العلم والطعام يلتقيان في الطهو الجزيئي

يرتدي بينو مافيو نظارات امان بلاستيكية في حين يختفي وسط سحابة من الدخان وهو يسكب النيتروجين السائل من علبة معدنية كبيرة. لكن بعيدا عن المظاهر فان ماتيو ليس عالما مجنونا.

وتجارب الرجل من النوع المتعلق بالطهو ومعمله هو المطبخ الموجود في الطابق السفلي في "مطعم ال" في بوسطن حيث يعمل رئيسا للطهاة وحيث يتكلف العشاء لاثنين مع النبيذ حوالي 130 دولارا في المتوسط.

وينتمي ماتيو الذي يصف مطبخه بأنه اوروبي اساسا وبه لمسات اسيوية الى جيل جديد من الطهاة الامريكيين الذين يمارسون ما اصبح يعرف باسم فن الطهو الجزيئي.

وباستخدام النيتروجين السائل ومستحلبات وترسانة من المعدات المألوفة عادة في المعامل العلمية يبتكر مافيو ما يصفه بأنه "عجائب الوجبة الواحدة".

وقال وهو يضع معكرونة مصنوعة من المانجو واللحم المقدد على اسياخ الى جانب قطع من الصبار ومكعبات جيلاتينية من عصير العنب "اذا كان باستطاعة العلم ان يجعل مطبخي افضل فسوف استخدمه."

واضاف "انا افتح بابي لاي شيء."

ومن اجل ابتكار وجبات غير تقليدية مثل الجمع بين الحبار المحمر والبطيخ والشمام يحلل مافيو التركيب الجزيئي للمكونات بمطياف يعمل بالاشعة تحت الحمراء وجهاز يعمل بالرنين المغناطيسي النووي وهي معدات يستخدمها عادة باحثو الفيزياء والكيمياء التخليقية. وهو يعتقد ان الاطعمة ذات التركيب المتشابه يمكن ان تتوافق معا بصورة جيدة.

ويلتقي مافيو اسبوعيا لبحث المشروعات مع انجيلا بوفون وهي بروفسور زائر للكيمياء العضوية في جامعة سوفولك وشريك في تجارب مافيو في مجال الطهو.

ولاعداد طبقه المميز من كبد الاوز الممزوج ببيضة ذهبية عيار 24 قيراط يستخدم مافيو برميلا صغيرا من النيتروجين السائل وهو غاز يستخدم بصورة اشيع لعلاج امراض جلدية مثل الثاليل.

وتوضع كبدة الاوز المحمرة على طبقة من شرائح الشمار المخلل وقطع بيضاوية منفوخة من حلوى المارنج المصنوعة من مزيج السكر وبياض البيض المخفوق ثم توضع في كريما مخفوقة بعض الشيء قبل ان تغمس في النيتروجين السائل.

ويتسبب الغاز الذي تبلغ درجة برودته 184 درجة تحت الصفر في تجميد فوري للكريما مما يؤدي الى تكون نسيج يشبه قشرة البيضة. وباستخدام محقن يقوم مافيو حينئذ بحقن عصارة المانجو الى حلوى المارنج التي تغمس حينئذ في الحمام البارد.

وكلمسة اخيرة يتم لف البيضة في ورقة ذهبية عيار 24 قيراط وتوضع على طبق وحين يحدث شق في قشرتها تتسرب منها عصارة مانجو مثل صفار البيض.

ويقول مايكل رولمان الكاتب المتخصص في شؤون الاغذية انه بقدر ما يتضمن المطبخ الجزيئي من ابداع وابتكار بقدر ما يبدو الخط الذي يفصله عن المبالغة او السخف شحيحا.

ويضيف رولمان الذي الف العديد من الكتب عن عمل الطهاة "مجرد كونك تستطيع ان تفعل شيئا لا يعني انك يجب ان تفعله." وتابع "افعله اذا كان مذاقه ممتعا."

ويتفق مافيو مع ذلك قائلا "الامر كله يدور حول المذاق." ويضيف انه اذا لم يشعر الناس ان المذاق رائع "لن تكون هناك ضرورة لكل ذلك."

ورغم ان العلم الحديث يتيح مساحة لمزيد من الحيل الا انها ليست بديلا للاسلوب التقليدي. ويقول رولمان "بصرف النظر عن طريقة الاعداد فان الطهي يعتمد على اساسيات."

وترجع الريادة في فن الطهو الجزيئي الى الطاهي الاسباني فيران ادريا الذي ينفق نصف العام يختبر اطباقه المعروفة عالميا ويمضي الباقي في الطهو في "البولي" على الساحل الاسباني على البحر المتوسط. وانضم طهاة اخرون مشهورون عالميا مثل هيستون بلومنتال من فات داك في بلدة براي الانجليزية الى طليعة الطهو الجزيئي.

ويقول رولمان ان قليلين في الولايات المتحدة جربوا فن الطهو الجزيئي لكن هذا الاسلوب وصل الى امريكا ليبقى.

وقال طاهي المشاهير ديفيد بيرك من ديفيدبيرك اند دوناتيلا في نيويورك "لن اجعل كل طبق في قائمتي مشروعا علميا لكنها طريقة مثيرة." واضاف "الامر يشبه العودة للمدرسة وانا اجد فيها جاذبية طبيعية."

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 13 / ايلول/2005 -8/ شعبان/1426