
يمكن أن تفتح المحادثات الامريكية الايرانية عن العراق قناة اتصال
قيمة بين العدوين اللدودين ولكن محللين يقولون ان تاريخا من الفرص
الضائعة يفسد أي أمل في اجراء أي حوار على نطاق أوسع.
ويقول المحللون انه في أكثر التصورات تشاؤما يمكن أن تتحول
المحادثات الى "حوار الطرشان" مما سيتيح الفرصة للمتشددين على الجانبين
لاعلان فشل الاتصال مما سيفاقم من أزمة كبيرة أصلا بشأن برنامج ايران
النووي.
وتتهم واشنطن طهران بتأجيج الاضطرابات في العراق في حين تلقي ايران
باللوم في ذلك على القوات التي تقودها الولايات المتحدة التي غزت
البلاد. ولكن بالرغم من الاتهامات المتبادلة يقول محللون ان القلق
يساور الجانبين بشأن تدهور الاوضاع في العراق مما سيدفعهما للاتفاق على
اجراء محادثات.
وتقول مصادر سياسية عراقية انها تتوقع من السفير الامريكي في العراق
زالماي خليل زاد أن يلتقي مع ممثلي ايران هذا الاسبوع ولكن ايران لم
تعلن بعد فريقها.
قال انوش احتشامي وهو باحث ايراني بارز في جامعة ديرهام البريطانية
"هناك درجة من الاحساس بالعجلة لدى الجانبين لعدم انزلاق العراق الى
حرب أهلية."
وقال ان الايرانيين "يريدون عراقا هادئا ومستقرا لا عراقا مضطربا
وفوضويا.. من الواضح أنهم لا يرودون أن يكون العراق تحت الوصاية
الامريكية."
وفي حين أن الجانبين يقولان انهما سيتحدثان إلى بعضهما بعضا فان
التصريحات تشير حتى الان إلى رغبة كل منهما في القاء المواعظ أكثر من
الاصغاء.
وقال الرئيس الامريكي جورج بوش هذا الاسبوع إن المحادثات ستمنح
واشنطن فرصة لابلاغ ايران "بما هو صواب وما هو خطأ بالنسبة لانشطتها في
العراق."
وبنفس النبرة قال الزعيم الايراني الأعلى آية الله علي خامنئي ان
طهران لن تقبل "الاستقواء" الامريكي وتريد أن "تجعلهم (في الولايات
المتحدة) يفهمون اراء إيران."
قال باقر معين الخبير بالشؤون الايرانية ان هذه معركة ارادة ليرى كل
من الجانبين أي طرف الذي سيذعن أولا. وقال "هل سيتوصل الجانبان بالفعل
الى مرحلة يعتقدون فيها أنهما في حاجة إلى التحدث الى بعضهم بعضا.. أنا
لا أدري."
ولكن معين قال إن الحوار سيمكن كل منهما من "بعث رسالة إلى الآخر
مباشرة بدلا من خلال أطراف ثالثة" وسيمكنهما من بناء الثقة بين البلدين
اللذين انقطعت العلاقات الدبلوماسية فيما بينهما منذ قيام الثورة
الاسلامية عام 1979.
وقال معين إنه عندما عرضت الولايات المتحدة إجراء محادثات مع ايران
حول العراق فانها بذلك تقر في واقع الامر بأن لايران مصالح اقليمية
مشروعة بغض النظر عما اذا كانت راضية عمن يتولون السلطة في البلاد أم
لا. وأضاف أن ايران سعت طويلا كي تدرك واشنطن ذلك.
وذكر محلل إيراني أنه اذا ما اتسع نطاق المحادثات وشمل النزاع
النووي وهو الامر الذي استبعده الجانبان فان ذلك يعني حضور طرف رئيسي
وهي واشنطن ذاتها التي تغيبت حتى الان عن المفاوضات المباشرة مع ايران
حول هذه القضية.
وحتى الان أجرت ايران محادثات مع الاوروبيين والروس في محاولة
لانهاء الازمة ولكن دون نجاح يذكر.
وأضاف المحلل الذي طلب عدم نشر أسمه لاعتبارات خاصة بمنصبه العام
أنه بدون الولايات المتحدة "لا يمكن منح إيران أي تأكيدات أو حوافز أو
وعود ملموسة وفعلية."
وإذا ما انهارت المحادثات دون نتيجة تذكر فان الوضع سيكون أسوأ مما
لو كانت تلك المحادثات لم تجر في الاساس.
وقال معين "إذا ما فشلت فان المحافظين الجدد في أمريكا والمحافظين
في ايران سيقولون ..لقد حاولنا ولكن المحاولة لم تنجح.. فلنستأنف إذن
معركة الارادة.. وهو ما قد تكون نهايته مدمرة للجانبين."
وتحذر التجارب السابقة من إبداء قدر كبير من التفاؤل. فبعد هجمات 11
سبتمبر أيلول وخلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في أفغانستان
كان الجانبان بصدد الاقتراب فيما يبدو من بعضهما بعضا.
وأدانت ايران هجمات 11 سبتمبر أيلول وساهمت بصورة أو بأخرى في
الحملة التي قامت بها واشنطن في أفغانستان التي أطاحت القوات فيها
بطالبان وهو الامر الذي سر طهران بقدر ما سر واشنطن تماما.
ولكن عقب هذا التقارب الظاهر أدى الخطاب الذي تحدث فيه بوش عن "محور
الشر" الذي كان يقول انه يضم العراق وايران وكوريا الشمالية تدنت
العلاقات مرة أخرى عندما وضع إيران في نفس الفئة مع العدو اللدود
العراق ابان صدام حسين.
وقال احتشامي "عقدت ايران وأمريكا محادثات عن أفغانستان وكان الجميع
يأملون ويتوقعون أن هذه بداية تحسن العلاقات التي ستكون أكثر شمولا..
لم تؤد إلى ذلك بل أدت إلى خطاب محور الشر."
وأضاف أن التوترات الخاصة بالبرنامج النووي الايراني ومسائل أخرى
بما في ذلك دعوة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد إلى محو اسرائيل من
على الخريطة من الممكن أن تحول دون إجراء حوار أوسع نطاقا.
وتابع "في الوقت الذي نأمل فيه أن تكون (المحادثات) أوسع نطاقا
وأكبر من مجرد محادثات عن العراق أخشى أن يتم تجاهل كل شيء في نهاية
الامر بسبب هذا القدر من التوتر بين الجانبين."
هذا وكان الزعيم الايراني على خامنئي قد أجاز الثلاثاء اجراء
مباحثات مع الولايات المتحدة بشأن العراق قائلا ان المسؤولين
الايرانيين سيطلبون من واشنطن مغادرة هذا البلد.
وقال خامنئي الذي له الكلمة النهائية في كل أمور الدولة في تصريحات
أدلى بها في مدينة مشهد بشمال شرق ايران «اذا استطاع المسؤولون
الايرانيون التعبير عن اراء ايران بشأن العراق للامريكيين وافهامهم
وجهات نظر ايران فلا بأس باجراء مباحثات في هذه المسألة».واستدرك
خامنئي بقوله في كلمة اذاعها التلفزيون «ولكن اذا كانت (المباحثات)
تعني فتح ساحة للامريكيين الغادرين لمواصلة مواقفهم الظالمة فان
المباحثات مع امريكا بشأن العراق محظورة».وكان الرئيس الامريكي جورج
بوش قال الثلاثاء ان واشنطن ستوضح في المباحثات التي يتوقع اجراؤها هذا
الاسبوع انها لن تقبل محاولات نشر العنف الطائفي في العراق.
وتنفي طهران مزاعم امريكا انها تساعد على نشر العنف الطائفي في
العراق. وقال بوش ان من المحتمل بقاء القوات في العراق لثلاث سنوات
مقبلة.
وقال خامنئي «رأينا الواضح بشأن العراق هو انه يجب على الحكومة
الأمريكية ان ترحل عن العراق وتكف عن اثارة التوترات العرقية وخلق عدم
الامن حتى ينعم (العراق) بالسلام والامن».وقالت مصادر سياسية عراقية
انها تتوقع ان يلتقي السفير الامريكي لدى العراق زلماي خليل زاد
بممثلين عن ايران هذا الاسبوع.
وقلل خامنئي من أهمية الازمة المثارة حول الملف النووي الايراني
معتبرا ان الولايات المتحدة «تهددنا بمجلس الامن وكأنه نهاية العالم».
وقال ايضا «في كل مرة يكون فيها الامر ضد مصالحنا فسوف نتصدى» لقرار
يصدر عن مجلس الامن مع تقليله ايضا من اهمية اي عقوبات محتملة قد تفرض
على ايران.
وتوجه الى الولايات المتحدة بالقول «كل التقدم الذي حققناه حتى الان
جاء في ظل وضع العقوبات هذا».
وتخضع ايران لعقوبات اقتصادية امريكية فرضت عليها بعد ثورة .1979
وقال بوش انه ينظر الى ايران باعتبارها تهديدا وان الولايات المتحدة
تقود جهودا دبلوماسية لعزلها بسبب برنامجها النووي.
ولكن الولايات المتحدة قالت ان مستعدة لإجراء محادثات مع ايران حول
ما تنظر اليه على انه تدخل من قبل طهران في العراق بينما سيترك القضية
النووية للمفاوضات الدولية.
وقال بوش في مؤتمر صحفي "يعد هذا سبيل امامنا لنوضح لهم الخطأ
والصواب في انشطتهم داخل العراق."
وقالت مصادر سياسية عراقية انها تتوقع ان يلتقي السفير الامريكي في
العراق زلماي خليل زاد بممثلين ايرانيين خلال الاسبوع الجاري.
وقال بوش انه ابلغ خليل زاد "عليك ان توضح لهم ان محاولات نشر العنف
الطائفي او نقل اجزاء يمكن ان تستخدم في قنابل تزرع في جوانب الطرق امر
غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة."
والقنابل التي تصنع محليا تستخدم ضد قوات الجيش الامريكي والمدنيين
العراقيين. ولقي اكثر من 2300 جندي والاف المدنيين العراقيين حتفهم في
الصراع منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة من ثلاث سنوات.
واكد بوش على ان المفاوضات بشأن برنامج ايران النووي ستجرى في منتدى
دولي. وتعتقد الدول الغربية ان ايران تسعى الى تطوير قنابل نووية بينما
تقول ايران ان طموحاتها النووية تقتصر على توليد الطاقة.
وقال بوش انه من الاهمية اظهار جبهة موحدة بشأن ايران. وقال "مهمتنا
هي ضمان ان يبقى هذا (المنتدى) الدولي قويا ومتحدا حتى يتسنى لنا حل
هذه القضية دبلوماسيا."
ويواجه مجلس الامن الدولي طريقا مسدودا حول صياغة بيان يضغط على
ايران لإنهاء الانشطة التي يمكن ان تفضي الى صنع اسلحة نووية.
وتصر روسيا والصين على ان يعطي البيان لطهران مزيدا من الوقت
للالتزام بمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا وان يظل
التركيز الان على الوكالة بدلا من مجلس الامن الذي يتمتع بسلطة فرض
العقوبات. |