اغلاق الحدود يوصد أبواب الامل في انعاش غزة

يأمل محمود الفارح قطب الانشاءات الفلسطيني في أن يشتري الاسمنت مباشرة من تركيا الان بعد أن غادرت القوات الاسرائيلية قطاع غزة.

لكن مازال يتعين أن تأتي جميع الواردات والصادرات عبر اسرائيل بسبب مخاوفها من تهريب الاسلحة الامر الذي يسبب احباطا مستمرا لقطاع الاعمال في غزة ويمثل تهديدا للمكاسب الاقتصادية الناجمة عن الانسحاب.

وقال الفارح "في بعض الاحيان تبقى بعض المواد في الميناء الاسرائيلي ستة أشهر" متحدثا عن التأخير الذي اعتاد عليه هو وغيره من رجال الاعمال الفلسطينيين.

وبالنسبة للفارح قد يقتصر الامر على صعوبة التخطيط للعمل لكن هذا التأخير ربما يترك أثرا مدمرا بالنسبة لمستوردي السلع القابلة للتلف.

وعلت الامال في غزة وفي الخارج بأن يأتي الانسحاب الاسرائيلي بانتعاش اقتصادي ويحول القطاع الى نموذج للدولة الفلسطينية كسبيل لتعزيز افاق السلام.

وعلى الرغم من أن اسرائيل أنهت الحكم العسكري الذي دام 38 عاما يوم 12 سبتمبر ايلول الماضي وسط تهليل الفلسطينيين الا ان المرور من غزة واليها أصبح أكثر صعوبة.

وقال المبعوث الدولي جيمس ولفنسون انه يتعين أن تبذل اسرائيل المزيد للمساعدة مشيرا الى أن عدد الشاحنات التي تحمل الصادرات من غزة الى اسرائيل انخفض من 35 شاحنة يوميا قبل الانسحاب الى ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

وقال ولفنسون في خطاب لرباعي الوساطة الذي يساند خطة "خارطة الطريق" للسلام في الشرق الاوسط التي ترعاها الولايات المتحدة تم تسريبه "يجب علينا بالتأكيد ضمان أمن اسرائيل... لكن أفضل أمن سيكون بتوفير الامل والعمل للفلسطينيين."

وتفيد بيانات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني أن أكثر من 65 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم نحو 1.4 مليون نسمة يعيشون بأقل من دولارين في اليوم وأن أكثر من 35 بالمئة منهم يعانون من البطالة.

وانهار الاقتصاد منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي في عام 2000 بسبب اغلاق الحدود الذي تقول اسرائيل انه ضروري لمنع هجمات النشطاء وبسبب الفساد المستشري منذ سنوات وسوء الادارة.

وتبدي اسرائيل قلقها من احتمالات تهريب اسلحة لنشطاء في غزة وامكانية تسلل مهاجمين انتحاريين من القطاع الى اسرائيل.

وقال مارك ريجيف من وزارة الخارجية الاسرائيلية "من الناحية الاقتصادية سنكون مستعدين لتقديم المساعدة قدر المستطاع."

وأضاف "ندرك أن هناك احتياجات حقيقية وسنبذل ما في وسعنا لكن لا يمكننا فتح الحدود على الفور لاعتبارات أمنية. "

وتعقد الوضع بتجدد اعمال العنف التي عطلت المحادثات بشأن المعابر منذ انسحاب اسرائيل.

وقال صلاح عبد الشافي الاقتصادي المقيم في غزة "فيما يتعلق بقطاع الاعمال لم يعن الانسحاب شيئا."

ووافقت اسرائيل على نقطة عبور جديدة للسلع في معبر كيريم شالوم على حدودها مع غزة ومصر لكن ليس من المتوقع فتحه قبل شهر.

وأي سلع ستصل الى غزة عبر معبر كيريم شالوم سيفحصها الاسرائيليون.

وقال فلسطينيون انهم قد يقبلون مثل هذا الاجراء على الاجل القصير لكنهم في نهاية الامر يريدون حرية عبور الحدود مع مصر فضلا عن مطارهم الخاص وميناء بحري وضمان مرور امن للضفة الغربية.

ودمر المطار اثناء الانتفاضة. ويجري الجانبان محادثات بشأن بناء ميناء جديد للسفن لكنهم لم يتفقوا على كيفية ادارته.

وهدف الفلسطينيين في نهاية الامر هو تقليل اعتماد غزة المتزايد على الاقتصاد الاسرائيلي منذ احتلال القطاع عام 1967.

فأرفف متاجر البقالة التي تصطف في شوارع غزة المتربة تمتليء بمنتجات صنعت في اسرائيل. والكتابة العبرية واضحة على كل شيء من عبوات الشامبو الى منتجات الالبان.

وبدلا من محاولة استيراد السلع من أماكن ابعد والمعاناة في ادخالها عبر الموانيء الاسرائيلية ثم من المعابر الى غزة يشتري العديد من رجال الاعمال مباشرة من اسرائيل التي تسيطر على حركة البضائع أيضا بموجب اتفاق جمركي مع السلطة الفلسطينية.

وقال محمود السمهوري المستشار الاقتصادي بوزارة الخارجية الفلسطينية ان أكثر من 75 بالمئة من الواردات الفلسطينية تأتي من اسرائيل وأكثر من 95 بالمئة من الصادرات الفلسطينية تباع لاسرائيل.

وأضاف "أود أن تتغير هذه النسب عندما يصبح لدينا منافذنا الخاصة كأن يكون لدينا مطار أو ميناء او عندما تتاح لنا حرية حركة عبر الحدود."

وقالت اسرائيل انها قد تقبل مثل هذه الخطوات في نهاية الامر لكن الاتفاق يبدو بعيد المنال مع استمرار العنف.

والقلق السائد في غزة الان يتعلق بالمحصول المقبل.

سيزيد المحصول هذا العام بانتاج الصوب الزراعية التي تركها المستوطنون اليهود الذين اقاموا نشاطا مزدهرا في غزة يتمثل في توريد الفواكه والخضر لاوروبا.

واشترى مانحون دوليون الصوب من المستوطنين وأعاد الفلسطينيون زراعتها بسرعة بثمار الطماطم (البندورة) والفلفل المقرر حصادها في الاسابيع القليلة المقبلة.

ووفرت الصوب الزراعية وحدها ثلاثة الاف فرصة عمل اضافية وستوفر ايرادا سنويا يقدر بنحو 50 مليون دولار. لكن يتعين لتحصيل هذا الايراد مرور نحو 150 شاحنة يوميا لاخراج المحصول من غزة والا سيتلف.

وقال ولفنسون "النجاح التجاري سيعتمد بدرجة كبيرة على وضع ترتيبات كافية فيما يتعلق بالتصدير... الوقت ضيق والتفاؤل سلعة قابلة للتلف."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 3/تشرين الثاني/2005 -  30/ رمضان/1426