جدل بين الاستشراق والاستغراب حول جدوى الحوار بين الحضارات

 استمر الجدل العربي الاوروبي حول تحديد المفاهيم والمصطلحات ومنها الديمقراطية والارهاب في ندوة بالقاهرة تستهدف مد جسور للحوار بين الحضارات.

وقال أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة حسن حنفي في ندوة (أبعد من الاستشراق والاستغراب.. أفكار للحوار بين الحضارات) ان فكرة الهيمنة والتوسع لاتزال تسيطر على الفكر الاوروبي "ولا نستطيع اختصار التاريخ في 500 عام الاخيرة" في اشارة الى وصول الاوروبيين الى الامريكتين عام 1492 والتأريخ لذلك ببداية عصر الحداثة.

وأضاف في الندوة التي افتتحت مساء السبت في المجلس الاعلى للثقافة أن الحوار بين الثقافات محمل بالمعاني الغربية "ولا يمكن اغفال العنصرية في هذه الثقافة خاصة فيما يتعلق بأفكار عنصرية كالاعتقاد بأن اليهود شعب الله المختار."

ويشارك في الندوة التي تستمر ثلاثة أيام أكثر من 20 باحثا عربيا وأجنبيا معظمهم ايطاليون يطرحون للنقاش قضايا منها (الحوار بين الحضارات واللغات والاديان من الاسكندرية الى بغداد) و(تبادل العلوم عبر الثقافات خلال العصور الوسطى) و(الغفلة عن الاسلام في الغرب) و(فتح واغلاق الحدود الحضارية) و(بين النسبية وفوبيا الاسلام.. البحث عن النغمة الصحيحة في الجدال حول الهجرة والاندماج والاصولية الدينية) و(الحوار بين الثقافات.. وصايا للطبقات الحاكمة).

وتعقد الندوة بالاشتراك مع جمعية (احياء الحوار بين الحضارات) وهي جمعية ثقافية دولية بايطاليا تضم عربا وأجانب.

وقال حنفي "إن حوار بين الثقافات ممكن بشرط تغير الوضع الذي قال إنه غير مريح حيث يحدد الغرب والولايات المتحدة "جدول الاعمال" مشيرا إلى أنه في هذه الحالة سيضع أولويات منها التحرر من الفقر والاستعمار.

ووصف المعايير التي يتبناها الغرب بأنها مزدوجة مشيرا إلى أنه من منظور الغرب فان اسرائيل دولة ديمقراطية في حين تختلف المعايير اذا نظر الغرب الى باكستان أو ايران. مضيفا أن الغرب يعلن الاصلاح وتطبيق الديمقراطية لكنه ينظر بعدم الارتياح إذا "جاءت الديقراطية بحركة (المقاومة الاسلامية) حماس."

وحققت حماس في يناير كانون الثاني الماضي فوزا على حركة فتح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

وتساءل "لماذا لم يطلق الغرب على نضال أوروبا ضد النازية ارهابا.. كيف يمكن إجراء حوار بين ثقافة تعتمد على الهيمنة وأخرى تسعى للاستقلال.. الحضارات مقسمة إلى المركزية الغربية والهامش (خارجها)... في النظرة الجيوسياسية يعتبرنا الغرب قطعا في رسم فسيفسائي."

وأشار في لمحة ساخرة إلى أن القاعة التي عقدت بها الجلسة رتب جلوس الاوروبيين في مركزها وجلس معظم المصريين على الهامش.

ولم يشر حنفي الذي تحدث بالانجليزية الى أن الكتيب الخاص بالندوة أيضا كتب بالانجليزية ولم يحمل غلافه الا ثلاث كلمات عربية فقط هي شعار (المجلس الاعلى للثقافة) في حين تضمن بيانا قصيرا بالعربية للسفير الايطالي بالقاهرة أنطونيو باديني.

وقال باديني الذي حضر الافتتاح ان الندوة تهدف الى انطلاق تعاون "حقيقي بين الاسلام والغرب... من أجل تخطي الاحكام المسبقة ومشاعر عدم الثقة التي زادت حدتها عقب التوترات الاخيرة التي حدثت نتيجة نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم."

ونشرت الرسوم المسيئة للنبي محمد العام الماضي لاول مرة في صحيفة دنمركية وأعيد نشرها في صحف أوروبية رغم احتجاجات من المسلمين في معظم أنحاء العالم. ثم توالى نشرها في عشرات الصحف والمجلات في عشرات من الدول.

وأضاف باديني في البيان أن الازمة الناتجة عن نشر تلك الرسوم "أظهرت نقصا في معرفة قيم الاخر... يجب أن نعي أن عمل المستشرقين والمستغربين قد استنفد... واذا ما عدنا للوراء واعتقدنا أنه يوجد عداء بين حرية التعبير والدين أو بين العلم والدين ستحل كارثة حيث ان التعايش بينهم لا يجب أن يوضع محل نقاش. كما يجب علينا تقبل القيم المشتركة التي لا عودة عنها حتى نستطيع المضي قدما في تعايش سلمي."

وربط أستاذ الفلسفة بجامعة نوترام بولاية انديانا الامريكية فريد دالماير بين اثنين من أبرز الفلاسفة في التاريخ هما أرسطو والفارابي مشددا على أن الشرق والغرب كليهما "يحاول أن يفرض قيمه على الاخر. يجب أن نفكر في حوار متنوع بدلا من الحوار الفردي."

وأضاف أن كلمتي الرحمن والرحيم تتكرران في بداية سور القران. كما أشار الى امكانية التعايش بين من كانوا أمس أعداء ضاربا المثل بجنوب افريقيا حيث "قال رئيس لجنة العدل والمصالحة في جنوب افريقيا (الاسقف الحاصل على جائزة نوبل للسلام ديزموند) توتو انه يجب ألا نصف مرتكبي الجرائم (في بلاده التي شهدت حكما عنصريا) بأنهم وحوش."

وقال أستاذ القانون بالمعهد الاوروبي بمدينة فلورنس الايطالية جوليانو أماتو نائب رئيس الاتحاد الاوروبي ان الثقافة كان لها في كل العصور مركز وأطراف لكنه حث على ايجاد "ثقافة حرة قدر الامكان بعيدا عن السياسة."

ومن المشاركين في الندوة وزير الداخلية الالماني السابق أوتو شيلي واليوناني ديمتري جوتاس والسوري بسام طيبي والمصريون السيد يسين وأحمد عتمان ومحمود أمين العالم وعماد أبو غازي والايطاليون نيناتزو فورستنبرج وماسيمو كامبانيني وروبرتو توسكانو والايراني رامين جاهان بجلو. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  6 /اذار/2006 -5 /صفر/1427