كتاب جديد: الاسلام والعنف.. الواقع وتحدي الارهاب وأزمة البناء التعليمي

في رأي بعض الاصلاحيين العرب أن دعوات تغيير مناهج التعليم في بلادهم تعود الى نصف قرن ونفذتها بعض الدول بالفعل لكن الدعوات نفسها حين أثارها الرئيس الامريكي جورج بوش عقب هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 قوبلت بالرفض أو الريبة في أحسن الاحوال.

ففي دراسة عنوانها (أهمية اصلاح التعليم في العالم العربي) ربط الكاتب الفلسطيني أحمد أبو مطر بين تلك الهجمات والتعبئة النفسية التي قال انها تجعل الشباب العربي في صدام مع العالم "ناسين أن في الولايات المتحدة الامريكية وحدها ما لا يقل عن سبعة ملايين مسلم يتمتعون بكامل حرياتهم الدينية ويدخلون الجيش الامريكي ويبشرون بالدين الاسلامي ويعلنون شهريا عدد النصارى الامريكيين الذين تحولوا للدين الاسلامي علنا على مرأى ومسمع من حكومات هؤلاء النصارى في حين أنه في كل الاقطار العربية يحظر التبشير بالدين المسيحي."

وأضاف أبو مطر (62 عاما) وهو أكاديمي نرويجي من أصل فلسطيني أن الاصوليين المسلمين يتمتعون في أوروبا بحرية لا ينالونها في بلادهم حيث وفرت لهم حكومات النصارى الامن وراتبا شهريا من خزينة الدولة النصرانية التي يمول جانب منها من ضرائب البارات والحانات والملاهي الليلية "فيقبض هؤلاء المجاهدون منها رواتبهم الشهرية وميزانيات مساجدهم براحة البال لايسألون عن مصدرها وهل هذا المصدر يوافق الشرع الاسلامي أم لا؟"

ودراسة أبو مطر هي احد ثلاثة فصول يضمها كتاب (الاسلام والعنف.. الواقع وتحدي الارهاب وأزمة البناء التعليمي) وشارك فيه مع الكاتبين السوري خالص جلبي والعراقي زهير المخ.

وتبنى جلبي نظرية تدعو الى التغيير السلمى في المجتمعات في حين تناول المخ الخلفايات السياسية والايديولوجية للفصائل الاكثر بروزا في المشهد العراقي بعد الاحتلال الامريكي لبلاده في التاسع من ابريل نيسان 2003.

وصدر الكتاب في 248 صفحة من القطع الكبير عن دار الكرمل للنشر والتوزيع بالاردن.

وقال أبو مطر الذي زار القاهرة الاسبوع الماضي لالقاء محاضرة عن الاستبداد في العالم العربي ان الحاجة الان ملحة لتحديث مناهج التربية الدينية والا "كيف يمكن فهم الدعاء الذي يتردد كل صلاة جمعة على الاقل في عشرات الالاف من المساجد في الاقطار العربية. ذلك الدعاء الذي يرد فيه.. اللهم انصرنا على اليهود والنصارى والكفار والملحدين. اللهم دمرهم. اللهم دمر أعداءك أعداء الدين."

وتابع متسائلا.. "كيف يردد الملايين من المسلمين العرب تحديدا هذا الدعاء بشكله المطلق وبينهم ما لا يقل عن 35 مليونا من العرب المسيحيين.. ألا يحدث هذا الدعاء الذي يتكرر شرخا نفسيا بين المسلمين العرب وكافة الدول الاوروبية والامريكية التي يقطنها مئات ملايين من هؤلاء النصارى الذين نعتمد على منتجاتهم وصناعاتهم في كافة شؤون حياتنا."

وأشار الى أن هؤلاء النصارى اذا أوقفوا تصدير الورق وآلات الطباعة الى العالم العربي فلن يتمكن من طباعة القرآن وأحاديث الرسول محمد والكتب الدينية والتاريخية "التي تحرض على هؤلاء النصارى وتطلب العون لتدميرهم... هذا يفسر لماذا كان الذين نفذوا الاعمال الارهابية في الحادي عشر من سبتمبر 2001 كلهم من العرب المسلمين."

وتطرقت الدراسة الى تجارب ثلاث دول عربية في تغيير بعض مناهجها التعليمية في ضوء متغيرات ومعاهدات سياسية.

وقال الكاتب ان مصر عقب توقيع معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل عام 1979 أعادت النظر في مضمون بعض الكتب التعليمية "حسب بنود الاتفاقية... استبعدت كل ادانة لاسرائيل وكل هجوم على الصهيونية وكل دعوات الصراع المسلح."

واتخذت الامم المتحدة عام 1975 قرارا باعتبار الصهيونية حركة عنصرية. لكنها ألغت القرار السابق في التسعينات. وان كان مؤتمر ديربان بجنوب افريقيا في سبتمبر أيلول 2001 قد دعا الى اعادة تجديد قرار الجمعية العامة الداعي لاعتبار الصهيونية حركة عنصرية.

وتغير النشيد الوطني المصري من "والله زمان يا سلاحي" الى "بلادي بلادي".

واستشهد الكاتب بتقرير لاحد خبراء التعليم بمصر يقول فيه ان التمرينات اللغوية كانت تهدف الى "غرس روح الكفاح والانتقام في نفوس الشباب المصري ضد اسرائيل... طهرنا المناهج والكتب من مثل هذه التمرينات."

وقال ان التجربة الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية أوسلو مع اسرائيل 1993 شهدت تغييرات منها "عدم كتابة اسم فلسطين فوق المساحة التي تشغها اسرائيل منذ عام 1948 من المساحة الاجمالية لفلسطين التاريخية. وكخطوة تمهيدية تهيئ نفسية المواطن لم يوضع كذلك اسم اسرائيل على المساحة نفسها في كافة الخرائط الجغرافية في الكتب المدرسية التي طبعت في مناطق السلطة الفلسطينية."

وأشار الى الغاء المواد التي تنص على ازالة اسرائيل وتدميرها من الميثاق الوطني الفلسطيني.

وقال ان منظمة مثل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في تطبيقاتها السياسية تعترف بوجود دولة اسرائيل ضمن حدود عام 1967 وان عرض حماس لهدنة مع اسرائيل يعني عمليا الاعتراف بهذه الدولة.

وحققت حماس في يناير كانون الثاني الماضي فوزا على حركة فتح في الانتخابات التشريعية.

وقال أبو مطر ان سوريا شهدت أول تجربة عربية في تغيير المناهج التعليمية منذ الاستقلال عام 1945 ورسخت ما اعتبره أمرا واقعيا "حدث عام 1936 عندما اقتطعت فرنسا الدولة المحتلة اقليم الاسكندرونة وضمته الى تركيا ومنذ ذلك التاريخ توقفت المناهج التعليمية السورية وكذلك كراسات التثقيف الحزبي البعثي منذ وصول البعث للسلطة في الستينيات حتى اليوم عن أي ذكر لاقليم الاسكندرونة على أنه أرض سورية."

وأضاف أن كتب التاريخ السورية لم تشر الى الاقليم الذي يسكنه عرب سوريون "على أنه أرض سورية محتلة ينبغي تحريرها وكذلك فان كتب الجغرافيا السورية ما عادت تورد هذا الاقليم على أنه كان يوما أرضا سورية."

ونفي "مطلقا" أن يكون صحفي أو كاتب سوري قد وجه نقدا الى حكومته لانها "شطبت اقليم الاسكندرونة من كتب التاريخ والجغرافيا السورية. وهذا دليل على فهم متغيرات السياسة."

وعلق أبو مطر على هذه التجارب الثلاث مشددا على أن تغيير المناهج التعليمية في العالم العربي ليس جديدا بل يسبق دعوة بوش الى "اعادة النظر" في هذه المناهج نهاية عام 2001.

وأشار الى أن الريبة في هذه الدعوة والهجوم عليها سببه أنها جاءت من "شخص أجنبي غربي والعقلية العربية لاسباب وظروف عديدة مشبعة بالتفسير المؤامراتي لاغلبية ما يحيط بها."

شبكة النبأ المعلوماتية -الأربعاء 22  /شباط /2006 -23 /محرم الحرام/1427