البشر سيكونون أقلية والأشياء هي التي ستدير الانترنيت

فيما نجحت قمة تونس لمجتمع المعلومات في التوصل إلى حل بشأن ملف إدارة شبكة الانترنيت، نبه تقرير رسمي وخبراء إلى أنَ من سيحكم الشبكة الدولية لا محالة هي الأشياء.

وقال خبراء لـCNN إن أفضل صورة لما نحن مقدمون عليه في غضون بعض العقود، تضمنه كتاب الخيال العلمي لجورج أوريل "أفضل العوالم" حيث سيكون البشر مجرد أقلية وسط موج متلاطم من مستخدمي الانترنيت أغلبه من الأشياء.

هذه "الحقيقة" لم يصدح بها مجرد "متطرفين نظريين" وإنما تضمنها التقرير الرسمي لأكبر مؤسسة دولية في ميدان الاتصالات وهي الاتحاد الدولي للاتصالات.

وقال الاتحاد في بيان حمل عنوان "انترنيت الأشياء" إننا مقدمون على عصر جديد يصح معه القول إن الأمر يتعلق بجيل جديد من الانترنيت حيث سيكون عدد المستخدمين بآلاف المليارات.

وفي هذا العالم الجديد، سيكون عدد هناك كشافون إلكترونيون يتابعون داخل الشبكة تحركات الأشياء وبالتالي أصحابها.

وتضم شبكة الانترنيت حاليا 875 مليون مستخدم بشري، وفي غضون العقود القادمة، سيكون هناك مليارات من "الأحياء المجهولين" من ضمنهم بشر وأشياء وآلات وأجهزة وسيارات وقواعد معلومات وربما أيضا نباتات، سيتولون جميعهم التواصل مع بعضهم البعض بواسطة الانترنيت.

ووصف الخبير الأمريكي، مصنع جهاز الكومبيوتر المحمول الذي سيباع بمائة دولار، نيكولا نيغروبونتي الأمر لـCNN بأنّ الأمر يتعلق بتحول السيطرة من الإنسان إلى الأشياء، بل حتما، وحتى ينجح الإنسان في التكيف مع الوضع الجديد، فعليه أن يعتبر نفسه أيضا مجرد شيء من الأشياء.

في هذا العالم الجديد، ستتولى الثلاجة بنفسها تقديم طلباتها المتعلقة بما ينقصها من المواد الغذائية إلى محل البقالة، أما جهاز الكومبيوتر فسيتولى أيضا رقن ما يمليه عليه القلم.

أما الأجهزة الطبية فستتولى، ربما الكشف، ومن الأكيد تنفيذ ما ينبغي تنفيذه على جسد الإنسان المريض.

كما أنّ باب المنزل سيفتح آليا أمام صاحبه ولكنه سينغلق بإحكام على أي زائر غريب مشتبه به.

ويقول نيغروبونتي "يمكن للباب أن يسمح بخروج الكلب، ولكنه لن يسمح بالتأكيد بأن يصطحب معه خمسة آخرين."

والأكثر إثارة أنّ آلة الغسيل ستتحدث إلى القميص وتأمره بأن ينقلب إلى اليسار حتى ينفذ المسحوق إليه بطريقة ملائمة.

والحقيقة أن عدة آلات وأجهزة باتت في طور الاستخدام في السنتين الأخيرتين، من ضمنها سيارات تتوقف بمجرد "علمها" بأن حواجز أمامها على بعد عشرات الأمتار.

كما أنَ هناك عدة أجهزة إلكترونية يتم استخدامها في أمكان كثيرة من الأرض يتولى "تسييرها" جهاز كومبيوتر، هذا فضلا عن وجود عدة هواتف متحركة تتولى بنفسها حجز وشراء تذاكر السفر بالقطارات.

بل إنه وفي الآونة الأخيرة، يوجد على شرائح اللحم التي تباع في ناميبيا وكذلك منتوجات شركة وويل مارت الأمريكية، شريحة تسمح بتتبع آثارها.

ومن جهته، قال الخبير الأمريكي جون كيج لـCNN إنّنا بصدد "بث نوع من الحياة في الأشياء بل إننا نسمح للأشياء بأن تتناقش من وراء ظهورنا."

كل هذه التكنولوجيا ستكون ممكنة بفضل شريحة جديدة يطلق عليها RFID تعمل بالموجات الإذاعية.

غير أن المشكل الحقيقي وفقا للخبير التونسي في مجال علم النفس الاجتماعي عبد الوهاب محجوب، يتمثل في المشاكل التي سيطرحها هذا الجيل الجديد من الانترنيت.

وأوضح في تصريحات لـCNN إن التقنية الجديدة، تتيح تتبع خطوات الإنسان وحياته الخاصة، بمجرد التعرف على تحركات هذه الأشياء.

وفي دول غير ديمقراطية، تتيح هذه التقنية مزيدا من إحكام الطوق على الحياة الخاصة للبشر.

ومع مشاكل الفجوة الرقمية بين العالم الحديث، ذي البنية التكنولوجية المتطورة، والعالم التقليدي الفقير، ربما يكون العالم الأفضل هو العالم المتخلف لأنّ الإنسان سيظل فيه سيد الأشياء.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء22/تشرين الثاني/2005 -  19/شوال/1426