة، والوزراء أيضا عينوا، لذلك الحكومة هي التي لابد أن تمارس الأمور السياسية، وعلينا أن نذهب إلى قم ونواصل عملنا كرجال دين مثل الدرس والبحث. ولكن في نفس الوقت كانت المراجعات كثيرة إلى بيتنا وأنا كنت أوجه المذكرات إلى الوزراء والحكومة من باب النصيحة والمشورة.

 قصدي لم تكن خلافات منذ الوهلة الأولى حينما جئت إلى قم وجاء هوأيضا فيما بعد.

السؤال الثاني: بعد سبعة وعشرين عاما من الثورة الإسلامية وبإعتباركم من الأركان الرئيسية لحدوث الثورة الإسلامية، كيف ترون الظروف الحالية للجمهورية الإسلامية قياسا بالشكل الذي كنتم ترغبون به وما هي النواقص التي توجد في الحكومة الحالية أوالثورة الحالية وما هي نقاط القوة، وأساسا كيف تقيمون الحكم الحالي؟

المرجع المنتظري: قبل الثورة وفي أثناء الثورة كان شعار الشعب وفي الحقيقة الشعار الذي كان يلقيه المرحوم آية الله الخميني وكذلك نحن على الناس كانت ثلاثة أمور: "الإستقلال، والحرية، والجمهورية الإسلامية"، وذلك من باب أن السلطات الأجنبية في زمن الشاه كانت تتدخل في أمور البلد بصورة تامة والأمريكيين كانوا يتصدون الأمر في الجيش وفي الأماكن الأخرى، والناس لم يكونوا أحرارا ليبدوا آرائهم، والموازين الإسلامية أيضا لم تراعى. وبناءا على ذلك فالإستقلال كان بمعنى عدم تدخل البلدان الأخرى في السياسة الإيرانية، والحرية تعني أن الناس لابد أن يكونوا أحرارا ليقولوا ما يريدون، والجمهورية الإسلامية تعني أن الحكومة شعبية  منتخبة من الناس وتطبق الموازين الإسلامية. هذا كان شعار الشعب.

وكان آية الله الخميني ونحن أيضا نعطي الوعود للناس ولكن للأسف لم يحصل ما كنا نريده. الجمهورية تعني أن تكون الحكومة ناشئة من الناس، أي أن نخب المجتمع والذين يتمتعون بالوعي السياسي يحق أن تكون لديهم أحزاب سياسية، وهذه الاحزاب هي التي يجب أن تُشكِّل الحكومات وأن تراقب الحكومة والنظام وأن تبدي إعتراضها، ولكن الآن نرى أنهم يستدعون أمناء الأحزاب -إلى المحاكم- ويمارسوا الضغوط والتهديد عليهم، في حين أن الأحزاب هي التي لابد أن تشرف على أعمال الحكومة وأن تنتقد وتعارض الحكومة، لكن الحال الحكومة تعرقل أمور الأحزاب. إذا كنا نريد أن تكون الحكومة حكومة شعبية بالفعل فعلى نخب المجتمع وأولئك الذين يحظون بوعي وفكر سياسي عليهم أن يؤسسوا الأحزاب وأن تكون هذه الأحزاب مستقلة وقادرة على تشكيل الحكومة والإشراف عليها. لكن لم ينفذ هذا الأمر والسادة يقولون إننا لا نحتاج لأحزاب والمساجد هي احزابنا ومعنى ذلك أنه إذا تكلم شخص في المسجد بكلام، يصبغ كلامه بصبغة شرعية ويحرك الناس على أن يذهبوا ويصوتوا لفلان أوأن ينفذوا الامر الفلاني. إن هذا عمل خاطئ وإذا كنا نريد أن تكون الحكومة بالفعل شعبية فلابد أن يكون للناس دور في إحداث الحكومة وكذلك في بقاءها وأن يكون لهم الإشراف على أن لا تتجاوز القانون، وبالطبع ولي الفقيه المذكور في الدستور عليه أن يكون المشرف لكي لا تتجاوز الحكومة عن الموازين الإسلامية، ولا أن يكون هو الحاكم على الإطلاق وأن تكون كل الأمور بيده. إدارة الأمور لابد أن تكون بيد الناس والنخب السياسية وعن طريق الأحزاب. للأسف إن الأحزاب لم تأخذ مجراها في بلادنا في حين أن النظام لابد أن يستقر من خلال الأحزاب السياسية. ولكنهم حتى الآن لم يسمحوا للحزب أن يمارس دوره، وهم يقومون بتأسيس أحزاب آنية وبنت الساعة ثم يجرون إنتخابات ويعتبرون أن الأمور قد تمت بدقة وحساب ويوعدون الناس، وإذا أراد الناس الإعتراض فلا احد يصغي إليهم بل ويتم قمعهم. إذن هذه الوعود التي قدمها آية الله الخميني والآخرين للناس للأسف لم تنجز بالصورة التي كنا نريدها.

في تركيا نرى أن رئيس الجمهورية منتحب من قبل الشعب، ورئيس الوزراء والحكومة يمارسون دورهم، لكن في الظروف الحساسة نرى أن الجيش هو الذي ينطق الكلمة الأخيرة، في إيران أيضا توجد هذه الحالة والقوى العسكرية والأمنية هي التي تنطق الكلمة الأخيرة وتتدخل في الأمور السياسية، لكن الصحيح هو أن تكون الكلمة النهائية للناس، وحتى في الظروف الحساسة أيضا رأي الناس لابد أن يكون هو المقياس وليس رأي القوى العسكرية.

السؤال الثالث: إنكم تتابعون الحدث اليومي، ما رأيكم بسياسة الحكومة الحالية للسيد أحمدي نجاد فيما يرتبط بالقضية النووية وهل تقبلوها؟

المرجع المنتظري: كما قلت من إحدى شعاراتنا الأولى في الثورة كان هو الإستقلال. ومعنى الإستقلال أن تعمل الحكومة الإيرانية بما تراه يخدم مصالح المجتمع. وإذا أرادت أمريكا أو أوروبا أن تفرض على إيران أن لا تملك الطاقة النووية للمجالات السلمية، فهذا يعتبر تدخل في أمور إيران. لكن الأمر الذي لابد أن يلاحظ هو كيف تكون هذه المواجهة، ولابد أن تكون المواجهة بصورة لا يؤدي إلى تشنج أو صراع وأن لا يتضرر البلد والناس. ومن إحدى طرق المواجهة هي المفاوضة المباشرة مع أمريكا بإعتبارها سلطة مطلقة في العالم وشئنا أم أبينا تمارس سلطتها ويمكن الحوار مع السلطات بالطرق الديبلوماسية. وعلى فرض لم تقتض المصلحة أن تكون لدينا علاقات مع أمريكا في زمن ما، ولكن ما المانع أن تقام العلاقات الآن وأن تنحل المشكلة بطرق سلمية وأن ينفذ الامر بصورة لا تؤدي إلى الصراع بين الطرفين. ولكن أن يفرضوا قوتهم على إيران لكي لا تستفيد من الطاقة النووية في المجلات السلمية فهذا يعتبر فرض القوة، لأن العلم والتكنولوجية ليست إنحصارية ومن حق جميع البشر. كيف أن إسرائيل تملك الطاقة النووية وكذلك السلاح النووي، ولكننا لانريد السلاح لماذا لا تكون لدينا طاقة نووية للمجالات السلمية؟! إن إستعمال القوة والفرض على إيران ليس بالأمر الصحيح، والناس لايقبلون ذلك والأمريكيين يخطئون حينما يفرضوا رأيهم، لأن في عالمنا اليوم لا مجال لقوى الفرض.

 إذن لابد من حل المشكلة سلميا، إما أن يقيموا علاقات وإما أن يرسلوا وسطاء بدل أن يرفع بوش في أمريكا شعارات ضد إيران ونحن نرفع ذلك ضد بوش في إيران.

كما إن الإشكال الذي أطرحه إلى الحكومة التركية هي علاقاتها مع إسرائيل، لأن إسرائيل حكومة غاصبة قد اغتصبت أراضي الفلسطينين وشردتهم. ما عدا إسرائيل لا توجد لدينا مشكلة مع سائر البلدان. لقد قلت من قبل إن إحتلال السفارة الأمريكية في إيران كان عملا خاطئا ولابد من إصلاح هذا الخطأ وإيجاد علاقات وحل المشاكل بالطرق السلمية. الإستفادة من التكنولوجية من حق إيران. يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا وإن الله يحب بغاة العلم". إن طلب العلم واجب على كل مسلم فليكن هذا العلم أي علم سواءا العلوم الدينية أوالعلوم الدنيوية، لأن عالم اليوم يدور على أساس العلم. أن يقولوا لا تقتربوا من هذا العلم ولاتتعلموه وإن كان سلميا فهذا أمر خطأ وبالطبع الشعب لا يقبل. كما قلت لابد من صنع عمل من أجل إزالة عدم الثقة بين الطرفين وأن تكون العلاقات الحسنة والإحترام المتقابل.

السؤال الرابع: في ظل الأزمة النووية والبحوث المرتبطة بها هل تعتقدون إحتمال هجوم على إيران، وإذا حصل ذلك فما هي التدابير التي تفكر فيها الحكومة والشعب الإيراني قبال هذه القضية؟

المرجع المنتظري: أنا لا أعلم الغيب، لكن إذا أرادوا الهجوم على إيران فإنهم مخطئون، لأنهم هاجموا أفغانستان والعراق والآن يعانون بمشاكل. خاصة العراق الذي أصبح مستنقعا للأمريكيين وإيران ليست أضعف أوأقل من العراق. في زمن ما كانت الشعوب التي تعاني من الإستعمار البريطاني والسوفيتي كانت تنظر أمريكا على أنها المنقذة لهم، ولكن للأسف حينما أتت أمريكا أثبتت أنها أيضا وريثة الإستعمار وجزء من المستعمرين. وبالنظر إلى الظروف إذا إفترضنا أن أمريكا ستهجم على إيران فإنها ترتكب الخطأ وبالقطع سيكون بمضرتهم. لأن الشعب سيتعبأ ضده، عالمنا اليوم ليس عالم الحرب والهجوم. العقدة التي تنحل باليد فلا يحتاج إلى أن تنحل بالأسنان.

السؤال الخامس: أشكركم على إتاحكم لهذه الفرصة لنا، في الختام إذا كان لكم شئ أن تذكروه فأنا في خدمتكم.

المرجع المنتظري: في هذه الغرفة جاء المرحوم تورغوت أوزال رئيس وزراء تركيا حينها ومن ثم رئيس الجمهورية ليلتقي معي وكانت الحرب الإيرانية العراقية مشتعلة، فقلت له: إن مصطفى كمال لم يكن إلها ولا نبيا، وتركيا كانت في زمن مركز الإسلام بسبب وجود الحكومة العثمانية، لذلك فإنكم حينما تعطلون يوم الأحد بدل يوم الجمعة وأن يكون تقويمكم هو التقويم المسيحي فإنكم بذلك مخطئون. عليكم من باب أن تركيا بلدة إسلامية لابد أن يكون تاريخكم التاريخ الإسلامي وأن تكون عطلتكم يوم الجمعة. فقال لي: أنا مسلم ولقد أرسلت والدتي إلى مكة. أقول لكم يجب أن تسعوا لتلتحق تركيا إلى العالم الإسلامي وأنتم بإصراركم على إتحاد تركيا مع أوروبا لا تتصوروا أن هنالك شئ، فإنهم غير الأهداف الإستعمارية لا هدف لهم.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 24/نيسان/2006 -25/ربيع الاول/1427