ضبط النفس وعدم الانجرار للعنف يدفع المسلمين والهندوس للتعايش بسلام في الهند

لم تكن اثارة اعمال شغب بين الاغلبية الهندوسية والاقلية المسلمة في الهند تتطلب الكثير... يكفي تدنيس معبد أو مسجد او ان يضايق صبي ينتمي لاي من الطائفتين فتاة تنتمي للطائفة الاخرى حتى تراق الدماء وتحترق المدن والبلدات لايام. ولكن الاسبوع الماضي شهد حدثا مهما تمشيا مع منهج ضبط النفس الذي رأينا أمثلة عليه في الاونة الاخيرة.

وتخشى الشرطة وقوع هجمات انتقامية بعد ان فجر متشددون اسلاميون مشتبه بهم قنابل في واحد من أقدس المواقع التي يحج اليها الهندوس في مدينة فاراناسي الشمالية مما اسفر عن سقوط 15 قتيلا واصابة عشرات ولكن هذا لم يحدث.

وكتب المحرر هاريش خاري في صحيفة هندوسية عقب التفجيرات التي وقعت يوم الثلاثاء الماضي "تعلمت الهند الدروس والتكلفة التي تتكبدها من اطلاقها العنان للمتعصبين دينيا. تغيرت الهند كثيرا."

ويقول سياسيون ومحللون ان زيادة الوعي باستغلال الاحداث سياسيا ودينيا حال دون وقوع أعمال انتقامية في فاراناسي كما ساهمت حالة السأم من الصراع واراقة الدماء وتنامي الرخاء نتيجة الازدهار الاقتصادي في تهدئة الاعصاب. وابدى الجانبان ضبطا مماثلا للنفس في يوليو تموز حين هاجم مسلحون يشتبه انه مسلمون موقعا مقدسا يتنازعه الهندوس والمسلمون ومرة اخرى في اكتوبر تشرين الاول حين قتل 66 شخصا في سلسلة تفجيرات اثناء تسوقهم قبل أهم الاعياد الهندوسية والاسلامية.

ويمثل الهندوس حوالي 80 بالمئة من تعداد سكان الهند البالغ 1.1 نسمة والمسلمون نسبة 13 بالمئة ويمثلون أكبر عدد من السكان المسلمين بعد اندونيسيا وباكستان. وتتعايش الطائفتان في سلام منذ دخول الاسلام الى شبه القارة منذ أكثر من الف عام ولكن ثارت توترات في القرون القليلة الماضية وبصفة خاصة في ظل الحكم الاستعماري البريطاني.

وتقول جماعات حقوق الانسان ان أكثر من مليون قتلوا في مصادمات منذ اوائل القرن الثامن عشر. وكان اسوأها في الاونة الاخيرة ابان اعمال الشغب التي شهدتها ولاية جوجارات في عام 2002.

وتقول جماعات حقوقية ان حوالي 2500 شخص معظمهم من المسلمين طعنوا واحرقوا حتى الموت بعد ان احترق 59 حاجا هندوسيا احياء في قطار. وفي البداية حمل حشد من المسلمين مسؤولية الاحداث ولكن لجنة تحقيق خلصت مؤخرا الى انه حادث.

 وادى تقسيم الهند على أساس ديني في عام 1947 لتكون هناك الهند وباكستان الى تفاقم الانقسامات وحملة احياء الهندوسية التي بدأتها جماعات قومية في اواخر الثمانينات.

وألقيت على عاتق الجماعات القومية الهندوسية المتحالفة مع بهاراتيا جاناتا دال المعارض حاليا مسؤولية الجزء الاكبر من المنازعات بين الهندوس والمسلمين في العقود القليلة الماضية. وكان حزب بهاراتيا جاناتا قد تولى السلطة في الهند لمدة ستة اعوام حتى عام 2004. وتنفي الجماعات القومية هذه الاتهامات مضيفة انها تعارض فقط مهادنة الاحزاب العلمانية المسلمين لاجتذاب اصواتهم.

وفي الاسبوع الماضي زار فيناي كاتيار الزعيم المتشدد في حزب بهاراتيا الذي اشتهر باثارة الحشود فاراناسي للاحتجاج على التفجيرات وتعبئة مشاعر الهندوس ولكنه فشل في اجتذاب اي حشود تذكر وغادر المدينة في غضون يوم. وصرح لرويترز عقب زيارته للمدينة "يبدو ان الناس اصبحوا اقل اهتماما. ويبدو ان الايام التي يندفع فيها الناس وراء افكارنا قد ولت."وتابع قائلا  "لا يمكننا اليوم ان نحرك الحشود بالشعارات التي استخدمناها في الثمانينات والتسعينات. يبدو ان الناس لم تعد تأبه بالمواجهة." واعتراف كاتيار أمر نادر لكن كثيرين في الحزب يشاركونه رأيه في السر. وكان الحزب قد تقلد السلطة في البلاد في عام 1989 بعد ان تنحى عن مبادئه الهندوسية المفضلة وكون ائتلافا مع احزاب علمانية.

وقال محلل ان حدة التوتر بين الهندوس والمسلمين خفت ايضا نتيجة تقارب متنام وان كان ببطء مع باكستان العدوة القديمة. وعادة مايتهم المتشددون الهندوس المسلمين بتأييد باكستان.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 14/اذار/2006 -13/صفر/1427