التدين بين شباب كازاخستان في تزايد مع الانفتاح على الأخر

في دول الاتحاد السوفيتي السابق كانت ممارسة الشعائر الدينية في حكم الممنوع والدين "أفيون الشعوب". ابتداء من فترة حكم جورباتشوف سُمح بممارسة الحريات الدينية. إقبال الشباب على المساجد في كازاخستان ظاهرة لفتت أنظار المراقبين وقد انتشرت ظاهرة التدين والإقبال على المساجد وبالذات من قبل الشباب بشكل ملحوظ في جمهورية كازاخستان التي كانت الى وقت قريب تحت السيطرة السوفيتية وخاضعة للنظام الشيوعي الذي كان ينظر فيه الى الدين ـ أي كان ـ على انه "أفيون الشعوب". وفي الوقت الذي يعتبر البعض هذه الظاهرة انعكاسا لغياب الهوية لدى الشباب في مجتمع متحول من الاشتراكية نحو الرأسمالية، ينظر البعض الأخر للأمر بقلق وتخوف من جنوح الشباب المسلم الى التطرف.

ووفقا للإحصاءات الرسمية التي ذكرتها الإذاعة الألمانية فان نصف عدد السكان تقريبا يدين بالإسلام، بينما يشكل الارثودوكس الروس ربع السكان. أما الذين يدينون بالديانة الكاثوليكية فيمثلون أقلية بسيطة في المجتمع الكازاخستاني حيث يبلغ عدد هؤلاء 250 ألف تقريبا من أصل 16 مليون نسمة هم إجمالي عدد سكان البلاد.

ويتمتع الجميع بحق ممارسة الشعائر الدينية بكل حرية. يذكر ان كازاخستان أول دولة من دول الاتحاد السوفيتي السابق وقعت اتفاقا مع الفاتيكان سمح بموجبه للكاثوليك بممارسة حرياتهم الدينية في البلاد. 

 ففي مدينة تاراز الواقعة جنوب البلاد يتوافد على المسجد الرئيسي للمدينة ما يقارب أربعة آلاف مصل لأداء صلاة الجمعة. وتشكل الغالبية العظمى منهم من الشباب وهو الأمر الذي لم يكن كذلك قبل عشرة أو خمسة عشر عاما تقريبا، وذلك على حد قول إمام مسجد اولي عطا، بيكبولات فيكتورولي. ويفسر فيكتورولي ظاهرة إقبال الشباب على المساجد والعودة الى الالتزام الديني باعتقاده بان هؤلاء يشعرون بغياب الهوية الثقافية والدينية التي يبحثون عنها ثم لا يلبثون ان يجدونها في الدين الإسلامي.

ورغم ان عدد سكان مدينة تاراز لا يتجاوز 35.000 نسمة، فانه يوجد في المدينة ما يربو على 20 مسجدا والعدد مرشح للمزيد من خلال المساجد الكثيرة التي يجري تشييدها حاليا. وعموما يأتي الدين الإسلامي في جنوب كازاخستان في المرتبة الأولي.

وقد كانت الحكومة الكازاخستانية ولازالت تشعر بالقلق من تزايد الإقبال على الإسلام والتدين وحاولت سن قوانين تحد من التبشير الديني، الا ان الحريات الدينية المتاحة في الجمهورية السوفيتية السابقة حالت دون فاعلية القانون ودون إمكانية فرض أي رقابة على ممارسة الحقوق الدينية. ولجأت الحكومة الى إلغاء مجلس الشؤون الدينية الذي كانت مهمته الرقابة على النشاطات الدينية غير المرغوب فيها. غير ان بعض الدوائر التربوية لا تزال تشعر بقلق من توجه الشباب نحو التدين مما قد يؤدي الى انتشار التطرف الديني. في هذا السياق يشير مسؤول قسم الشباب في وزارة الثقافة الكازاخستانية، سلطان عبيلدان، الى ان هناك خطورة حقيقية من التطرف الإسلامي على الرغم من الجهود المبذولة لنشر ثقافة التسامح الديني، وذلك على حد تعبير المسؤول التربوي الذي يشير بدرجة أساسية من خلال قوله الى انتشار ظاهرة الحجاب الإسلامي.

وبصرف النظر عن الأرقام التي تشير الى تزايد الالتزام الديني وإقبال الشباب على المساجد، فان الواقع العملي لا يشير الى ان البلاد تسير في اتجاه التطرف والانغلاق على الأخر، وتحديدا على الغرب وثقافته. فغالبا ما يكون التدين هنا، الإسلامي كان أو المسيحي، بمثابة عادة أو تقليد أكثر منه التزام ديني متعصب. فهؤلاء الشباب ينظرون الى الغرب من منظور منفتح ويحلمون بالدراسة هناك والعمل كما أنهم مغرمون بثقافته ومستوى تطوره. وتعتبر ألمانيا الوجهة رقم واحد لدى الشباب في كازيخستان نظرا للسمعة الطيبة للجامعات الألمانية وبسبب توفر إمكانية العمل خلال الدراسة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 26  /كانون الثاني/2006 - 25/ذي الحجة/1426