الغرب واشكالية انتصار حماس في الانتخابات التي ترى امكانية اجراء حوار مع اسرائيل

أثار احد زعماء حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يوم الاثنين احتمال اجراء مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل في خطوة تبدو تخفيفا لموقف الحركة من اي مفاوضات مع اسرائيل قبيل الانتخابات الفلسطينية.

جاء هذا التحول الذي اعلنه محمود الزهار في اخر ايام حملات الدعاية الانتخابية قبل الانتخابات التي ستجري يوم الاربعاء والتي يحتمل ان تحظى من خلالها حماس بدور في الحكومة الفلسطينية لاول مرة.

وقال الزهار للصحفيين في غزة "المفاوضات هي وسيلة.. اذا كان لدى اسرائيل ما يمكن ان تقدمه في موضوع وقف الاعتداءات.. في موضوع الانسحاب.. في موضوع اطلاق سراح المعتقلين.. فهنا يمكن ايجاد ألف وسيلة."

وساق الزهار مثالا على ذلك بالحديث عن الاتصالات غير المباشرة بين حزب الله اللبناني واسرائيل من خلال وسطاء المان من اجل اطلاق سراح اللبنانيين المحتجزين في السجون الاسرائيلية.

وقال "المفاوضات ليست حراما.. ولكن الجريمة السياسية هي عندما نجلس مع الاسرائيليين ونخرج بابتسامات عريضة ونقول للفلسطينيين ان هناك تقدما والحقيقة غير ذلك."

وترفض اسرائيل والولايات المتحدة على الدوام اجراء اي حوار مع حماس. ونفذت الحركة نحو 60 عملية انتحارية منذ بدء الانتفاضة الثانية في عام 2000. ويدعو ميثاق حماس لتدمير اسرائيل.

وعلق مسؤول اسرائيلي كبير على تصريحات الزهار قائلا "اذا اوقفوا الارهاب وألغوا ميثاقهم.. فسننظر في الامر.. وقبل ذلك ليست هناك فائدة من الحديث بشأن (اجراء مفاوضات)."

وفي واشنطن قالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس للصحفيين ردا على سؤال عما اذا كانت الولايات المتحدة يمكن ان تعمل مع حماس ان هناك صعوبات لان الجماعة لا تعترف باسرائيل ولم تنبذ العنف.

واضافت "فضلا عن ان الولايات المتحدة لن تغير سياساتها تجاه حماس فالمشكلة العملية هن ان القيادة الفلسطينية (الحالية) ملتزمة بموجب خارطة الطريق بنبذ العنف وبتفكيك المنظمات الارهابية وبطريق السلام." .

وفي لندن قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مؤتمره الصحفي الشهري انه سيكون من الصعب على الغرب أن يتفاوض او يتحدث مع حماس "اذا لم يكن هناك نبذ واضح للغاية للارهاب."

وقالت بنيتو فيريرو فالندر مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي في بروكسل ان الاتحاد لن يستبعد التعاون مع حكومة فلسطينية تشارك فيها حماس بشرط ان تسعى "الى السلام بالوسائل السلمية" مع اسرائيل.

وقالت ردا على سؤال عما اذا كان موقفها يمكن اعتباره اعترافا بحماس بحكم الامر الواقع "لسنا كذلك اطلاقا."

واضافت في تصريحات لرويترز "حماس مدرجة على قائمة الارهاب... من المهم جدا ألا نتدخل في الانتخابات وان نتمسك ايضا بمجموعة مباديء. لا أعتقد أن الامر يتعلق بالاحزاب. انه يتعلق بالمباديء."

وفي سابقة تهدف فيما يبدو لتحسين صورتها على الساحة الدولية أغفلت حماس في كتيبها الانتخابي الاشارة الى تدمير اسرائيل.

وحذر بعض المسؤولين الاسرائيليين من ان تحقيق حماس نصرا في الانتخابات قد يؤذن بانتهاء عملية السلام في الشرق الاوسط.

وعبر عامير بيريتس رئيس حزب العمل عن ذلك الموقف قبل انتخابات 28 من مارس اذار في اسرائيل اذ أعلن تأييده "للانفصال" عن الفلسطينيين اذا نما نفوذ حماس وتبين تعذر عملية صنع السلام.

وقال في كملة القاها في ندوة عن السياسة قرب تل ابيب "هذا الانفصال سيمكن اسرائيل من الانطواء على نفسها والتخلي عن كثير من من المستوطنات المعزولة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) مع الاحتفاظ بالتكتلات الكبيرة."

وقالت مصادر دبلوماسية امريكية ان نجاح حماس في تحقيق فوز كبير قد يدفع الولايات المتحدة الى تقليص اتصالاتها بالسلطة الفلسطينية وربما تجمد المساعدات المالية المباشرة.

وتشير معظم استطلاعات الرأي الى ان حماس متأخرة عن فتح ولكن هامش الفرق قد تضاءل.

وحصلت حماس على شعبية بين الفلسطينيين ليس لمجرد شنها هجمات على اسرائيل وحسب بل وايضا بسبب شبكة الاعمال الخيرية التي أقامتها وصورتها الخالية من الفساد.

وتراجعت قوة فتح منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004 بسبب الصراع بين الحرس القديم والجيل الشاب الذي يسعى لمزيد من النفوذ.

وقال مسؤول بارز في وزارة الخارجية ان الولايات المتحدة لن تتعامل مباشرة مع اعضاء من حماس في اي حكومة جديدة. واضاف "موقفنا بسيط وواضح.. لكي يكونوا طرفا فعالا من اجل السلام فعلى الفلسطينيين ان يقبلوا فكرة دولة اسرائيل وينبذوا العنف. وهذا هو الموقف الحالي للحكومة الفلسطينية."

واضاف "اننا لن نقبل الارهاب علي اي اساس كان."

وردا على سؤال مباشر عما اذا كانت الولايات المتحدة ستعترف بحكومة فلسطينية جديدة تضم عددا كبيرا من اعضاء حماس قال "لنر ما سيحدث اولا."

وقالت مسؤولة كبيرة ان الاتحاد الاوروبي لا يستبعد العمل مع حكومة فلسطينية تضم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بعد الانتخابات التي ستجرى يوم الاربعاء بشرط أن تعمل من أجل السلام مع اسرائيل.

وردا على سؤال ان كانت بروكسل ستواصل تمويل السلطة الفلسطينية اذا ضمت اعضاء من حماس قالت بينيتا فيرارو فالدنر مفوضة العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي "نحن مستعدون مبدئيا للعمل مع اي حكومة للفلسطينيين تسعى للسلام بالوسائل السلمية."

وابلغت فيرارو فالدنر رويترز في مقابلة ان الاتحاد سيتعاون فقط مع حكومة تحترم مباديء حكم القانون والديمقراطية وحقوق الانسان وتلتزم بعملية السلام في الشرق الاوسط بين اسرائيل والفلسطينيين.

وسيواجه الاتحاد الاوروبي معضلة اذا حققت حماس المدرجة على قائمة المنظمات الارهابية نتيجة طيبة في الانتخابات. وتدعو الحركة رسميا الى تدمير الدولة اليهودية.

والاتحاد الاوروبي الذي يعد أكبر مانح معونات للفلسطينيين عضو في لجنة الوساطة الرباعية التي تسعى لتحقيق السلام في الشرق الاوسط الى جانب الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا الامر الذي يجعل الاتصال بالحكومة الجديدة أمرا حيويا.

واذا حققت حماس نتيجة طيبة فانها قد تطالب بتولي حقائب وزارية. وتتوقع فيرارو فالدنر حصول حماس على ما بين 30 و 40 في المئة من الاصوات.

وسوف يجبر ذلك الاوروبيين على التوصل لصيغة تتيح لهم مواصلة العلاقات مع السلطة الفلسطينية مع تجنب الاتصال مع جماعة ارهابية محظورة أدرجت على القائمة السوداء بعد سلسلة من التفجيرات الانتحارية وهجمات الصواريخ على اسرائيل.

واحترمت حماس الى حد كبير وقفا غير رسمي لاطلاق النار دعا اليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس العام الماضي. وردا على سؤال عما اذا كان موقفها يمكن أن يفسر على أنه يعطي حماس اعترافا بحكم الامر الواقع قالت فيرارو فالدنر "لسنا كذلك اطلاقا."

وأضافت "حماس مدرجة على قائمة الارهاب...من المهم جدا ألا نتدخل في الانتخابات وان نتمسك ايضا بمجموعة مباديء. لا أعتقد أن الامر يتعلق بالاحزاب انه يتعلق بالمباديء."

وردا على سؤال ان كانت مشاركة حماس في الحكومة يمكن أن تضع الاتحاد الاوروبي في موقف صعب قالت فيرارو فالدنر "سيكون وضعا جديدا اذا حدث ... ولكن اذا كانت حكومة كهذه تنتهك بشكل كامل اتفاقاتنا ... فعندئذ سيتعين علينا بالتأكيد اعادة النظر في موقفنا."

وشدد السفير الاسرائيلي لدى الاتحاد الاوروبي على أن الاتحاد يجب الا تكون له صلة بحماس حتى لو انضمت الى الحكومة.

وابلغ عوديد ايران رويترز في مقابلة عبر الهاتف "نتوقع أن يواصل الاتحاد الاوروبي سياساته التي عبر عنها بطريقتين مختلفتين."

وقال "الاولى بادراج حماس على قائمة (المنظمات) الارهابية. والثانية من خلال البيانات المختلفة التي أصدرها مجلس (وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي) التي تعكس وجهة النظر القائلة بوجود تناقض بين الديمقراطية والجماعات المسلحة."

واضاف "الامر في غاية الوضوح .. ينبغي الا يكون هناك أي اتصال بين الاتحاد الاوروبي وحماس."

وجمدت المفوضية المساعدات المباشرة للسلطة الفلسطينية بعد نزاع على طريقة دفع الرواتب الحكومية ولكن فيرارو فالدنر قالت ان هذه قضية منفصلة.

وقالت ان الرواتب تدفع من صندوق يشرف عليه البنك الدولي وتشارك فيه المفوضية والدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي ولا يوجد أي طرف من هذه الاطراف يشعر بالرضى تجاه الطريقة التي يستخدم بها الصندوق.

من جهتها قالت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني يوم الاثنين ان قبول المجتمع الدولي لحق اسرائيل في الوجود كدولة يهودية سوف يتآكل بمرور الوقت مع تطاول النزاع مع الفلسطينيين.

وقالت ليفني في خطاب انه مالم يحدث تقدم تجاه اقامة دولة فلسطينية كما تنص خطة خارطة الطريق التي تساندها الولايات المتحدة فان الضغوط سوف تزداد من اجل تحويل اسرائيل الى دولة مزدوجة القومية يتقاسم فيها الاسرائيليون والفلسطينيون السلطة.

وقالت انه مع ارتفاع معدل المواليد الفلسطينيين فان هذا سيعني نهاية الاغلبية اليهودية فيما هو دولة اسرائيل الان مؤيدة بذلك الجدل الذي اثاره رئيس الوزراء المؤقت ايهود اولمرت من اجل مبادلة الارض المحتلة بالسلام.

وقالت ليفني امام منتدى لصناع السياسة قرب تل ابيب "انني اقول ان الزمن لا يعمل لصالحنا ليس فقط من وجهة النظر التي تطرحها الارقام السكانية وانما ايضا من وجهة النظر الخاصة بشرعية وجود دولة للشعب اليهودي في نظر المجتمع الدولي."

ولم تصل ليفني في خطابها الى درجة الحث على استئناف سريع لمحادثات السلام المتعثرة لكنها قالت ان اسرائيل ينبغي "ألا تجلس وتنظر الى الجمود كنوع من الحل ولكن أن تحاول ايجاد حلول."

وتعتبر ليفني المسؤولة السابقة في جهاز مخابرات الموساد على نطاق واسع في اسرائيل كنجم سياسي صاعد. وهي الان الشخصية الثانية بعد اولمرت في حزب كديما وهو حزب الوسط الذي اسسه ارييل شارون الذي اصبح عاجزا بسبب جلطة بالمخ في الرابع من يناير كانون الثاني.

شبكة النبأ المعلوماتية -اربعاء 25  /كانون الثاني/2006 - 24/ذي الحجة/1426