انتقادات لمنح الوكالة الذرية ومديرها جائزة نوبل للسلام وعدم منحها لضحايا هيروشيما

 اثار فوز الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام محمد البرادعي الجمعة بجائزة نوبل للسلام للعام 2005 ردود فعل متفاوتة بين الاشادة والانتقادات نظرا للدور المثير للجدل الذي لعبته الوكالة في تشجيع الاستخدامات المدنية للطاقة النووية.

واعلنت لجنة نوبل منح الجائزة الى الوكالة ومديرها العام المصري تقديرا ل"جهودهما الرامية الى منع استخدام الطاقة النووية لاهداف عسكرية".

فقد اعرب الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي فاز بالجائزة مع منظمته عام 2001 عن "سروره" على لسان المتحدث باسمه.

وقال ان هذه الجائزة "تاتي في الوقت المناسب لتذكر بضرورة احراز تقدم في مجال منع انتشار الاسلحة النووية ونزع السلاح في حين لا تزال اسلحة الدمار الشامل تشكل خطرا كبيرا علينا جميعا".

كذلك اعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير المجتمعان في باريس واللذان تخوض بلادهما مفاوضات دقيقة وصعبة مع ايران بشأن ملفها النووي عن ارتياحهما لهذا الخيار.

وقال شيراك "انني مسرور لكون السلطات المختصة منحت جائزة نوبل للسلام الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام البرادعي اللذين قدما منذ وقت طويل ولا سيما في الفترة الصعبة الحالية مساهمة حاسمة في البحث عن السلام".

وقال بلير ان هذه الجائزة "تشير بوضوح كبير الى الانجازات من اجل السلام والامن في العالم" التي حققتها الوكالة التابعة للامم المتحدة.

وهنأت وزيرة الخارجية الاميركية الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام محمد البرادعي وقالت في بيان ان "الولايات المتحدة عازمة على العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجل تفادي انتشار تكنولوجيا السلاح النووي".

من جهته اعتبر كبير المفتشين الدوليين سابقا في العراق السويدي هانس بليكس ان فوز الوكالة ومديرها بالجائزة "خبر سار للغاية".

بالمقابل فان بعض المنظمات المعارضة للطاقة الذرية ومرشح آخر للجائزة اعترضوا على اختيار منظمة تعمل على تشجيع الاستخدامات المدنية للطاقة النووية.

واعتبرت "شبكة الخروج من النووي" الفرنسية التي تضم 720 جمعية انه "يجدر تفكيك الوكالة الدولية للطاقة الذرية" متهمة اياها بلعب "دور اساسي في عملية تقود البشرية الى هلاكها".

كذلك اعتبرت منظمة غرينبيس لحماية البيئة ان اختيار الوكالة الذرية يطرح "اشكالية" منددة ب"الدور المزدوج" الذي تلعبه الوكالة ك"شرطي ومشجع للقطاع النووي" في آن.

واضافت المنظمة "يمكن التساؤل حول الحكمة في منح البرادعي جائزة نوبل (للسلام) حيث انه يدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤيدة للنشاطات النووية" معتبرة في المقابل ان "البرادعي جسد في الفترة الاخيرة صوت المنطق في عالم منع انتشار الاسلحة النووية اذ عارض الحرب في العراق ودافع عن فكرة شرق اوسط منزوع السلاح النووي".

من جهته انتقد الناشط الياباني ضد انتشار الاسلحة النووية سنجي ياماغوشي المرشح لجائزة نوبل هذا الخيار الهادف بنظره الى ارضاء الولايات المتحدة التي كانت ستجد نفسها في قفص الاتهام لو منحت الجائزة الى ناجين من القنبلتين الذريتين على ناغازاكي وهيروشيما.

وقال ياماغوشي الناجي من ناغازاكي ان "الولايات المتحدة مسؤولة عن عجزها عن منع بلدان اخرى من امتلاك السلاح النووي".

وسئل رئيس لجنة نوبل اولي دانبولت ميوس ان لم يكن اختيار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يشكل انتقادا للادارة الاميركية فاكد انه لا يستهدف اي دولة خاصة بل يشكل "تحديا موجها الى جميع رؤساء الدول".

ولعبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية دورا هاما جدا قبل ان تشن القوات الاميركية والبريطانية الحرب على العراق. وكانت تؤكد خلافا للموقف الاميركي ان صدام حسين لم يكن يملك اسلحة دمار شامل وهو امر بات الان مسلما به بعد ان عرض الوكالة لاستياء واشنطن.

من جهة اخرى وعبر الزعيم التاريخي لنقابة "سوليدارنوسك" (تضامن) البولندية ليش فاليسا الحائز جائزة نوبل للسلام للعام 1983 عن خيبة امله لعدم منح الجائزة الى "شخص".

وصدر التعليق الاكثر فرادة على جائزة نوبل للسلام لهذا العام عن زوجة البرادعي التي قالت لوكالة فرانس برس ان هذه المكافأة "من اجمل ما حصل" لها... بعد زواجها.

وعبر الناجون اليابانيون من التفجيرين الذريين في هيروشيما وناجازاكي عام 1945 عن خيبة أملهم يوم الجمعة بعدما فشلوا في الفوز بجائزة نوبل للسلام لكنهم تعهدوا بمواصلة حملتهم ضد الاسلحة النووية.

وفازت يوم الجمعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة ومديرها العام محمد البرادعي بجائزة نوبل للسلام لعام 2005 لجهودهما في الحد من انتشار الاسلحة الذرية.

وقال تيرومي تاناكا وهو أحد ضحايا القنبلة الذرية التي القيت على ناجازاكي في عام 1945 والامين العام لمؤسسة هيدانكيو المعروفة ايضا باسم اتحاد منظمات ضحايا القنابل الذرية والهيدروجينية "انه لامر مثير للاحباط للغاية.

"كنا نأمل اننا لو حصلنا على الجائزة.. سيمنحنا ذلك دعما قويا ويعطي تشجيعا أكبر لضحايا القنابل الذرية الذين يتقدم بهم العمر."

وعندما سُئل عن رأيه في منح الجائزة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والبرادعي قال تاناكا "انها ليست منظمة قامت بأنشطة خاصة بالسلام. انه أمر مثير للاحباط للغاية."

ورشحت هيدانكيو وأحد مؤسسيها ويدعى سينجي ياماجوتشي (74 عاما) وهو أحد الناجين من قنبلة ناجازاكي لجائزة نوبل للسلام.

وقتلت القنبلتان الذريتان اللتان عجلتا باستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية نحو 140 ألفا في هيروشيما وقرابة 70 ألفا في ناجازاكي.

وقال ميكيسو ايواسا نائب الامين العام لمؤسسة هيدانكيو "لقد عملت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدى سنوات طويلة للقيام بواجباتها لكنها لم تتمكن من التخلص من الاسلحة النووية بالكامل...نحن لن نتوقف وسنواصل الكفاح من أجل التخلص من الاسلحة النووية."

وهيدانكيو غير مرتبطة بأي من الاحزاب أو الجماعات السياسية اليابانية على العكس من كثير من الجماعات اليابانية الاخرى المناهضة للاسلحة النووية.

وقاد ياماجوتشي حملة الضحايا ضد الاسلحة النووية.

وكان في سن الرابعة عشرة فقط عندما أسقطت الولايات المتحدة القنبلة الذرية على ناجازاكي بجنوب اليابان في التاسع من اغسطس اب عام 1945 لتقتل عشرات الالاف من الاشخاص على الفور وكثيرين اخرين ببطء.

وعلى أثر ذلك فقد ياماجوتشي الوعي لمدة 40 يوما وبينما نجا من الموت باعجوبة الا ان الحرارة التي نتجت عن الانفجار والتي يعتقد أنها وصلت الى اربعة الاف درجة مئوية أصابت معظم وجهه وبدنه بحروق.

ولا يزال ياماجوتشي يعاني حتى الان من مشكلات في التنفس ويذهب الى المستشفى مرة في الاسبوع لتلقي العلاج.

وقال شونتارو هيدا عضو هيدانكيو انه لم يعتقد قط انه سيكون من السهل على جماعته الفوز بجائزة نوبل للسلام لان الولايات المتحدة ستعارض ذلك.

وقال لمؤتمر صحفي في طوكيو انه لو فازت هيدانكيو بالجائزة لما تمكنت الولايات المتحدة من الدفاع عن إلقائها القنبلتين الذريتين على ناجازاكي وهيروشيما.

وقال هيدا "في ذلك الوضع لن تتمكن الولايات المتحدة من تقديم أي عذر... لم أعتقد أن من السهل على هيدانكيو الفوز في ظل العلاقة الحالية بين الولايات المتحدة والعالم."

هذا واختارت لجنة نوبل النرويجية الوكالة الدولية للطاقة الذرية والبرادعي من بين عدد قياسي من المرشحين بلغ 199 مرشحا.

وامتدحت اللجنة البرادعي ووصفته بانه "مدافع لا يهاب" عن الاجراءات التي تعزز جهود الحد من انتشار الاسلحة.

وكان البرادعي والوكالة الدولية ضمن المرشحين المرجحين لنيل الجائزة التي يجيء إعلانها في ذكرى مرور 60 عاما على القاء قنابل ذرية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين في اغسطس اب عام 1945 .

وقالت لجنة نوبل "في الوقت الذي وصلت فيه جهود نزع السلاح فيما يبدو الى مأزق وفي وقت ثارت فيه مخاوف من انتشار الاسلحة النووية الى دول وجماعات ارهابية وفي وقت تلعب فيه القوى النووية مجددا دورا اخذا في النمو يكتسب العمل الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية أهمية لا تحصى."

وتصل قيمة الجائزة التي سميت على اسم السويدي الفريد نوبل الى 1.3 مليون دولار ومن المقرر تسليمها في العاصمة النرويجية اوسلو في العاشر من ديسمبر كانون الاول القادم.

وذاعت شهرة البرادعي حين سلط الضوء على عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق وهي الذريعة التي ساقتها الولايات المتحدة لغزو البلاد عام 2003 .

وقال اولي دانبولت رئيس لجنة نوبل ان منح الجائزة للبرادعي والوكالة لا ينطوي على اي انتقاد مستتر لواشنطن التي اختلفت مع البرادعي بشأن العراق.

وقال خلال مؤتمر صحفي "هذه ليست ركلة في الساق لاي دولة."

وجاءت جائزة نوبل للسلام لعام 2005 لتؤكد تيارا معاديا للسلاح النووي يواكب حلول ذكرى هيروشيما ونجازاكي على مر العقود السابقة.

ففي عام 1995 فاز العالم البريطاني المطالب بحظر القنابل النووية جوزيف روتبلات ومنظمته (الباجواش) بالجائزة . وفي عام 1985 ذهبت الجائزة لمجموعة من الاطباء الامريكيين السوفيت تدعى اطباء دوليون لمنع الحرب النووية.

وقال تلفزيون (ان.ار.كيه) النرويجي يوم الخميس انه من المرجح ان تكرم جائزة نوبل للسلام لعام 2005 العمل الهادف لاحتواء الاسلحة النووية بعد 60 عاما من قصف الولايات المتحدة لمدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بالقنابل الذرية.

وقال ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها البرادعي والسناتور الامريكي ريتشارد لوجار والسناتور السابق سام نان وجماعة حظر القنبلة التي تمثل الناجين اليابانيين من القصف الذري الامريكي في عام 1945 هم في مقدمة المرشحين.

وقال المراسل المخضرم للتلفزيون النرويجي جير هيلجيسين الذي كان غالبا يتوقع بشكل صحيح الفائز بالجائزة السنوية في اخبار المساء الرئيسية ان اللجنة من المرجح ان تجد "الكفاح ضد الاسلحة النووية موضوعا محوريا وذا صلة بالاحداث الجارية."

وكان من المرجح ان يؤثر القلق من البرامج النووية لكوريا الشمالية وايران والمخاوف من سقوط اسلحة الدمار الشامل في ايدي الارهابيين على اختيار الفائز بالجائزة.

وفي العام الماضي اشار هيلجيسين الى الكينية المهتمة بشؤون البيئة ماتاي كفائزة مرجحة بالجائزة.

وذكر هيليجيسين في تقريره يوم الخميس الوكالة الدولية للطاقة الذرية والبرادعي ولوجار ونان بسبب جهودهم في تفكيك الاسلحة النووية العتيقة للاتحاد السوفيتي السابق وجماعة نيهون هيدانكيو اليابانية التي تمثل ضحايا القنبلة الذرية.

واستبعد هيليجيسين التكهنات بان مطرب الروك الايرلندي بوب جيلدوف سيفوز بالجائزة لحملته ضد الفقر في افريقيا قائلا انه ليس حتى من بين المرشحين. وقال ان مطرب الروك الايرلندي الاخر بونو كان مرشحا لكنه لن يفوز.

ويقول بعض الباحثين في شؤون السلام ان الوكالة الدولية لم تفعل الا القليل لتستحق الجائزة بالنظر الى المواجهات مع ايران وكوريا الشمالية حول برامجهما النووية. ويقول اخرون ان منح الجائزة للوكالة قد يشجع الحد من انتشار الاسلحة النووية بعد انتهاء الحرب الباردة وقد يجعل من الصعب على الارهابيين الحصول على هذه الاسلحة.

شبكة النبأ المعلوماتية -السبت 8/ تشرين الأول/2005 -  4/ رمضان/1426