سقوط الحرس القديم في حركة فتح في الانتخابات التمهيدية والارعاب سيد الموقف

تخلى الناخبون الفلسطينيون عن السياسيين المخضرمين الذين يُنظر اليهم على نطاق واسع بأنهم تلوثوا بالفساد واختاروا بدلا منهم وجوها جديدة وناشطين في الجولة الاولى للانتخابات التمهيدية التي أجرتها حركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس.

وقال محللون ان الاداء القوي للاصلاحيين التابعين لفتح في الانتخابات التي جرت بالضفة الغربية يوم الجمعة قد يساعد عباس على مجابهة تحد من حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ذات النفوذ الواسع والتي ستتنافس للمرة الاولي في انتخابات برلمانية مقررة في يناير كانون الثاني.

غير ان بعض المعلقين السياسيين الفلسطينيين قالوا ان إضعاف "الحرس القديم" بحركة فتح الذين قويت شوكتهم في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات من شأنه ان يثير مشاحنات سياسية ربما تزيد من حالة التصدع في حركة فتح الحاكمة.

وقال معين رباني المحلل المتخصص بشؤون الشرق الاوسط في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "بالنسبة للمدى الذي نتحدث فيه عن وجوه جديدة وجديرة بالثقة فان ذلك سوف يساعد فتح. التحدي الاساسي امام فتح هو هذه الانتخابات (التشريعية) التي سيواجهون فيها منافسا حقيقيا."

وتابع "كما انها (الانتخابات) تبعث برسالة مفادها ان الناس باتوا يحرصون بشكل أكبر على حقهم الانتخابي."

والانتخابات التمهيدية نفسها هى الاولى بالنسبة لفتح التي تواجه اتهامات بالفساد واسعة النطاق في الوقت الذي تحاول فيه تحسين صورتها في الضفة الغربية وقطاع غزة قبيل انتخابات يناير كانون الثاني التي ينظر اليها على انها اختبار لقيادة عباس.

وفي منطقتين رئيسيتين هما مدينتا نابلس وجنين كان ثمانية أعضاء على الاقل من كتائب شهداء الاقصى وهى جماعة حاربت اسرائيل في انتفاضة اندلعت قبل خمس سنوات من بين الفائزين على حساب سبعة من اعضاء فتح بالمجلس التشريعي.

وقال مسؤولو الانتخابات ان عزام الاحمد هو العضو الوحيد بالمجلس التشريعي الذي حقق النجاح.

وفي رام الله خاض مروان البرغوثي أحد رموز الجيل الأصغر من الزعماء الفلسطينيين والذين نشأوا في الاراضي الفلسطينية الانتخابات من داخل سجن اسرائيلي يمضي فيه خمسة احكام بالسجن المؤبد بتهمة الضلوع في هجمات قتلت اسرائيليين. وحصل البرغوثي وهو بالفعل عضو بالمجلس التشريعي على اكثر من 90 في المئة من الأصوات.

ومن المقرر ان تجرى الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية يوم الاثنين في قطاع غزة الذي تكافح السلطة الفلسطينية من اجل بسط سيطرتها عليه منذ انسحاب القوات الاسرائيلية في سبتمبر ايلول بعد حكم عسكري دام 38 عاما.

وفي الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت عام 1996 اختار عرفات بنفسه مرشحي فتح لخوض انتخابات لم تشارك فيها حركة حماس التي عارضت اتفاقات السلام المؤقتة مع اسرائيل والتي تمخض عنها تأسيس السلطة الفلسطينية.

وفضل بعض السياسيين من الحرس القديم عدم خوض الانتخابات التمهيدية التي جرت الجمعة خشية تعرضهم لهزيمة محتملة ولكن بامكانهم المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي كمستقلين. اما الاخرون الذين شاركوا وخسروا فقد اعلنوا رفضهم للنتائج.

وقال كامل الافغاني عضو المجلس التشريعي وهو من مخيم بلاطة قرب نابلس انه يرفض نتائج الانتخابات بسبب وجود حالات تزوير في عدة مراكز اقتراع. وقال انه سيخوض انتخابات المجلس التشريعي كمستقل.

وقال ناصر جمعة وهو من ناشطي الاقصى وحصل على اعلى الاصوات في نابلس ان النتائج تعكس ما سماه بالاصلاح الحقيقي في فتح والتأييد لجيل الشباب الذي دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال.

وكان أعضاء من الحرس الجديد في حركة فتح طالبوا باجراء انتخابات سعيا لتحدي هيمنة الاعضاء المخضرمين على صنع القرار. وكان هؤلاء الساسة المخضرمون قد أمضوا سنوات في المنفى مع عرفات قبيل توقيع اتفاقات السلام المؤقتة التي سمحت بعودتهم.

 وقال شهود ان مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار في الهواء واقتحموا عدة مراكز للاقتراع في قطاع غزة يوم الاثنين حيث تجري حركة فتح انتخابات داخلية مما أدى الى إغلاق هذه المراكز.

وتمثل أعمال العنف التي قام بها مسلحون منتمون الى حركة فتح ضربة الى جهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس الرامية الى السيطرة على قطاع غزة الذي انسحبت منه اسرائيل في سبتمبر ايلول وينظر اليه على نطاق واسع باعتباره اختبارا لقيام دولة فلسطينية.

وأغلقت كل مراكز الاقتراع بوسط قطاع غزة وبعض المراكز في بلدة خان يونس بجنوب القطاع بعد أن اقتحمها مسلحون. وأحرق بعضهم اطارات سيارات في حين صادر آخرون صناديق اقتراع أو أحرقوها. ولم ترد أنباء عن حدوث اصابات.

وشكا مسلحون من غياب أسماء الاف من قوائم الناخبين في الانتخابات الاولية لاختيار مرشحي فتح في الانتخابات التشريعية التي تجري في يناير كانون الثاني والتي من المنتظر ان يحقق فيها مرشحو حركة المقاومة الاسلامية (حماس) نتائج طيبة.

واستمرت الانتخابات الداخلية في مراكز اقتراع بمدينة غزة وبعض أجزاء خان يونس. وفي الاسبوع الماضي تخلى الناخبون في الضفة الغربية المحتلة عن ساسة فتح المحنكين لصالح شخصيات جديدة ونشطاء.

وأرجئت الانتخابات الداخلية حتى يوم الاربعاء في رفح بسبب مشكلات متعلقة بقوائم الناخبين. ووردت بلاغات عن وجود مخالفات في قوائم الناخبين في كل قطاع غزة بما في ذلك المناطق التي كان يجري فيها الاقتراع.

ويقول محللون ان نجاح قادة فتح من الشبان الذين يطالبون بدور في عملية صنع القرار في تحقيق اداء قوي في انتخابات فتح يمكن ان يساعد عباس في التصدي لتحدي حماس التي تشارك في الانتخابات العامة لأول مرة.

ولكن بعض المعلقين يقولون ايضا ان اضعاف الحرس القديم في فتح الذي قويت شوكته في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات ربما يفجر اقتتالا سياسيا داخل الحركة يؤدي الى انقسام اكبر بين صفوفها.

وطالب أعضاء في القيادة الاصغر سنا بفتح باجراء الانتخابات الداخلية سعيا منهم لمواجهة سيطرة الساسة القدامى والكثير منهم أمضى سنوات في الخارج مع عرفات قبل أن تتيح لهم اتفاقيات سلام الوضع المؤقت العودة.

وفي الانتخابات البرلمانية السابقة التي أجريت عام 1996 اختار عرفات بنفسه المرشحين.

ولكن الانتخابات الداخلية في كل من غزة والضفة الغربية شابتها أعمال عنف وشكاوى من التزوير.

وفي مدينة نابلس بالضفة الغربية حيث لم يتمكن ثلاثة من أعضاء المجلس التشريعي من النجاح في الانتخابات الداخلية التي أجريت يوم الجمعة شكا 28 مرشحا من حشو صناديق الاقتراع ببطاقات.

وفي رام الله معقل السياسة الفلسطينية اتهم أحد المرشحين الفائزين قوات الامن الفلسطينية بالتدخل في التصويت وطالب باجراء تحقيق فيما أسماه تزويرا واسع النطاق.

وقال عبد الفتاح حمايل "ما حدث لم يكن عملية ديمقراطية. أخطر ما في الموضوع" أن جهازا أمنيا معينا تدخل بشكل سافر في الانتخابات.

وفي مدينة غزة قال أحد المشرفين على الانتخابات طلب عدم نشر اسمه ان المسؤولين لم يتوفر لهم الوقت الكافي للاستعداد ولكنهم يتعرضون لضغوط من عباس لعدم تأخير الانتخابات الداخلية. وتعهد عباس باجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها.

وبالرغم من أعمال العنف قال محمد دحلان الوزير الفلسطيني ومن الشخصيات البارزة في فتح بغزة والذي يمثل جيلا أصغر من الزعماء ان الانتخابات الداخلية سترسخ الديمقراطية في فتح.

وقال "نحن بحاجة الى ثورة ايجابية داخلية تضمن المحافظة على كرامة كبارنا ومن قادونا وتسمح لعشرة أجيال في فتح ليس لها دور فعلي باتخاذ القرار ولكن لها دور فعلي بالتضحية بالدم."

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء  29/تشرين الثاني/2005 -  26/شوال/1426