مؤتمر الإسلام في فيينا يرفض الصراع بين الأديان

بدء يوم الإثنين مساءّ في فيينا أعمال المؤتمر "موقف الإسلام من القضايا السياسية المعاصرة" والذي أعلن الرئيس النمساوي خلال كلمته بالمؤتمر الذي ترعاه بلاده "النمسا " رفضه التام لمفهوم صراع الحضارات وأن يكون البديل حوار الحضارات

وكان من ضمن ضيوف الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كل من الرئيس الإيراني السابق المنتهية ولايته محمد خاتمي والرئيس العراقي جلال طالباني والرئيس الأفغاني حميد كارازي وأكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي.وعبد الحميد عثمان مستشار رئيس وزراء ماليزيا للشئون الإسلامية، ومحمود زقزوق وزير الأوقاف المصري وحسين الشهرستاني ممثلا عن رئيس البرلمان العراقي.

ووقد بدء "هانز فيشر" رئيس النمسا في كلمته أمام المؤتمر: بالقول إن مبدأ التسامح يجب أن يكون هو الأساس في حوار الحضارات؛ بدلاّ من مصطلح "صراع الحضارات" (الذي روج له صموئيل هنتنجتون وزميله اليابانى الأمريكى يوكاهاما)، وأن يكون مصطلح الحوار بدل الصراع .

وأضاف أن مبدأ التسامح في الحياة اليومية بين معتنقي الديانات المختلفة يجب أن يتم ليس فقط فى التعامل على المستويات الشعبية ولكن أيضا بين النخبة والنقاشات العلمية، وهو الأمر الذي يساعد في دفع عجلة الحوار وتنمية العمل بمبدأ التسامح بين المسلمين والمواطنين بالدول الأوربية.

وقال فيشر أن هذه المبادرة التي تتبناها النمسا إنما هي خطوة لدعم وتقويه المجتمعات الإسلامية للفهم الغربي والمجتمع الأوربي، واستيعاب الحضارة الأوربية وتابعاتها، والعمل على التفاهم والتقارب بين وجهات النظر المختلفة بين معتنقي الديانات. أما بالنسبة للصراعات من الحين والأخر من قبل بعض الجماعات الإسلامية إنها تلزم الجميع للوقوف فى مواجهتها بالحوار الفعال الذى من خلاله يمكن مواجهه الأفكار المتشددة

وقال فيشر: على الساسة والقادة والعامة داخل الدول والمجتمعات الأوربية إدراك واستيعاب أن من حق الجميع العيش بحرية وأن يعتنق المرء ما يشاء من معتقدات وأن يتظاهر بها داخل المجتمع دون أية عراقيل أو مواجهات من قبل السلطات.

وأكد فيشر على "أننا لا نقبل تذويب المسلمين داخل مجتمعاتنا؛ بل نتمنى  منهم اندماجا إيجابيا وفعالاّ مع الاحتفاظ بهويتهم الإسلامية".

ووقال أيضاّ فى المقابل فإن المواطن المسلم المقيم في أوربا عليه احترام المجتمع الذي يعيش فيه وأن يلزم نفسه بالقيم والأسس الديمقراطية التي تتخذها الدول الأوربية دستوراّ ومبدأ لحكمها ولا يمكن التفريط فيها.

ودعا فيشر مسلمي أوربا الذين يقدرون بالملايين إلى احترام الدساتير والقوانين التي تضعها الدول التي يعيشون فيها وهو الأمرالذى يساعد في دفع عجلة الاندماج.

وأنهى فيشر  كلمته على أهمية هذا المؤتمر في دفع الحوار بين الإسلام والمجتمع الغربي، وأن ما يخرج به المؤتمر سيكون جسرا صلباّ ومتينا للوصول إلى مستقبل أفضل للجميع يغلفه السلام والتسامح.

بدوره دعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الاثنين في رسالة تليت في افتتاح مؤتمر "الاسلام في عالم متعدد" في فيينا الى "مواصلة الحوار بين الاديان" في مواجهة "زيادة التطرف".

وقال انان في رسالة قرأها ممثله الخاص الى العراق الاخضر الابراهيمي امام نحو الفي شخص مشاركين في المؤتمر في قصر هوفبرغ "علينا ان نوحد جهودنا ضد التطرف الذي يزداد تفاقما ليس فقط بين المسلمين وانما كذلك بين اتباع العديد من الديانات".

واضاف انان ان "الديانات الكبرى لديها جميعها تقاليد تعددية ولكن عددا متزايدا باستمرار من اتباعها باتوا يعبرون عن خطاب انعزالي".

وقال الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي من جانبه ان "على الديانات ان تتبادل الاراء (..) لانقاذ العالم من الاسلحة الكيميائية والنووية". وحذر خاتمي من "تعددية راديكالية" مضيفا ان "الحروب الصليبية" بينت ان الحروب لا طائل منها.

وقبل افتتاح المؤتمر الذي يختتم الاربعاء وسط حراسة ستمائة شرطي من القوات الخاصة اعلن الرئيس العراقي جلال طالباني ان انسحاب القوات البريطانية المنتشرة في العراق قد يحدث بشكل تدريجي اعتبارا من نهاية السنة المقبلة.

وقال طالباني "اعتقد انه بنهاية 2006 ستتمكن القوات البريطانية من تنفيذ انسحاب تدريجي بالتعاون مع القوات العراقية".

وعلى هامش المؤتمر انتقد بطريرك القسطنطينية برتولوميوس الاول الزعيم الروحي للروم الارثوذكس سياسة انقرة حيال الاقليات المسيحية في تركيا ولا سيما حقوق ملكية المباني الارثوذكسية.

وفي حديث لتلفزيون "اورف" النمساوي تمنى بطريرك القسطنطينية الذي وصل مساء الاثنين الى فيينا على الحكومة التركية ان تسمح باعادة فتح مدرسة للاهوت على جزيرة هايبلي التي اغلقت في 1971.

ورحبت وزيرة الخارجية النمساوية اورسولا بلاسنيك لدى افتتاحها المؤتمر بمسيرة افغانستان والعراق نحو ارساء الديموقراطية والتعددية.

وقالت بلاسنيك في كلمة رحبت فيها برئيسي افغانستان حميد كرزاي والعراق جلال طالباني "في ظروف صعبة جدا يشق العراق وافغانستان طريقهما نحو ارساء التعددية والديموقراطية".

وتابعت "نريد ان نولي اهتماما بدول الاسرة الدولية ولكن كذلك بالمجموعات المتواجدة في بلادنا".

واضافت "اثبتت لنا احداث عدة مدى اهمية هذه العملية" في اشارة الى اعمال العنف في ضواحي باريس.

وقالت بلاسنيك في دعوتها الى المشاركة في المؤتمر انه "في عالم العولمة يبدو ان الريبة والعنف بين الحضارات والاديان في تنام" واضافت ان "المواطنين المسلمين يتساءلون في اوروبا حول مكانتهم في المجتمعات" الغربية.

ويلقي الرئيس الافغاني والامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلو والمحامية الايرانية شيرين عبادي حائزة جائزة نوبل للسلام لسنة 2003 كلمات امام المؤتمر الثلاثاء.

وقالت وزيرة الخارجية النمساوية في كلمتها على الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة الأوربية والمرأة المسلمة في إستعجال عجلة الحوار بين الأديان وحوار الحضارات. وأثنت الوزيرة على الدور الذي لعبته الهيئة الدينية الإسلامية "الممثل الرسمي والشرعى للمسلمين بالنمسا" في الإعداد لهذا المؤتمر.

ووجهت "بلاسنيك" الشكر للمسلمين المقيمين بالنمسا والذين يمثلون نموزج مشرف فى الأندماج والتعايش مقارنه بالجاليات الأخرى للتعايش الصحيح بين المسلم وبين المجتمع الأوربي على حد وصفها.

وقال الدكتور انس الشقفة ان الهيئة الاسلامية في النمسا ستشارك بفعالية في مؤتمر فيينا كما شاركت بشكل مباشر في اعداد جدول أعماله والتحضير له بالتعاون والتنسيق مع وزارة الخارجية النمساوية.

وأوضح انه سيتقدم باسم الهيئة الاسلامية بورقة عمل شاملة تستعرض أهمية الدور الذي يقوم به المسلمون في النمسا.

وقال الشقفة ان النمسا "هي أحد أهم معاقل التعايش الحضاري والديني النموذجي بين معتنقي الدين المسيحي والدين الاسلامي الذين يشكلون غالبية المجتمع النمساوي".

وأكد اهمية اعتراف النمسا بالدين الاسلامي منذ 100 عام معربا عن اعتقاده بأن نجاح سياسة الانفتاح الخارجية التي تنتهجها النمسا هي انعكاس لنجاح السياسة الداخلية للحكومة النمساوية والتي تقوم على أساس احترام معتقدات مختلف أبناء الشعب.

كما ذكر ان الهيئة الاسلامية في النمسا تسهم في مساعدة الجالية المسلمة على الاندماج في المجتمع النمساوي والاحتفاظ بهويتهم وخصائصهم وعقيدتهم الاسلامية.

وقال ان النمسا ستستضيف خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول يناير 2006 المؤتمر الأول للائمة والدعاة المسلمين في أوروبا.

واكد البروفسور سكرفريد هاس أهمية انعقاد مؤتمر (الاسلام في عالم متنوع) الذي يجمع عددا كبيرا من الرؤساء والرؤساء السابقين وكبار الشخصيات السياسية والدينية والخبراء والباحثين والمفكرين وأساتذة الجامعات.

واوضح ان المؤتمر سيناقش جدول اعمال حافل بالقضايا والمسائل والتحديات التي تواجه المجتمع الدولي ويتبادل وجهات النظر والآراء حول تعزيز الحوار بين معتنقي جميع الديانات السماوية والحضارات والثقافات وتكريس حقوق الانسان والأقليات العرقية والسبل الكفيلة بمكافحة الارهاب.

واستنكر الأمين العام لجمعية الشرق (هامر بورغشتال) وصف الاسلام ب"الارهاب" والمسلمين ب"الارهابيين" داعيا الى التعرف على المواقف الحقيقية حول مجمل القضايا المعاصرة والمثيرة للجدل من ممثلي المسلمين وعدم اللجوء اإلى الأحكام المسبقة.

وقال ان النمسا وجهت 2000 دعوة لحضور مؤتمر (الاسلام في عالم متنوع) وتلقت ردودا ايجابية من 1200 شخصية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 16/تشرين الثاني/2005 -  13/شوال/1426