الاستقلال العربي سيظل ناقصا حتى التحرر من الاستبداد عبر التحرك السلمي الشعبي

يرى باحث تونسي يقيم في أوروبا أن العرب يقعون في وهم كبير باصرارهم على تبني خطاب يصور استمرار المعركة مع ما وصفه بالاستعمار الخارجي.

وقال خالد شوكات وهو أحد النشطاء في مجال حقوق الانسان لرويترز ان كثيرا من القادة العرب يكررون خطأ قديما بايهام الشعوب بوجود تحد خارجي "وأن المعركة الراهنة مع الاستعمار في حين يؤدي الاستبداد إلى التدخل الخارجي."

وأضاف أن العالم العربي تحرر قبل نحو نصف قرن لكن "الانسان (العربي) بقي مستعبدا لم يتحرر من الفقر والجهل والدكتاتورية."

وأشار إلى أن الارض "المحررة" تفقد قيمة الحرية في ظل ارتهان الانسان العربي وفرض الوصاية عليه حيث يمكن أن تستلب الارض بطرق مستجدة ومستحدثة في اشارة إلى غزو الولايات المتحدة الامريكية للعراق عام 2003 بحجة "تحرير العراق" من النظام الاستبدادي الذي انتهجه الرئيس السابق صدام حسين.

ويقيم شوكات الذي زار القاهرة الشهر الماضي في هولندا ويعمل مديرا لمركز دعم الديمقراطية في العالم العربي بمدينة لاهاي ومنسقا للمنظمة العربية لحقوق الانسان.

وصدر للباحث هذا الاسبوع عن منشورات المنتدى التونسي في هولندا كتاب (استكمال الاستقلال.. من تحرير الارض الى تحرير الانسان) ويقع في 182 صفحة متوسطة القطع. ويعد الكتاب حلقة في سلسلة أعمال المؤلف ومنها (خطاب التجديد) و(انهيار الصنم) و(المسلم الديمقراطي.. بحث عن الوسطية زمن التطرف).

ويعالج الكتاب الجديد قضايا تصب في عدم جدوى دعاوى الاصلاح على أيدي من اعتبرهم المؤلف مسؤولين عن تفشي الفساد والدكتاتورية وتخريب العقل العربي.

وقال شوكات إن جهود التنمية في العالم العربي فشلت بسبب الدكتاتورية وان "غياب الديمقراطية في الدول التي واجهت إسرائيل كان وراء الهزيمة الفادحة أمام الدولة العبرية" في اشارة إلى حرب 1967 التي أدت الى احتلال اسرائيل شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية.

واستعادت مصر سيناء بموجب معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979 وانسحبت القوات الاسرائيلية من قطاع غزة في سبتمبر أيلول الماضي.

وأضاف شوكات أن معظم الانظمة العربية منذ حروب التحرر من الاستعمار قبل نصف قرن سعت إلى تأجيل الديمقراطية بحجة أن "الخبز أولا ولكنها لم تقدم خبزا ولا حرية."

ولا تروق لشوكات فكرة استخدام العنف في ازاحة الانظمة التي وصفها بالشمولية مفضلا التحرك السلمي الشعبي مشيرا إلى أن الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) جاءت في موعدها تماما لتمنح "أملا في سماء العرب عندما وصلت عمليا الى هذه المعادلة التي تجعل النضال من أجل فلسطين يبدأ بالنضال أولا من أجل نظام ديمقراطي محلي يصون حقوق المواطنين وحرياتهم وأن أفضل السبل الى مواجهة التدخل الخارجي هو التحرك من أجل وضع حد لانظمة دكتاتورية قوية في مواجهة مواطنيها وضعيفة في مواجهة الخارج."

وتأسست حركة كفاية قبل أكثر من عام وأصبح لها في الشارع المصري تأثير يفوق الاحزاب المعترف بها. وتضم الحركة رموزا من ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي والنقابي اتفقوا على مواجهة "الاحتلال الامريكي للعراق والاغتصاب والعدوان الصهيوني المستمرين على الشعب الفلسطيني وإنهاء احتكار السلطة وفتح الباب لتداولها ابتداء من موقع رئيس الدولة" ولخصوا القضية الاخيرة في شعار "لا للتجديد (للرئيس المصري حسني مبارك) لا للتوريث (لابنه جمال)."

وعلق شوكات قائلا "صرخة كفاية المصرية صرخة محقة وعاقلة ومتوازنة يجب أن تعمم لتكون في أقرب وقت ممكن صرخة عربية شاملة في وجه الدكتاتورية والتسلط والفساد في كل قطر عربي."

وأضاف أن الدول العربية ستظل مؤهلة للتدخلات الخارجية "مادام على رأسها حكومات فاسدة وحكام الهة" مشيرا إلى أن أمريكا على سبيل المثال لا تملك القدرة على التدخل في شؤون اسبانيا أو أوكرانيا لان لهذه الدول أنظمة "ديمقراطية لا تملك ملفات سوداء تخفيها."

وأشار إلى أن الفرصة لاتزال أمام الانظمة العربية للاستقواء بالشعوب في مواجهة أي تحديات خارجية قائلا إن النظام السوري يستطيع تجنيب البلاد "معايشة سيناريو شبيه بذلك الذي شهده العراق من خلال اقدام الرئيس بشار الاسد على قيادة عملية تحول ديمقراطي حقيقية يقدم من خلالها تنازلات لشعبه بدلا من تنازلات مطلوبة منه للخارج."

وتتعرض سوريا لحملة دولية منذ مقتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري يوم 14 فبراير شباط الماضي تزعم تورط دمشق في الاغتيال. وأدت هذه الضغوط إلى موافقة سوريا على استجواب عدد من مسؤوليها الامنيين تفاديا لحدوث مواجهة بينها وبين الامم المتحدة بعد قرار مجلس الامن الشهر الماضي مطالبة دمشق بالتعاون غير المشروط مع لجنة تابعة للامم المتحدة تحقق في الحادث.

وتضمن كتاب شوكات فصلا عنوانه (المستبد العربي لا يصلح) ذكر فيه أن الحاكم العربي المستبد "لا يمكن أن يقود عملية انتقال ديمقراطي أو يشرف على مسيرة تحول اصلاحي ذلك أن الاصلاح والديمقراطية يتناقضان جوهريا مع ماهية هذا الحاكم وطبيعته كشخص ونظام" ساخرا من نظرية (المستبد العادل) التي وصفها بأنها معجزة غير قابلة للتحقق.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 18/كانون الاول/2005 -  15/ذي القعدة/1426