 
انهت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها البريطاني
جاك سترو الاثنين زيارة مفاجئة استمرت يومين الى بغداد شددا خلالها على
ضرورة تسريع عملية تشكيل حكومة وطنية ما تزال متعثرة بعد اكثر من ثلاثة
اشهر على الانتخابات التشريعية.
واوضحت مصادر في السفارة البريطانية ان رايس وسترو غادرا بغداد بعد
عدة اجتماعات مع مسؤولين وسياسيين شملت جميع الوان الطيف العراقي. ولم
تعط هذه المصادر اي توضيحات اخرى.
واعلنت رايس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سترو قبل الظهر "جئنا الى
هنا لكي نؤكد خصوصا على اهمية انهاء تشكيل الحكومة (...) ليس ممكنا ان
يكون هناك فراغ سياسي في بلد مثل هذا يواجه خطر العنف الشديد".
واضافت "جئنا لاعطاء دفع للعملية السياسية الجارية حاليا وليس من
مسؤولياتي او مسؤوليات سترو تحديد من سيكون رئيسا للوزراء".
وتابعت "ان هذا الامر يحدده العراقيون لكننا بحاجة الى حكومة
توحيدية قوية يقودها شخص بامكانه تحقيق الاستقرار ومواجهة تحديات الشعب".
ورأت رايس ان القادة العراقيين يواجهون ضغوطا من الشعب لتشكيل
الحكومة و"هذا ما يجب ان يحدث بسرعة".
وتابعت في اشارة الى تعذر الاتفاق على اسم رئيس الحكومة "اذا لم يتم
البت بالمناصب المهمة فسيكون من الصعب تشكيل الحكومة".
ومن جهته شدد سترو على نفاد الصبر في الولايات المتحدة وبريطانيا
قائلا "ندرك ان (تشكيل) ائتلاف يستغرق وقتا لكن الامر تعدى ذلك الان".
واشاد الاثنان بالدور الذي يقوم به المرجع الشيعي الكبير اية الله
العظمى علي السيستاني.
وقال سترو "لولا الدور الارشادي لسماحته لما كان هذا البلد بالمشاكل
التي يواجهها يملك بين يديه امكانيات مستقبل افضل". واضاف "من المهم
تحقيق تقدم في تشكيل الحكومة".
وتابع "لقد خسر الاميركيون اكثر من الفي جندي كما فقدنا اكثر من
مئة. هناك 140 الف جندي جاؤوا من الخارج للمساعدة في حفظ السلام (...)
لدينا الحق في ان يكون لنا كلمة وان نكون قادرين على التعامل مع اي كان
وليس ممكنا التعامل مع لا احد".
واكد سترو "من المهم جدا الان ان يحقق العراقيون تقدما واعتقد ان
بالامكان القول ان الخسائر في الارواح في صفوف الاميركيين والبريطانيين
وقوات التحالف فضلا عن الاموال الطائلة التي تم انفاقها هنا هو بحد
ذاته سبب لكي يحقق القادة تقدما ملموسا".
وكان من المتوقع ان يلتقي وزيرا الخارجية رئيس الائتلاف الموحد زعيم
المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم مرة اخرى ومسؤولين
اخرين في المجلس الذي وجه بعض وجوهه البارزة انتقادات الى ابراهيم
الجعغري لعدم قدرته على تشكيل الحكومة.
وطالب رجل دين شيعي نائب في الائتلاف الجعفري مساء الاحد بسحب
ترشيحه الى المنصب.
وقال الشيخ جلال الدين الصغير النائب البارز عن منظمة بدر وامام
مسجد براثا في وسط بغداد لوكالة فرانس برس "دعوته ان يتنحى وادعو منظمة
بدر والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق والكتل الاخرى في
الائتلاف ان يقوموا بدورهم الطبيعي".
وقد اكد صحافيون مرافقون لرايس انها كانت اكثر ودية مع نائب رئيس
الجمهورية عادل عبد المهدي من منافسه الجعفري رئيس الوزراء المنتهية
ولايته.
ولم تنتقد الجعفري خلال لقائها الصحافيين المرافقين لكنها اشارت الى
عدم قدرته على تشكيل الحكومة حتى الان.
وقالت في هذا الصدد ان "هذا الشخص (الجعفري) يجب ان يكون قادرا على
تشكيل حكومة وحدة وطنية وحتى الان لم يتمكن من القيام بذلك". واضافت
"يجب ان يكون لديهم رئيس للوزراء بامكانه ان يشكل الحكومة (...) يجب ان
يكون قائدا قويا باستطاعته ان يشكل قوة توحيدية".
ويواجه الجعفري اعتراضات واسعة من الاكراد والعرب السنة وقسم من
الائتلاف الشيعي.
وقد فاز بفارق صوت واحد فقط على عبد المهدي من المجلس الاعلى للثورة
الاسلامية خلال انتخابات الترشيح الى رئاسة الوزراء داخل الائتلاف.
وإقتصر المؤتمر الصحفي على وكالات الأنباء وشبكات التلفزة غير
العراقية ،حيث لم تدع إليه وسائل الإعلام العراقية.. حتى الرسمية منها
.
وأضافت رايس " أريد التأكيد على أنه رغم أن القادة العراقيين عملوا
بجد في الفترة الماضية.. وأنهم استطاعوا إنجاز البرنامج الحكومي
والدستور ، إلا أن المسألة الآن ليست أن يجلسوا ويناقشوا من سيشغل
المناصب القيادية المهمة.. بل عليهم أن يعملوا بجد في هذه الفترة
لإنجاز هذه المهمة."
وقالت رايس " إن رسالة المجتمع الدولي للعراق وللاحزاب والكتل
السياسية العراقية ،
وخصوصا رسالة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.. والآخرين الذين
لديهم قوات في هذا البلد والذين قدموا تضحيات في هذا البلد.. هؤلاء
لديهم الرغبة في رؤية العملية السياسية العراقية وهي تمضى إلى الأمام."
وشددت وزيرة الخارجية المريكية على أهمية استمرار العملية السياسية
واستمرار نجاحها " لأنها الحل الوحيد للوقوف بوجه الارهاب."
وقالت رايس إن الهدف من وجودها في العراق في هذه الفترة وهدف
السياسة الامريكية في العراق "هو ليس فقط تحرير الشعب العراقي من صدام
حسين.. وترك المهمة والرحيل ، إنما الهدف هو بناء مؤسسات لها القابلية
في بناء الديمقراطية في العراق..
وتساهم بوجود مؤسسات قادرة على فرض الأمن."
ومضت تقول " السؤال الوحيد الذي نحمله هو : كيف يمكن أن نكمل هذه
العملية.. رئيس الوزراء القادم يجب أن يكون قادرا على جلب الاستقرار
ومواجهة التحديات التي يواجهها الشعب العراقي."
وقد كثفت الولايات المتحدة وبريطانيا من الضغوط على الزعماء
العراقيين يوم الاثنين لكسر الجمود السياسي حول تشكيل حكومة جديدة
واختيار رئيس للوزراء بأسرع ما يمكن وحل الميليشيات الدينية لتجنب
الدخول في حرب أهلية.
وأبلغت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية
البريطاني جاك سترو في ثاني يوم من زيارتهما المفاجئة القيادة العراقية
بأن الفراغ السياسي المستمر منذ أربعة أشهر من بعد الانتخابات يُقوِض
أمن البلاد.
وقالت رايس في مؤتمر صحفي مشترك بالمنطقة الخضراء المحصنة وهي
المركز الدبلوماسي والحكومي في بغداد "يطالب الشعب العراقي بتشكيل
حكومة وله الحق في ذلك بعد تحمله تهديدات الارهابيين للمشاركة في
الانتخابات والتصويت."
وأضافت "ما من شك أن الشركاء الدوليين خاصة الولايات المتحدة
والمملكة المتحدة والآخرين الذين لديهم قوات في هذا البلد والذين قدموا
تضحيات في هذا البلد.. هؤلاء لديهم الرغبة في رؤية العملية السياسية
العراقية وهي تمضي الى الامام."
وأضافت "على كل حال فان العملية السياسية هي التي ستشل من يرغبون في
ممارسة العنف ضد الشعب العراقي."
وطالبت رايس بتسريح الميليشيات الطائفية المرتبطة بأحزاب سياسية.
واتهم بعض السنة العرب ميليشيات شيعية بادارة فرق اعدام.
وقالت "لا يمكن وجود جماعات مسلحة عدة في نظام ديمقراطي.. لابد أن
تكون الدولة هي التي تحتكر السلطة."
وتابعت "لقد وجهنا رسائل قوية جدا مرارا وليس فقط خلال هذه الزيارة
وهي أن من أول الامور.. ضرورة كبح جماح الميليشيات."
وشددت رايس وسترو على انه ليس بمقدور الحكومات الاجنبية أن تقول
للعراقيين من هو الذي يتعين ان يصبح رئيسا للوزراء ولكن في الوقت ذاته
فان مساندي العراق الدوليين يريدون أن يشهدوا تقدما.
لكن هذه الزيارة ونبرة التصريحات اوضحت ان تصورهما لا ينطبق على
رئيس الوزراء العراقي المؤقت ابراهيم الجعفري.
وقالت رايس "لا يمكن في بلد مثل هذا يواجه هذا القدر من خطر العنف
أن يوجد ظرف الفراغ السياسي."
وبالرغم من ترشيح الجعفري لتولي منصب رئيس الوزراء القادم الا ان
تعيينه لم يتأكد بعد. وصرح سترو بان المحادثات السياسية لن تحقق تقدما
قبل حل قضية من الذي يتولى منصب رئيس الوزراء.
وقال "أعتقد أن لدينا الحق في القول أننا لابد أن نكون قادرين على
التعامل مع شخص بعينه سواء كان هذا او ذاك. لكن لا يمكننا التعامل مع
لا أحد. هذه هي المشكلة."
ودعا منتقدو الجعفري وحلفاؤه بصورة متزايدة الى ان يتنحى وألا يأخذ
فترة ولاية ثانية قائلين ان الزعيم الشيعي ليس بمقدوره ان يحقق الوحدة
والامن المطلوبين.
وتعثرت المحادثات بين أقطاب القيادة العراقية بشأن تشكيل حكومة
جديدة بعد الانتخابات بسبب الخلاف على مصير الجعفري وتفاصيل مثل مطلب
العرب السنة بأن يكون لهم حق الاعتراض الامني في أي حكومة جديدة.
ونفى كل من رايس وسترو أن يكونا منحازين للدكتور عادل عبد المهدي
لتولي منصب رئاسة الوزراء.. أو للضغط على طرف ما للتنازل ،مشيرين إلى
أنهما " مع مايقرره الشعب العراقي.. والذي قال كلمته من خلال
الإنتخابات."
وقالا " الشعب العراقي هو من سيقرر رئيس الوزراء."
ولفت الوزيران إلى أنهما مطلعين على المجريات الأمنية في العراق ،وأنهما
تباحثا مع وزارتي الداخلية والدفاع لإتخاذ الاجراءات اللازمة.
ووصلت رايس وسترو للعراق في زيارة مشتركة احيطت بالسرية لمحاولة
الخروج من المأزق المتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن أرفع دبلوماسية
أمريكية حاولت تقليل التوقعات بحدوث انفراجة قريبة.
وقالت لصحفيين مُقيمين في الولايات المتحدة سافروا معها "لن نترك
المكان ولدينا حكومة. ليس هذا هو الغرض من هذه الزيارة."
وتابعت أن القادة العراقيين دافعوا عن أنفسهم بالقول انه جرى
التقليل من شأن عملهم في الأسابيع الأخيرة.
ومع تزايد الضغوط داخل الولايات المتحدة من أجل سحب القوات واقتراب
موعد إجراء انتخابات الكونجرس الامريكي تبذل ادارة الرئيس الامريكي
جورج بوش مزيدا من الجهود لدفع العملية السياسية المتعثرة في العراق.
وذكرت رايس انها اوضحت للعراقيين أن الولايات المتحدة وبريطانيا
وغيرهما من الدول الضالعة في الجهود لديها الكثير على المحك.
واضافت "اوضحت بالفعل أنه بالنظر الى التضحية فان الناس تتوقع
استمرار العملية ولا يمكن أن تتعثر الان في أهم المراحل."
وكان اكثر الاجتماعات توترا مع رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري الذي
تعتقد واشنطن انه جزء من المشكلة المتعلقة بالتوصل لاتفاق بشأن حكومة
جديدة. |