ردود أفعال متباينة حول سقوط شارون ونهاية عصره

تفاوتت ردود الأفعال حول البلدوزر الصهيوني شارون حيث يأمل الكثير من أعداءه ان تكون نهاية للرجل الذي تسبب بالكثير من المآسي  والآلام لضحاياه.

فقد نسب إلى الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد قوله إنه يأمل في موت رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون.

ونقلت وكالة الانباء الطلابية الايرانية شبه الرسمية عن احمدي نجاد قوله لمجموعة من رجال الدين الشيعة في مدينة قم الايرانية "امل ان تكون انباء ان مجرم صبرا وشاتيلا لحق باسلافه مؤكدة."

وصبرا وشاتيلا هما مخيمان للاجئين الفلسطينيين في بيروت ارتكبت فيهما ميليشيا مسيحية موالية لاسرائيل مجزرة للفلسطينيين بعد ان دبر شارون الغزو الاسرائيلي للبنان في عام 1982.

ودأب احمدي نجاد العضو السابق بالحرس الثوري على الادلاء بتصريحات مناهضة لاسرائيل منذ توليه السلطة في اغسطس اب الماضي.

ففي اكتوبر تشرين الاول وصف اسرائيل بانها "سرطان" يجب "محوه من على الخريطة". وفي خطب لاحقة اقترح نقل اسرائيل الى اوروبا او امريكا الشمالية ووصف المحارق النازية بانها اسطورة.

وكرر تصريحاته في وقت سابق في خطاب القاه في قم وبثه التلفزيون الحكومي.

وقال "لماذا يدفع الشعب الفلسطيني ثمن جرائمكم (اوروبا). اعطوهم (اليهود) قطعة من بلادكم ودعوا الامر ينتهي. لا حاجة لعقد اجتماعات ومؤتمرات ومعاهدات سلام وغيرها.

"اذا كانت (المحارق النازية) ليست حقيقية وكذبة تاريخية كبيرة فلماذا تفرضون مثل هذا النظام الفاسد والوحشي على الشعوب في هذه المنطقة..

"بمجرد ان طرحت هذا السؤال قلتم ان احمدي نجاد من دعاة الحرب ومعادي لحقوق الانسان ولهذا يجب الا نسمح لبلاده وحكومته بالحصول على التكنولوجيا النووية.

"تأكدوا انه لا الشعب الفلسطيني وحده بل كل الشعوب الاسلامية لن تقبل هذا النظام المحتل في المنطقة لدقيقة واحدة".

وفي مسار مخالف تماما  للرئيس الايراني قال المبشر الامريكي والاذاعي المسيحي المحافظ بات روبرتسون يوم الخميس ان الجلطة التي أُصيب بها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون كانت نتاج غضب الرب على من يقسم الارض المقدسة.

وقال روبرتسون في برنامجه التلفزيوني "نادي 700" الذي يشاهده نحو مليون شخص كل يوم على شبكة الاذاعة المسيحية التي اسسها "لقد اوضح النبي يوئيل بجلاء ان الرب يخاصم من يقسم ارضي. ويعتبر الرب هذه الارض ارضه."

وقال روبرتسون "يقول الرب لاي رئيس وزراء لاسرائيل يقرر ان يقسمها ويتخلى عنها لا .. فهذه ارضي." واضاف قوله "انه كان يقسم أرض الرب وأقول الويل لكل رئيس وزراء لاسرائيل يتخذ منهجا مماثلا."

وكان شارون انسحب من كل المستوطنات الاسرائيلية من قطاع غزة المحتل منذ اربعة اشهر ووعد بالتخلي عن بعض المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وذلك كوسيلة لانهاء عقود من الصراع مع الفلسطينيين.

وقال روبرتسون وهو مرشح جمهوري سابق للرئاسة له تاريخ من التصريحات المثيرة للجدال ان شارون "انسان حلو المعشر ويحزنني ان أراه في هذه الحالة" لكنه لاحظ انه شارف على الموت.

وقال روبرتسون أقول "انه كان يقسم أرض الرب وأقول الويل لكل رئيس وزراء لاسرائيل يتخذ منهجا مماثلا لإرضاء الاتحاد الاوروبي او الامم المتحدة او الولايات المتحدة الامريكية. الرب يقول هذه الارض أرضي والافضل ان تتركها وحدك."

ويرى كثير من المستوطنين ان الضفة الغربية وعددهم 245 الفا الضفة الغربية هي ارض اسرائيل التي وعد بها الرب اليهود في الكتاب المقدس.

ولاقت تصريحات روبرتسون إدانة سريعة من خصومه السياسيين يوم الخميس. وقال رالف نياس رئيس منظمة الشعب الليبرالي من أجل الطريقة الامريكية ان روبرتسون "يخرس ألسنتنا بافتقاده الى الاحساس وغطرسته."

واضاف قوله "من المدهش ان بات روبرتسون مازال له تأثير كبير في هذا البيت الابيض وسياسات الحزب الجمهوري."

أما الفلسطينيون في رام الله فقد اختلفت مشاعرهم حول مرض شارون بين الخلاص بسبب ماضيه العسكري ضد الفلسطينيين والقلق من المستقبل وما سيأتي به خلفه.

قالت نهى راضي (37 عاما) الموظفة بطواقم الانتخابات "اختفاء شارون سيكون أحسن شيء لنا كفلسطينيين."

ويعود احتقان أغلبية الاراء الفلسطينية الى دموية تاريخ شارون العسكري فكان مدبر مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 التي دمرت مخيمين للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وقام بتشديد الاجراءات الامنية ضد الفلسطينيين خلال انتفاضة التي اندلعت قبل خمس سنوات من فرض الاغلاقات العسكرية وتنشيط عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين وانشاء الجدار الفاصل.

قالت ايناس أبو قرع (21 عاما) الموظفة في مختبر طبي "اذا مات شارون سيأتي بعده من هو أسوأ منه".

قال هيثم فؤاد (صاحب مطاعم) "وجود شارون أو غير وجوده لن يغير شيئا للمستقبل. قد قتل الفلسطينيين وسيأتي بعده من يقتل الفلسطينيين أيضا."

ويعتقد بعض الفلسطينيين أن اختفاء شارون عن الساحة السياسية لن يؤدي الى تقريب المنطقة من حالة الاستقرار.

وقالت حليمة البرغوثي (52 عاما) مديرة شركة أماني تورز "شارون قائد اسرائيلي اتخذ قرارات أساسية مثل اخلاء المستوطنات (في غزة).. نحن لا نشمت بالموت لكن نأمل أن يأتي بعده من هو أفضل".

وعبرت فصائل المقاومة الفلسطينية المعادية لشارون بسبب اجراءاته العنيفة ضد الفلسطينيين عن فرحها. فقال المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية الملقب أبو عبير ان سقوط شارون هو يوم سعيد لكل فلسطيني ومسلم. وأصدرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في غزة بيانا قالت فيه ان شارون أجرم بحق الفلسطينيين والشعوب المجاورة.

وعبر مسؤولون فلسطينيون عن أملهم بحدوث تغيرات بعد شارون باتجاه السلام والاستقرار بالمنطقة. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع "نتمنى لشارون الشفاء العاجل ومن المؤكد أن يفتقده الاسرائيليون كرئيس. لكننا كفلسطينيين نتأمل بقائد اسرائيلي يؤيد السلام."

ويرقد رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون الان في قسم العناية المركزة بمستشفى هداسا وحالته خطيرة بعد اصابته بنزيف حاد في المخ ليل الاربعاء. وقد تسلم ايهود أولمرت نائب شارون مهام رئيس الوزراء ليل الأربعاء مما يرجح اختفاء شارون عن الساحة السياسية.

ولم يرتح العرب العاديون قط لشارون الذي كرهوه منذ ان دبر الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 الذي نفذت ميليشيا مسيحية موالية لاسرائيل خلاله مجزرة للفلسطينين في مخيمين للاجئين في بيروت.

وقالت ام علي مقداد (60 عاما) التي نجت من مجزرة صبرا وشاتيلا لرويترز "طالما تمنيت ان اعيش لارى شارون ميتا. لكني تمنيت ان يقتل برصاص مجاهد لا ان يموت على فراشه."

ومن مصر والاردن شريكا اسرائيل في السلام الى سوريا العدو اللدود لها شاطر العديد من الناس العاديين ام علي المقداد رايها على الرغم من انتقال شارون من اليمين الى الوسط الاسرائيلي في السنوات الاخيرة واصداره الامر في العام الماضي بانهاء الاحتلال الاسرائيلي لغزة الذي مثل خطوة تاريخية بعد 38 عاما من الاحتلال.

ولكن الكثيرين قالوا ان مستقبل عملية السلام سيكون عاصفا في كل الاحوال بغض النظر عمن سيقود اسرائيل.

وقالت الاردنية رنا محمود (29 عاما) "كنت امل ان يتألم كثيرا قبل موته لكي يشعر بالعذاب الذي سببه للفلسطينيين."

واضافت "لكنني متأكدة ان من سيخلفه لن يكون افضل منه فعلى الارجح سيكون اسوأ منه تجاه الفلسطينين والعرب بشكل عام."

لكن المحلل السياسي السوري البارز عماد شعيبي قال ان تغيير الاشخاص في اسرائيل قد يكون مهما لكن الامر بحاجة الى مناخ دولي.

وقال "اذا كانت الولايات المتحدة غير معنية بالسلام فلو جاء المسيح نفسه لن يكون هناك تغيير."

وفي أبرز ردود الفعل المبتهجة باتجاه حياة شارون السياسية نحو النهاية قالت صحيفة الشروق التونسية اليومية المعروفة بتوجهها القومي العربي في صفحتها الاولى "الجزار في حالة احتضار".

واضافت صحيفة الشروق واسعة الانتشار "كل الصور المؤلمة القاتلة التي رافقت الاجيال العربية المتعاقبة كان شارون حاضرا فيها..هل تذكرون حصار (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات وتبول الجندي الاسرائيلي على مقر اقامته.. تذكرون محمد الدرة.. تذكرون الجثث المتعفنة في صبرا وشاتيلا والاشلاء الدامية في غزة..".

وشارون الذي دُعي العام الماضي للمشاركة في قمة للمعلوماتية بتونس ولم يأت يلقى كرها شديدا من التونسيين مثل اكثر المواطنين العرب الذين يعتبرونه من اشد الزعماء الاسرائيليين "دموية ووحشية".

ولم يذرف التونسيون دموعا على شارون لكنهم بدوا مقتنعين بان خليفته المنتظر في رئاسة الوزراء لن يغير شيئا من مشروع الدولة العبرية وان عملية السلام قد تتراجع خطوات الى الوراء.

من جهتها قالت الصحفية التونسية فاطمة عبد الله كراي "لا شماتة عندنا نحن المسلمين حتى في صورة وفاته لكن رحيل رجل ارتبط اسمه بالارهاب ولطخت يداه بدماء ابنائنا عن المشهد السياسي لن يجعلنا نذرف أي دمعة".

لكنها تعتبر ان الرئيس الامريكي جورج بوش هو الخاسر الاكبر في كل الحالات من غياب حليفه شارون عن المشهد السياسي في الشرق الاوسط.

ويقول الشاذلي القليبي الامين العام الاسبق للجامعة العربية انه "من متناقضات التاريخ ان الرجل الذي كان اشرس الصقور بدأ يفهم في اخر حياته ضرورة السلام وكأنه بدأ يتقبل الوسائل لذلك".

ولا يرى القليبي في الساحة الاسرائيلية اي شخصية قوية قادرة على صنع السلام الذي يضمن للفلسطينيين حقوقهم التي يعترف بها القانون الدولي وان الفترة المقبلة ستكون على درجة كبيرة من الغموض.

أما حركة المقاومة الاسلامية (حماس) فقد قالت في بيان ان شارون "احترف القتل والاجرام بحق شعبنا الفلسطيني وشعوب المنطقة" مضيفة أن المنطقة ستكون في وضع أفضل في غيابه.

وعلى النقيض من ذلك تمنى زعماء غربيون الشفاء العاجل لشارون رغم اقرارهم بأن حياته السياسية وصلت بشكل شبه مؤكد الى نهايتها.

وقال رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلسكوني ان مرض شارون أمر محزن للغاية.

كما تحدث وزير الخارجية البريطاني جاك سترو عن الحاجة الى معجزة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 8/كانون الثاني/2006 -  7/ذي الحجة/1426