ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشدة بين الفلسطينيين الذي سيؤدي الى ارتفاع مستوى الجريمة

قال تقرير صادر عن الامم المتحدة ان معدلات البطالة والفقر سترتفع بشدة في الضفة الغربية وقطاع غزة ما لم تجد السلطة الفلسطينية بزعامة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الاموال التي تدفع بها رواتب الموظفين.

ويشير اسوأ الاحتمالات التي يتوقعها التقرير الى ان معدلات البطالة سترتفع في قطاع غزة من 35 في المئة حاليا الى 60 في المئة بينما سترتفع نسبة البطالة في الجزء الشمالي من الضفة الغربية المحتلة الى ما يترواح بين 40 و50 في المئة.

ونشر تقرير مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة الذي يحمل تاريخ 11 ابريل نيسان يوم الاربعاء رسميا.

ويعتمد الفلسطينيون على المساعدات الخارجية التي يبلغ اجمالها اكثر من مليار دولار في العام ولكن بعض من هذه الاموال قطعها مانحون دوليون منذ أن شكلت حماس حكومة الشهر الماضي.

ولم يتضح مقدار الاموال التي قطعها المانحون.

وتوقفت اسرائيل عن دفع عائدات الضرائب التي تدفع شهريا الى السلطة الفلسطينية والتي تقدر بنحو 55 مليون دولار مما مثل ضربة اقتصادية للحكومة التي تفتقر بشدة الى الاموال بعد ان فازت حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير كانون الثاني.

وأصبحت قطر أولى الدول العربية التي تبرعت بأموال للسلطة الفلسطينية يوم السبت عندما سلم مندوبها لدى جامعة الدول العربية شيكا بقيمة 50 مليون دولار في مقر الجامعة بالقاهرة.

وقالت ايران ايضا انها قدمت 50 مليون دولار الى السلطة الفلسطينية.

وقال تقرير الامم المتحدة انه في ظل احتمال توقف غالبية المساعدات الدولية بينما تبقى بعض عمليات التمويل غير المنتظمة قد ينخفض اجمالي الناتج المحلي عام 2006 ويحقق نموا سلبيا بنسبة 25 في المئة مقابل نمو ايجابي بنسبة خمسة في المئة عام 2005.

وقال التقرير انه في أسوأ الاحتمالات سيكون الانهيار "اكثر سوء".

وقال التقرير ان السلطة الفلسطينية توظف ما يزيد على 152 الف شخص وهم يعولون 942 الف شخص اي نحو ربع الشعب الفلسطيني. وأضاف ان الازمة ستكون اشد وطأة على قطاع غزة وشمال الضفة الغربية.

وأضاف التقرير أنه في ظل الاحتمال متوسط السوء فان الموظفين في السلطة الفلسطينية الذين يعتبرون في حالة يسر نسبية قد يخسرون دخولهم مما يرفع مستوى الفقر الى 67 في المئة عام 2006 وقد تصل الى 74 في المئة بحلول عام 2008.

واشار التقرير الى نتائج مشابهة توصل اليها تقرير صدر عن البنك الدولي الشهر الماضي.

وقال التقرير ان عدم دفع رواتب الموظفين في السلطة الوطنية سيؤدي الى ارتفاع حاد في نسبة الفقر لتصل الى47% اضافة الى ارتفاع حاد في نسبة البطالة ليصل الى 40% وانهيار الاقتصاد المحلي وتردي الوضع الاجتماعي وارتفاع نسبة الجرائم.

وحذر التقرير من تدهور الوضع الإنساني في الضفة وقطاع غزة، خلال الأشهر القريبة، وتأثيرات هذا التدهور مشيرا إلى أسباب الأزمة الإنسانية الحالية وما لحقها من تقييد لحرية تنقل الفلسطينيين والعمليات العسكرية المتكررة ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وبناء الجدار الفاصل في الضفة.

وأوضح التقرير، أن منظمات الأمم المتحدة قدمت مناشدة للدول المانحة في كانون الأول من العام الماضي 2005، شملت مجموعة من مشاريع الطوارئ الإنسانية. قامت الدول المانحة بتمويل أقل من 20% من هذه المشاريع التي وصلت قيمتها إلى 215 مليون دولار أميركي.

واليوم نشهد حدة في تضعضع الوضع الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة وتحديداً بعد فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي في كانون الثاني الماضي. إذ توقفت الحكومة الإسرائيلية عن تحويل عائدات ضرائب القيمة المضافة المستحقة للسلطة الفلسطينية وضرائب الجمارك التي تقوم بجمعها عن السلطة الفلسطينية.

كما وأعلنت الحكومة الإسرائيلية إنها ستستخدم جزءا من هذه المبالغ لدفع فواتير الكهرباء والمياه والوقود التي تدين بها السلطة الفلسطينية لإسرائيل. وفي الوقت ذاته قام عدد من الدول المانحة الغربية بمراجعة تمويلهم لدعم السلطة الفلسطينية، مع العلم أنهم قاموا بدعم السلطة بمبالغ وصلت قيمتها إلى أكثر من 7 مليار دولار أمريكي منذ توقيع اتفاقيات اوسلو في العام 1993.

وتوظف السلطة الفلسطينية أكثر من 152,000 فلسطيني الذين يقومون بدورهم بدعم أكثر من مليون فلسطيني أي ما يعادل 25% من الفلسطينيين في الأرض المحتلة. وكل هؤلاء الموظفين يعملون في 62% من العيادات الفلسطينية وفي جميع المستشفيات عدا واحد و75% من المدارس الابتدائية والثانوية.

وتحتاج السلطة كل شهر إلى 165 مليون دولار أميركي (منها 60% لصرف الرواتب) وفي العام 2005 حصلت السلطة شهريا على: 60 مليون $ عائدات الضرائب والجمارك، 30 مليون$ من الدول المانحة، 30 مليون $ من الضرائب الداخلية، وإن عدم دفع رواتب السلطة سيؤدي إلى ارتفاع حاد بنسبة الفقر، لتصل إلى 74% فمنذ العام 2000 ارتفعت نسبة الفقر إلى 56%. ومن المتوقع انخفاض الدخل المحلي للفرد ليصل إلى25% في العام 2006 مقارنةً مع 5% في العام 2005.

وفي الوقت ذاته فان عدم دفع رواتب 70,000 من موظفي الأمن في السلطة سيؤدي إلى تدهور الوضع الأمني مما قد يؤدي في النتيجة إلى رفع مستوى الجريمة. ومن الجدير ذكره أن انعدام الأمن سيحدد إلى درجة كبيرة عمق الأزمة الإنسانية وبالتالي الاستجابة الإنسانية. وقد تكون هذه الحالة من انعدام الأمن حادة أكثر في الضفة والقطاع إلا أن بعض أشكال العنف قد تمتد إلى إسرائيل وقد تصيب في نهاية المطاف مدنيين إسرائيليين.

وضعف السلطة الفلسطينية قد يؤدي إلى ارتفاع في نسبة الموت بسبب انعدام الأمن وتدهور الوضع الصحي والخدمات الصحية والصحة العامة والتي قد تأتي كنتيجة مباشرة لانهيار الخدمات العامة مثل مياه المجاري والصرف الصحي. وهناك أيضاًً الخطر الذي يهدد حياة الفلسطينيين والذي سينتج عن زيادة وارتفاع في تفشي الأمراض وسوء التغذية. وخلافاً لأزمات إنسانية حدثت في مناطق أخرى من العالم حيث كان من الصعب توقع حدوث هذه الأزمة، فأنه بالأمكان قياس أبعاد هذه الأزمة في حال توقف الدعم عن السلطة.

وقد تحدد ثلاث متغيرات مدى حدة الأزمة: مدى وقدرة تمكن السلطة من الحصول على مصادر تمويل بديلة، سلم الأولويات الذي تضعه السلطة فيما يتعلق برصد التمويل الموجود

وانعدام الأمن الداخلي والخارجي.

وقامت الأمم المتحدة برسم ثلاثة سيناريوهات تقوم بتخطيط عملها بناءً عليها وهي:

السيناريو 1: يسير الوضع الإنساني بناءً على الوضع الذي شهدته الأرض المحتلة في الأشهر الأخيرة والذي شمل ارتفاعا في القيود التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين وعلى وصولهم للخدمات

السيناريو 2: تتابع إسرائيل بتشديد فرض القيود على الفلسطينيين بينما يتم تمويل السلطة الفلسطينية بشكل جزئي.

السيناريو 3: تتابع إسرائيل بتشديد فرض القيود على الفلسطينيين بينما لا تحصل السلطة الفلسطينية على تمويل بتاتاً.

وكما يتبين من السيناريوهات المدرجة أعلاه فان السبب الرئيسي للأزمة الإنسانية الآخذة بالتصاعد هو في الأساس القيود التي تفرضها إسرائيل على تنقل وحرية الفلسطينيين من جراء بناء الجدار الفاصل وغيرها من الوسائل. وحسب سيناريو 1 الذي يفترض حصول السلطة على تمويل مشابه لذلك الذي حصلت عليه في العام 2005.

ويركز التحليل أدناه على سيناريو 2- الأزمة الإنسانية الحالية وتمويل للسلطة جزئي مما يؤدي إلى تصاعد في الأزمة الإنسانية. بينما يكون التغير والتأثير أكثر حدة على الأزمة الإنسانية في حال التوقف الكامل لتمويل السلطة الفلسطينية حسب السيناريو 3. ومن الجدير ذكره أن الاستجابة الإنسانية ستكون أقل فعالية في حال انعدام التنسيق مع السلطة الفلسطينية.

وبإمكاننا تقسيم الآثار الإنسانية إلى خمسة وهي تتمركز حول:

1. ارتفاع حاد في نسبة البطالة

وحسب سيناريو 2 فأن من شأن البطالة أن ترتفع لتصل إلى 40% خلال العام 2006، و47% في العام 2008 حسب الأرقام التي وردت من البنك الدولي. ومنذ 10 نيسان الجاري لا تملك السلطة الفلسطينية القدرة على دفع رواتب الموظفين لشهر آذار الماضي. وتشكل هذه الرواتب ركنا أساسيا من أركان الاقتصاد الفلسطيني:

وتشغل السلطة الفلسطينية 152,000 موظف الذين يقومون بدعم 942,000 من الفلسطينيين. وفي قطاع غزة 37% من المشتغلين يعملون في مؤسسات السلطة (73,437 فلسطيني)، بينما يصل العدد إلى 70,328 في الضفة.

ويحصل موظفو السلطة في قطاع غزة أكثر مما يحصل العامل في القطاع الخاص (13 $ في اليوم مقابل 8$ في اليوم).

وحوالي ثلث موظفي السلطة هم من النساء- وهذه نسبة عالية في حال أخذنا بعين الاعتبار أن النساء تشكل 14% من القوة العاملة الفلسطينية بشكل عام. وبالتالي فأن فقدان رواتب السلطة سيعود بالضرر على دخل النساء. وسيكون الوضع الاقتصادي الاجتماعي أكثر حدة في قطاع غزة وفي شمال الضفة حيث الاعتماد على رواتب السلطة عالي وحيث ترتفع نسبة الفقر والبطالة. ومن الممكن أن تصل نسبة البطالة في قطاع غزة إلى 60% و50% في سلفيت وأكثر من 40% في جنين وطوباس وطولكرم.

2. انهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع نسبة الفقر

وحسب سيناريو 2 من المتوقع أن يتقلص مستوى الدخل المحلي للفرد - نتيجة لعدم تحويل إسرائيل مستحقات الضرائب والجمارك والتمويل المحدود للسلطة من الدول المانحة وهبوط حاد في الاقتصاد الوطني مما سيؤدي إلى انخفاض في مبلغ الضرائب المدفوع من السكان.

من المتوقع أن ترتفع نسبة الفقر بالذات بسبب فقدان موظفي السلطة رواتبهم وعدم مقدرتهم بالتالي على دعم عائلاتهم. وحسب سيناريو 2 ستصل نسبة الفقر إلى 67% في العام 2006 والى 74% في العام 2008.

وفي حال عدم تمكن الفلسطينيين من إيجاد فرص العمل وبينما تتلاشى التوفيرات سيصبح الفلسطينيون افقر وسيعتمدون أكثر على المساعدات الإنسانية. وكنتيجة لن يتم صرف الرواتب في الاقتصاد الفلسطيني مما سيؤثر على السوق المحلي.

3. تقديم المساعدات الإنسانية: تقوم السلطة الفلسطينية بتوفير الخدمات الأساسية للفلسطينيين:

التربية والتعليم

ويعمل في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية 39,000 موظف، وتبلغ قيمة الرواتب 22,6 مليون $ في الشهر بالإضافة إلى مصاريف الصيانة التي تصل إلى 2,2 مليون في الشهر.

وتدير السلطة الفلسطينية حوالي 75% من المدارس الفلسطينية أما باقي المدارس فهي تلك التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) والقطاع الخاص. تقدم الأونروا تعليما حتى الصف الثامن أعدادي ولمتابعة التعليم الإعدادي والثانوي يلتحق الطلاب بمدارس السلطة أو لحد قليل بمدارس القطاع الخاص. كما أنه من بين الإحدى عشرة جامعة في الأرض الفلسطينية المحتلة هناك جامعة واحدة فقط تابعة للقطاع الخاص.

ويعمل في وزارة الصحة 12,000 موظف وتبلغ قيمة الرواتب 8,8 مليون $ في الشهر بالإضافة إلى مصاريف الصيانة التي تصل إلى 5,1 مليون $ في الشهر. وتشغل وزارة الصحة 62% من العيادات بينما تشغل الأونروا والمنظمات غير الحكومية 30% و8,5% منها.

ولا تصل الخدمات الصحية التي تقدمها المنظمات غير الحكومية إلى كل المناطق وفي حال توفرها فهي لا تقدم كل الخدمات الصحية مثل العلاج بالأشعة أو الخدمات المخبرية. كما أن العديد من المنظمات غير الحكومية التي تقدم الخدمات الصحية هي مسيسة مما قد يؤثر على مصادر التمويل.

وتقوم وزارة الصحة بإدارة 22 مستشفى عاما بينما تدير الأونروا مستشفى واحدا والمنظمات غير الحكومية 12 مستشفى تخصصيا صغيرا. وبالتالي فان وزارة الصحة الفلسطينية هي المزود الأول والأساسي للخدمات الصحية الأساسية بما في ذلك التطعيم.

4. انعدام الأمن الخارجي: تشديد القيود الإسرائيلية

ومنذ بداية العام 2006 قامت إسرائيل بتشديد القيود المفروضة على الفلسطينيين منذ بداية العام 2006. وتشمل هذه القيود استمرار بناء الجدار الفاصل في الضفة وارتفاع في عدد الحواجز العسكرية والكتل الأسمنتية.

والشروط المفروضة على إصدار التصاريح والعمليات العسكرية المتكررة. هذه القيود ستؤثر على الاقتصاد الوطني الفلسطيني. في حال طرأ ارتفاع على عم الأمن الداخلي فأنه من المتوقع أن تقوم إسرائيل بتشديد القيود المفروضة على التنقل كما كان الحال منذ بداية العام الحالي 2006:

كذلك ارتفاع في عدد العمليات العسكرية الإسرائيلية "الاجتياحات"، ارتفاع في عدد وسائل الإغلاق كما هو الحال الآن (376 وسيلة إغلاق في آب مقارنةً مع 505 وسيلة إغلاق في آذار 2006) وتشديد القيود المفروضة على تنقل البضائع من والى قطاع غزة والضفة.

5. ارتفاع في انعدام الأمن الداخلي:

ويتدهور الوضع الأمني في قطاع غزة كما يظهر من سيناريو 1. وقد يتحول هذا نحو إسرائيل أو نحو المواطنين الفلسطينيين والمؤسسات التي تعمل في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وفي حال حدث ذلك سيعود هذا بالأثر السلبي على الاقتصاد الفلسطيني وعلى مشاريع الاستثمار مما سيدحض الاقتصاد الفلسطيني وسيجعل مهمة تقديم المساعدات الإنسانية أصعب.

وخلص التقرير إلى أن منظمات الأمم المتحدة تقوم، اليوم، بتقييم للاحتياجات الإنسانية وقدرات المنظمات الإنسانية على الرغم من أن هناك احتمالا لرفع مستوى الاستجابة من قبل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلا انه من الصعب الاستجابة إلى الارتفاع السريع في الاحتياجات بالذات في ظل القيود المفروضة على حرية التنقل كما أن المبالغ المقدمة إلى المساعدات الإنسانية هي الأخرى مرتفعة. إذ قدمت الدول المانحة 1.1 مليون دولار لصالح المساعدات الإنسانية منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في العام 2000.

شبكة النبأ المعلوماتية-االجمعة 21/نيسان/2006 -22/ربيع الاول/1427