فيلم فلسطيني عن الهجمات الانتحارية يفوز بجائزة الكرة الذهبية

فاز فيلم المخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد (الجنة الان) "Paradise Now," الذي يدور عن مهاجمين انتحاريين ينفذون هجماتهم داخل اسرائيل بجائزة الكرة الذهبية لاحسن فيلم اجنبي لهذا العام.

لم يكن ابو اسعد الذي يعمل في هولندا ويبحث الان عن منزل في تلال هوليوود يتوقع الفوز بل توقع ان يخسر مثلما خسر فيلمه الكوميدي عن فنون الحرب (خدعة الكونج فو) "Kung Fu Hustle" في سباق اخر على جوائز السينما التي يمنحها النقاد الاعلاميون.

وقال انه تصور ان عددا كبيرا من الناس اما لم يشاهدوا فيلمه أصلا او انهم سيعتبرونه مثيرا للجدل. ويندر عرض افلام فلسطينية في الولايات المتحدة ناهيك عن تلك التي تحاول شرح قضايا سياسية يائسة.

وفي الكلمة التي القاها لدى تسلمه الجائزة دعا ابو اسعد لقيام دولة فلسطينية قائلا انه يعتبر فوزه بجائزة الكرة الذهبية بمثابة "اعتراف بحق الفلسطينيين غير المشروط في الحرية والمساواة."

وتمنح رابطة الصحفيين الاجانب في هوليوود جوائز الكرة الذهبية سنويا. وتعتبر مؤشرا لجوائز الاوسكار وهي اهم الجوائز السينمائية وتمنحها اكاديمية العلوم والفنون السينمائية الامريكية.

وحقق فيلم (الجنة الان) بفوزه بجائزة الكرة الذهبية لاحسن فيلم أجنبي دفعة في سباقه على الاوسكار في الخامس من مارس اذار المقبل. ونقطة الاختبار التالية هي ان يرشح يوم 31 يناير كانون الثاني الحالي من بين خمسة افلام اجنبية مرشحة للفوز بالاوسكار. ولم يرشح قط لهذه الجائزة فيلم فلسطيني.

وقال ابو اسعد للصحفيين في كواليس المسرح بعد الاعلان عن جوائز الكرة الذهبية "دهشت لفوزنا لكني لا اعتقد ان فيلمي مثير للجدل. هو يكشف فقط عن شيء من جانب مختلف كلنا قلقون بشأنه."

ويؤكد ابو اسعد انه لا ينحاز في الفيلم لاي جانب لكنه حاول ان يفسر لماذا يصبح اثنان بسطاء يعملان في ورشة لاصلاح السيارات مستعدين لقتل نفسيهما وقتل اخرين. ويقدم فيلمه وجهات نظر كل جانب في القضية.

ويضيف "انه عمل سينمائي. السينما تعرض عليك وجهات نظر مختلفة."

كلفه صناعة هذا الفيلم ان يعيش تجربة التعرض لهجوم صاروخي اسرائيلي وتلقي تهديدات من متشددين.

وصور الفيلم في مدينة نابلس بالضفة الغربية واختطف مدير موقع التصوير لفترة قصيرة من جانب فصائل متناحرة خشيت ان يجيء الفيلم منتقدا لها. وينتظر ابو اسعد الان ليرى ما اذا كان هناك من يصغي له وهو يشرح حقيقة جديدة في الحياة المعاصرة.

ويقول المخرج الفلسطيني ان فيلم (الجنة الان) يريد ان يشرح للمشاهد التركيبة العقلية التي تتمخض عن افعال مثل التفجيرات الانتحارية لان الفهم هو خطوة أولى على الطريق.

يصور مشهد من مشاهد فيلمه متجرا لبيع افلام الفيديو في الضفة الغربية لا يختلف كثيرا عن متاجر مماثلة في الولايات المتحدة واوروبا باستثناء ان كل اشرطة الفيديو التي يبيعها هي لمفجرين انتحاريين يشرحون دافعهم ويدعون اخرين لان يسلكوا نفس المصير.

وتلقى اشرطة الفيديو هذه شعبية ورواجا يماثل الاقبال على جمع صور لاعبي البيسبول في الولايات المتحدة.

ويعتقد ابو اسعد ان الشعور بالعجز هو الذي يذكي التفجيرات. وتبرز حوارات شخصياته هذا المعنى وهم يعيشون تفاصيل حياتهم اليومية في الاراضي التي تحتلها اسرائيل والتي يصورها الفيلم كسجن محكم الاغلاق لا يتنفس من فيه هواء كافيا.

تتكرر في الفيلم عبارات منها "نحن موتى بالفعل تحت الاحتلال...في هذه الحياة نحن موتى على كل حال...اذا لم نكن بوسعنا ان نعيش سواسية على الاقل يمكن ان نموت سواسية."

ويقول مخرج الفيلم "الشعور بالعجز قوي لدرجة انهم يقتلون انفسهم والاخرين ليقولوا (لسنا عاجزين) انه موقف معقد للغاية لكن المعنى الكلي هو ان الموقف غير عادل."

ويرى ابو اسعد ان فيلمه لا يفرض وجهة نظر واحدة بل على العكس يحاول ان يتعرض "لشيء غير مرئي وهذا ما لم يحدث من قبل."

وقال خبراء في توزيع الافلام يوم الجمعة انه من غير المرجح ان يحظى فيلم نال اشادة عالمية ويتناول دوافع المهاجمين الانتحاريين الفلسطينيين بمشاهدة واسعة النطاق في اسرائيل بعد ان تجنبت دور العرض السينمائية الكبرى عرضه.

وفاز فيلم (الجنة الان) الذي يصور قصة رجلين من الضفة الغربية المحتلة تم تجنيدهما ليفجرا نفسيهما في تل ابيب بجائزة الكرة الذهبية لاحسن فيلم اجنبي هذا العام في مهرجان الكرة الذهبية (جولدن جلوب) خلال الاسبوع الماضي وهو ما يتيح له فرصة المنافسة على الجوائز التي تمنحها اكاديمية العلوم والفنون السينمائية الامريكية.

ورغم ان احد منتجي الفيلم هو عامير هاريل الاسرائيلي الجنسية كما ان جانبا من التمويل جاء عبر اعتماد مالي مخصص للفنون من الحكومة الاسرائيلية فان عرض فيلم (الجنة الان) في الدولة اليهودية محدود في نطاق دور عرض البيوت الفنية المستقلة.

والقى هاريل باللائمة على الانتقادات الحادة التي تعرض لها الفيلم حتى قبل اشهر من انتهاء العمل فيه من جانب الاسرائيليين الذين عانوا من الهجمات خلال الانتفاضة الفلسطينية على مدى خمس سنوات.

وقال هاريل "يبدو ان الموزعين اجروا حسابات بسيطة وقرروا انهم في غير حاجة لاثارة مظاهرات سياسية خارج دور العرض الخاصة بهم."

ورغم ان لغة الفيلم هي العربية في معظمه فهذا لا يبدو انه يمثل عائقا امام عرضه في دور السينما الاسرائيلية المعتادة على الافلام الاجنبية.

واوضحت شيريت جال وهي خبيرة علاقات عامة تعمل مع اكبر ثمانية موزعين سينمائيين في اسرائيل ان فيلمي (العروس السورية) و(العطش) لقيا اقبالا طيبا في دور العرض رغم ان الحوار كان باللغة العربية.

وقالت "قام الموزعون في حالة فيلم (الجنة الان) بحساب التكلفة والربح واستنتجوا ان الامر لن يجلب لهم ربحا."

وكان للفيلم صدى طيب واسع النطاق عند الفلسطينيين رغم ان مشكلة التوزيع لديهم مختلفة اذ لا توجد لديهم سوى دار عرض واحدة صالحة في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

ويظهر الفيلم الفلسطينيين وهم يعانون خلال كدهم في الحياة تحت وطاة الاحتلال الاسرائيلي لكن شخصيات الفيلم تناقش ايضا ان كان هذا يسوغ اللجوء الى العنف.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 23 /كانون الثاني/2006 - 22/ذي الحجة/1426