مفتاح الانتخابات الإسرائيلية..  الأشخاص لا السياسات

نجا رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون من قتال استمر لسنوات مع الفلسطينيين ومن غضب المستوطنين اليهود بسبب الانسحاب من غزة ومن جلطة في المخ.

وقد يكون ذلك السجل رصيدا سياسيا في حملة انتخابات اسرائيلية تتشكل لتعتمد على التنافس الشخصي بدرجة أكبر بكثير من اعتمادها على الجدل حول كيفية مواصلة صنع السلام لان الخلافات بشأن السياسة ازاء القضايا الرئيسية أقل مما قد تلحظه العين في أول نظرة.

وخفف الجنرال السابق (77 عاما) من التشدد المعروف في موقفه حين ترك حزب الليكود اليميني الشهر الماضي لتشكيل حركة سياسية تميل أكثر ناحية الوسط قال انها ستساعد الدبلوماسية رغم أن الفلسطينيين ما زالوا يخشون أنه يريد املاء شروطه عليهم.

وأعطى خروج اسرائيل من غزة بفضل خطة شارون للانسحاب من القطاع بعد احتلال دام 38 عاما والتي حظيت بتأييد واسع النطاق وتلميحه للانسحاب من مزيد من الاراضي في الضفة الغربية زخما لجهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة يعمل على ما يبدو لصالح رئيس الوزراء.

وقال المحلل السياسي جيرالد شتاينبرج "أعاد شارون تشكيل نفسه باعتباره أكثر روءساء الوزراء الاسرائيليين وسطية." ويميل غالبية الاسرائيليين تقليديا للوسط.

ويترك ذلك منافسي شارون الرئيسيين في الاقتراع الذي يجرى في مارس اذار القادم وهما عمير بيريتس زعيم حزب العمل الذي ينتمي ليسار الوسط وبنيامين نتنياهو زعيم الليكود يخوضان معركة للهروب من الهوامش السياسية.

واظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم الجمعة أن 46 بالمئة من الاسرائيليين يعتقدون أن شارون سيكون رئيس وزراء أفضل في حين حصل نتنياهو على 19 بالمئة وبيريتس على 14 في المئة.

وبصرف النظر عن العبارات الخطابية فيما يحاول الثلاثة ابراز اختلافاتهم الا أن موقفهم من مصير المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وهو قضية رئيسية في الانتخابات ليس متباعدا الى هذا الحد.

بل ان بيريتس اليساري يردد وعد شارون بالابقاء على الكتل الاستيطانية الاكبر في ظل أي اتفاق نهائي. كما قال بيريتس الذي لم يختبر بعد في الحرب أو السلام انه سيحقق السلام في فترة ولايته الاولى في حالة انتخابه.

وعبر نتنياهو عن موقف أقل مرونة مطالبا باتخاذ اجراءات صارمة من الفلسطينيين ضد نشطاء الجماعات المسلحة قبل أي انسحاب.

لكن نتنياهو لم يستبعد على أي حال القيام بانسحاب رغم مواقفه القوية المؤيدة للاستيطان ويتذكر الناخبون أنه تخلى تحت ضغوط أمريكية عن مناطق في الضفة الغربية للفلسطينيين عندما كان رئيسا للوزراء في التسعينات.

ولا تلبي مواقف أي من المرشحين على ما يبدو مطالب الفلسطينيين في دولة على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدس الشرقية عاصمة لها.

وقال المعلق الفلسطيني علي الجرباوي "شارون سيء ونتنياهو أسوأ. وربما يكون بيريتس الافضل بين الثلاثة لان الفلسطينيين لم يجربوه."

ورغم غموض خطط شارون طويلة الاجل الا أن لديه دعما دبلوماسيا بفضل انشقاق شمعون بيريس رجل الدولة العجوز عن حزب العمل وانضمامه الى حزب كديما الجديد الذي شكله شارون.

وينظر الى مشاعر القلق لدى زعماء اقليميين وغربيين التي تدفقت عندما أصيب شارون بجلطة بسيطة في المخ الاسبوع كمؤشر على أنه ضروري لتحقيق السلام.

وقد يوفر الاقتصاد عنصر التمييز الوحيد لمنافسي شارون.

وقال عامي يعلون مرشح حزب العمل للبرلمان "ستكون قدرتنا على نقل النقاش السياسي الى قضايا داخلية أكثر الحاحا مثل الفقر أو التعليم ومن ثم تحقيق مكاسب ضد كديما تحديا كبيرا." وتعهد بيريتس وهو زعيم قوي سابق لاتحاد نقابات العمال في اسرائيل باستعادة مزايا اجتماعية جرى تقليصها في عهد شارون لكن المحللين لا يتوقعون تفكيكا كاملا لاصلاحات السوق الحر التي ينسب اليها الفضل على نطاق واسع في انتشال اسرائيل من الركود الاقتصادي.

وكان نتنياهو العقل المدبر لتلك الاصلاحات كوزير سابق للمالية في حكومة شارون لكنه يحتاج الان لتوسيع تأييده بين الطبقة العاملة التي تشكل العمود الفقري الانتخابي التقليدي لحزب الليكود.

ونزع نتنياهو فتيل قضية تثير قلقا اجتماعيا بتعهده القضاء على الفساد في الحزب الحاكم الذي اشتهر على المستوى القومي بشبكة علاقاته القائمة على المحسوبية.

واستجوبت الشرطة نتنياهو بعد ترك منصب رئيس الوزراء في تحقيق بشأن الفساد لكن المدعي العام قرر أنه لا توجد أدلة كافية لتقديمه للمحاكمة. وينفي نتنياهو دائما ارتكابه أي مخالفات.

كما يمكن أن تتعزز فرص نتنياهو الذي استقال من حكومة شارون احتجاجا على خطة الانسحاب من غزة التي وصفها بأنها "تنازل أمام الارهاب" اذا استؤنف العنف على نطاق كامل.

وينتهي أجل هدنة للنشطاء الفلسطينيين بنهاية العام كما تزايد بالفعل عدد هجمات صواريخ القسام التي يشنها نشطاء غزة مع توعد اسرائيل برد أشد قسوة الان.

وفي تواز مع ذلك تتهيأ حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على ما يبدو لتحقيق مكاسب في الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقرر ان تجرى الشهر المقبل.

وقال المحلل السياسي اري شافيت "من شأن سلسلة من الهجمات الارهابية الخطيرة أو وابل من صواريخ القسام أو استيلاء حماس على السلطة الفلسطينية أن تعيد توزيع الاوراق السياسية وتدفع حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو لانتصار انتخابي يبدو خياليا في هذه اللحظة."

شبكة النبأ المعلوماتية -الأثنين 26/كانون الاول/2005 -  23/ذي القعدة/1426