قوانين مكافحة الارهاب في اوربا بين كفتي الرفض والقبول

كتب المحرر السياسي:

لا تزال ظاهرة الارهاب تؤرق المسؤولين الحكوميين في أغلب بقاع العالم لا سيما الدول الغنية منها لدرجة ان الكثير من الحكومات بدأت تتسابق مع بعضها لسن قوانين جديدة خاصة بمكافحة الارهاب كما يطلقون عليها الأمر الذي أثار مخاوف المدافعين عن الحقوق المدنية للمواطنين والتأثير على المكاسب الديمقراطية المهمة التي تحققت لهم عبر رحلة الانسانية الحافلة بالتضحيات الكبيرة على مذبح الحرية، وما بين ضرورة مكافحة الارهاب على ارض الواقع وسلبية القوانين الجديدة على تحديد حرية الأفراد، هناك آراء كثيرة تتأرجح بين هذا الطرف او ذاك.

وعلى سبيل المثال نجد ان مجلس النواب البلجيكي يجيز قانونا جديدا لمكافحة الارهاب لكنه يثيرا جدلا بين اوساط المدافعين عن الحريات المدنية وبين اولئك الذين يرون ضرورة تطبيق هذا القانون من اجل الحد او القضاء على الارهاب.

فقد ذكرت التقارير:            

ان مجلس النواب البلجيكي أجاز مشروع قانون مثير للجدل يمنح الشرطة سلطات اضافية لمكافحة الارهاب مما اثار استياء دعاة حقوق الانسان الذين اعتبروه انتهاكا لحق الخصوصية.

ووافق مجلس النواب على مشروع القانون بأغلبية 80 صوتا مقابل ثمانية مع امتناع 37 عن التصويت ويحتاج الان الى موافقة مجلس الشيوخ حتى يصبح قانونا نافذا.

ويسمح القانون للشرطة بمداهمة منازل المشتبه فيهم في اي وقت من النهار او الليل وان تقوم بأنواع معينة من المراقبة دون اذن من قاضي التحقيق.

وكانت الشرطة في السابق مقيدة بإجراء المداهمات خلال النهار و تمنع من التقاط صور للمشتبه فيهم بدون إذن.

وقال رئيس اللجنة القانونية فونس بورجينون "القانون القديم يسمح للشرطة ان تبحث وترى اذا كان التحقيق الكامل سيكون مفيدا، ونحن الان نسمح لهم بذلك اثناء الليل."

وقام مكتب المدعي الاتحادي بصياغة مشروع القانون وهو يريد ان يكون قادرا على القيام بالتحقيقات دون ان يمر في البداية بعملية قانونية معوقة ويعتبر امتدادا لقانون حديث جعل من الارهاب جريمة.

وقال مانويل لامبير المحامي في رابطة حقوق الانسان البلجيكية "نعتقد ان هذه الاجراءات ستوجه ضربة الى حق الدفاع والى الحياة الخاصة للأفراد. انه يعطي قوة مفرطة للشرطة دون ان يوفر حماية كافية للحريات الشخصية."

وقال مسؤول في العدل ان مشروع القانون يعطي بالفعل لمحامي الدفاع حرية وصول اكبر للمعلومات التي تجمعها الشرطة حول المشتبه بهم لكن حجم مايكشف عنه واسماء المبلغين يظل موضع نقاش.

 من جانب آخر قال رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني حول قضية اخطاف رجل دين مصري من ايطاليا في عام 2003  (ان الحكومات لن تستطيع ان تهزم الارهاب اذا التزمت بالقواعد).

وقال برلسكوني لمجموعة صغيرة من الصحفيين الاجانب "لا اعتقد ان هناك اساسا لهذه القضية."

ومع ذلك فقد اضاف ان الديمقراطيات لايمكنها ان تهزم الارهاب بالالتزام بالقواعد.

وقال "عندما تكون حياة مئات الالاف معرضة للخطر فعلى البلاد ان تستخدم الوسائل السرية والاسلحة المتوفرة لديها للدفاع عن حياة هؤلاء الناس."

وقال "لا يمكنك مواجهة الارهاب بكتاب قواعد مطبوع في يدك. اذا قاتلوا بسيف عليك ان تدافع عن نفسك بسيف."

وفي خطوة مماثلة وكإجراء فعلي للحد من الارهاب:

اقر البرلمان الفرنسي بشكل نهائي قانونا جديدا لمكافحة الارهاب يشدد النصوص المطبقة حاليا عبر توسيع اجراءات المراقبة بواسطة كاميرات ومراقبة الاتصالات عبر الانترنت.

واعد النص وزير الداخلية نيكولا ساركوزي اثر اعتداءات لندن في تموز/ يوليو الماضي قبل ان يناقشه البرلمان بشكل عاجل. واعتمد بعد دراسة اخيرة في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ اللذين يشكلان مجلسي البرلمان.

ويسمح القانون الجديد بتطوير المراقبة بواسطة الكاميرات في وسائل النقل المشترك ومحيط المحطات فضلا عن المتاجر او دور العبادة.

واوضح ساركوزي انه تم التركيز على هذه النقطة في اطار "اخذ العبر من التحقيق الذي اجري في بريطانيا اثر اعتداءات لندن" التي اسفرت عن مقتل 56 شخصا.

واتاحت الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة في محيط المحطات او داخل المترو كشف هوية الانتحاريين الذين نفذوا الاعتداءات .

وبين النقاط المهمة في القانون الجديد امكان الاحتفاظ لمدة اطول بالمعطيات المتعلقة بالاتصالات عبر الهواتف النقالة والانترنت ومن بينها تلك التي تجرى من مقاهي الانترنت التي سيتحتم عليها الاحتفاظ بالسجلات لمدة سنة .

وتم تشديد العقوبات الجنائية بتهمة الارهاب لتصل الى 20 سنة(بدلا من عشر سنوات) للمشاركة في جماعات ارهابية و30 سنة(بدلا من 20) لزعمائها .

ويستطيع المحققون الاطلاع على سجلات الاتصال عبر الانترنت التي ستحتفظ بها خصوصا المقاهي الالكترونية .

وستتعزز مراقبة وسائل النقل مع الزام شركات النقل البحري والجوي والبري تقديم المعلومات الشخصية. وصار بامكان المحققين الاطلاع بسهولة اكبر على بعض الملفات مثل السجلات الرسمية ورخص القيادة والهويات وجوازات السفر.

من جانبهم عارض اعضاء مجلس الشيوخ الاشتراكيون والشيوعيون بشدة القانون الجديد مؤكدين انه يشكل "تهديدا كبيرا للحريات الفردية الاساسية" و"يخلط بشكل خطير بين الارهاب والهجرة" .

لكن النواب الاشتراكيين في الجمعية الوطنية فضلوا الامتناع عن التصويت واتخذت المناقشات طابع التفاهم .

مما تقدم نلاحظ تأرجحا واضحا بين ضفتي الرفض والقبول بالقوانين الجديدة التي تهدف لمكافحة ظاهرة الارهاب، غير ان مشاعر الخوف من تحديد الحريات تبدوا أكثر وضوحا لدى الناشطين في حقل حقوق الانسان والافراد على حد سواء .

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 27/كانون الاول/2005 -  24/ذي القعدة/1426