كتاب فرنسي يتناول تاريخ وحال الكتاب في العالم العربي وبيروت

صدر حديثا عن دار أكت سود الفرنسية (سلسلة سندباد ) بعنوان الكتاب والمدينة ـ بيروت والنشر العربي ويتناول وضع الكتاب في العالم العربي للباحث الفرنسي فرانك مرميي وقد ركز الكتاب في شكل خاص على دور بيروت كعاصمة للنشر العربي.

يسرد مرميي في الفصل الأول من كتابه تاريخ ظهور الطباعة في الدول العربية وكيف تأخر دخول هذه التقنية مختلف أنحاء الأمبراطورية العثمانية واستفراد المؤسسات السياسية والدينية في استخدامها، وأثر ذلك في انتشار الثقافة في المنطقة العربية، حيث أنه ما عدا سورية ولبنان اللذين عرفا الطباعة العربية منذ بداية القرن الثامن عشر، لم تدخل هذه التقنية بقية العالم العربي قبل منتصف القرن الثامن عشر.

يشير المؤلف إلى أن كثافة محيط النشر وتطورها يسمحان بإدراك قوة الإشعاع الثقافي لمدينة ما، وأول مدينتين تأسس فيهما محيط نشري حقيقي داخل العالم العربي هما بيروت والقاهرة، وقد تحولتا عاصمتين للكتاب العربي لاهتمامهما المبكر بالابتكارات التقنية والثقافية وتمتعهما بحرية نسبية مقارنة ببقية المدن العربية .

في الفصل الثاني من كتابه، يبين مرميي كيف أن بيروت، حتى في أبشع فترات الحرب، لم تتوقف عن لعب دورها الرائد كوسيط ثقافي، على الأقل في مجال الكتاب مؤكدا انه منذ فترة طويلة يلعب محيط النشر في بيروت دور الناقل الرئيسى للنقاشات الأيديولوجية داخل العالم العربي والمكان المثالي للإنتاج الفكري العربي.

في الفصل الثالث من الكتاب، يشير مرميي إلى انحسار الهيمنة المصرية على الجمهورية العربية للآداب انطلاقا من الثمانينات مع بروز أدب قومي ، كما في لبنان الذي ستؤدي الحرب الأهلية فيه إلى أدب جديد يتميز بمرجعيات عدة، أو في دول الخليج حيث ستظهر أنواع أدبية جديدة كالرواية والقصة القصيرة بعدما كان الإنتاج الأدبي محصورا بالشعر.

وفي الفصل الرابع، يقارب مرميي سوق الكتاب العربي متوقفا أولا عند مشكلة الرقابة في الدول العربية التي تشكل الحاجز الأكبر لترويج الكتاب والمواضيع الحساسة الثلاثة: الدين والسياسة والجنس، ولكن الرقابة تضعف أو تتشدد وفقا للبلد ودرجة ليبراليته، وباستثناء لبنان، تفرض الدول الأخرى على الناشر تسليمها لائحة بالكتب التي يرغب في عرضها في معارض الكتاب، وتمارس الرقابة قبل صدور الكتاب أو بعده، وأحيانا لدى عبوره في منطقة الترانزيت، لكن الخطر بالنسبة إلى مرميي هو الرقابة الذاتية التي يمارسها الناشر خوفا من منع كتبه والتي تؤدي إلى موت الأفكار والكتب قبل ولادتها ويلاحظ المؤلف سطوة كاملة للكتب المشرقية على خلاف دول المغرب العربي وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكتب الدينية التي تنتشر في كل أسواق الكتاب العربي.

في الفصل الخامس والأخير من الكتاب، يمنحنا مرميي انطلاقا من التوصيفات الدقيقة التي وضعها في الفصول السابقة لعدد كبير من دور النشر اللبنانية والعربية، صورة شاملة عن عالم النشر في المنطقة العربية الذي يبدو مجزأ ويتميز بمعالم غير واضحة، فحتى اليوم، يصنف عدد كبير من المطابع في خانة دور النشر، بينما لا يضطلع الجزء الأكبر من دور النشر العربية إلا بنشاط محدود وأحيانا خيالي، أو يقوم فقط بدور الوسيط بين المطبعة والكاتب، مما يقلص وظيفة الناشر إلى حدود تحقيق الكتاب وتوزيعه، وينطبق هذا الأمر على الكتب الصادرة على حساب أصحابها أو تلك التي تقف وراءها مؤسسات رسمية أو ثقافية تستخدم الكتاب كأداة دعائية والناشر كمجرد وسيط تجاري.

ويشير مرميي أيضا إلى فقدان حس الزمالة بين الناشرين وانعدام القوانين والقيم المهنية المشتركة، مما يؤدي إلى تباين في ممارسة هذه المهنة ..وعلى مستوى حقوق الكاتب، يتوقف مرميي عند الممارسات غير الشريفة لبعض دور النشر التي تطبع وتبيع نسخا كثيرة من كتاب ما من دون علم صاحبه، أو تقوم بطبع كتاب صادر عن دار نشر أخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 8/اذار/2006 -8 /صفر/1427