العرب منقسمون بشان عمق التغييرات الكبيرة في عام 2005

شهد العام الجاري اجراء انتخابات في دول عربية من مصر الى العراق ونزل مواطنون الى شوارع القاهرة وبيروت في مسيرات احتجاج .. فيما علقت وسائل الاعلام الغربية عليه بقولها ان منطقة اعتادت نظم الحكم الشمولي تشهد ربيعا ديمقراطيا.

ويرى بعض الاصلاحيين العرب تقدما نسب الفضل فيه الى الولايات المتحدة لما تصفه بانه "تغييرات غير مسبوقة". غير ان اخرين متعطشين لمزيد من الحرية يقولون ان المنطقة تشهد فعليا شتاء سياسيا.

ويقولون ان الاصلاحات المحدودة التي ادخلها حكام عرب امضوا في السلطة سنوات طويلة لم تساعد كثيرا في تخفيف قبضتهم على السلطة.

وتساورهم بالفعل شكوك في الدوافع الامريكية ويرون نفاقا في رفض امريكا التعامل مع الجماعات الاسلامية ذات الشعبية التي تعارض سياسات الدولة.

وعمقت الانتخابات الخلافات الطائفية في العراق ويقول اصلاحيون انها تترنح على حافة هاوية حرب اهلية. واجريت الانتخابات في لبنان في ظل غياب القوات السورية لاول مرة منذ عقود لكن انقسام الطوائف الدينية بشان دور دمشق يهدد بحدوث مزيد من عدم الاستقرار هناك.

وقال محمد السيد سعيد الاصلاحي البارز في مصر "ندفع ثمنا باهظا مقابل انجازات بسيطة. لست واثقا من اقتربنا اكثر من اي من الافكار او الاهداف الطيبة للادارة الامريكية."

وتأمل الولايات المتحدة ان يكون العراق بدون صدام حسين في السلطة شعاعا للديمقراطية في الدول العربية الاخرى. لكن اعمال العنف اليومية والانقسامات بين الاكراد والشيعة والسنة دفع البعض للتساؤل عما اذا كان سيحافظ على وحدته.

وكتبت كاترينا دالاكورا المُحاضرة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية "قوض اسلوب تعامل الامريكيين مع احتلال العراق مستقبل الديمقراطية على المدى الطويل."

لكن بعض الاصلاحيين في المنطقة دافعوا عن السياسة الامريكية ويريدون ان تستمر في نفس المسار. ويقولون ان اي تراجع سيطلق يد الحكام في قمع الجماعات المعارضة التي شجعتها دعوات امريكية من اجل الديمقراطية.

وقال هشام قاسم عضو حزب الغد المعارض في مصر "ما حدث في العراق معجزة .. (التحول من حكم) ديكتاتور مضطرب عقليا الى وضع نشهد فيه على الاقل عملية سياسية مستمرة امر كان يمكن ان يستغرق ثلاثين عاما."

واضاف "لن يبدي الناس امتنانا لجهود ادارة بوش في الوقت الحالي ابدا. ربما ينصفه المؤرخون."

وتقول الولايات المتحدة انها ادخلت تغييرات تاريخية على المنطقة ولم تجلب اليها الصراع. وكتبت وزير الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس "انه محض خيال افتراض ان الوضع في الشرق الاوسط كان ورديا قبل ان تفسد امريكا استقراره المزعوم."

واضافت في مقال نشر هذا الشهر "من يمكن ان يعتقد حقا ان الشرق الاوسط كان مستقرا ومفيدا وجديرا بالدفاع عنه عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 .. كيف كان يمكن ان يكون من الحكمة صون الاوضاع في منطقة تفرخ وتصدر الارهاب."

وجاء منفذو هجمات 11 سبتمبر ايلول من مصر والسعودية حليفي الولايات المتحدة وقد استجابا لدعوات واشنطن من اجل التغيير باجراء انتخابات غير مسبوقة هذا العام.

ولم تمثل أول انتخابات محلية في السعودية تهديدا لنظام الحكم الملكي كما ان الشروط التي فرضت على حق الترشيح في أول انتخابات رئاسية تعددية في مصر حالت دون اي منافسة حقيقية للرئيس حسني مبارك.

ويتهم اسلاميون معارضون لحكومة مبارك واشنطن بالنفاق لعدم انتقادها القبض على مئات من انصارها خلال الانتخابات البرلمانية. ووجهت اتهامات كثيرة للسلطات بتزوير الانتخابات.

ورغم القيود فازت جماعة الاخوان المسلمين باكبر عدد من المقاعد تحتله في البرلمان على الاطلاق. ورغم ان الجماعة محظورة الا ان الحكومة المصرية تتسامح معها. وتخوض الجماعة الانتخابات البرلمانية بمرشحين مستقلين.

وتعارض الجماعة الكثير من السياسات الامريكية في الشرق الاوسط وتؤيد واشنطن الحظر الرسمي لنشاطها.

واظهرت الولايات المتحدة مرونة في موقفها تجاه الاسلاميين بالعمل مع جماعات شيعية تولت السلطة في العراق. لكنها تصف حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بانها جماعة ارهابية.

ومثل جماعة الاخوان المسلمين تتمتع حماس بمساندة قوية بين القاعدة العريضة من المواطنين ومن المتوقع ان تحقق نتائج طيبة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير كانون الثاني.

وقال سيد فرجاني الاسلامي التونسي الذي يقيم في المنفى بسبب حظر حركته "مشكلة الادارة الامريكية عدم الانسجام والترابط المنطقي. تريد ان ترى ديمقراطية ولكنها تود ان يفوز ديمقراطيون من غير الاسلاميين."

وقال علي بيانوني الزعيم المنفي لجماعة الاخوان المسلمين في سوريا "تبحث الادارة الامريكية عن مصالحها في المنطقة. تسعى لتحقيق مصالحها فقط ولا تهتم بمصالح الناس."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 29/كانون الاول/2005 -  26/ذي القعدة/1426