شيعة البحرين ردا على تصريحات مبارك: التشكيك في ولاء الشيعة لأوطانهم يخدم مخططات الفتنة

أثارت تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك الأخيرة على شاشة قناة «العربية» بشأن اتهامه للشيعة العرب بالولاء لإيران ردة فعل في عدد من الشخصيات البحرينية التي أكدت أن «التشكيك في ولاء الشيعة لأوطانهم يخدم مخططات الفتنة».

فقد قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبد الهادي مرهون إن على الزعماء العرب ألا يضعفوا أوطانهم ووحدة شعوبهم، مضيفاً «ليست صحيحة تلك التصريحات لأحد الزعماء العرب بشأن التشكيك في ولاء الشيعة في البلاد العربية وانتمائها لأوطانها. ويهمنا هنا رفض تلك التصريحات وتأكيد صدق انتماء وولاء الطائفة التي جاء ذكرها في تصريحه إلى قناة العربية، فالكثير من أبنائهم عرفوا بإسهامهم الفعال في النضال الوطني داخل أوطانهم وكذلك في القضايا القومية والعربية والإسلامية والدولية وبذلوا دماءهم والغالي والنفيس حتى تتحرر بلادهم، وفي البحرين عندما حان وقت اتخاذ الموقف وقفوا بكل إباء ومسئولية في موقف تاريخي حاسم عندما صوت الجميع في مطلع السبعينات من القرن الماضي في تصويت الأمم المتحدة إلى جانب الحق في بقاء البحرين عربية مستقلة كاملة السيادة. والتاريخ قديمه وحديثه يؤكد إسهام الجميع في بناء حضارة ونهضة وتاريخ هذه الأمة وعراقتها والدفاع عن أراضيها ومقدساتها».

وأضاف مرهون: «لابد من الإشارة الآن إلى اشتداد العامل الاستعماري المصدر لنا من الخارج الذي يهدف إلى تفتيت الشعوب العربية وتمزيقها (...) ولذلك فإن على بعض الزعماء والرؤساء العرب أن يكونوا عونا لصمود شعوبهم وعاملا مؤثرا في الدفاع عن القضايا العربية ووحدة شعوبها والعمل على ترسيخ حقوق المواطنه في مجتمع متضامن لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة

وفي لبنان كان الشيعة هم الذين حرروا جنوب لبنان من دنس الصهيونية باسم عروبة لبنان وباسم الإسلام، وأريد أن اذكر أيضاً بان إيران هي في جميع الأحوال دولة جارة وجزء من امة الإسلام،وليس صحيحا أن ندخل في صراع عبثي معها، قد تخطئ السياسة الإيرانية هنا أو هناك مثلما تخطئ السياسة العربية هنا أو هناك، ولكن في جميع الأحوال هناك مواقف مشتركة يجب أن نحافظ عليها والا ندمرها بتأجيج مشاعر فرعية لا دخل لها لا بالعروبة ولا بالإسلام».

وقال رئيس جمعية الرسالة الإسلامية السيد جعفر العلوي نبدي استغرابنا واستنكارنا لحديث الرئيس المصري الذي اتهم الشيعة بالموالاة إلى إيران، فهذا الكلام عار عن الصحة، فالشيعة هم أبناء كل وطن ويتفاعلون مع قضايا أوطانهم بخصوصياتهم، إن هذا الاتهام فيه مؤشرات للتأجيج الطائفي واستعداء الشيعة من قبل الطوائف الإسلامية الأخرى، وهو يؤدي إلى نتائج سلبية في حال استمرار مثل هذه الاتهامات والشيعة لا يستحصلون شهادات الولاء من هذا الرئيس أو من ذاك، بل إن حبهم لأوطانهم ودفاعهم عن هذه الأوطان اثبتته الوقائع قبل الشعارات، ويكفي ما حدث في الغزو العراقي للكويت اثبت الشيعة مدى صمودهم العنيد وثباتهم على الأرض الكويتية واستبسالهم في الدفاع عنها، وعلاقتنا مع إيران هي باعتبارها جارة مسلمة نكن لها كل الاحترام والمودة، كما هي العلاقة مع أية دولة تحترم شعبها».

من جهته قال رجل الأعمال فيصل حسن جواد: «نرفض بشدة التصريحات التي تحاول الإساءة إلى العرب بكل طوائفهم، سنة وشيعة، ونرفض اتهام أية طائفة أو فئة بالولاء لغير وطنها، وان التاريخ ­ حديثه وقديمه ­ يؤكد المواقف الوطنية للعرب، شيعتهم وسنتهم، في مختلف المواقف والتحديات التي واجهت وتواجه بلادنا العربية».

الوزير السابق علي فخرو: «أنا أتمنى أن هناك سوء فهم كبيرا لهذا التصريح من قبل الذين أعلنوه، ولكن في جميع الأحوال اعتقد انه من الضروري التذكير بأنه في العراق تأسس الحزب القومي العربي (حزب البعث) من قبل شيعة العراق أولا لتمسكهم بعروبتهم وأمتهم العربية، وفي الحرب العراقية الإيرانية مات عشرات الألوف من الشيعة وهم يدافعون عن وطنهم وعن عروبتهم، وفي لبنان كان الشيعة هم الذين حرروا جنوب لبنان من دنس الصهيونية باسم عروبة لبنان وباسم الإسلام، وفي البحرين كان الشيعة أول من صوت لعروبة البحرين عند استقلالها من الاستعمار البريطاني وأول من اسند بقاء الحكم العربي في هذه الجزيرة».

وزاد فخرو قائلا: «كان لابد من ذكر مثل هذه الحوادث التاريخية للرد على من يضعون أيديهم بقصد أو من دون قصد في يد المشروع الأميركي الصهيوني الذي يريد أن يبذر بذور الفتنة الطائفية والاثنية في كل بلاد العرب والمسلمين، وأريد أن اذكر أيضاً بان إيران هي في جميع الأحوال دولة إسلامية وجزء من امة الإسلام، وحرام أن ندخل في صراع عبثي معها، قد تخطئ السياسة الإيرانية هنا أو هناك مثلما تخطئ السياسة العربية هنا أو هناك، ولكن في جميع الأحوال هناك مواقف مشتركة يجب أن نحافظ عليها والا ندمرها بتأجيج مشاعر فرعية لا دخل لها لا بالعروبة ولا بالإسلام».

وأوضح فخرو أن «الإخوة الإيرانيين يلتزمون بوطنيتهم الإيرانية، والإخوة العرب يلتزمون بعروبتهم ووطنيتهم المحلية، ونحن سنة وشيعة نرفض أن ننجر في معركة هي أفضل ما تريده الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل» في مشروعهما الاستعماري الجديد، إن مصر التي قادت النضال في الأمة العربية وللأمة الإسلامية من اجل تحريرها ونهضتهما لا يمكن أبدا أن تضع نفسها في خندق الآخرين، ومن هنا الرجاء التام أن يكون التصريح فهم بخطئ لا ترضاه مصر لنفسها».

من جهته قال عالم الدين الشيخ علي السرو: «نحن ناسف لهذه التصريحات غير المناسبة لا وقتاً ولا موضوعاً، وهي لا تخدم الاستقرار في المنطقة عموما وفي العراق خصوصا، فالشيعة كان لهم ولايزال دور ايجابي في دعم عملية الإصلاح والديمقراطية والتنمية في بلادهم، وإبعاد المنطقة عن خطر الطائفية البغيضة التي لا يقرونها، والشيعة ولاؤهم للإسلام الذي يحتوي جميع المذاهب والطوائف، والذي لا يفرق بين مسلم وآخر، والسنة والشيعة في البحرين أخوان متاحبون ومتعايشون بسلام ووئام ويشاركون في بناء المؤسسات المدنية في هذا البلد».

من جانبه أكد عضو مجلس إدارة جمعية الميثاق عادل ديري أن «توقيت التصريح خطأ بنسبة 100 في المئة بسبب أن الدول الغربية تحاول في هذا الوقت أن تؤجج الحرب الطائفية في العراق، وأكثر من مسئول أميركي صرح خلال الأيام الماضية بقيام الحرب الأهلية في العراق، ومن بين هؤلاء وكيل وزارة الداخلية العراقي الذي أكد ذلك، هذه التصريحات تصب الزيت على النار، ونطالب الرئيس حسني مبارك بالأدلة على موالاة الشيعة في الخليج والعراق لإيران، ونحن شعوب نمتد إلى حضارتنا العربية الإسلامية، وفي المقابل على رغم القتل المتبادل في العراق لدينا سياسيون ناضجون من الطرفين لغاية الآن استطاعوا في وقف حمامات الدم بين الشيعة والسنة بحنكتهم السياسية ونظرتهم المستقبلية لوحدة العراق والعراقيين، والعراق يعتبر النموذج الأفضل للتعايش بين جميع الطوائف الإسلامية والديانات السماوية منذ الأزل، والألعاب السياسية التي تقوم بها الدول الغربية ليس لها أي تأثير حقيقي لان الشعب العراقي كان موحدا واليوم هو موحد كذلك وسيبقى موحداً «نحن في البحرين مصيرنا واحد والتعايش الأخوي».

وبدوره علّق الناشط الحقوقي سلمان كمال الدين على تصريحات الرئيس مبارك قائلاً: «ما طرحه الرئيس حسني مبارك ومن على شاشة القناة العربية في الحقيقة مثّل لي صدمة عنيفة كمواطن عربي أولا وكناشط في مجال حقوق الإنسان ثانيا، وبحكم افتراض ان الرئيس مبارك يحمل بقايا من الصفات القومية، ولقد هزني ما قاله بان الشيعة ولاؤهم في العراق وفي الدول المجاورة، ويعني بها تحديدا دول الخليج والبحرين ضمنها، ولاؤهم لإيران وليس لدولهم، وكنت أود من قائد عربي تقلد مناصب قيادية في اعرق دولة عربية حملت الهم القومي منذ قيام ثورة يوليو/ تموز في جمهورية مصر الا يكون شاهدا ومروجا لتزييف التاريخ، ألا يعلم الرئيس مبارك ان البحرين بكل أطيافها ومنهم الشيعة هم من حموا عروبة البحرين وذلك من خلال الاستفتاء الذي جرى بإشراف الأمم المتحدة، ألا يعلم الرئيس مبارك ان من حمى الحدود العراقية ومنطقة الخليج العربي وسفكت دماؤهم عبر ثمان سنوات من الحرب الضروس بين العراق وإيران هم من مكونات الشعب العراقي الأصيل، وعلى رأسهم أبناء الشيعة».

وأضاف كمال الدين: «أليس من العيب ان يتحدث زعيم عربي بهذه اللغة وبهذه اللهجة التي تحاول أن تلوي عنق التاريخ وتزييف الحقيقة، فكان من الأجدى به أن يتحدث عما كشفته الأجهزة الأميركية الرسمية عن دور الحكومة المصرية في تسهيل عملية احتلال العراق ونهب ثرواته وتحطيم بنيته التاريخية وارثه الحضاري، لا أن يتحدث عن سنة وشيعة ويحاول قلب الوقائع والتاريخ، انه لمن المؤلم حقا ومن المؤسف التصريح بمثل ذلك بدلاً من أن نساهم في التئام هذا الجرح الخطير وهو الطائفية الذي بدا ينزف قيحا بمثل هذه التصريحات... كان الأجدى أن نداوي الجروح وان نعيد لحمة الأمة، ونحن عرب ونعتز بانتمائنا القومي ونفخر بتاريخنا المشرف في الدفاع عن قيم العروبة، ولم نكن في يوم من الأيام ولن نكون موالين لغير أوطاننا، بغض النظر عمن يمثله نظام الحكم في بلداننا».

ويقول محمد جميل الجمري، نائب رئيس مجلس شورى الوفاق، انه شعر بالكثير من الدهشة لانه »يتوقع من دولة بحجم مصر أن يكون لها دوراً ريادياَ في توحيد الأمة في مواجهة الأخطار التي تحدق بها«.

وأضاف أن خطر الحرب الطائفية دائماً يلوح في الأفق في العراق ولكن »نحمد الله بأن الشعب العراقي لديه من القيادات الاسلامية والوطنية التي تفوت الفرصة على من يريد دفع الأمور في اتجاه تأجيج الفتن الطائفية«.

وأردف الجمري قائلاً »نحن نستمع لتصريحات ايجابية تصدر عن المسئولين الأمريكان والبريطانيين الذين يحاولون التخفيف من حدة الوضع الطائفي في العراق، والأولى أن يكون كل رئيس عربي أكثر حرصاً على العراق ووحدته من أي مسئول من خارج المنطقة«.

واستطرد الجمري بقوله »التاريخ يحدثنا بأن الشيعة في العراق كانوا في مقدمة الذين حافظوا على عروبته وقوته وهم الذين ثاروا في ٠٢٩١ ضد الاحتلال البريطاني هناك«.

وقال إن »المتابع للشأن العراقي يرى أنه بالرغم من أن الغالبية في العراق هم من الشيعة، الا أن لديهم استقلالاً واضحاً سواء كان من حيث المرجعية أو حتى مواقع القوة لدى الطائفة الشيعية في العراق«.

واضاف الجمري »اذا كان المقصود التوحد على مستوى الجانب العقائدي فان هذا لم يثبت بأنه كان دافعاً لتبني أي موقف سياسي في السابق«، معبراً عن أمله في أن تتجه جمهورية مصر العربية لوأد هذه الفتنة.

واعتبر أن مثل هذه التصريحات قد تثير حفيظة البعض وتثير مخاوف بين الطائفتين و»هذا ما يجب أن نتفاداه في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر على الشعب العراقي«.

ومن جانبه، أكد فاضل الحليبي، نائب الأمين العام للمنبر الديموقراطي التقدمي على أن تصريحات الرئيس المصري تؤثر على شعوب المنطقة.

وأعاد الحليبي الى الأذهان ما حدث عام ٠٧٩١عندما رفض شعب البحرين بكل فئاته وقواه السياسية الانضمام الى ايران.

وفي هذاالسياق يذكّر الحليبي بالموقف البطولي المشرف للمقاومة الوطنية الاسلامية في جنوب لبنان والعديد من المواقف المشرفة في بلدان مثل العراق وغيرها. قائلاً: »اننا كقوة وطنية وديموقراطية حريصين على وحدة الشعوب العربية وضد الفتن الطائفية وضد الدعاة والمروجين للفكر الطائفي مهما كانت توجهاتهم أو انتماءاتهم«.

وفيما يتعلق بالولاءات، يقول الحليبي، ربما هناك مرجعيات سواء كانت في النجف أو في قم »هي التي يلتقي معها العديد من أبناء المذهب الجعفري والدليل على ذلك أن معظمهم يدينون بولائهم ومرجعيتهم للمرجعية في النجف الأشرف«.

من جهة اخرى ندد رجلا دين من شيعة لبنان بتصريحات الرئيس المصري حسني مباركِ

واعتبر الشيخ محمد يزبك احد قادة حزب الله ان 'هذا كلام خطير، كلام زور وهذه فتنة وعصبية ومذهبية تريدها اميركا'، مضيفا ان 'الشيعة (اللبنانيين) يحترمون ايران وسوريا ولكن يعملون من اجل مصلحة لبنان اولا'.

كذلك 'استغرب' الشيخ عفيف النابلسي رئيس هيئة علماء جبل عامل، تصريحات مبارك، مؤكدا ان 'الشيعة في المنطقة لهم الفخر ان يوالوا كل بلد يدافع عن الحق وعن شرف الامتين العربية والاسلامية'.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء  11/نيسان/2006 -12/ربيع الاول/1427