العالم يحتفي برابين في ذكراه .. ويتجاهل عرفات

قوائم أسماء الضيوف تشي بكل شيء. فمن بين من ينتظر ان يشاركوا في مراسم ستُقام هذا الاسبوع لإحياء ذكرى رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق اسحق رابين الذي اغتيل في عام 1995 وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس والرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون ومجموعة من كبار الوزراء الاوروبيين.

أما ياسر عرفات شريك رابين في جائزة نوبل للسلام فقد أقام الفلسطينيون في ذكرى مرور عام على وفاته مراسم متواضعة عند قبره لم يشارك فيها من الاجانب سوى سفير واحد معتمد.

كان التاريخ كريما مع رابين الذي قُتل في أوج عملية السلام برصاص يهودي متطرف من المعارضين لاتفاقات السلام المؤقتة مع الفلسطينيين.

أما عرفات فقد رحل في عزلة متهما من الكثير من زعماء العالم باعاقة جهود السلام رغم نفيه الوقوف وراء العنف في انتفاضة تفجرت عقب انهيار المحادثات في عام 2000.

ورأى دينيس روس المبعوث الامريكي السابق الى الشرق الاوسط أن الصورة تتحدث عن نفسها إذ لم تكن الولايات المتحدة وحدها الغائبة عن المراسم الخاصة بعرفات بل والدول الاوروبية والعربية كذلك.

وقال روس الذي أنحى باللائمة على عرفات في فشل محادثات كامب ديفيد التي استضافها الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون "يبدو كما لو ان العالم يعتبر عرفات شخصا أنهى حياته كشخص عقد العزم على منع السلام أو الوقوف ضده."

وكان رابين وعرفات تفاوضا سرا في أوائل التسعينيات على اتفاق من خلال مندوبين في اوسلو. وكان عرفات يهدف الى إقامة دولة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية العربية المحتلة بينما كان هدف رابين تحقيق الامن لاسرائيل واقامة علاقات طبيعية مع العرب.

لكن الاثنين ماتا دون ان يحققا الاهداف التى لا يزال الوفاء بها يبدو امرا بعيد المنال بالنسبة لمن خلفوهما.

وقال عرفات عقب اغتيال رابين ان عملية السلام انتهت بمقتله.

وبعد فشل المفاوضات وبدء الانتفاضة انتخب الاسرائيليون رئيس الوزراء ارييل شارون أحد معارضي اتفاقات اوسلو والذي كان جاهزا لاتخاذ اجراءات عسكرية عنيفة ضد الانتفاضة الفلسطينية.

ومتهما عرفات بتشجيع التفجيرات الانتحارية وغيرها من الهجمات دفع شارون بالدبابات والجنود الى مقر إقامة الرجل الذي اعتبره الفلسطينيون رمزا لنضالهم من أجل إقامة الدولة. ونبذته اسرائيل وواشنطن.

وبعد ثلاثة أشهر على وفاة عرفات في مستشفى بباريس بسبب بمرض غامض وافق خليفته الرئيس محمود عباس على هدنة مهدت الطريق أمام الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة بعد احتلال دام 38 عاما.

لكن الآمال في إمكانية ان تؤدي الهدنة والانسحاب من غزة الى إحياء المفاوضات بشأن "خارطة الطريق" لا تزال في مهب الريح. وتدعم الولايات المتحدة خطة السلام الرامية الى إقامة دولة فلسطينية تعيش الى جانب دولة اسرائيلية آمنة.

ولم يف أي من الجانبين بالتزاماته بموجب خارطة الطريق اذ المطلوب من الفلسطينيين البدء في نزع سلاح الفصائل المسلحة ومن الاسرائيليين تجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية. وتفجر العنف بين الجانبين بين الحين والآخر.

وقال روس "أشعر حقيقة بان هناك حاجة متزايدة لتدخل طرف ثالث لاقامة جسور بين الجانبين قبل فوات الأوان."

ولدى الجانبين أيضا مشكلات داخلية. فاسرائيل تتجه الى إجراء انتخابات مبكرة بسبب أزمة في الائتلاف الحاكم. والفلسطينيون يستعدون لانتخابات برلمانية ستشارك فيها للمرة الاولى حركة المقاومة الاسلامية حماس.

وحتى لو عادت اسرائيل والفلسطينيون الى المفاوضات في وقت ما فان مواقفهما حيال النقاط الرئيسية الشائكة التي كانت وراء انهيار المحادثات في عام 2000 لم يطرأ عليها أي تغيير.

ويقول شارون ان اسرائيل ستحتفظ الى الأبد بالمستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية بموافقة أمريكية فضلا عن الإبقاء على القدس الشرقية بأكملها كجزء من "عاصمة لا تقبل التقسيم." ويقول الفلسطينيون ان القدس الشرقية يجب ان تكون عاصمة لأي دولة فلسطينية تتوافر لها مقومات الحياة.

ويتمسك عباس أيضا بالمطلب الخاص "بحق العودة" للاجئين الذين تركوا ديارهم فيما أصبح يُعرف الآن باسرائيل خلال حرب 1948 عند تأسيس الدولة اليهودية. ولن توافق اسرائيل على هذا المطلب.

وقال ارون ميلر الذي عمل مستشارا لستة وزراء خارجية امريكيين سابقين "لا أشك في اننا سنشهد تطورات كبيرة العام القادم لان العام القادم هو ما يمكن ان أصفه بأنه عام المحادثات الداخلية."

واضاف "انه وقت سيتعين فيه على الجانبين النظر الى الداخل لاستشعار ما يريده شعباهما."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 16/تشرين الثاني/2005 -  13/شوال/1426