حماس تغير اولوياتها.. هل تكون الانتخابات الفلسطينية طريقا للعمل السلمي؟

قد يكون مستغربا ان يفوز المرشح الفلسطيني حسام الطويل بتأييد حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية التي تجري الاسبوع القادم.. لانه مسيحي.

لكن الطويل حرص خلال جولته الانتخابية في مدينة غزة وهي معقل تقليدي للاسلاميين ان يبدد هذه الدهشة ويؤكد انه لا غرابة في ان يعمل مع حماس يدا بيد لالحاق الهزيمة بحركة فتح الحاكمة التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وقال الطويل الذي يخوض الانتخابات رسميا كمستقل ان الانتخابات ستشهد مولد حقبة يقول فيها الفلسطينيون وداعا لعشر سنوات من الفشل ويستقبلون سنوات الحصاد.

ويشكل المسيحيون اقلية صغيرة وسط 3.8 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويظهر تحالف الطويل مع حماس التأييد المتنامي الذي تلقاه الحركة من جانب فلسطينيين يحترمونها بسبب الانشطة الخيرية التي تنظمها ويرون فيها قوة لمحاربة الفوضى الداخلية والفساد.

لكنه قد يظهر ايضا تغيرا في اولويات حماس ويثير تساؤلات عما اذا كانت الحركة التي اشتهرت بهجماتها الانتحارية وتوعدها بتدمير اسرائيل قادرة على تحقيق تحول نحو التيار السياسي الرئيسي.

وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس ان الحركة قادرة على تحقيق اصلاحات حقيقة للشعب لا مجرد شعارات.

ورفضت حماس التي يدمغها الغرب بانها منظمة ارهابية ان تخوض الانتخابات الفلسطينية التي اجريت عام 1996 لرفضها اتفاقات السلام المؤقتة مع اسرائيل. لكن بعد خمسة اعوام من الانتفاضة تقول حماس ان هذه الاتفاقات قضي عليها.

وتنامت القوة السياسية لحماس خلال سنوات الانتفاضة في الوقت الذي ضعفت فيه فتح بسبب الانقسامات الداخلية واتهامات بالفساد وسوء الادارة. كما أكسبتها شبكة الخدمات الخيرية التي تقدمها مزيدا من التأييد.

وأظهرت استطلاعات الرأي ان حماس ستحصل على تأييد 30 في المئة مقابل 40 في المئة لفتح. واكتسحت حماس انتخابات المجالس البلدية في الضفة الغربية.

وبذلت حماس جهدا لتظهر بصورة أقل تشددا ورغم ان زعماءها يكررون ان هدف الحركة مازال تدمير الدولة اليهودية الا هذا الالتزام لم يظهر في اي منشور انتخابي.

كما اظهرت حماس أكثر من اي فصيل اخر احتراما لاتفاق هدنة يلقى تأييدا على نطاق واسع ابرم اوائل عام 2005 .

ولمح بعض الزعماء الى ان حماس قد تجري يوما محادثات مع اسرائيل اذا انسحبت من الضفة الغربية والقدس الشرقية العربية بعد انسحابها العام الماضي من غزة. وهذه هي الاراضي التي تقول ايضا فتح انها ستتفاوض بشأن الانسحاب منها لاقامة الدولة الفلسطينية.

ويدور جدل داخل حماس حول المدى الذي يجب ان يذهب اليه التغيير وان كان هذا النقاش لا يجري في العلن مثلما يحدث في فتح.

ويثير تحقيق حماس لنتائج طيبة في الانتخابات قلق اسرائيل وسيحيط بلا شك اي امل في عملية السلام بشكوك عميقة. وتعارض اسرائيل مشاركة حماس في الانتخابات وتقول انه كان على عباس ان يحل الحركة وينزع سلاحها.

وقال دافيد بيكر وهو مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي "حماس منظمة ارهابية ولا مؤشرات لدينا على ان حماس لديها اي نية لاسقاط مطالبتها بتدمير اسرائيل."

ولمحت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى ان فوز حماس قد يعني قطعا لمساعدات حيوية وان كانت حماس تحاول كسبهما الى جابنها بان تنأى بنفسها عن جماعات اسلامية متشددة في اماكن اخرى من العالم.

وقال ابو زهري ان حماس لديها الرغبة وتريد بناء علاقات مع الغرب.

والسؤال المهم بعد الانتخابات هو ما اذا كانت حماس ستتحرك لنزع سلاح نشطائها وهي خطوة تقول بها خارطة الطريق التي تؤيدها الولايات المتحدة وتدعو لاقامة دولة فلسطينية الى جوار اسرائيل امنة.

ويأمل عباس انه بعد دخول حماس الى المجلس التشريعي يستطيع اقناعها بنزع السلاح لانه لا يمكن ان تبقى قوة سياسية وحركة مسلحة في ذات الوقت.

لكن حماس رفضت مرارا اي توقعات بانها ستلقي السلاح.

وقال هاني حبيب المحلل الفلسطيني ان حماس ستتحول الى حزب سياسي دون ان تتخلى عن المقاومة المسلحة وان اللجوء الى استخدام القوة سيظل احد الخيارات المطروحة لممارسة الضغوط فقط.

وأعرب المسؤولون الاسرائيليون عن مخاوفهم من تنامي شعبية حركة المقاومة الاسلامية حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 25 كانون الثاني/يناير في حين يبدي الراي العام الاسرائيلي لامبالاة حيالها.

وكان رئيس جهاز الشين بيت جهاز الامن الاسرائيلي يوفال ديسكين نبه في بداية كانون الثاني/يناير الى "صعوبات كثيرة" ستواجهها اسرائيل في حال فوز حماس بنسبة كبيرة او مهمة من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني.

وكررت وزيرة الخارجية تسيبي لفني هذا الاسبوع القول بانها تاسف "لتساهل الاسرة الدولية ازاء مشاركة منظمات ارهابية مثل حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية.

وعملت الحكومة الاسرائيلية على منع مشاركة حماس في الانتخابات لكونها تدعو الى تدمير اسرائيل ولم تتراجع عن تنفيذ عمليات عسكرية ضدها.

ولكن لا الحملة الدولية التي نظمت لهذا الغرض ولا التهديد بعرقلة الانتخابات نجحا في منع مشاركة حماس وانتهت السلطات الاسرائيلية بعد تردد الى الموافقة على السماح لفلسطينيي القدس الشرقية المحتلة بالمشاركة في الانتخابات مع منع حركة حماس من خوض حملتها فيها.

ويقول المحلل السياسي مارك هيلر ان الحملة الاسرائيلية "لم تفشل فقط بسبب ضغوطات الاسرة الدولية الراغبة في تنظيم الانتخابات وانما لان اسرائيل نفسها كانت مترددة ومنقسمة حيال هذه المسألة".

ويضيف الباحث في مركز جافي للدارسات الاستراتيجية في جامعة تل ابيب "بالطبع حماس هي العدو اللدود لاسرائيل التي وجهت للحركة ضربات مؤلمة خلال السنوات الاخيرة وكانت عازمة على منعها من الحصول على موقع متقدم في الانتخابات".

لكن يتابع الباحث "عدا عن رد الفعل البديهي هذا ايقنت القيادة السياسية انها غير قادرة على التاثير على نتيجة الانتخابات وانه على العكس من ذلك فان اي محاولة للتدخل ضد حماس من شانها ان تسهم في زيادة شعبيتها بين الفلسطينيين".

ويرى الباحث شاول ميشال من جانبه ان "هناك مخاوف حقيقية بين المسؤولين من ان يقوى نفوذ حماس كما حدث مع حزب الله اللبناني الذي يشكل حزبا سياسيا وميليشيا مسلحة".

ويضيف المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في جامعة تل ابيب "ان اي نجاح سياسي تحققه حماس يشكل في الواقع وسيلة اكيدة لتأجيل التوصل الى اتفاق سلام نهائي بين اسرائيل والفلسطينيين لان حماس لن تتراجع عن المطالبة باستعادة الارض". لكن هذا لا يمنع من التوصل الى اتفاقات مرحلية مع حماس اكثر براغماتية وهذا يتفق تماما مع رؤية بعض المسؤولين الاسرائيليين".

وقبل شهرين من الانتخابات الاسرائيلية يبدو الراي العام الاسرائيلي غير مبال ازاء هذه المخاوف والحسابات. وتقول الباحثة الاجتماعية تمار هرمان ان "ما يهم القسم الاكبر من اليهود الاسرائيليين هو الانفصال عن الفلسطينيين بافضل الشروط. استطلاعات الراي التي اجريناها تبين ان الاسرائيليين لم يهتموا بالانتخابات الفلسطينية الاولى التي نظمت سنة 1996 ويبدون اهتماما اقل بالانتخابات الحالية".

وتضيف مديرة مركز شتاينمتز للسلام في جامعة تل ابيب ان "الاسرائيليين الذين فقدوا الامل في التوصل الى اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية وما عادوا يؤمنون بقدرتها على وقف العنف لا يأبهون ان تقدمت حماس على حساب السلطة".

ويفيد استطلاع اجري خلال الفترة الماضية ان نصف الاسرائيليين يؤيدون اجراء مفاوضات مع حماس ان كان يمكن ان تفضي الى حل.

ولينت حماس التي تشارك في الانتخابات التشريعية لاول مرة من خطابها المعلن الموجه الى الخارج لكنها ابقت على مواقفها المتشددة في خطابها الموجه الى الداخل.

واعتمدت الحركة لغة مزدوجة في ما يتعلق بالتفاوض مع اسرائيل. ففي حين استبعده رئيس قائمة الحركة الى الانتخابات اسماعيل هنية اعلن المرشح الثاني على القائمة محمد ابو طير استعداده لذلك.

  وتشكل حماس تحديا قويا لحركة فتح الفلسطينية الحاكمة في الانتخابات البرلمانية المزمع اجراؤها في 25 يناير كانون الثاني.

فيما يلي بعض الحقائق عن حماس..

- اسم حماس هو اختصار لحركة المقاومة الاسلامية.

- ظهرت خلال الانتفاضة الفلسطينية الاولى في عام 1987 وتبنت رسميا مبدأ القضاء على إسرائيل واقامة دولة اسلامية في مكانها.

- قادت العمليات الانتحارية ضد اسرائيل ونفذت 60 من هذه الهجمات منذ بدء الانتفاضة الثانية عام 2000.

- احترمت حماس اكثر من غيرها من الفصائل اتفاق التهدئة المبرم في مطلع العام الماضي.

- اكتسبت حماس شعبية متزايدة بين الفلسطينيين حيث تعتبر نزيهة من الفساد. ولديها شبكة من الجمعيات الخيرية.

- لم تخض حماس انتخابات عام 1996 التشريعية لانها عارضت اتفاقات السلام المؤقتة مع اسرائيل. ولكنها تقول الان ان هذه الاتفاقات لم تعد قائمة.

- تظهر استطلاعات الرأي ان حماس تحظى بتأييد 30 في المئة من الناس. وتعززت شعبيتها بسبب الانقسامات في حركة فتح. واكتسحت في الاونة الاخيرة الانتخابات البلدية.

- تصنف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حماس على أنها منظمة ارهابية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 20/كانون الثاني/2006 - 19/ذي الحجة/1426