هل تؤدي الفوضى الى تأجيل  الانتخابات التشريعية في فلسطين؟!

بدأت الثلاثاء الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية المقررة في 25 كانون الثاني/يناير في الاراضي الفلسطينية.

ويفترض ان تنظم ابرز المجموعات السياسية والمرشحين تجمعات لبدء الحملة التي يتوقع ان تسودها المنافسة بين حركة فتح حزب السلطة الفلسطينية الحاكم منذ عقد وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تشارك في الاقتراع للمرة الاولى.

وستبدأ فتح التي وضعت خلافاتها جانبا حملتها بتجمع عند ضريح الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في باحة المقاطعة مقر السلطة الفلسطينية. وبعد ذلك سيعقد نائب رئيس الوزراء الفلسطيني نبيل شعث مؤتمرا صحافيا.

اما حماس فستدشن حملتها في تجمع في معقلها في غزة حيث سيلقي رئيس لائحتها اسماعيل هنية خطابا على مؤيدي حركته امام منزل مؤسس الحركة الشيخ احمد ياسين الذي اغتالته اسرائيل في 2004.

وافاد مصدر في الشرطة الاسرائيلية ان الشرطة فرقت الاثنين تجمعا انتخابيا لحركة فتح في القدس الشرقية المحتلة.

وقال متحدث باسم الشرطة لفرانس برس ان "الشرطة فرقت التجمع في فندق كريسماس بعد ان ابلغ المفتشون المشاركين بان انعقاده غير قانوني فغادروا".

وكان الهدف من الاجتماع التمهيد للانتخابات التشريعية المقررة في 25 كانون الثاني/يناير.

واكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) الاثنين خلال زيارة للدوحة ان الانتخابات الفلسطينية لن تنظم اذا لم تسمح اسرائيل لسكان القدس المحتلة بالمشاركة فيها.

وقال عباس "كلنا متفقون على ان القدس يجب ان تكون مشمولة بالانتخابات حسب معايير 1996. واذا لم تشمل فالفصائل كلها مجمعة على انه لا انتخابات".

وشارك سكان القدس الشرقية المحتلة في اول انتخابات تشريعية في 1996.

وكان عباس قال امس الاحد في ابو ظبي ان الاسرائيليين" لم يعطوا جوابا واضحا ومحددا في هذا الشأن" بيد انه اكد " لا اعتقد ان احدا يقبل بان تجرى الانتخابات من دون القدس".

وينظر المراقبون للانتخابات المقررة يوم 25 يناير كانون الثاني الجاري على نطاق واسع باعتبارها استفتاء على حكم عباس بعد الانسحاب الاسرائيلي من غزة العام الماضي الذي عزز الآمال بشأن انهاء القتال واقامة دولة فلسطينية.

لكن تصاعد حالة الفوضى في غزة والمأزق الدبلوماسي المتعلق بالمخططات الاسرائيلية للضفة الغربية والقدس الشرقية العربية قلصت التأييد لحركة فتح الحاكمة التي تواجه كذلك اتهامات بالفساد وسوء الادارة.

والمنافس الرئيسي لفتح في الانتخابات هي حركة المقاومة الاسلامية(حماس) المعروفة باعمالها الخيرية وهجماتها الانتحارية ضد اسرائيل.

وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس وهو يساعد في نشر ملصقات انتخابية ورايات الحركة الاسلامية الخضراء في أحد شوارع مدينة غزة "هناك أزمة فلسطينية وهذه الانتخابات هي المدخل لعلاج هذه الازمة."

وأضاف "نستطيع أن نقول في هذه اللحظات ان شعبنا على أبواب مرحلة جديدة. مرحلة تغير واصلاح حقيقية."

ومع انقسام فتح بين الحرس القديم وجيل من القادة الشبان ينافسونهم على السلطة يتعرض عباس لضغوط من داخل الحركة لتأجيل الانتخابات. وأثار عباس هذا الاحتمال أمس الاثنين مبررا ذلك بتوقعات بأن السلطات الاسرائيلية قد تحظر التصويت في القدس الشرقية العربية التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمتهم المستقبلية والتي ضمتها اسرائيل بعد حرب عام 1967 في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.

وقال عباس أثناء زيارة لقطر ان الجميع متفقون على ضرورة اجراء التصويت في القدس.

وتعتبر اسرائيل القدس بشطريها عاصمتها الابدية وهو وضع لا يعترف به المجتمع الدولي وقالت في باديء الامر انها لن تسمح بالتصويت في القدس الشرقية بسبب مشاركة حماس في الانتخابات.

لكن المسؤولين الحكوميين تراجعوا في وقت لاحق عن هذا التهديد قائلين انهم لا يريدون ان يستغل ذلك كذريعة لتأجيل الانتخابات.

ورغم ذلك قال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين ان الاسرائيليين لم يقدموا بعد ردا واضحا بشأن الانتخابات في القدس.

وسمحت اسرائيل بالتصويت في القدس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية السابقة عام 1996 التي قاطعتها حماس. وتقول اسرائيل ان جميع الانشطة السياسية الفلسطينية في القدس الشرقية نفسها محظورة بمقتضى اتفاقات السلام المرحلية. ويرفض الفلسطينيون ذلك.

وبرغم مشاكل فتح الا ان لعباس مصلحة شخصية في اجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

فرسالته لمسانديه الغربيين هي ان الانتخابات ستعزز الديمقراطية وتساعد في احتواء حماس من خلال ضمها الى التيار السياسي الفلسطيني. ولرضا الغرب أهمية حيوية لعباس في سعيه لبدء المحادثات مع اسرائيل بشأن اقامة دولة فلسطينية.

وكتب على لافتة انتخابية في رام الله مركز النشاط السياسي الفلسطيني بالضفة الغربية "فتح.. بناة المستقبل".

لكن سلطة عباس تضررت بسبب الاضطرابات الداخلية خصوصا منذ الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة في سبتمبر ايلول الذي كثف الصراعات الداخلية المعقدة على السلطة.

ويتصاعد الصراع مع اسرائيل أيضا بعد أن أعلنت الفصائل الفلسطينية انهاء فترة التهدئة اعتبارا من الاول من يناير كانون الثاني. وقتل اثنان من اعضاء حركة الجهاد الاسلامي في غارة جوية اسرائيلية على غزة أمس الاثنين. وقالت اسرائيل ان واحدا منهما كان يقود هجمات صاروخية عبر الحدود.

وتمثل أعمال العنف مشكلة لرئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون ايضا الذي يسعى للفوز بفترة ولاية ثالثة في مارس اذار المقبل.

وقالت صحيفة اسرائيلية يوم الاثنين ان شارون يعتزم الغاء خطة خارطة الطريق للسلام في نهاية الامر بزعم فشل عباس في الحمل على النشطاء وامه سيسعى بدلا منها للحصول على موافقة واشنطن على ضم اراض في الضفة الغربية.

ولم تف اسرائيل بدورها بما التزمت به في خارطة الطريق بشأن تجميد نشاطها الاستيطاني في الاراضي المحتلة.

وعلى صعيد متصل خطف مسلحون ملثمون فلسطينيون لفترة وجيزة ايطاليا من نشطاء السلام في قطاع غزة ونسفوا ناديا تابعا للامم المتحدة يوم الاحد في حادثين منفصلين يبرزان تزايد حالة الاضطراب الداخلي.

ويوجه الحادثان ضربة محرجة للرئيس محمود عباس بعد ساعات من تعهده بانهاء الفوضى التي تهدد بعرقلة اجراء الانتخابات المزمعة في 25 يناير كانون الثاني فضلا عن رفض النشطين لدعوته لتجديد التهدئة مع اسرائيل.

وخطف المسلحون الايطالي اليساندرو برنارديني اثناء زيارة يقوم بها وفد يضم 18 ايطاليا لقطاع غزة قبل الانتخابات، وأطلق سراحه بعدها بساعات، وكان ثلاثة رهائن بريطانيين قد اطلق سراحهم في غزة يوم الجمعة.

وقالت قوات الامن الوقائي الفلسطيني ان الخاطفين فتحوا النار عليها لفترة وجيزة لكنها وجدت أنهم كانوا قد فروا وتركوا برنارديني وراءهم قبل أن تصل الى المبنى الذي كان محتجزا به.

وقال برنارديني الذي بدا مرتعدا ولكن لم يلحق به أذى للصحفيين"أنا بخير..أنا بخير...أعطوني سجائر وشايا."

وأضاف في إشارة الى احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية "لن أُغير فكرتي عن الاحتلال...أنا مع الشعب الفلسطيني."

وقالت جماعة منبثقة عن كتائب شهداء الاقصى انها نفذت عملية الخطف.

وقالت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم كتائب شهداء الاقصى-أهل السنة انها تطالب باجراء تحقيق واف في وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في اواخر عام 2004 واستبعاد الزعماء الضالعين في الفساد من فتح.

وأدان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين حادث الاختطاف وقال انه يضر بمساعي إقامة دولة فلسطينية.

واضاف ان من يقومون بهذا اشخاص غير مسؤولين يعملون ضد مصلحة الفلسطينيين ويحاولون تشويه صورة الفلسطينيين أمام العالم قائلا انهم سيمثلون امام العدالة.

وقبل ساعات من حادث الخطف اقتحم مسلحون فلسطينيون ناديا للعاملين بالامم المتحدة في مدينة غزة وفجروا صالة لتناول الخمور. ولم يصب أحد في التفجير ولكن الهجوم زاد من حدة المخاوف الامنية.

وعادة ما ينظر الى الامم المتحدة بنوع من التعاطف في غزة. حيث تساند المنظمة اللاجئين الفلسطينيين وتعد ثاني اكبر هيئة توفر الوظائف بعد السلطة الفلسطينية.

وتتصاعد الفوضى في قطاع غزة منذ رحيل القوات الاسرائيلية في سبتمبر ايلول بعد 38 عاما من الاحتلال مما أدى الى ازدياد صراع القوى بين الفصائل المسلحة والعصابات وقوات الامن.

وتفاقمت حالة الفوضى في فترة الاستعداد للانتخابات البرلمانية. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الاضطرابات يمكن أن تؤدي الى تأجيل الانتخابات.

وكان عباس قال انه لا يريد أي تأجيل للانتخابات ولكن البعض داخل حركة فتح التي يتزعمها يؤيدون مثل هذه الخطوة لانهم يخوضون معركة ضد تحدي نشطين اسلاميين يراهم كثير من الفلسطينيين أقل تلوثا بالفساد.

ويمكن أن يؤدي أي تفجر كبير للعنف مع اسرائيل الى تأجيل الانتخابات. وكان المسؤولون الفلسطينيون قد ناشدوا الفصائل المسلحة تجديد التزامها "بفترة تهدئة" وافقت عليها العام الماضي.

وقالت فصائل مسلحة انها أصبحت بحلول الاول من يناير كانون الثاني في حل من هدنة أمر واقع ساهمت في انحسار العنف طوال واحدة من اطول فترات الهدوء النسبي منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.

وقتلت النيران الاسرائيلية ناشطين فلسطينيين اثنين في غزة يوم السبت بعد هجمات بالصواريخ أطلقت من المنطقة الامنية التي أعلنتها في شمال قطاع غزة الاسبوع الماضي لمنع اطلاق الصواريخ عبر الحدود.

ويقول فلسطينيون ان هذه المنطقة العازلة تعد اعادة احتلال للاراضي التي انسحبت منها اسرائيل العام الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 4/كانون الثاني/2006 -  3/ذي الحجة/1426