المسلمون في النمسا: قدرة على التعايش والاندماج داخل المجتمع

ينظر الى الأقلية المسلمة في النمسا وعلى نطاق واسع بانها نموذجا يحتذى به في أوروبا بفضل ما اظهرته من قدرة على التعايش والاندماج داخل المجتمع مستفيدة من الاعتراف الرسمي بالدين الاسلامي والسماح بتدريسه في المدارس الرسمية النمساوية منذ عقود طويلة من الزمن.

وتأكيدا على احترام العقيدة الاسلامية ورعاية المسؤولين النمساويين للمسلمين فقد ابدى رئيس الجمهورية النمساوية الدكتور هاينز فيشر حرصه الشخصي على استقبال رؤساء وممثلي الجمعيات والهيئات الاسلامية في البلاد في حفل خاص في قصر هوفبورغ الامبراطوري التاريخي لتهنئتهم والجالية الاسلامية في البلاد بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك.

وقال رئيس الهيئة الاسلامية الرسمية في النمسا انس الشقفة في تصريح لوكالة (كونا) انه سبق وان كرم الرئيس فيشر ممثلي المسلمين خلال شهر رمضان المعظم العام الماضي عندما جمعهم وكبار مسؤولي الدولة والاحزاب السياسية على حفل افطار لطمأنتهم بان النمسا ستواصل احتضان المسلمين الذي اتخذوا النمسا وطنا ثانيا لهم .

واشار الى ان هذه البادرة تأتى في اطار سياسة الحوار والتسامح التي تعتمدها النمسا مع مختلف الاديان والثقافات بعيدا عن العنصرية والكراهية. واوضح ان الدعوة التي وجهها كل من حاكم ولاية فيينا الاشتراكي ميخائيل هوبيل ورئيس البرلمان النمساوي اندرياس كول (من الحزب المسيحي المحافظ) قبل اسبوعين لممثلين عن الجالية المسلمة في البلاد الى مائدة افطار في مقر البلدية والبرلمان النمساوي ورفع اذان المغرب والصلاة هناك تؤكد المكانة المتميزة التي يحظى بها الاسلام ومعتنقيه في النمسا .

ودعا الشقفة المسلمين في البلاد الى المحافظة على هذه المكاسب من خلال الاندماج داخل المجتمع الاسلامي مع الاحتفاظ بالهوية الاسلامية ونبذ اية محاولة لاثارة الاحقاد والعنف والكراهية ضد اتباع الديانات الاخرى .

وقلل الشقفة من اهمية النتائج التي حصل عليها حزب الاحرار اليميني المتطرف في الانتخابات المحلية الاخيرة التي جرت في العاصمة فيينا وقال في هذا الصدد ان هذا الحزب خسر 7 مقاعد في الانتخابات مقارنة بما حصل عليه في الماضي مشيرا الى ان زعماء هذا الحزب يحاولون الايحاء بتحقيق انتصار سياسي بهدف تزييف الوقائع و اثارة البلبلة والقلق داخل صفوف المسلمين والاقليات الاخرى . واشاد بما قامت به الاحزاب النمساوية الكبيرة في البلاد مؤخرا عندما وجهت رسائل تهنئة الى الجالية الاسلامية في البلاد بمناسبة شهر رمضان وقرب حلول عيد الفطر المبارك باللغتين العربية و التركية .

واشار الى ان الروابط والجمعيات الثقافية والمراكز الاسلامية بدأت منذ ايام في الاعلان عن برامجها الخاصة بالعيد وما سيتخللها من نشاطات وفعاليات تدخل البهجة والسرور على ابناء الجالية . واكد الشقفة ان الجالية المسلمة في البلاد تتمتع بوضع نموذجي مقارنة بجميع الجاليات الاخرى في اوروبا معيدا الى الاذهان اعتراف النمسا بالاسلام كدين رسمي في البلاد منذ عام 1912 اثناء حكم القيصر "فرانس يوزيف" وبصدور ما يعرف بقانون الدين الاسلامي الذي منح المسلمين ميزات كبيرة استنادا الى نصوص الدستور الذي يساوي بين الجالية المسلمة وغيرها من معتنقي الديانات الأخرى. واعتبر الاعتراف الرسمي بالدين الاسلامي وحقوق الجالية المسلمة في مواضع مختلفة مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية وتنظيم الرعاية الدينية الخاصة بهم وحصول مؤسساتهم على حق حماية جميع أنشطتها الاجتماعية والثقافية والمالية وبينها الاحتفال بالعيدين تعد من ابرز مظاهر التعايش الديني في البلاد .

ومن جانبه قال رئيس النادي الثقافي والاجتماعي التونسي في فيينا عبدالحق العلايمي ان اجواء عيد الفطر في النمسا لا تختلف كثيرا عن أجوائها في غيرها من بلدان المهجر بشكل عام والمهجر الأوروبي بشكل خاص فرغم البعد عن الوطن والشعور بالحنين الى قضاء هذا العيد ضمن الأجواء التقليدية الاسلامية بين الأهل والاحباب والتحديد في أرض الوطن.

الا انه اكد ان الهيئة الاسلامية الرسمية في النمسا وفرت كل المستلزمات التقليدية المعروفة للاحتفال بهذه المناسبة المباركة.

 فيما قال مهاجر عربي اخر يدعى اشرف التومي ان ارض الغربة جعلت الجالية تتمسك اكثر باحياء شعائرها الدينية بشكل سليم والحيلولة دون ذوبان ثقافتها في المجتمعات التي تعيش فيها.

من جانبها اعتبرت السيدة الفت ان التمسك بالثقافة الأم وباحياء مختلف المناسبات الدينية خاصة يساهم بشكل فعال في ربط الصلة بين أبناء المهاجرين من الجيل الثاني أو حتى الجيل الثالث ويحافظ على هويتهم الاسلامية في البلاد من التفسخ والانحلال . وحث مهاجر اخر يدعى الدكتور جمال بن عبد الجليل المحاضر في جامعة فيينا العرب والمسلمين على عدم الاسراف في الاحتفال بعيد الفطر بسبب ما تعانيه الامة الاسلامية والعربية من تحديات راهنة مشيرا بشكل خاص الى محنة الشعب العراقي والفلسطيني وتعرض شعب باكستان المسلم الى كارثة الزلازل.

وقد اعتاد المشرفون على المساجد في النمسا والتي يصل عددها الى 135 مسجدا وبعد صلاة العيد مباشرة توزيع جوائز شهر رمضان على الفائزين في ترتيل القران الكريم و تنظيم برامج ترفيهية للاطفال .

يذكر ان عدد المسلمين في النمسا وفق آخر تعداد (جرى فى العام 2001) بلغ زهاء نصف مليون نسمة من اجمالي عدد السكان البالغ 8 ملايين نسمة اما عددهم داخل العاصمة فيينا فيصل الى حوالي 122 الفا .

شبكة النبأ المعلوماتية -الإثنين 7/تشرين الثاني/2005 -  4/شوال/1426