بعد فوز حماس: هل يتحول مركز ثقل السلطة الفلسطينية الى غزة ؟

يعد فوز اسلاميين من حماس في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي تحولا كبيرا في مركز الثقل السياسي من الضفة الغربية التي تضم المبنى الرئيسي للبرلمان الى غزة. وهذا التحول سيكون له تداعيات كبيرة على أسلوب ادارة السلطة الفلسطينية وعلى السعي لاقامة دولة تضم غزة المحافظة ذات الميول الاسلامية ومدنا أكثر تحررا في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل. وأي تعميق للانقسام بين غزة والضفة خاصة وان الفلسطينيين لا يتنقلون بينهما بحرية سيصعب من الوصول في نهاية الامر إلى اقامة دولة فلسطينية بالشكل الذي يريده الفلسطينيون.

وقال المعلق السياسي طلال عوكل "الثقل الأكبر للسلطة الفلسطينية سينتقل إلى قطاع غزة وذلك بسبب وجود كبار قادة حماس وعلى الاغلب أيضا وجود رئيس الوزراء من حماس في غزة."

ومن المتوقع أن يظل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو معتدل من حركة فتح العلمانية الحاكمة سابقا يقضي معظم وقته في رام الله بالضفة الغربية مركز الثقل السياسي منذ أن حصل الفلسطينيون على حكم ذاتي محدود في اوائل التسعينات. ورغم اتحاد غزة والضفة الغربية في السعي لاقامة دولة إلا أنهما تتناحران في العديد من الأمور الأخرى.

وغزة شريط ساحلي ذو كثافة سكانية عالية يقطنه 1.4 مليون فلسطيني على صلة وثيقة بمصر التي كانت تدير المنطقة حتى احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. أما الضفة الغربية فهي منطقة جبلية يقطنها 2.4 مليون فلسطيني وكانت تحت الحكم الاردني حتى عام 1967. وصوتت كل من غزة والضفة الغربية بقوة لصالح حماس لتغيير حركة فتح التي يتزعمها عباس والتي تتهم بالفساد والافتقار للكفاءة.

لكن نظرا لان غزة هي قاعدة النفوذ الرئيسية لحماس فمن المرجح ان يتخذ القرارات المهمة للحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد بدء دورة المجلس التشريعي الجديد يوم السبت رئيس وزراء من حماس وكبار مساعديه في غزة. والقيود التي تفرضها اسرائيل على حماس التي ينص ميثاقها على تدمير إسرائيل والتي دبرت العديد من التفجيرات الانتحارية تعني أن من المستبعد ان يتمكن مسؤولو الحركة ونوابها من السفر إلى الضفة الغربية عبر إسرائيل. وتزايدت أهمية غزة حتى قبل الانتخابات بسبب سحب إسرائيل للقوات والمستوطنيين من القطاع العام الماضي. واعطى هذا الانسحاب السلطة الفلسطينية لأول مرة سيطرة على قطاع كامل على صلة بالعالم الخارجي. لكن حماس وعباس سيحاولان تجنب اعطاء الانطباع بان هذا التحول سيكون كبيرا. وحرصت حماس على اختيار رئيس المجلس التشريعي من سكان الضفة الغربية والذي يأتي بعد عباس مباشرة في التدرج حسب الدستور وان لم يكن للمنصب أهمية كبيرة في حد ذاته.

وقال مشير المصري رئيس المجلس "حماس حريصة على خلق توازن في القوى بين غزة والضفة الغربية."

ويؤكد الفلسطينيون على أنهم يعتبرون كلا من غزة والضفة الغربية جزءا لا يتجزأ من دولتهم المستقبلية وان تكون القدس الشرقية العربية عاصمة لها ويقولون إنه من غير الممكن اقامة دولة على منطقة منهما دون الاخرى.

وقال المحلل الإسرائيلي جيرالد شتاينبرج "ما أمامنا الان يبدو أقرب الى كيان مقسم. مفهوم الدولة الفلسطينية برمته أصبح أكثر صعوبة."

ويخشى الفلسطينيون من أن تسعد إسرائيل باقامة دولة مؤقته تضم قطاع غزة الفقير مع أجزاء معزولة متشرذمة من أراضي الضفة الغربية. وفي حين ستكون غزة مركز السياسة الداخلية ستظل رام الله أكثر اهمية بالنسبة لعباس كمركز للدبلوماسية. فقد تعهد الرئيس الفلسطيني بمواصلة عملية السلام مع إسرائيل سواء شاءت حماس أم أبت. وفي الوقت نفسه قد يصعب الوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية على حماس كثيرا تجنب التعامل مع عدوها بشأن قضايا مثل الامن والطرق وامدادات المياه.

وقال باسم زبيدي من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية انه سيكون اقل احراجا لحماس ان يكون مركز الثقل السياسي في غزة لان بهذا الشكل لن يكون عليها التعامل مع القضايا اليومية التي تتطلب الاتصال مع الاسرائيليين.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 21  /شباط /2006 -22 /محرم الحرام/1427