هل يؤدي وصول حماس الى السلطة الى وصول الاسلاميين في دول أخرى واحداث تغيير جذري في المنطقة..

قالت جماعة حزب الله التي تشغل مقاعد في البرلمان اللبناني منذ اكثر من عشر سنوات ان العالم سيتعين عليه قبول فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات الفلسطينية لان حركات الاسلاميين النشطين ستفوز في انتخابات في اماكن اخرى بالمنطقة.

وقال الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لجماعة حزب الله لرويترز "على العالم بأسره ان يتعامل مع هذه الحقيقة.. لا يستطيع ان يفرض شروطه على هذا الشعب الفلسطيني. من حقه ان يختار ومن حقه ان يدير شؤونه ومن حقه ان يحقق مطالبه في التحرير من الاحتلال."

واضاف "لا اجد تعارضا بين ان تكون حركة للمقاومة وفي ان معا تقوم بالعمل السياسي سواء في الدولة او في الشؤون المختلفة. ما سمعناه في محطات مختلفة من اعتراض امريكي وغربي وقواعد يضعونها لشعوب منطقتنا ان الذين يقاومون لا يستطيعون ان يعملوا في السياسة وان ثمن الدخول في السياسة هو ترك المقاومة هي قاعدة مرفوضة وهي قاعدة تنسجم مع مصالحهم."

واضاف "في قناعتنا ان الارتباط والموقع السياسي والعمل السياسي في الدولة هو امر عادي وطبيعي وسيرى الاستكبار ان كل المنطقة في هذا الاتجاه. لن يجدوا بعد اليوم مقاومة تبقى بعيدا عن قناعتها بتمثيل شعبها وبالتعبير عن متطلباتها."

وتتأهب حماس التي تدعو رسميا الى تدمير اسرائيل لتشكيل الحكومة الفلسطينية القادمة بعد الفوز الساحق الذي حققته على حركة فتح التي سيطرت طويلا على السياسة الفلسطينية في الانتخابات التي اعلنت نتائجها يوم الخميس وجاءت بمثابة زلزال سياسي يحتمل ان يقضي على اي امل في اجراء محادثات سلام قريبا مع اسرائيل.

وحصلت حماس على 76 مقعدا في المجلس التشريعي الفلسطيني البالغ عدد اعضائه 132 نائبا مقابل 43 مقعدا فازت بها فتح.

واثارت هذه النتيجة تساؤلات عما اذا كانت حماس المسؤولة عن عشرات الهجمات الانتحارية ضد اسرائيليين ستصبح اكثر اعتدالا في موقفها بعد وصولها الى السلطة وعن كيفية تعاملها مع اسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة اللتين تعتبرانها منظمة ارهابية.

وتحظى جماعة حزب الله التي ساهمت هجماتها في انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي استمر 22 عاما لجنوب لبنان عام 2000 بتمثيل في البرلمان منذ عام 1992 وفي الحكومة منذ سحبت حليفتها سوريا قواتها من لبنان العام الماضي.

وتواجه جماعة حزب الله الاسلامية الشيعية ضغطا من اجل نزاع اسلحتها بموجب قرار لمجلس الامن لكنها تدافع عن حقها في الاحتفاظ بسلاحها كاداة ردع في مواجهة اسرائيل.

وقال الشيخ قاسم "نحن لا نرى اي مشكلة في ان يكون المقاومون هم الحكام وهم في الموقع السياسي المتقدم في مختلف مواقع المنطقة."

واسفرت الانتخابات التي اجريت العام الماضي في العراق عن وصول ائتلاف يضم جماعات شيعية اسلامية الى السلطة بعد ان اطاح غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 بنظام الرئيس السابق صدام حسين الذي كان يغلب افراد من الاقلية السنية على اعضائه.

كما فازت جماعة الاخوان المسلمين المعارضة في مصر القريبة ايديولوجيا من حماس بخمس مقاعد البرلمان العام الماضي وسط اتهامات للسلطات بترويع الناخبين.

لكن حزب الله هي الجماعة اللبنانية الوحيدة التي احتفظت باسلحتها في اعقاب الحرب الاهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 وثار جدل داخلي بشأن اسلحة الجماعة اصاب الحكومة بالشلل.

وعلق خمسة وزراء من الشيعة مشاركتهم في الحكومة الشهر الماضي احتجاجا على تصويت مجلس الوزراء على قرار يدعو الى مثول المشتبه في ضلوعهم في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري امام محكمة دولية.

وتعثرت مفاوضات تهدف الى اعادة الوزراء الخمسة الى الحكومة بعد مطالبة حزب الله للحكومة باعلان ان الجماعة مقاومة مشروعة ضد اسرائيل وليست ميليشيا.

وقال الشيخ قاسم "نحن حاضرون ان نعود الى الحكومة غدا اذا حلت الاشكالات التي طرحناها لكن الجواب ليس عندنا... قلنا نريد اعلان حكومة بان المقاومة ليست ميليشيا وان نكون شركاء حقيقيين" في الحكومة.

ويشير الفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الاسلامية (حماس) هذا الاسبوع الى ان التغير الديمقراطي ممكن في العالم العربي حتى لو لم ترض الولايات المتحدة عن نتيجة فكرة كانت هي الداعية اليها.

وتتأهب الحركة لتشكيل الحكومة الفلسطينية القادمة بعد ان حصلت على 76 مقعدا في المجلس التشريعي البالغ عدد اعضائه 132 نائبا لتنهي بذلك سيطرة حركة فتح التي استمرت 40 عاما على السياسة الفلسطينية في انتقال للسلطة عن طريق الانتخابات لم يسبق له مثيل في العالم العربي في العصر الحديث.

وقال جوزف سماحة رئيس التحرير وكاتب العمود في جريدة السفير اللبنانية في مقال يوم الجمعة إن هذا "بحق أول تداول سلمي للسلطة بهذه الجذرية في تاريخنا العربي. سنعيش مع هذه المحطة الفاصلة لسنوات قادمة."

وكان الرئيس الامريكي جورج بوش قد طالب العالم العربي بتبني الديمقراطية رغم ان اجراء انتخابات حرة يحتمل ان يسفر عن ان يتولى السلطة اسلاميون يعارضون بشدة سياسات واشنطن في المنطقة بما في ذلك مساندتها لحكومات عربية مؤيدة للغرب.

وحققت احزاب اسلامية نتائج طيبة في الانتخابات في مصر والاردن ولبنان والجزائر. لكنها لم تصل الى السلطة الا في العراق ولم تحقق ذلك الا بعد ان اطاح غزو قادته الولايات المتحدة بنظام الرئيس السابق صدام حسين الذي كان معظم افراده من السنة وبعد اجراء انتخابات فازت فيها احزاب تمثل الاغلبية الشيعية.

وقال عبد المجيد ذنيبات زعيم الاخوان المسلمين في الاردن ان الانتخابات الفلسطينية اثبتت ان العرب اذا اتيحت لهم حرية الاختيار فسيختارون الاسلاميين لا الاحزاب القومية واليسارية التي حملها المسؤولية عن هزائم العرب.

وقال ذنيبات لرويترز في عمان "هذا الفوز يعزز الخيار الديمقراطي. برامج الحركات الاسلامية تحولت الى خيار الامة بمقاومة الاحتلال واستعادة السيادة الوطنية."

وحتى حماس نفسها فوجئت بحجم الفوز الذي حققته على فتح الحركة القومية العلمانية التي اسسها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والتي ظل اسمها مرادفا للقضية الفلسطينية فترة طويلة.

وقال اسامة حمدان ممثل حماس في لبنان "عندما شاركنا في الانتخابات للامانة كنا مخططين ان نفوز ولكن لم نكن نتوقع ان يكون الفوز في هذا الحجم."

وأضاف "60 مقعدا يكون فاز ولكن فوز بهذه الاغلبية الكبيرة لا شك ان الشعب الفلسطيني اعطانا ثقة عالية جدا ولا شك انه وضع بين ايدينا امانة ثقيلة".

وحقق حزب اسلامي فوزا مماثلا في الجولة الاولى لانتخابات أجريت في الجزائر عام 1991 لكن النتائج الغيت مما حال دون وصول الحزب الى السلطة وفجر حربا اهلية قتل فيها عشرات الالاف من الضحايا.

وقال ذنيبات "لو لم يحدث تزوير وقمع واجراءات غير ديمقراطية لكسب الاخوان المسلمون في مصر اكثر من 90 بالمئة من المقاعد التي ترشحوا عليها."

وقالت سحر بعاصيري كاتبة العمود في صحيفة النهار اللبنانية "اذ يقال اليوم ان حماس وضعت العالم امام واقع جديد فالحقيقة ان الفلسطينيين فعلوا ذلك والأهم انهم وضعوا حماس امام واقع جديد."

واضافت ان قرار حماس المشاركة في الانتخابات منحها شرعية جديدة ستضطرها الى التغيير.

وحث زعماء مسلمون اسرائيل والعالم يوم الخميس على قبول فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية قائلين انه ستظهر وجها اخر وهي في الحكم يختلف عن الوجه الذي تظهره في الشارع.

وفي قمة زعماء العالم ورجال الاعمال التجارية في سويسرا انضم زعيما باكستان وافغانستان الى الامين العام للجامعة العربية في الجدل بانه ينبغي اعطاء حماس الفرصة لكي تتغير.

قال الرئيس الافغاني حامد كرزاي امام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس "اذا كان الشعب في فلسطين قد عبر عن رغبته بالتصويت لحماس فينبغي ان نحترم ذلك ونعطي حماس الفرصة لاثبات نفسها وهي في الحكم."

وقال الرئيس الباكستاني برويز مشرف ان تولي مسؤولية التنمية والامن للفلسطينيين سوف يتحدى حماس التي تعتبرها اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي منظمة ارهابية لكي تتغير.

وقال ان رد العالم ينبغي ان يكون "لا تغلق الباب في وجه حماس دعنا نقيم مواقفهم ودعنا نمارس الضغط عليهم ليتبعوا السلوك الصحيح".

واضاف "كمية مماثلة من الضغط ينبغي ان تمارس على الجانب الاخر وهو اسرائيل. وبينما يقبل طرف حقيقة وجود اسرائيل علينا الن نقبل حقيقة اقامة وطن فلسطيني. ودعونا نعطي حماس فرصة."

وكان الزعيمان يتحدثان الى نفس المنتدى الذي قالت فيه وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس في اتصال عبر دائرة فيديو انه لا يمكن ان تكون هناك عملية سلام في الشرق الاوسط اذا رفضت حماس الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود.

وقالت " لايمكنك وضع قدم في السياسة وأخرى في الارهاب."

وحاول السياسيون العرب في دافوس الضرب على نغمة التفاؤل ردا على فوز حماس الساحق على حركة فتح التي سيطرت طويلا.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 29  /كانون الثاني/2006 - 28/ذي الحجة/1426