فرنسا بوابة التغيير الديمقراطي في الغرب

اعداد: بسام محمد حسين

تبدأ كل الثورات بمطالب بسيطة (حقة) تنال عطف ومساندة القوى الأخرى وسرعان ما تكشف القوى الارتدادية عن سياستها محاولة التهرب من الاستجابة إلى الأمام للحقوق المشروعة لأوسع قطاع شعبي أنها دروس وعبر ستعلم الشعب الفرنسي وقواه الديمقراطية إن الاستبداد وآلية القهر لن يتغير مضمونها وأن تعددت أشكالها، وإن الدولة المتمثلة بالحكومة ولسان حالها شيراك التي فتحت الباب للتفاوض مع المنتفضين للتراجع عن قرارها الأخير ومحاولة محاصرة المتظاهرين وقمعهم وسجنهم، تؤكد لكل القوى الديمقراطية الزيف والخداع وسياسة التسويات المجحفة لحقوق الشعب الفرنسي أهمية تكنيس السياسات الإصلاحية التي لا ترى سوى مصالح أقلية تتمرس بشعارات الحرية والمساواة والديمقراطية.

لقد برزت في السنوات الأخيرة أخطر سياسة تجاه الإسلام والمسلمين وجرى اعتداءات حقيقية على المنجزات والإجراءات المتضمنة تكريس حرية المعتقد وحرية التعبير والتي تشكل جوهر الديمقراطية ونظامها وتزامن ذلك سياسات عنصرية طالت بشكل واسع الحقوق المدنية التي لطالما كانت فرنسا هي قلعة للحريات والمعتقدات، وبذلك خضعت فرنسا إلى الشروط الدولية الذي يؤسس على دور القمعي للدولة وإضعاف تدخل الدولة الإيجابي لمصالح الأغلبية.

 وحده شيراك كان يقامر ويغامر بالمصالح الإستراتيجية الفرنسية في ظل المتغيرات الدولية السياسية والاقتصادية إن أهم مؤشر للتواطئ الدولي تجاه الشعب الفرنسي تعامله مع المتظاهرين كخبر عابر وغيمة سوداء في سماء صافية، وإن الذي يحدث في فرنسا وشوارعها أقرب إلى مشاكسات تحدث بين طرفين على لعبة الفوتبول، في الوقت أن أي خبر أو حدث عابر يطل زعيم أكبر دولة في العالم شارحاً رأيه وموقف إدارته من تداعيات هذا الحدث على حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير.

 بقيت شوارع فرنسا وصور الجنود والخراب والخبر المقنن عن سبب انتفاضة الشوارع في باريس، إن تحت الرماد وفي العمق التاريخي والحاضر تناقضان محسومة اتجاهاتها أما مع الأقلية الحاكمة ونفوذها ومصالحها أو مع الشعب الفرنسي المضطهد والمقموع بصورة حضارية على الطريقة الفرنسية.

 إن أصوات الحق والعدل والحرية التي ترتفع اليوم في سماء باريس سيلاقي صداها في لندن وواشنطن وفي كل موقع يجري الاعتداءات على حقوق الإنسان وحياته وخياراته، وسيترافق ذلك الاستفادة القصوى من عصارة الديمقراطية في العالم شرقاً وغرباً، وإن قوى الخير والسلام تقف بحزم وقوة إلى جانب كل المضطهدين والمهضومين الحقوق ولن ينفع السيطرة المطلقة على الإعلام والشارع والقوانين المزيفة أن تقف في وجه إعصار قادم على أوروبا والغرب عموماً، وإن تباشيره بدأت ملامحه هنا وهناك.

فالشعب الفرنسي الذي عرف طعم الديكتاتورية والقهر والظلم كما عرف الحرية ودافع عنها جدير به أن يجد في العالم أجمع أصواتاً قوية تؤاذر وتساند موقه.

aboalibassam@gawab.com

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 22/نيسان/2006 -23/ربيع الاول/1427