المسلمون أدوا آخر شعائر الحج..

قُتل 345 حاجا مُسلما على الأقل دهسا يوم الخميس خلال شعيرة رمي الجمرات في آخر أيام الحج في أسوأ كارثة تشوب المناسك المقدسة منذ أكثر من عقد.

وقال مسؤولون ان الحجاج سُحقوا تحت الأقدام عند المدخل الشرقي لجسر الجمرات حينما تدافعوا لرمي الجمرات عقب الظهر في منى.

وقال وزير الصحة السعودي حمد بن عبد الله المانع "نتج عن حادث التدافع الشديد بين الحجاج عند مدخل جسر الجمرات بمنى..وفاة 345 حاجا حتى الآن فيما بلغت الإصابات 289 حالة" مضيفا أن معظمهم خرج من المستشفى بعد تلقي العلاج.

وقال أحد الحجاج "كان (المكان) أشبه بطريق الموت هناك." ووصف الرجل كيف فقدت النساء وعيهن وكيف تدافع الناس للاقتراب من منطقة رمي الجمرات.

ويؤدي نحو 2.5 مليون مسلم الحج هذا العام. وعدد القتلى في هذه الكارثة هو الأسوأ منذ سقوط 1426 قتيلا في تدافع في نفق بمكة في عام 1990.

وقال مسؤولون ان التدافع زاد عندما تعثر كثير من الحجاج أثناء محاولتهم التقاط أمتعتهم وسط الحشود الهائلة.

وامتلأت منطقة الجمرات بالجثث المغطاة بملاءات فيما انهمك المسعفون في تقديم الرعاية الطبية للمصابين على المحفات. ونقلت الجثث في سيارات اسعاف وشاحنات مزودة بثلاجات.

وقال عمرو جاد وهو مصري "كان المتوفون يحاولون الصعود على الجسر لرمي الجمرات لكن حشدا من الناس أقبل من الجهة الأخرى للنزول من على الجسر. وعندها لقي الناس حتفهم."

وهذه هي ثاني مأساة تحدث خلال موسم الحج هذا العام. ففي الاسبوع الماضي قتل 76 شخصا عندما انهار فندق بشارع ضيق في مكة.

وأقامت قوات الامن السعودية طوقا أمنيا مشددا حول جسر الجمرات للسيطرة على الحشود فيما تدافع كثير من الحجاج لرمي الجمار.

وألقى ولي العهد السعودي اللوم في الكارثة على الحجاج الذين أصروا على حمل أمتعتهم الثقيلة خلال شعيرة رمي الجمرات متجاهلين تحذيرات المسؤولين.

غير انه دافع عن تنظيم المملكة للحج قائلا ان الدولة لا يمكنها ان تمنع ارادة الله ومن المستحيل الاعتقاد بان احدا من البشر يمكنه منع ارداة الله.

وقالت وزارة الداخلية في بيان نشرته وكالة الانباء السعودية الرسمية "نتيجة لسقوط حجم كبير من الأمتعة المنقولة مع الحجاج واصرار أعداد كبيرة منهم على التحقق من حلول موعد الزوال قبل الشروع في الرجم وعلى التعجل في رمي الجمرات حدث تعثر وتدافع للحجاج عند مدخل جسر الجمرات الشرقي مما نتج عنه وفاة وإصابة عدد من الحجاج."

وقال فواز زهراني وهو سعودي "كان هناك تزاحم وتدافع بالطبع. انه لأمر محزن أن نسمع عن الناس الذين توفوا."

وعكرت حوادث التدافع صفو مواسم الحج السابقة. ففي عام 2004 لقي 250 حاجا حتفهم دهسا عند جسر الجمرات. وقبل عشرة أعوام تقريبا سقط 270 قتلى في تدافع مماثل.

وأجرت السعودية تجديدات وتوسعات على منطقة رمي الجمرات وطبقت إجراءات أمنية غير مسبوقة شملت نشر 60 الف من أفراد الأمن للسيطرة على الحشود الهائلة ودرء هجمات محتملة قد يشنها متشددون اسلاميون.

وبعد موسم هذا العام ستجرى الاستعاضة عن الجسر القديم بجسر مركب يشمل مداخل ومخارج مؤلفة من أربعة مستويات ونفقا الى جدران الرجم الثلاثة. وتقدر تكلفة هذه التعديلات بنحو 4.2 مليار ريال (1.12 مليار دولار).

وقال شاهد عيان مصري لوكالة فرانس برس "نزلنا لرمي الجمرات وشاهدت تدافعا كبيرا وسقوط عشرات الحجاج تحت اقدام الاف الحجاج الآخرين فتراجعت".

وبثت قناة "العربية" التي تتخذ من دبي مقرا لها مشاهد لعشرات الجثث الممددة والمغطاة في منى. وفي المستشفى يتلقى عدد من المصابين العلاج بينما يبكي آخرون اقرباء فقدوهم.

واكد الحاج المصري قطب المتولي مصري (59 عاما) الذي قدم لاداء مناسك الحج مع زوجته وابنته وزوجها انه كان في طريقه معهم لرمي الجمرات عندما وقعت الحادثة وقد بدت اثار الدهس على وجهه وثيابه.

وقال الحاج المصري باكيا وحاملا رداءه المضرج بالدماء في يده "لقد قتلت زوجتي وهي ملقاة علي وهذه دماؤها". واضاف "لقد راينا الامتعة مكدسة على طرف الجسر وبدا الناس يقعون على بعضهم وسادت فوضى وصراخ".

ومن جهته قال الحاج مغربي الهندوز الطيب (68 عاما) انه يبحث عن زوجته وبدت على وجهه وجسمه اثار الجروح وكانت ثيابه مضرجة بالدماء ولم يتمكن من الادلاء باي كلام آخر.

الى ذلك افادت شاهدة فلسطينية انها "لما وصلت الى الجسر توقف سير الحجاج وشوهد الناس وهم يبدأون بالوقوع على بعضهم البعض". وافادت الشاهدة ان جرافات ارسلت الى طرف الجسر لازاحة الامتعة لاعادة فتح الجسر.

وقالت أم سعد (سعودية) "هذه أول حجة لي وكنت في البداية خائفة من الحشود.. ثم تركت الايمان يتغلب على خوفي.. وكل شيء كان على ما يرام.. لقد كان حجا طيبا."

ولقي 250 حاجا حتفهم سحقا في عام 2004 عند جسر الجمرات بمنى.

وقالت مها (سعودية) "انا فخورة لانني رميت الجمرات بنفسي.. ما زلت شابة وقوية."

وتكلف كثير من النساء رجالا ليلقوا الجمرات نيابة عنهن.

وقال مرهف الفين (21 عاما) من سوريا "كنت خائفا قليلا من فكرة وجود هذا العدد الهائل من الناس في مكان ضيق وكلهم يريدون الرجم سريعا والمغادرة خاصة أن والدتي معي."

وأقامت ايمان عدنان (43 عاما) وهي من سوريا أيضا خيمة مؤقتة في الطريق في تحد لحظر على افتراش الطرق. وقالت ايمان "الطقس حار جدا والزحام شديد لذا أفضل الانتظار الى ما قبل المغيب. ولكن يتعين توفير مزيد من مياه الشرب ودورات المياه وأماكن للخيام هنا."

وشكا كثير من الحجاج من افتراش بعضهم الارض. وقال الفلسطيني أحمد عبدا "الحشود كانت تحت السيطرة ولكن الصعوبة تكمن فيمن يفترشون الارض اضافة الى منافذ بيع الطعام."

وأنفقت المملكة العربية السعودية 25 مليون ريال (6.7 مليون دولار) على شراء عقار تاميفلو الذي يمكن ان يحد من شدة المرض اذا ما أخذ خلال أيام من ظهور الاعراض.

وقال حامد طه (31 عاما) من تشاد "في باديء الامر كنت خائفا من وقوع تدافع خلال الرجم أو من انتشار انفلونزا الطيور ولكني أخذت احتياطاتي."

وقالت سهيلة سعد الدين (65 عاما) من لبنان وهي تجمع جمراتها "اشعر أني اديت الركن الاكبر من الحج. الحمد لله."

وقالت ثريا (38 عاما) من اندونيسيا "لا اخشى من انفلونزا الطيور هنا ... لكني أخشى منه في بلدي." وأضافت "هناك احتمال أن ينقله أحد الى هنا لكن الله هو الحافظ."

ولا ينتقل الفيروس الى الانسان الا عن طريق التعامل عن قرب مع الطيور المصابة.

وقال العديد من الحجاج انهم يصلون لنصرة المسلمين في الاراضي الفلسطينية وفي العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 13/كانون الثاني/2006 - 12/ذي الحجة/1426