
الخطف هو أسوأ كابوس لكل صحفي غربي في العراق ولكن الصحفيين الاجانب
والعراقيين على حد سواء يواجهون الكثير من المعوقات الاخرى التي تعيق
فهم الشعب الامريكي للحرب.
كانت جيل كارول وهي صحفية أمريكية تعمل بالقطعة مفقودة في العراق هي
الصحفي رقم 36 الذي يخطف منذ ابريل نيسان عام 2004 طبقا لما تقوله لجنة
حماية الصحفيين ومقرها نيويورك وقتل من بين هؤلاء ستة.
وقالت جاكي سبينر وهي صحفية من واشنطن بوست نجت من محاولة خطف خارج
سجن أبو غريب في يونيو حزيران 2004 "ظل هذا هو التهديد رقم واحد وأسوأ
كابوس بالنسبة لنا لمدة نحو عامين." وأضافت "جذبوني أثناء خروجي... كنت
أرتدي غطاء للرأس وعباءة. أمسك أحدهم بمعصمي والاخر أحاط بوسطي وبدءا
يسحبانني."
ولحسن الحظ كان هناك أفراد من مشاة البحرية رأوها وجاءوا لانقاذها.
وتحكي هذه الواقعة في كتابها "قل لهم أنا لم أبك" الذي من المقرر أن
يصدر في الاول من فبراير شباط. ويصف الكتاب تجربة سبينر في الصحافة بما
في ذلك محاصرة الفلوجة عام 2004. ولكن أغلب الكتاب يتحدث عمن تعاملت
معهم من العراقيين من سائقين وطهاة وحراس ومترجمين ومدى اعتمادها عليهم.
يعيش ويعمل أغلب الصحفيين الاجانب خارج "المنطقة الخضراء" التي
تسيطر عليها الولايات المتحدة ولكنهم يعملون في العادة داخل مجمعات
محمية بجدران مقاومة للانفجارات وحرس مسلحين. وهناك المؤسسات الكبرى
على الاقل مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز ورويترز التي لديها الموارد
الكافية للاعتماد على شبكة من هؤلاء العراقيين ليكونوا عيونهم التي
يرون بها واّذانهم التي يسمعون بها في المناطق شديدة الخطورة بالنسبة
للاجانب.
وقالت سبينر "نحن ربما نحصل على 80 أو 90 في المئة من الخبر لاننا
قادرين على اللجوء للعراقيين لمساعدتنا." وقد يكون العراقيون معرضين
لخطورة أقل في نفس الموقف ولكنهم يواجهون مخاطر جمة وقتل منهم أعداد
أكبر بكثير.
وتنفجر عشرات القنابل كل يوم مما يؤدي الى قتل عشوائي كما أن الحراس
المتوترين عند نقاط التفتيش يطلقون النار في حالة الحد الادنى من
الاشتباه. ولقي 60 صحفيا على الاقل حتفهم أثناء الخدمة في العراق منذ
الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس اذار 2003 بينهم 41 عراقيا.
وكانت العمليات التي يقوم بها المسلحون السبب في مقتل 36 منهم في حين
أن النيران الامريكية قتلت 13 صحفيا طبقا لاحصائيات لجنة حماية
الصحفيين.
وتقر الولايات المتحدة بقتل ثلاثة من صحفيي رويترز ولكنها تقول ان
الجنود كان لديهم ما يبرر اطلاق النار. وتقول لجنة حماية الصحفيين ان
المسلحين استهدفوا بعض الصحفيين لعملهم مع شركات أمريكية واحتجزت
القوات الامريكية أكثر من عشرة للاشتباه في أنشطتهم أو لمجرد رؤية
الصور التي التقطتها كاميراتهم. وقالت كوبر مديرة اللجنة "انهم يحتجزون
لشهور ولا توجه لهم أي اتهامات في بعض الاحيان." وأضافت "ليس هناك
اجراء سليم ويمثل هذا نموذجا سيئا في بلد من المفترض أن يكون فيه هدف
الولايات المتحدة هو ارساء الديمقراطية."
وأفرج عن مصور لرويترز يوم الاحد بعد أن احتجز لمدة نحو ثمانية أشهر
دون توجيه اتهامات بعد أسبوع من الافراج عن عراقيين اثنين اخرين يعملان
لحساب رويترز بعد شهور في الحبس.
وقال اورفيل شيل عميد كلية الصحافة في بيركلي ان الوضع الامني
المتردي الى جانب عدم استعداد الناشرين ورؤساء التحرير الامريكيين
لتوفير مساحات للموضوعات المتعمقة أدى الى وجود فجوة كبيرة في الصورة
التي يراها الشعب الامريكي. وأضاف شيل "لا اعتقد أنه كان هناك أبدا مثل
هذا الوضع الصعب باستثناء موسكو أو بكين خلال أوج الحرب الباردة."
وأضاف أن القنوات الاخبارية الامريكية على وجه الخصوص تقوم بمهمة
"متدنية للغاية".
وقال جريج ميتشل رئيس تحرير صحيفة اديتور اند بابليشر ان الامريكيين
لا يحصلون على الاجوبة الشافية للاسئلة الحيوية مثل حجم التأييد المحلي
للمسلحين خاصة للمقاتلين الاجانب الذين لهم صلة بالقاعدة.
وقال ميتشل "الصحفيون غير قادرين أو غير راغبين في الاقتراب بشكل
كاف لتقديم احساس حقيقي بما يشعر به المواطن العادي أو كيفية مباشرة
العمليات التي يقوم بها المسلحون. نحن نرى النتائج الدرامية ولكننا لا
نعلم كيف تعمل." وأضاف أن كل الصحف الامريكية عدا الكبرى منها تعتمد
بشكل شبه كامل على وكالات الانباء مثل رويترز أو اسوشييتد برس نظرا
لعدم توفر المراسلين لكثير منها في العراق. وأردف قائلا "ليست هناك
تغطية مستقلة وكان هذا هو ما كانت تحاول جيل كارول القيام به ولكنها
خطفت."
ويرى توم روزنستيل مدير مشروع التميز في الصحافة ان هناك خطورة في
التعامي عن الصورة الاكبر نتيجة أعمال العنف اليومية. وقال "هل لا
تغطون انفجار السيارة الملغومة الذي يقع اليوم لانكم تريدون كتابة
موضوع أكبر عن عودة الاقتصاد الزراعي." وأضاف "الصحفيون يقولون.. نحن
متهمون بالمبالغة في تغطية الانباء السيئة. ولكن كيف يمكن تجاهل انفجار
سيارة ملغومة يتسبب في مقتل 70 شخصا لمجرد نشر خبر عن نفس الموضوع قبل
اسبوع." |