فلسطينيون يواجهون الدانمارك بمقاطعة منتجاتها وحرق اعلامها

مهدي كرجي الذي يهوى الجبن والزبد الدنمركي كان يملا عربة التسوق بأحد المتاجر الكبرى في رام الله يوم الأحد بمنتجات الالبان الفلسطينية.

وقال كرجي وهو طبيب طوارئ يبلغ من العمر 45 عاما "كانت الاهانة لنبينا بالغة جدا وهذا أقل ما يمكن أن أفعله" .. مفسرا بذلك قراره بالمشاركة في مقاطعة البضائع الدنمركية احتجاجا على رسوم مسيئة للنبي محمد نشرت بعدد من الصحف الاوروبية

وتجتاح موجة غضب عارمة العالم الاسلامي على نشر الرسوم الكاريكاتورية التي صورت احداها النبي محمد وهو يرتدي عمامة على شكل قنبلة.

ونشرت الرسوم الكاريكاتورية للمرة الاولى بالدنمرك ثم أعيد نشرها في وقت لاحق بدول أوروبية أخرى.

وردت صحيفة القدس الفلسطينية يوم الاحد بنشر رسم كاريكاتوري يصور مسؤلا دنمركيا وهو يندد بالعنصرية ومعاداة السامية ولكنه يروج لرسوم تسخر من المسلمين باعتبارها "منتجات دنمركية" باسم حرية التعبير.

وفي مدينة نابلس بالضفة الغربية تجمع نحو 30 من المسلحين الملثمين خارج المركز الثقافي الفرنسي وأطلقوا النار في الهواء وطالبوا باغلاق المركز.

ولكن معظم الفلسطينيين احتجوا على نشر الرسوم الكاريكاتورية سلميا من خلال محافظ نقودهم.

وأقسمت أغلبية ساحقة من المستهلكين الفلسطينيين الذين استطلعت اراؤهم في مطلع الاسبوع بالضفة الغربية على ألا تشتري الجبن أو الزبد الدنمركي أو منتجات أخرى الى أن تعتذر الحكومات الاوروبية.

وقالت هيفاء صيام (61 عاما) داخل أحد متاجر برافو أكبر سلسلة متاجر في الاراضي الفلسطينية "لقد ارتكبوا اهانة جسيمة ضد الاسلام."

وقد ظهرت بالفعل الاثار الاقتصادية للمقاطعة. وقالت شركة ارلا فودز السويدية الدنمركية لمنتجات الالبان يوم الجمعة انها تخسر نحو 1.8 مليون دولار يوميا نتيجة تدني مبيعاتها بالشرق الاوسط.

ورفعت منتجات الشركة من على أرفف المتاجر في السعودية وقطر والكويت.

وقالت سهام ريان (50 عاما) وهي معلمة من رام الله "مقاطعتي رسالة للحكومة الدنمركية بأنها تجاوزت الخط الاحمر."

وقال زهير العسيلي مدير عام مراكز التسوق العربية الفلسطينية التي تملك سلسلة متاجر برافو ان متاجرها قلصت المساحة المخصصة للمنتجات الدنمركية على الارفف من ثلاثة أمتار الى 30 سنتيمترا.

وتابع العسيلي ان هناك تراجعا هائلا في الطلب على المنتجات الدنمركية حتى أن بعض الزبائن يتساءلون عن سبب الابقاء على هذه المنتجات على الارفف.

ومضى يقول انه احتفظ ببعض المنتجات الدنمركية على الارفف من أجل الاجانب الذين يعيشون في رام الله وليس للفلسطينيين.

وقال كرجي مخاطرا باثارة غضب أطفاله الاربعة الذين يعشقون الجبن الطري "نستطيع أن نعيش بدون الجبن (الدنمركي)."

وعندما سمع التاجر احمد ابو ضية للوهلة الاولى ان الرسوم الدنمركية المسيئة للنبي محمد اعادت نشرها صحف اخرى في اوروبا أدرك على الفور ما هى البضاعة التي سيتهافت عليها زبائنه..الاعلام لإحراقها.

ورغم الصعوبة في توفير اعلام دنمركية ونرويجية فقد أوصى ابو ضية على طلب مئة علم من اعلام البلدين لبيعها في متجره الواقع بمدينة غزة وبدأت التجارة في الرواج.

وقال في مقابلة "لا اتخذ مواقف سياسية. الامر برمته يتعلق بالتجارة."

واضاف "ولكن هذه المرة تأذيت من الهجوم على النبي محمد."

واجتاحت العالم الاسلامي موجة من الغضب بسبب نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تصور احداها النبي وهو يرتدي عمامة على شكل قنبلة.

ونشرت الرسوم في باديء الامر في الدنمرك واعيد نشرها في صحف اوروبية وايضا في الولايات المتحدة.

ورغم انه عادة ما يكون من الصعب الحصول على شيء في غزة المعزولة الا ان الاعلام الدنمركية والنرويجية ظهرت بشكل سريع في الاحتجاجات اليومية لتحل بشكل متزايد محل الاعلام الاسرائيلية التي تحمل نجمة داود.

ولم يتضح عدد التجار باستثناء ابو ضية الذين يوفرون الاعلام ولكن يبدو انها متاحة بسهولة. ويضرم المسلمون الغاضبون النار في الاعلام او يقوموا بتمزيقها.

وفي احتجاجات اقيمت اليوم الاثنين امام مكاتب الاتحاد الاوروبي في غزة ردد عشرات الطلاب الفلسطينيين هتافات تقول "فلتسقط الدنمرك فلتسقط النرويج وبالروح والدم نفديك يا نبينا."

وفي بيروت ودمشق اضرم متظاهرون غاضبون النار في سفارتي الدنمرك والنرويج.

وقال ابو ضية الذي يبيع محله ايضا اعلام منظمة التحرير الفلسطينية والهدايا والتذكارات "اعرف انه سيكون هناك طلبا على الاعلام بسبب رد الفعل الغاضب من الناس على الاساءة للنبي محمد."

ويبيع ابو ضية الاعلام الدنمركية والنرويجية بسعر 11 دولارا للعلم الواحد وهو سعر اعترف بانه ربما يؤدي الى كساد مبيعاته. ويفضل الكثير من المحتجين ادخار الاموال وصنع الاعلام بانفسهم من قطع القماش او النسيج.

ويحصل ابو ضية على بعض اعلامه من موردين في تايوان ولكنه يشتري الاعلام الاسرائيلية من تاجر في اسرائيل رغم انه يبيعها كي تحرق في مظاهرات مناوئة لاسرائيل.

واصبح صنع الاعلام تجارة رابحة لابو ضية منذ سنوات بفضل طلبات الجماعات المسلحة الفلسطينية الحصول على اعلام قومية ورايات تحمل رموز الفصائل المسلحة.

وفي العام الماضي قال ان السلطة الفلسطينية طلبت 60 الف علما قبيل الانسحاب الاسرائيلي من غزة. وصنع العمال في احد المصانع نحو ثلاثة الاف علم يوميا.

وفي حين قال تاجر الاعلام ان الرسوم الكاريكاتورية اثارت انزعاجه حث مواطنيه على عدم معاقبة المواطنين الدنمركيين بشكل جماعي مستشهدا بمساعداتهم الانسانية للشعب الفلسطيني.

شبكة النبأ المعلوماتية - الاربعاء 8   /شباط /2006 -9 /محرم الحرام/1427