الدول الاسلامية تسعى الى كبح جماح التشدد الديني وايجاد مرجعية فقهية موحدة

 بحثت الدول الاسلامية خططا يوم الثلاثاء تلزمها بكبح جماح التشدد الديني وتشجع التطور الاقتصادي وتعالج ما قالت انه تحديات خطيرة تواجه العالم الاسلامي.

كما تعهد وزراء خارجية منظمة المؤتمر الاسلامي المؤلفة من 57 عضوا الذين اجتمعوا قبل القمة التي تعقد يوم الاربعاء بنفخ حياة جديدة في منظمة المؤتمر الاسلامي التي كانت غير فعالة الى حد كبير خلال عملها طوال العقود الثلاثة الماضية.

وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان الامة الاسلامية تواجه تحديات رئيسية ومخاطر عظيمة تستهدف اسسها الثقافية ومعتقداتها الدينية. وانعكست تصريحاته المتشائمة في مسودة وثيقة منظمة المؤتمر الاسلامي التي تحمل عنوان "برنامج عمل عشر سنوات" التي قدمت الى الوزراء وتدعو الى تعاون وثيق للتعامل مع "تحديات سياسية واجتماعية اقتصادية وثقافية وعلمية خطيرة" يمكن ان تضر بسلام وامن الدول الاعضاء.

وتشمل مسودة الخطة دعوات الى تعليم أفضل وتطوير اقتصادي اسرع ومزيد من التجارة والترويج للاعتدال الديني وتعزيز لحقوق المرأة المسلمة.

وقالت المسودة انه يجب ان يصبح لدى منظمة المؤتمر الاسلامي تمويل وسلطة افضل لتلبية طموحات الامة الاسلامية في القرن الواحد والعشرين.

وقال وزير الخارجية الافغاني عبد الله عبد الله لرويترز "انها خطة عمل طموحة للغاية." واضاف "انها اعتراف بالحاجة الى توحيد الصفوف بطريقة افضل والمضي قدما."

وامتنع عبد الله عن قول ما اذا كان يعتقد ان كل الطموحات حقيقية واقترحت السعودية وهي الدولة المضيفة وثيقة اقصر قال مسؤولون انها تحافظ على روح المقترحات لكنها تجعل وثيقة منظمة المؤتمر الاسلامي أقصر.

وقال ممثل الرئاسة الجزائرية عبد العزيز بلخادم ان المنظمة تحتاج لضمان ان تصبح الاعلانات التي تصدر عنها ممكنة التنفيذ. وقال انه طوال 36 عاما اتخذت مئات القرارات التي بقى بعضها في ادراج المكاتب.

وتدعو مسودة الوثيقة الدول الى ممارسة كل الجهود لتعكس الصورة الحقيقية للاسلام كعقيدة اعتدال.

وفي تحد مباشر للمتشددين الذين يبررون الهجمات على مسلمين قالت المسودة انه لا يمكن اعتبار أي مسلم سني أو شيعي يتبع تعاليم الاسلام كافرا ويجب عدم السماح لاي مسلم بأن يصدر "فتاوى غير مقبولة".

وتخوض الرياض معارك ضد متشددي تنظيم القاعدة. ويهاجم المسلحون في العراق وبينهم مؤيدون لتنظيم القاعدة القوات الامريكية وقوات الامن العراقية والمدنيين العراقيين.

ونددت مسودة اعلان منظمة المؤتمر الاسلامي "بالارهاب في جميع اشكاله" لكنها فرقت بين "الارهاب والكفاح المشروع ضد الاحتلال الاجنبي الذي لا يقتل ابرياء".

وحثت الدول على معالجة الاسباب الحقيقية للارهاب والتي قالت انها تشمل الاحتلال الاجنبي والظلم والفقر.

وتسعى عدة دول الى الحصول على تأييد منظمة المؤتمر الاسلامي.

وقال العراق انه يريد "تنديدا قويا" بالارهاب ويريد من الدول الاسلامية ان تحث العرب السنة في العراق على المشاركة في الانتخابات التي ستجري في الاسبوع القادم.

وقالت سوريا التي تواجه مطالب دولية بأن تتعاون مع تحقيق الامم المتحدة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري انها تتوقع تأييد اسلاميا. وتنفي سوريا أي دور في اغتيال الحريري وسمحت لمحققي الامم المتحدة باستجواب خمسة مسؤولين.

وقال وزير الخارجية الفلسطيني ناصر القدوة انه يتوقع من منظمة المؤتمر الاسلامي ان تبقى فلسطين القضية الرئيسية. وانشئت المنظمة بهدف اساسي هو استعادة القدس الشرقية للفلسطينيين بعد حرب عام 1967 .

وقال انه يثق في ان هذا الموقف سيستمر في ان يترجم الى ممارسة والى تأييد مادي للفلسطينيين.

وستسعى القمة الاسلامية الاستثنائية التي تنعقد الاربعاء في مكة المكرمة الى تطوير مجمع الفقه الاسلامي ومنحه القوة الكافية ليصبح "مرجعية عليا للافتاء" متفقا عليها في العالم الاسلامي الذي تتعدد فيه المرجعيات الفقهية.

واكد عطاء الله المنان الامين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الاسلامي والمتحدث الرسمي باسمها لوكالة فرانس برس الحاجة "لايجاد مرجعية واحدة متفق عليها في العالم الاسلامي" لتنظيم ظاهرة الفتاوى التي تنطلق من مؤسسات دينية متعددة في العالم الاسلامي الذي يضم 57 بلدا وربع سكان المعمورة.

واشار الى ان العالم الاسلامي يفتقد اليوم الى "مرجعية واحدة. فالازهر مرجعية هامة جدا ولكنه في النهاية يمثل دولة كما تمثل رابطة العالم الاسلامي دولة وهكذا" مضيفا ان "مجمع الفقه الاسلامي موجود ومتفق عليه وفيه علماء وشيوخ من كل المذاهب ولكنه غير فاعل".

واضاف ان "الاصلاح يقوم على ان تعطى للمجمع قوة حتى يستطيع ان يكون هو الوعاء او المرجعية الفقهية في ما يتعلق بالفتوى فتكون فتواه مرجعية في كل العالم الاسلامي".

ومجمع الفقه الاسلامي الذي انشىء عام 1981 تابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي ومقره ضمن مقرها في مدينة جدة السعودية وهو يتكون من امانة عامة ومجلس فيه مجموعة ممثلين لدول اعضاء وهم علماء وشيوخ مرموقون يجتمعون للنظر في بعض القضايا ويفتون في اجازتها او تحريمها وتوزع فتاواهم ضمن منشورات المجمع.

وقال المنان انه "في العالم الاسلامي اصبح الفقه والفتوى على وجه الخصوص في المرحلة الحالية يلعبان دورا كبيرا جدا" مضيفا ان "حركة العنف والتطرف والارهاب التي يتبناها بعض العناصر من داخل العالم الاسلامي تستند الى مرجعية اسلامية كما ان من يريد ان يقف ضد هذه العمليات (الارهابية) ويقول ان هذا ليس من الاسلام يجب يستند ايضا الى مرجعية فقهية والى فتوى في ذلك".

وخلص الى ان "الفتوى اصبحت محورا مهما جدا ولذلك لا بد من ايجاد مرجعية واحدة متفق عليها في العالم الاسلامي".

واشار المنان الى ضرورة اعتماد مبدأ "انتخاب" الامين العام للمجمع اضافة الى تحديد "مواصفات" للعضوية فيه وعدم الاكتفاء بمبدأ تمثيلية الدول.

واوضح انه "ليعطى المجمع قوة اكبر يجب ان يتم انتخاب الامين العام من العلماء الاعضاء فيه كما يجب ان تكون لهؤلاء العلماء والفقهاء مواصفات" علمية وفقهية محددة.

وقال ان ما يجري الان ان "كل دولة ترشح علماءها وفقهاءها ونحن نقبل به لانه يمثل دولة ايا كانت امكاناته العلمية" مؤكدا انه هناك توافقا بشأن تطوير المجمع "وهناك اجماع على اهمية تفعيل دوره".

وتواصلت في اجتماعات مغلقة اعمال وزراء خارجية منظمة المؤتمر الاسلامي التي بدأت الثلاثاء في جدة للتحضير للقمة التي تريدها السعودية "نقطة تحول في تاريخ" الامة الاسلامية كما اكد وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل.

من ناحية اخرى اثار مصطلح "الوسطية المستنيرة" جدلا واسعا في الاجتماع الوزاري بحسب المشاركين.

واكد المنان لوكالة فرانس برس ان "الخلاف بشأن هذه المسألة مستمر وله منطلقاته (..) وهناك مساع للتوفيق بين اطراف الخلاف" التي لم يحددها.

واوضح ان مشروع الخطة العشرية للمنظمة اشار الى مصطلح "الوسطية المستنيرة" "غير ان بعض الوفود سألت ما هو مفهوم الوسطية المستنيرة ولا احد يجيب".

وتابع "الوسطية متفق عليها ولكن هناك تساؤل عن معنى المستنيرة وهل هناك وسطية مستنيرة واخرى غير مستنيرة. وهناك من يقول بدل استعمال هذه المصطلحات دعونا نستخدم مصطلحا له معنى واضح متفق عليه مثل مصطلح تسامح وهو ذو معنى معروف ومتفق عليه في العالم (خاصة) ونحن نريد المزيد من التسامج والاعتدال في العالم".

واضاف انه في الطرف المقابل هناك من يتمسك بمفهوم الوسطية "ومؤيدو الوسطية يردونها الى انها مصطلح اسلامي ينطلق من القران (امة وسطا)" مؤكدا "نحاول الان ايجاد حل بين هذه المقترحات".

وافادت مصادر المشتركين ان دولة قطر تتمسك بمصطلح "الوسطية المستنيرة" فيما يقترح الاردن مصطلح الاعتدال.

واكد الامير سعود الفيصل في كلمة في افتتاح الاجتماع الوزاري في جدة على الطبيعة "الاستثنائية" للقمة "التاريخية المنتظرة" التي تعقد الاربعاء والخميس في مكة المكرمة بدعوة من السعودية وينتظر ان تعتمد بالخصوص وثيقتي "بلاغ مكة" و"الخطة العشرية" لتطوير اداء منظمة المؤتمر الاسلامي والعمل الاسلامي المشترك.

ومدينة جدة على البحر الاحمر هي مقر منظمة المؤتمر الاسلامي التي تأسست في 1969 اثر حريق المسجد الاقصى في القدس الذي اشعله متطرف يهودي بعد سنتين من احتلال اسرائيل للجزء الشرقي من المدينة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 8/كانون الاول/2005 -  5/ذي القعدة/1426