
استكملت الاحزاب السياسية الرئيسية في العراق تشكيل تحالفاتها يوم
السبت استعدادا للانتخابات العامة التي ستجرى في 15 ديسمبر كانون الاول
لانتخاب أول برلمان يستمر ولاية كاملة مدتها أربع سنوات منذ الاطاحة
بصدام حسين عام 2003.
وكانت كتل سياسية من بين أكثر من 200 حزب وائتلاف استكملت اجراءات
التسجيل لخوض الانتخابات التي تأمل واشنطن أن تعزز الديمقراطية في
العراق وتفتح الطريق أمام سحب القوات الامريكية في نهاية المطاف.
وقال مسؤولون انتخابيون يوم السبت ان 21 ائتلافا و130 حزبا وكيانا
سياسيا سجلت اسماءها لخوض انتخابات ديسمبر قبل انتهاء المهلة يوم
الجمعة من بينها عدد كبير من تجمعات العرب السنة الذين قاطعوا
الانتخابات السابقة التي أجريت في يناير كانون الثاني.
وطبقا لنظام جديد للتمثيل النسبي سيجد الناخبون في 18 محافظة في
العراق 18 بطاقة اقتراع مختلفة.
وابلغ حسين الهنداوي رئيس اللجنة الانتخابية بالعراق رويترز ان
اللجنة تمنح الناخب فرصة لاختيار أناس يعرفهم حتى يطلع الناخب أكثر على
البرنامج الانتخابي للمرشح في محافظته.
ورغم ان مراقبين كثيرين يتوقعون أن تجرى انتخابات ديسمبر على اسس
طائفية وعرقية الا ان حالة عدم الرضا المتزايدة تجاه توفير الخدمات من
جانب الحكومة الحالية التي يقودها الشيعة والاكراد قد تلعب دورا مهما.
وحصل الائتلاف الموحد الذي تقوده الاحزاب الاسلامية الشيعية على
أكثر من نصف مقاعد البرلمان المؤلف من 275 مقعدا في انتخابات يناير
الماضي.
ولكن رغم ادخال تعديلات واسعة على الائتلاف الموحد لخوض انتخابات
ديسمبر القادم الا أن الائتلاف فقد العديد من الكتل المنضوية تحت لوائه
مثل المؤتمر الوطني العراقي بزعامة أحمد الجلبي السياسي المثير للجدل
الذي فقد تأييد واشنطن.
وقد تكون العاصمة العراقية بغداد المختلطة الاعراق والطوائف هي
المؤشر لقياس اتجاهات الانتخابات حيث تتنافس الاحزاب على 59 من بين 230
مقعدا موزعة على المحافظات. وسيتم توزيع المقاعد المتبقية وعددها 45
مقعدا طبقا لتوزيع الاصوات على مستوى البلاد في شكل يستهدف ضمان تمثيل
أحزاب أصغر.
وقال الهنداوي ان قانون الانتخابات هذا معد خصيصا لدول توجد بها
أقليات دينية وعرقية لضمان توزيع عادل للمقاعد.
وسيكون عدد الاصوات التي ستنتزعها الاحزاب الصغيرة من الكتل الكبيرة
حاسما. وفاز التحالف الشيعي بنصف الاصوات تقريبا في الانتخابات التي
أجريت في 30 يناير كانون الثاني الماضي لاختيار البرلمان الانتقالي
الحالي لكنها تواجه الان استياء الناخبين بسبب انعدام الامن والفقر
والفساد.
وليس واضحا أيضا ان كان التحالف سيحظى بمباركة الزعيم الشيعي الاعلى
اية الله علي السيستاني والذي كان تأييده لها مقبولا على نطاق واسع في
يناير كانون الثاني الماضي.
وطلب السيستاني من مساعديه الامتناع عن الخوض في السياسة لكنه قد
يدفع الملايين للوقوف وراء التحالف اذا أراد. واذا لم يفعل فان أحزابا
شيعية أخرى ستستفيد.
من جهته قدم السياسي العراقي المثير للجدل احمد الجلبي لائحته
الخاصة الى الانتخابات العامة العراقية بعدما كان في كانون
الثاني/يناير الماضي في عداد التحالف الشيعي كما علم الجمعة من اللجنة
الانتخابية المستقلة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال المسؤول الكبير في اللجنة فريد ايار
بعد اقفال باب الترشيحات "ثمة 400 لائحة مرشحة" موضحا ان الجلبي رئيس
حزب المؤتمر الوطني العراقي قدم لائحته الخاصة.
وقد قدم الجلبي الحليف السابق لوزارة الدفاع الاميركية والذي فقد
حظوته بعد ذلك لائحة سميت المؤتمر الوطني من اجل العراق وتضم بالاضافة
الى حزبه الملكيين برئاسة الشريف حسين بن علي واحزابا اخرى صغيرة
ووزيرين من الحكومة الحالية هما وزير العدل الشيعي عبد الحسين شندل
ووزير التربية عبد الفلاح حسن الشيعي ايضا.
وتميز التحالف الشيعي بانضمام تيار مقتدى الصدر وقد حافظ على ركنيه
حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري والمجلس الاعلى
للثورة الاسلامية في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم. وقد احتفظ باسمه
"الائتلاف العراقي الموحد".
واتخذت لائحة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي اسم اللائحة الوطنية
العراقية وانضمت اليها حركة الوفاق الوطني والحزب الشيوعي ومجموعة
السياسي السني عدنان باجه جي (المستقلون الديموقراطيون) والاشتراكيون
واحزاب صغيرة اخرى.
وتضم اللائحة الكردية "الائتلاف الكردي" الحزب الديموقراطي
الكردستاني والاتحاد الديموقراطي الكردستاني واحزابا صغيرة لكنها لا
تضم الاتحاد الاسلامي الكردستاني الذي قرر تقديم لائحته الخاصة. وقدم
السنة ايضا لائحة مشتركة تضم ثلاثة احزاب منها الحزب الاسلامي العراقي.
وقالت صحيفة الحياة ان تهميش قوى وتيارات سياسية ليبرالية وتكنوقراط
داخل «الائتلاف» ادى الى انسحابها منه وتشكيل قوائم منفردة قبل ساعات
من اغلاق المفوضية العليا للانتخابات ابواب قبول طلبات تقديم الكيانات
السياسية. ولفت مراقبون الى ان الاطراف الحزبية المهيمنة على قائمة
«الائتلاف» وابرزها «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية» بزعامة عبدالعزيز
الحكيم و»حزب الدعوة الاسلامية» بزعامة رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري،
حاولت تعويض ما يمكن ان يسفر عن فقدان دعم السيستاني للقائمة باضافة
الزخم الجماهيري المتعاطف مع الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر لتحقيق
وزن سياسي مشابه لوزنها الحالي داخل الجمعية الوطنية.
وضمت قائمة المنسحبين من كتلة «الائتلاف» مجموعة من الاسماء البارزة
في المرحلة الماضية وصفها مراقبون بـ «أكباش فداء» لضمان جماهيرية
الصدر من ابرزها زعيم حزب «المؤتمر الوطني» احمد الجلبي ووزير النفط
ابراهيم بحر العلوم بالاضافة الى النائب علي الدباغ.
وقال الدكتور ابراهيم بحر العلوم، الذي اعلن انسحابه من كتلة «الائتلاف»
وخوض الانتخابات المقبلة بقائمة يرأسها باسم «تجمع عراق المستقبل» ان «كتلة
الائتلاف خسرت عناصرها الكفوءة القادرة على البناء والتي لها دور في
العمل التنفيذي داخل المؤسسة الرسمية» وأضاف في تصريح الى «الحياة» ان
«مجموعة كبيرة من الشخصيات الليبرالية والتكنوقراط انسحبت من قائمة
الائتلاف بسبب عدم منحها الحصة المناسبة من المقاعد»، مشيراً الى انه
واعضاء تجمعه منحوا مقعدين فقط في القائمة، فيما منح الجلبي ثلاثة
مقاعد، ما دفع بالاثنين الى الانسحاب من «الائتلاف».
واشار بحر العلوم الى ان ضيق المدة المتاحة بعد نهاية المفاوضات
داخل «الائتلاف»، لتقسيم المقاعد واشراك التيار الصدري بحجم كبير فيه،
لم يتح الفرصة للاحزاب والتيارات المتضررة تشكيل تحالفات واسعة خصوصاً
ان الصيغة النهائية لم تعلن الا قبل ساعات من اغلاق ابواب تقديم
القوائم.
واكد ان كتلة «الائتلاف» بـ «تشكيلاتها الحالية قد تستطيع تشكيل
حكومة لكنها ستواجه مشكلة وهي عدم تطعيمها بعناصر تدخل في نطاق التنوع
الطائفي والفكري والايديولوجي» واضاف ان «المطلوب ان لا يقتصر البرلمان
على لون واحد ويجب ألا يهمل أي مكون او تيار فكري أو يستبعد من
المشاركة في بناء العراق».
ولم يستبعد بحر العلوم تحقيقه نتائج جيدة في الانتخابات المقبلة،
مؤكداً ان «التحالفات السياسية ومحاولة ادارة الدولة برؤية حزبية
بعيداً من استثمار الخبرات والعناصر الكفوءة لن تخدما البلد» مشيراً
الى ان «قائمة الائتلاف اذا ما أصبحت محصورة في اطار حزبي ستفقد هويتها
الوطنية، ولن تحمل معها بذور البقاء وانما الشقاق، وهذا ما لا أتمناه»
مؤكداً ان التحالف اللاحق بعد الانتخابات وارد.
من جهته اعلن العضو البارز في «الائتلاف» علي الدباغ تشكيله تجمعاً
باسم «تجمع كفاءات العراق» لخوض الانتخابات المقبلة وقال لـ «الحياة»
ان «قائمة الائتلاف لم توفر للمستقلين فيها الفرصة الكافية للتعبير عن
آرائهم» واضاف ان «الانتخابات الماضية جلبت الى الجمعية الوطنية مجموعة
من الاعضاء غير الكفوئين، كان بعضهم مجرد ارقام. ولذلك آثرنا ان ننسحب
من قائمة الائتلاف لخوض الانتخابات منفردين».
وكشف ان «الائتلاف لم يكن ليحقق أساساً هذه النسبة من النجاح لولا
دعم المرجعية الشيعية وفي صدارتها آية الله علي السيستاني الذي لم يفت
بدعم قائمة 169 وإن أشّر عليها بالإيجاب ما شكل دعماً هائلا ًلها».
وزاد ان «السيستاني لن يؤشر على اي قائمة في الانتخابات المقبلة تاركاً
الخيار الكامل للعراقيين ما يعد إنجازاً مهماً للمرجعية بمنح الناس
حرية الخيار».
في هذه الأثناء حمل بعض المنسحبين من قائمة «الائتلاف» الاحزاب
الرئيسية فيها مسؤولية تأخير اعلان اتفاقها النهائي بشأن توزيع
المقاعد. واعتبر أعضاء في الجمعية الوطنية ان «أسلوب المفاوضات التي
أريد منها ان تستمر حتى يوم امس (الجمعة) كان يهدف الى إقصاء كتل
سياسية من جهة ومنعها من تشكيل ائتلاف كبير ينافس كتلة «الائتلاف»
الحالية في معاقلها الرئيسية من جهة أخرى».
وقال ناصر الساعدي، احد المفاوضين عن التيار الصدري، ان الاتفاق
النهائي لتشكيل كتلة الائتلاف الجديدة تضمن منح التيار الصدري نسبة 25
في المئة من مجمل القائمة و30 مقعداً بين اول 120 مقعداً فيها مقابل
استمرار رئيس «المجلس الأعلى» عبدالعزيز الحكيم في رئاسة الكتلة وتجاوز
مطلب دورية الرئاسة. |