الاسلاميون في الشرق الاوسط يحققون مكاسب عبر قناة الديمقراطية

اقترب الاسلاميون من السلطة في انتخابات جرت من المغرب الى الاردن ومؤخرا في مصر والاراضي الفلسطينية بالانتقال الى الوسط وخوض حملتهم ببرامج تدعو لحكومة نظيفة وحريات سياسية.

وبدأت هذه الحركات ذات الجذور الدينية تأخذ الصدارة بشأن قضايا الاصلاح السياسي في انحاء كثيرة في قلب العالم العربي بعد أن نحت في الوقت الراهن البرامج الاجتماعية المحافظة.

وظهرت الحركات الاسلامية حيثما أعطت لها الحكومات التسلطية مساحة كمدافعين مؤثرين عن الحكم الديمقراطي مكذبين المنتقدين الذين يصفونهم بأنهم مؤيدون متعصبون للحكم الديني.

كما اتجهت هذه الحركات لان تنحي جانبا الجماعات العلمانية التي ينظر اليها باعتبارها نخبة غير مؤثرة يلوثها الارتباط بالغرب.

قال جوش ستاشر عالم السياسة المقيم في القاهرة "انهم لا ينتخبوا (الاسلاميون) للعمل على اقامة دولة اسلامية (وانما) ليكونوا اعضاء محترفين في البرلمان عهد اليهم... تغيير هذه النظم من الداخل."

وتطلب تغيير الاولويات سنوات لكنه تسارع عندما بدأ الاسلاميون يشقون طريقهم في التيار العام للسياسة والفوز في الانتخابات المحلية والعامة وتبني أساليب الاحزاب السياسية التقليدية.

وبينما يشعر الناس في أوروبا وأمريكا الشمالية بالقلق مما يرون انه مدا متصاعدا للايديولوجية الاسلامية المعادية لمصالحهم يرى كثير من المحللين المتخصصين في الشرق الاوسط أن ذلك المد تغيير حتمي بل وصحي لا تستطيع واشنطن منعه ولا ينبغي لها أن تحاول ذلك.

والحالة الابرز كانت فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في يناير كانون الثاني الماضي والتي ألحقت الهزيمة بحركة فتح العلمانية التي أضعفها تاريخ من الفساد وما يرى كثير من الفلسطينيين أنه تنازلات من جانب واحد لاسرائيل.

ولا تعترف حماس مثلها في ذلك مثل جماعة حزب الله اللبنانية باسرائيل ونفذ نشطوها الكثير من التفجيرات الانتحارية ضد اسرائيليين. وتقول الجماعتان ان سلاحهما لا يستهدف سوى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وليس فرض سلطتهما في الداخل.

وتعارض الجماعات الاسلامية الرئيسية في دول مثل مصر والمغرب والاردن استخدام العنف في السياسة الداخلية.

وفي مصر حصلت جماعة الاخوان المسلمين على 88 مقعدا من بين 454 مقعدا في البرلمان في الانتخابات التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الاول وشغلوا خمسة امثال المقاعد التي حصلوا عليها في انتخابات عام 2000 وأكثر مما حصلت عليه أي جماعة معارضة منذ الاطاحة بالنظام الملكي في عام 1952.

وتشكل الحركات الاسلامية ذات القاعدة العريضة تحديا رئيسيا للحكومة في الاردن والمغرب أيضا حيث يتصدر الاصلاح السياسي الداخلي برامج هذه الحركات.

وقال شبلي تلحمي وهو خبير متخصص في الشرق الاوسط في جامعة ماريلاند "الحقيقة التي يظهرها فوز حماس هي أنه اذا أجريت انتخابات حرة بالكامل الان في بقية العالم العربي فان الاحزاب الاسلامية ستفوز في معظم الدول."

ومضى يقول "يظل الاسلاميون يشكلون البديل الاكثر تنظيما للحكومات وهو وضع من غير المرجح أن يتغير قريبا."

ويقول محللو الانتخابات وساسة ان الاسلاميين حصدوا الكثير من أصوات الاحتجاج لاناس خاب أملهم في الاحزاب السياسية التقليدية التي أفسدتها السلطة حتى وان لم يشاركوا هذه الجماعات هدفها الخاص باقامة دولة اسلامية على المدى البعيد.

وطمأن الاسلاميون الناخبين باعلان أن ذلك هدف في المستقبل البعيد ويعتمد على الموافقة الشعبية.

ووصف سعد الدين عثماني الزعيم الجديد لحزب العدالة والتنمية في المغرب الاسلام بأنه "مرجعية" لحزبه وللدولة ككل.

وقال في مقابلة مع نشرة تيلكيل المغربية التي تصدر على الانترنت بالفرنسية "اليوم لا أحد ينازع هذه المرجعية. الامر يتعلق بأن تكون لدينا قراءة منفتحة وعصرية للدين... وأنا شخصيا أرى أن الاولوية للاصلاح السياسي."

وتقول حماس التي تسعى لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة انها لن تفرض الشريعة الاسلامية. ويقول زعماء حماس انهم سيشجعون الشريعة لكنهم لن يصدروا قوانين.

ووضع الاخوان المسلمون في مصر الشريعة في ترتيب متأخر في برنامجهم قائلين ان مهمتهم الاولى هي اقناع المصريين أن يعيشوا حياة صالحة برضاهم.

وبينما تكسب السياسة الإسلامية أرضا فإن الجماعات المختلفة تتبنى مواقف متباينة ومتصارعة أحيانا. فالإسلاميون منقسمون في الكويت حول السماح للمرأة بالتصويت والترشيح للانتخابات.

وفي مصر وأماكن أخرى فإن بعض الجماعات الإسلامية تبتعد عن الإسلام كما يقدمه الفقهاء التقليديون ويطرحون رؤيتهم للدين في إطار التراث القومي لبلادهم وليس كبرنامج للقانون والسياسات الاجتماعية.

وفوز حماس في الانتخابات هو الأول من نوعه منذ أن تصدرت جبهة الإنقاذ الإسلامية الانتخابات البرلمانية في الجزائر في عام 1991. وألغى الجيش تلك الانتخابات مما فجر صراعا دمويا استمر عشر سنوات سقط فيه أكثر من 150 الف قتيل.

وغضت أوروبا والولايات المتحدة الطرف عن تدخل الجيش الجزائري لاعتقادهما بأن الجنرالات غير المنتخبين أفضل من إسلاميين تم اختيارهم بطريقة ديمقراطية.

وقال تلحمي إنه يتعين على الولايات المتحدة ان تكون منفتحة العقل عندما تفوز جماعات مثل حماس في الانتخابات وتصل إلى السلطة.

وأضاف "لا بد من موازنة الشك في الأهداف الحقيقية لتلك الجماعات بانفتاح على احتمال أن تكون أهدافها... وهي في السلطة مختلفة عن أهدافها كجماعات معارضة. وهذا يحتاج إلى اتصال محدود وصبر."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/اذار/2006 -11/صفر/1427