الحملات الانتخابية الاسرائيلية تسلط الضوء على الفقر المتزايد

يقول شموئيل لاكس وهو يتناول وجبته المجانية المكونة من الارز والدجاج في احد مطاعم الفقراء الصغيرة في القدس انه لا يعتزم الادلاء بصوته في الانتخابات العامة الاسرائيلية التي ستجرى في 28 مارس اذار الجاري.

ويقول لاكس (51 عاما) الذي يشعر بالمرارة بسبب العيش في بطالة لفترة طويلة وتلقي راتب متواضع من الضمان الاجتماعي "من يمثلني على اي حال.."

عمل لاكس لسنوات في مصنع اسرائيلي للمواد الغذائية ثم في مجال صباغة الاقمشة قبل ان يفقد وظيفته بسبب اصابة في ساقه. وهو الان مجرد رقم بين فقراء اسرائيل.

وكانت المطاعم الصغيرة التي تقدم وجبات لامثال لاكس نادرة في السابق. لكن مئات منها فتحت في الاعوام الاخيرة.

ورغم أن الصراع مع الفلسطينيين ومصير الجيوب الاستيطانية المعزولة في الضفة الغربية يتصدران القضايا المهيمنة على السباق الانتخابي فان المخاوف من الفقر لا تقل أهمية بالنسبة لكثير من الاسرائيليين.

ونما اقتصاد إسرائيل بنسبة 5.2 في المئة العام الماضي ليتعافى بشكل اكبر من فترة الركود التي دخل فيها بسبب الانتفاضة الفلسطينية وتباطؤ الاقتصاد العالمي في عام 2000. وتراجع معدل البطالة الى 8.7 في المئة في يناير كانون الثاني من 10.9 في المئة في عام 2003.

لكن كثيرا من الاسرائيليين وتحديدا المهاجرين الجدد والعاملين بأجور متواضعة لم يتمكنوا من الانتفاع بالدفعة التي قادتها التكنولوجيا والتي يعزوها محللون اقتصاديون الى الاصلاحات في مجال السوق الحرة والاقتطاعات الكبيرة في مجال الانفاق الحكومي.

ووفقا للارقام الصادرة من معهد التأمين القومي الاسرائيلي وهو الهيئة الحكومية الرئيسية المعنية بشؤون الضمان الاجتماعي يعيش خمس الاسرائيليين الآن تحت خط الفقر مقارنة مع 15 في المئة خلال التسعينيات. وتشير الارقام الى أنه بين الاطفال يعيش واحد من كل ثلاثة تحت خط الفقر.

وتطرقت الاحزاب الكبيرة الى هذه المخاوف قبل الانتخابات اذ دعت جميعها الى اعلان الحرب على الفقر.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي المؤقت ايهود اولمرت للبرلمان في الاونة الاخيرة ان للفقر "عواقب مدمرة على قطاع عريض من المجتمع الاسرائيلي."

ويتوقع أن يفوز حزب كديما الذي يقوده اولمرت وينتمي لتيار الوسط في الانتخابات.

ووفاء بوعد قطعه خلال زيارة لاحد مطاعم الفقراء منح اولمرت موافقته المبدئية على خطة لتقليص عدد الفقراء بتطبيق نظام ضريبة الدخل السلبية لمساعدة محدودي الدخل عن طريق أعطائهم دعما ماليا من الهيئة المسؤولة عن جباية ضرائب الدخل.

ووضع عمير بيريتس الزعيم الجديد لحزب العمل اليساري وهو نقابي ينحدر من عائلة مغربية مهاجرة فقيرة مسألة الفقر على رأس برنامجه الانتخابي بعد أن تغلب على رجل الدولة المخضرم شمعون بيريس في المنافسة على زعامة الحزب.

ومن العبارات التي رددها بيرتيس مرارا خلال زياراته للضواحي الفقيرة "معنا لن يكون هناك اطفال جياع."

ويريد بنيامين نتنياهو زعيم حزب ليكود اليميني أن يحارب الفقر بتعزيز النمو الاقتصادي. واتهم نتنياهو بأنه اضر بالفقراء عندما كان وزيرا للمالية بتطبيقه اصلاحات لتعزيز السوق الحرة شملت خفض الانفاق في مجال الرعاية الاجتماعية.

وسعت الاحزاب الدينية التي نادرا ما تخرج عن نطاق القضايا الدينية القضايا المتعلقة بالدولة الى اجتذاب أصوات الناخبين بحملات انتخابية وجهت فيها الاتهام للحكومة بعدم بذل ما يكفي من الجهود للقضاء على الفقر.

ويشكل اليهود المتشددون وعرب اسرائيل منذ فترة طويلة غالبية فقراء اسرائيل.

ويعتمد كثير من اليهود المتشددين على رواتب الضمان الاجتماعي لاطعام عائلاتهم الكبيرة لان سياسات الضمان الاجتماعي تتيح لهم اختيار دراسة الكتاب المقدس بدلا من العمل. ويشكو عرب اسرائيل التمييز في العمل وعادة ما يكون لهم مصدر واحد للدخل. وتظهر تقديرات الى أن 50 في المئة من عرب اسرائيل يعيشون تحت خط الفقر.

ويقول محللون ان اتساع الفجوة بين الفقراء وباقي المجتمع الاسرائيلي سلط الضوء بشكل أقوى على المشكلة.

قال يوسي كتان المحاضر بجامعة تل ابيب "أن تكون فقيرا بين الفقراء ليس امرا سيئا...ان تكون فقيرا في ظل ثقافة تقوم على الاستهلاك كما هو الحال الان يخلق كثيرا من المشاكل."

واضاف "معدلات الفقر في الواقع أسوأ من تلك التي تظهرها الاحصائيات" مشيرا الى أن اعدادا كبيرة من الناس تعيش بالكاد فوق ما يعد خط الفقر في اسرائيل حيث يبلغ دخل الفرد منهم 1700 شيقل (362 دولارا) في الشهر.

لكن الفقر لا يزال محدودا في اسرائيل مقارنة مع مستوياته في الاراضي الفلسطينية. وتقول منظمات دولية ان اكثر من نصف العائلات الفلسطينية تعيش على اقل من دولارين يوميا.

ورغم الصخب الذي صاحب الحملات ضد الفقر فان خبراء اسرائيليين يرون انه لن يكون العامل الحاسم في الانتخابات وان كان سيلعب لعب دورا في تغيير عدد من المقاعد في البرلمان

ويقول مشاركون في استطلاعات الرأي ان كثيرا من الفقراء مثل لاكس لا يدلون بأصواتهم في الانتخابات.

وتظهر استطلاعات الرأي ايضا ان معظم الاسرائيليين لا يزالون يصبون اهتمامهم على القضايا الامنية اكثر من الاقتصادية بعد تصعيد اعمال العنف في الفترة الاخيرة وبعد صعود حكومة فلسطينية تقودها حركة المقاومة الاسلامية حماس التي يدعو ميثاقها الى القضاء على اسرائيل.

ولكن على المدى البعيد يعتقد محللون سياسيون أن الفقر قد يكتسب اهمية اكبر تحديدا اذا ما نجحت اسرائيل في أن تنأى بنفسها عن الفلسطينيين للحد من الصراع كما يعتزم اولمرت في ظل حقيقة أن المشكلة تتفاقم بسبب ميل العائلات الفقيرة الى انجاب مزيد من الاطفال.

ويقول دانييل جوتليب وهو خبير اقتصادي في جامعة بن جوريون ومستشار في بنك اسرائيل المركزي "أعتقد أنه (الفقر) يمكن أن يهدد الاستقرار الاسرائيلي اذا لم نوله الاهتمام الكافي."

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 24/اذار/2006 -23/صفر/1427