حرب الغرب على الارهاب ستخلق حربا عالمية رابعة

حث كاتب فرنسي على عدم السير وراء من وصفهم بالمهرجين الذين قال انهم يخلطون الشعارات بالتحليلات فيما يتعلق بالحرب على ما يعتبرونه ارهابا أو حربا عالمية رابعة ليست الا اعادة توجيه جغرافي لعدو خارجي.

وقال باسكال بونيفاس رئيس معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس في كتاب (الحرب العالمية الرابعة) ان أحدا لا يمكن أن "يتجاهل خطر الارهاب الذي يمكن أن يفضي الى حريق هائل...انهم يشعلونه في الوقت ذاته. هم لا يكتفون باظهار الهوة وانما يحفرونها ويقودوننا اليها بسرعة كبيرة. فلنتبعهم وستتحقق الكارثة."

وأشار الى وصف الرئيس الامريكي جورج بوش لهذه الحرب بأنها طويلة نظرا لاتساع ميدان المعركة ليشمل أرجاء المعمورة مضيفا أن الذين يقولون انهم يحاربون الارهاب يساعدون على تعزيزه لان "فكرهم عائم وخلفياتهم متضخمة لذا يطرحون بشدة تصوراتهم الايديولوجية بغرض أن تمنع الضجة التي يحدثونها التفكير."

والكتاب الذي صدر العام الماضي بالفرنسية بعنوان (هل نسير في طريق الحرب العالمية الرابعة؟) ترجمه الى العربية المصري المقيم بباريس أحمد الشيخ وصدر في الاونة الاخيرة بالقاهرة.

وقال بونيفاس ان العلاقة بين العالم الغربي والعالم الاسلامي "تمثل التحدي الاستراتيجي الاعظم الذي ينبغي علينا أن نواجهه" مشيرا الى أن حرب العالم الغربي ضد الارهاب ستكون الحرب العالمية الرابعة بعد الحرب الاولى (1914 - 1918) والثانية (1939 - 1945) والحرب الباردة (1947 - 1991).

وتقع الترجمة العربية للكتاب الذي أصدرته مكتبة الشروق الدولية والمركز العربي للدراسات الغربية بالقاهرة في 200 صفحة كبيرة القطع ويضم فصولا منها (من الحرب الباردة الى صدام الحضارات) و(الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني مصدر محتمل لصدام الحضارات) و(من تأسيس اسرائيل في الامم المتحدة الى عزلة اسرائيل بالامم المتحدة) و(الولايات المتحدة-اسرائيل.. تحالف فريد) اضافة الى ملحق يضم قائمة بالمرات التي استخدمت فيها الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن فيما يتعلق بالصراع الاسرائيلي-الفلسطيني راصدا استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو 39 مرة منذ عام 1967 لتمنع ادانة مجلس الامن لاسرائيل.

ومن الاستخدامات الامريكية الاخيرة لحق الفيتو فيما يتصل بممارسات اسرائيلية أوردها الكاتب أن الولايات المتحدة اعترضت يوم 14 أكتوبر تشرين الاول عام 2003 على "ادانة بناء الجدار على خط يبتعد عن خط 1949 وهو (الجدار) غير شرعي في نظر اجراءات القانون الدولي ويجب وقف عملية البناء" كما اعترضت يوم 25 مارس اذار 2004 على "ادانة اسرائيل لاغتيالها الزعيم الروحي الشيخ أحمد ياسين" مؤسس حركة المقاومة الاسلامية (حماس).

ولفت المؤلف الانتباه الى أن مصطلح الحرب العالمية الثالثة لم يظهر طوال سنوات الحرب الباردة لكنه ظهر بعد سنوات من نهايتها وتفكك الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي في التسعينيات.

وعلق قائلا ان اختيار المصطلحات "عملية ليست بريئة. واذا أراد المرء أن يتجنب هذه الكوارث ينبغي أن يتولى بصورة حازمة تسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. هذا الصراع الذي كان منذ زمن طويل واحدا من بين صراعات أخرى صار اليوم وعاء لصدام حضارات محتمل."

وقال ان المحافظين الجدد في الولايات المتحدة استخدموا مصطلح الحرب على الارهاب وألحوا على نشره "وفقا لاجندة خاصة بهم ونحن مضطرون للتعامل مع مصطلحهم حتى لو كنا ننتقده...هذا التعبير ضار لانه يخلق الخطر الذي يزعم أنه يحاربه وهو تعبير خطر لانه يعني ضمن ما يعني أن المستقبل مقدر سلفا."

وأضاف أن الارهاب في مأزق لانه لن يحقق ما يدافع عنه كما أن مقاومة الارهاب في مأزق أيضا لان الحلول العسكرية والامنية وهي تحارب الارهاب تعمل على تدعيمه "بوش يقول انه يريد محاربة ابن لادن (زعيم القاعدة) لكنه في الحقيقة يدعمه وابن لادن يريد اضعاف بوش لكنه يعززه سياسيا."

وأشار الى قول جيورجي أراباتوف أحد مستشاري الرئيس السوفيتي الاسبق ميخائيل جورباتشوف لامريكيين في محادثات عام 1987 "سنقدم لكم أسوأ خدمة.. سنحرمك من العدو" المتمثل انذاك في الاتحاد السوفيتي الذي كانت الولايات المتحدة تعتبره تهديدا لها.

وقال المؤلف ان الخطر الذي كانت الدول الغربية تتحد في مواجهته لم يكن ليظل شاغرا لفترة طويلة وكان على أمريكا حتى تبقي على قيادتها للعالم أن تعثر على خصم بديل وبدأ الحديث أولا عن "خطر الجنوب" ثم أطلق عليه "العالم الاسلامي" قبل أن يتم "تصحيح التسمية والاتجاه نحو تجريم الحركات الاسلامية الراديكالية ثم أخيرا الارهاب الاسلامي. ومن الان فصاعدا وباسم الكفاح ضد الارهاب الاسلامي ينبغي تأسيس صفوف متراصة تحت القيادة الامريكية."

وأضاف أنه لم يكن "بالتأكيد" ينبغي انتظار سقوط جدار برلين عام 1989 ولا حرب الخليج عام 1991 ولا وقوع هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة "لاكتشاف الخطر الاسلامي."

وأشار الى أن الامر بدا كما لو كان "مجرد اعادة توجيه جغرافي للخطر يسمح بالابقاء على اطار التحليل ومرجع استراتيجي تقريبا متطابق مع الخطر السابق."

وأضاف أن حرب الخليج عام 1991 لتحرير الكويت أعطت تجسيدا عمليا لنظرية خطر الجنوب حيث أصبح الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي قال انه دعم عسكريا من قبل القوى الغربية بما فيها أمريكا في حربه مع ايران يقدم بعد غزوه الكويت عام 1990 بوصفه هتلر الجديد.

وقال ان خطر الجنوب يشكل ملمحا للعبة قديمة كامتداد لحروب استعمارية مشيرا الى أن "أقوى رابع جيش في العالم كما قدم بدون حق لكن بدون شك لغرض ما وهو الجيش العراقي في 1990 لم يصمد سوى عدة أيام منذ قرر الغربيون وحلفاؤهم المسلمون وهو ما يتناساه البعض في الغالب أن يطردوا هذا الجيش من الكويت."

وانتهي نظام صدام يوم سقوط بغداد في أيدي قوات الاحتلال الامريكي في التاسع من ابريل نيسان 2003 بعد نحو 20 يوما من حرب قادتها أمريكا لغزو البلاد بحجة امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل.

ولبونيفاس وهو عضو اللجنة الاستشارية الدائمة للامين العام للامم المتحدة في قضايا نزع السلاح مؤلفات منها (من يجرؤ على نقد اسرائيل؟) الذي ترجمه الشيخ أيضا الى العربية وصدر بالقاهرة عام 2004. وفيه يقول انه "بامكان الانسان أن ينتقد جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة بدون أن يواجه صعوبات وبدون أن يتعرض للخطر... لكن هناك دولة واحدة فقط هي اسرائيل يؤخذ النقد الموجه الى حكومتها باعتبارها ضربا من العنصرية التي تصل أحيانا الى العداء للسامية."

وقال ان مبالغة اسرائيل في استخدام سلاح العداء للسامية لخدمة "أغراض أخرى" يزيد العداء للسامية انتشارا.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 24/اذار/2006 -23/صفر/1427