وتبقى الأزمة مستمرة: عادل عبد المهدي بديل للجعفري تنحيه والسيد السيستاني يرفض التدخل

حتى لو تنحى ابراهيم الجعفري عن منصب رئيس الوزراء كي ينهي الازمة السياسية في العراق فان ايجاد بديل له يمثل معضلة في ظل عدم وجود أي مرشح محتمل يملك الحلول السحرية للمشاكل الكثيرة التي يعاني منها هذا البلد.

والقت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ونظيرها البريطاني جاك سترو بثقلهما خلف كثير من النداءات للجعفري بالتنحي بهدف الخروج من المأزق المتعلق بتشكيل حكومة بعد مرور نحو أربعة أشهر على الانتخابات البرلمانية.

وبعد اجتماع مع سياسيين من الشيعة والاكراد والسنة خلال زيارة مفاجئة تستغرق يومين قال الوزيران ان قادة العراق استمعوا لمطالبهم بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية بسرعة لتفادي انزلاق البلاد الى هاوية حرب اهلية.

لكن حتى حلفاء الجعفري في الائتلاف الشيعي الحاكم الذين انشقوا عن الصف وطالبوه بالتنحي يقولون إنه ليس لديهم بديل واضح في اذهانهم مثيرين احتمال استمرار حالة العجز القيادي مع تصاعد وتيرة اعمال العنف الطائفي.

وقالت مصادر في قائمة الائتلاف العراقي الموحد أن الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية المتهية ولايته هو المرشح الأوفر حظا لتولي منصب رئاسة الحكومة العراقية.

وقال مصدر فى الائتلاف لـ (أصوات العراق) مساء يوم الاثنين إن "المناقشات السرية الحالية داخل الائتلاف تتجه حاليا الى تغيير المرشح الحالى الدكتور ابراهيم الجعفري وتقديم عادل عبد المهدي بدلا عنه."

وأضاف المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه أن "عبدالمهدى (وهو من المجلس الأعلى للثورة الاسلامية الذى يتزعمه عبدالعزيز الحكيم) ) أبدى بدوره استعداده لتولي المنصب."

وأوضح المصدر أن رسالة وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس ونظيرها البريطانى جاك سترو اللذين اختتما زيارة الى العراق اليوم للائتلاف وللجهات الاخرى هى أن "الجعفري لا يستطيع ان يحكم العراق طالما ان اغلب الكتل السياسية لا توافق عليه."

وأكد المصدر في الوقت ذاته أن "المسألة معقدة جدا وقد تتغير القرارات في اية لحظة."

وقال عباس البياتي وهو عضو بارز في الائتلاف العراقي الموحد ان الائتلاف لن يبحث طرح مرشح من الداخل لان هذا من شأنه اثارة أزمة داخل الائتلاف.

وللائتلاف العراقي الموحد حق ترشيح رئيس الوزراء بصفته أكبر كتلة في البرلمان. وفي حال تخلى الجعفري عن ترشيحه الذي فاز به في اقتراع داخلي اجري في فبراير شباط الماضي فليس من الواضح كيف سيختار الائتلاف مرشحا جديدا.

وقال مصدر كبير في الائتلاف لرويترز "ليس واضحا من سيخلف الجعفري. هناك اسماء كثيرة لكن كل شخص سيلقى اعتراضات من جهة أو من أخرى."

وبرزت بضعة اسماء لمرشحين محتملين في الوقت الذي تراكمت فيه الضغوط على الجعفري وهو طبيب شيعي يقول منتقدون انه فشل في وقف اراقة الدماء أو انتشال الاقتصاد من ازمته.

لكن ايا من هؤلاء سيقع بين مطرقة التوترات الطائفية التي تهيمن على الساحة السياسية العراقية وسندان التناحرات الشديدة داخل الائتلاف العراقي الموحد ولا توجد خطة واضحة مطروحة.

وقال مصدر كبير آخر في الائتلاف "نريد فقط التخلص منه قبل مناقشة القضايا الاخرى."

ويفضل مسؤولون غربيون واكراد عادل عبد المهدي نائب الرئيس وعضو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق والخبير الاقتصادي الذي تلقي تعليمه في فرنسا. وخسر عبد المهدي بصوت واحد امام الجعفري في الاقتراع الداخلي الذي اجراه الائتلاف لطرح مرشح لرئاسة الوزراء.

لكن عبد المهدي سيلقى معارضة شديدة من رجل الدين الشيعي والزعيم المتمرد السابق مقتدى الصدر الحليف الرئيسي للجعفري في الائتلاف والذي اكتسب نفوذا سياسيا بعد تبني العملية السياسية. وساهمت اصوات انصار الصدر في فوز الجعفري بالترشيح.

وقال مسؤول كردي "عادل عبد المهدي لديه فرص أفضل لكن ليس من المرجح أن يصبح رئيس الوزراء المقبل لانه ينتمي للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة (الذي ينتمي له الجعفري) سيرفضه. إنه منافس."

ومن المرشحين أيضا حسين الشهرستاني وهو عضو مستقل في التحالف حصل على تأييد اية الله علي السيستاني وعالم في الفيزياء النووية سجن وعذب خلال حكم صدام حسين.

لكن محللين سياسيين عراقيين يقولون إنه يفتقر للقدرة على ادارة بلد تسوده الانقسامات.

وكان السياسي المستقل قاسم داود أول من كسر صمت الائتلاف ازاء الاعتراض على الجعفري.

وبحصوله على تأييد السيستاني فانه ينظر إليه على أنه مرشح محتمل لتولي ارفع منصب في الحكومة العراقية.

لكن صورة داود ربما تلوثت بسبب دوره وزيرا للامن القومي في حكومة رئيس الوزراء اياد علاوي الذي أمر وقتها بشن هجمات بقيادة الولايات المتحدة ضد المسلحين من السنة والشيعة لم تحظ بشعبية بين العراقيين.

وقال مصدر كبير في الائتلاف "الجبهة السياسية متعثرة.. لا تتقدم ولا حتى خطوة واحدة صغيرة."

وفي ظل عدم وجود منافسين واضحين فان الائتلاف قد يضطر للتشاور مع احزاب شيعية وسنية وكردية أخرى لطرح مرشح.

واضاف المصدر "إذا تنحى الجعفري فان قرار استبداله لن يكون بيد الائتلاف فحسب. سنضطر للتشاور مع التكتلات الاخرى قبل اختيار احد ما لتجنب تكرار ما حدث مع الجعفري."

لكن التوترات الطائفية قد تدخل هذه العملية في مأزق آخر. وبدأ مسلسل توجيه الاتهامات بالفعل.

وكشفت مصادر في قائمة الائتلاف ان مكتب المرجع الاعلى، اية الله العظمى السيد علي السيستاني، اكد لكل مراجعيه، من نواب قائمة الائتلاف، انه لا يتدخل في موضوع مرشح قائمة الائتلاف لرئاسة الوزراء،فيما تتجه رياح سفينة المشاورات السياسية الى حسم موضوع ترشيح رئيس الوزراء داخل قبة البرلمان .

ورحج قيادي في قائمة الائتلاف العراقي الموحد، ان تتغيرالمعادلات السياسية في ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري، داخل قائمة الائتلاف، نتيجة الزيارة التي قام بها السيد مقتدى الصدر لمكتب المرجع الاعلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني، وقال الشيخ ضياء الدين الفياض، عضو مجلس النواب عن قائمة الائتلاف لـ«الوطن»، ان الموقف المتازم حول مرشح الائتلاف، يتوقف عند مفترق طرق، الاول ان تقوم قائمة الائتلاف بتغيير المرشح بطلب من بقية القوائم، وهو الامر الذي لم تقطع فيه اي شوط، وكذلك التوافق على المناصب السيادية الثلاثة «رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، رئاسة مجلس النواب» بسب تمسكها بالجعفري مرشحا عنها لهذا المنصب، والمفترق الثاني، بان ينتقل الامر برمته الى مجلس النواب، دون وجود هذا التوافق على المناصب الثلاثة، موضحا بان ذلك يعني وجود اكثر من مرشح لرئاسة الوزراء، يوافق عليهم الائتلاف، يطرحون في اجتماع مجلس النواب، ويصل الى رئاسة الوزراء من يحصل على اعلى نسبة من مجموع الاصوات الـ275، التي تمثل مجموع عدد المقاعد البرلمانية .

اما الثالث، فيتمثل في امكانية دعوة مجلس النواب للانعقاد، وتشكيل ما يعرف بحكومة انقاذ وطني،بموافقة الاغلبية البرلمانية التي تمثل بقية القوائم، تنهي اعمال الحكومة الحالية، وتبدأ اعمال حكومة جديدة لفترة محددة بالتوافق بين اعضاء مجلس النواب .

وأشار عضو مجلس النواب من الائتلاف العراقي رضا جواد تقي الى أن الائتلاف العراقي الموحد لايزال يناقش ماهية العمل في حال اصرار بقية الكتل على رفض مرشحهم لرئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري دون الوصول الى قرار لحد الان .

وقال تقي في اتصال هاتفي مع (أصوات العراق) ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية يسعى للحفاظ على وحدة الائتلاف واصدار قرار يتفق عليه الجميع داخل وخارج الائتلاف .

وأضاف تقي العضو في مجلس الاعلى للثورة الاسلامية في الاتصالا الذي جرى ان " الائتلاف في مناقشات مستمرة حول ترشيح الجعفري , بعد أن رشحه الائتلاف لكنه واجه عقوبات وموانع من قبل الكتل الاخرى ".

واضاف العضو البارز في مجلس الاعلى للثورة الاسلامية والذي يترأسه السيد عبد العزيز الحكيم " الائتلاف يدرس مالعمل في الخطوة القادمة مع عدم رضا الاطراف ".

وشدد على أن المجلس الاعلى "يريد المحافظة على وحدة الائتلاف العراقي الموحد, وفي نفس الوقت اصدار قرار موحد من الائتلاف ويتفق عليه الجميع ".

واشار الي دراسة الائتلاف لفكرة طرح أكثر من مرشح لرئاسة الوزراء على مجلس النواب في جلسته القادمة لحسم الشخصية التي ستتولى رئاسة الوزراء , لكنه استدرك قائلا "هناك مناقشات في هذا الصدد لكن لم تصل الى الاسلوب النهائي , ولم نحدد عدد المرشحين الاخرين ", كما لم يفصح تقي عن أسماء المرشحين الاخرين .

ونفى السياسي في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية علمه بالمهلة الممنوحة من بعض مكونات الائتلاف لرئيس الوزراء المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري لاقناع بقية الكتل البرلمانية بالموافقة على ترشحه .

ومن المعلوم ان، الاختلافات بين مكونات قائمة الائتلاف السبعة اخذت بالبروز ما بين تاييد التمسك بالجعفري من عدمه، فالتيار الصدري وحزب الدعوة بشقيه وكتلة المستقلين تؤيد التمسك بترشيح الجعفري، فيما تبرز مواقف مغايرة لكل من حزب الفضيلة والمجلس الاعلى ومنظمة بدر بضرورة ايجاد البديل الذي يحافظ على وحدة تكتل الائتلاف في البرلمان .

من جانب اخر، قالت هذه المصادر القريبة من قائمة التحالف الكردستاني، ان الرئيس جلال الطلباني، طرح على السيد عبد العزيز الحكيم فترة محددة بـ «48» ساعة لاجابة قائمة الائتلاف التي يتزعمها على الرسائل التي وجهت له من قوائم التحالف الكردستاني والتوافق والعراقية، وطالب الحكيم بجعل المدة 72 ساعة، ليرسل هذه الرسائل الى الجعفري للاجابة عليها بعد ذلك يعقد الائتلاف اجتماعا نهائيا في موضوع دعمه لترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء .

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء  5/نيسان/2006 -6/ربيع الاول/1427