
قال مواطنون عرب ان الصور الجديدة لقوات امريكية تسيء معاملة سجناء
عراقيين قوضت احترامهم للغرب وسوف تغذي الغضب بسبب الرسوم
الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد. وتصدرت الصور العناوين الرئيسية
للانباء في الشرق الاوسط بعد يوم من اذاعة محطة تلفزيون استرالية لفيلم
وصور لم تنشر من قبل للانتهاكات في سجن ابو غريب ببغداد. ولم يكن لهذه
الصور ان تظهر في وقت أسوأ من ذلك لصورة الغرب في المنطقة. كما ان شريط
الفيديو الذي اذيع منذ ايام لجنود بريطانيين يضربون مراهقين عراقيين
منذ عامين زادت من الغضب العربي.
وقال رجل الاطفاء الكويتي خليل الامير "انه امر بغيض لاني اعتبرت
البريطانيين والامريكيين دائما الافضل في العالم. المفترض ان يكونوا
اكثر تحضرا. لكن عندما ارى اشياء كهذه فانها تجعلني أعيد التفكير."
واثارت ادلة اساءة معاملة المحتجزين في سجن ابوغريب بعد شهور من الغزو
الامريكي للعراق في عام 2003 غضبا دوليا عندما نشرت في العام التالي
للغزو. وقالت القناة الاسترالية ان الصور الاخيرة كانت مأخوذة في نفس
الوقت. وتظهر الصور ولقطات الفيديو سجناء بعضهم ينزف او وجهة مغطى
ومقيدين الى اسرة او ابواب واحيانا يقف حراس امريكيون مبتسمون بجوارهم.
واعادت قنوات تلفزيونية عربية مرارا عرض صورة اجندي امريكي جالس بينما
جلس على الارض منحنيا بجواره سجين مغطى الرأس جرد من الملابس ماعدا
الداخلية.
وقالت صحيفة (سبعة ايام) في دبي ان ما وصفته بابوغريب-2 اسوأ مما
مضى وانها تدرك ان الصور ستسبب غضبا واسعا هذه المرة لكنها تعتقد بقوة
انها ينبغي ان تنشر.
وقال جابر الحرمي في صحيفة الشرق القطرية ان الامريكيين قالوا انهم
ذهبوا الى العراق لمساعدة الشعب العراقي لكن هذه الصور تدل على ان هذا
ليس الحال واذا كانت هذه هي ديمقراطية امريكا فان العالم العربي
لايريدها.
وقال محامي حقوق الانسان السوري البارز انور البني ان الصور الجديدة
تضعف مصداقية واشنطن اكثر في بلاده الواقعة تحت ضغوط امريكية شديدة.
واضاف ان اهتمام امريكا يتركز على الترويج للديمقراطية وحقوق الانسان
في سوريا والصور تجعل دعوات الولايات المتحدة تبدو جوفاءوقال محمد
السيد سعيد من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان الصور
تزود المتشددين الاسلاميين بالمزيد من الذخيرة ضد الغرب. واتفق معه في
الرأي المحامي الاسلامي السعودي محسن العواجي وقال لرويترز ان هذه
الصور قد تدفع الى حدوث اعمال ارهاب ولن يعترض احد اذا وقعت وكل مسلم
وعربي اصبح لديه سبب للانتقام وستكون اعمالهم لها ما يبررها. وقد
تزايدت حدة الغضب العربي تجاه الغرب يوم الاثنين بعد ظهور تسجيل لجنود
بريطانيين يعتدون بالضرب فيما يبدو على فتية عراقيين وبثها في منطقة
ملتهبة بالفعل بسبب الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد. وقال بعض العرب
ان شريط الفيديو دليل على ازدراء الغرب للديانة الاسلامية المهيمنة في
الشرق الاوسط شأنه في ذلك شأن الرسوم التي نشرتها الصحيفة الدنمركية.
وقالوا ايضا ان واقعة ضرب العراقيين التي حدثت في عام 2004 ونشرتها
صحيفة بريطانية يوم الاحد تكشف عن الجانب القبيح للوجود البريطاني في
العراق رغم محاولات بريطانيا وضع "قناع الصداقة" على وجه الاحتلال.
وقالت صحيفة بحرين تريبيون التي تصدر باللغة الانجليزية ان شريط
الفيديو ما كان يجب ان ينشر في مثل هذا الوقت العصيب. واضافت "العالم
العربي والاسلامي يجلس بالفعل على برميل بارود بسبب الرسوم المسيئة."
وتابعت "لقد تلاشى الوهم بان القوات البريطانية قوة صديقة. كشف شريط
الفيديو عن العداء الدفين الذي يكنونه ايضا للعراقيين."
ويظهر شريط الفيديو الذي نشرته صحيفة (نيوز اوف ذي وورلد) جنودا
يضربون ويركلون عراقيين وسط سعادة غامرة من المصور. وكانت القوات
البريطانية تعتبر اكثر احتراما للحساسيات في العراق مقارنة بالقوات
الامريكية. ويعتقد بعض العرب ايضا ان بريطانيا رغم تاريخها الاستعماري
في الشرق الاوسط اكثر تعاطفا تجاه قضاياهم.
وقال سائق سيارة اجرة يمني يدعى خالد محمد "هذا يبين اكاذيب
بريطانيا بخصوص احترام حقوق الانسان وتحرير العراق." وواجهت القوات
البريطانية اتهامات من قبل بارتكاب انتهاكات رغم ان ايا منها لم يصل
الى حجم الانتهاكات التي اقترفتها القوات الامريكية ضد معتقلين في سجن
ابو غريب ببغداد في عام 2004.
وقال مدرس بحريني يدعى مازن القلاف (31 عاما) ان شريط الفيديو قد
يفاقم التوتر في العلاقات بين العرب والغرب. واضاف "هذه الصور قديمة..
وجاءت في وقت صدام بين الامة الاسلامية والغربية لم يكن ملائما على
الاطلاق لنشر مثل هذه الصور."
ورأت الصحف البريطانية ان التجاوزات التي ارتكبها جنود بريطانيون
ظهروا في لقطات فيديو يضربون شبانا مدنيين عراقيين تشكل «هدية حقيقية
للدعاية الاعلامية لاعدائنا».
وجاءت اقسى التعليقات في هذا الشأن في افتتاحية «الاندبندنت» (يسار
الوسط) اللندنية التي رأت ان ما يثير القلق اكثر من ذلك هو اننا
«اصبحنا مخدرين في السنوات الاخيرة في مواجهة هذه الاتهامات التي
تستهدف الجنود البريطانيين». واضافت ان «ما نراه هو ان هؤلاء ليسوا
بضعة سوقيين فالتين في شوارعنا (...) بل يدل بشكل واضح على وجود ثقافة
عنف في بعض جيوب القوات المسلحة البريطانية». وتابعت الصحيفة ان
«الاستنتاج الحزين هو انه حان الوقت لنلغي الصورة المجملة لقوات
بريطانية التي تقول انها مزيج من قوات حفظ السلام والكشافة والشرطة»،
مطالبة «بعقاب نموذجي وسريع وقاس لكل المسؤولين»عن هذه الفضيحة. من
جهتها كتبت صحيفة «التايم»انه «لا حاجة لان نكون خبراء في العلاقات
العامة لتصور الاثر المدمر لهذه الصور عندما تبث في العالم العربي»،
مشددة على تراجع النظام في صفوف القوات المسلحة البريطانية. وقالت
الصحيفة ان «اكثر ما يزعج في هذه الصور- الى جانب التعليق السادي الذي
يرافقها - هو نية»مرتكبي هذه التجاوزات، مذكرة بان «الضربات على الرأس
واللكمات والركلات لم توجه في معارك». اما صحيفة «ديلي تلغراف»فقد اكدت
ان لا مجال لاي تفهم لهذا الحادث.وقالت «اذا حاولنا البحث عن تفسير فان
التفسيرات ستتحول بسرعة الى اعذار». واوضحت الصحيفة ان «واحدة من
الامور التي يتميز بها جنودنا عن جنود بعض حلفائنا هي انه يمكننا نشرهم
في كل مكان ونحن على ثقة بانهم لن يقوموا بتهريب المخدرات او بادارة
شبكات دعارة او بترهيب السكان». وتابعت «من غير الوارد سماع اي سخافات
مثل الظروف التخفيفية (...) لان قيمة جنودنا اكبر من ذلك».
وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير صرح الاحد بأن المعلومات عن
تجاوزات الجنود جدية وتحتاج الى تحقيق. وقال بلير لصحافيين «نأخذ اي
معلومات عن سوء معاملة على محمل الجد وسيتم التحقيق فيها».
واكدت هيئة الاذاعة البريطانية ان الجندي الموقوف هو الكابورال
مارتن وبستر الذي قال في حديث ادلى به عام 2004 للاذاعة البريطانية
العامة ان "الشهر الاخير( لوجود كتيبته في العراق) كان جحيما حقيقيا".
واشار الى انه صور احداثا خلال فترة خدمته. وعرضت هيئة الاذاعة
البريطانية مشاهد صورت قبيل ارتكاب التجاوزات تظهر ان الجنود
البريطانيين تعرضوا لهجوم بقذائف الهاون قبل ان يهاجموا الشبان
العراقيين. واثر عرض تلك المشاهد قررت محافظة البصرة في جنوب العراق
وقف علاقاتها مع الجنود البريطانيين المنتشرين في المنطقة. واسفت وزارة
الدفاع البريطانية لهذا القرار واكدت انها ستبذل ما في وسعها لاعادة
ارساء العلاقات.
وكانت محطة تلفزيون استرالية قد بثت صورا لم تنشر من قبل للإيذاء
الجسدي لسجناء عراقيين داخل سجن أبو غريب الذي تديره الولايات المتحدة
بالقرب من بغداد مما أثار غضبا بين العراقيين الذين قالوا ان على
الامريكيين ان يرحلوا. وقال برنامج تذيعه خدمة الاذاعة الخاصة ان الصور
التقطت في الوقت نفسه الذي التقطت فيه صور نشرت من قبل لجنود أمريكيين
اساءوا لمحتجزين عراقيين في سجن ابو غريب وأثارت غضبا دوليا في عام
2004. وقال البرنامج ان بعض الصور الجديدة تشير الى مزيد من الانتهاكات
منها حالات قتل وتعذيب واهانات جنسية. وتظهر الصور الثابتة غير الواضحة
وتسجيلات الفيديو سجناء بعضهم غارق في الدماء أو مغطى الرأس أو مربوط
في أسرة وأبواب وفي بعض الاحيان يقف جندي مبتسم بجوارهم. وتتضمن صور
لرجلين عاريين مكبلين معا وخمسة معتقلين عرايا مصورين من الخلف وكلب
مقيد قرب وجه رجل يزحف على الارض يرتدي سترة برتقالية زاهية.
وقالت المدرسة العراقية حنان أديب (34 عاما) "الصور الجديدة نكأت
الجرح القديم الذي ظهر باحتلال العراق. لقد اغضبتني كثيرا وطعنتني في
الصميم رؤية هؤلاء الناس يدفعون الثمن بدون اي سبب معقول." واضافت ان
"ما يؤلمني بصورة اكبر هو ان يرانا العالم نتعرض للتعذيب بهذه الطريق
دون ان تطرف له عين. حينما ارى هذا افهم لماذا يعتقد الناس ان السبيل
الوحيد لاخراج العراق من هذه المحنة هو اخراج الامريكيين باي وسيلة."
وأظهرت العديد من الصور فيما يبدو الجندي الامريكي تشارلز جرانر
الذي سجن في يناير كانون الثاني لمدة عشر سنوات لدوره الرئيسي في
الانتهاكات التي ارتكبت في سجن أبو غريب عندما نشرت الدفعة السابقة من
الصور. وفي العراق تنامى الغضب مع عرض محطات التلفزيون للصور.
واظهرت صورة ما بدا انه اثار حروق نتجت عن اطفاء سجائر في عجز رجل.
وقال ستيفن شابيرو مدير اتحاد الحريات المدنية الامريكي ان الاتحاد
لم يكن مصدر هذه الصور وان الاتحاد لم يطلع على هذه الصور قبل ان تنشر.
وحث خمسة خبراء من الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان واشنطن هذا
الاسبوع على اغلاق سجن في قاعدتها البحرية في جوانتانامو بكوبا بعد أن
خلصوا الى ان اطعام السجناء بالاكراه وبعض اساليب الاستجواب هناك يمكن
أن ترقى الى حد التعذيب. |