الكآبة تسود الضفة الغربية والافراح تسود غزة والفلسطينيون يعودون بالتذكارات من المستوطنات

كان للفرحة التي اجتاحت قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي يوم الاثنين اصداء قليلة في الضغة الغربية المحتلة.

ويرجع رد الفعل المكبوت الذي ساد الضفة من الخليل في الجنوب الى نابلس في الشمال الى عدم الثقة في النوايا الاسرائيلية ومخاوف من ان غزة قد تكون كل ما سيحصل عليه الفلسطينيون لاقامة دولتهم.

وقالت مونيا محمود (38 عاما) وهي من سكان رام الله "بينما نحن سعداء بأن الاسرائيليين تركوا غزة...لا يوجد لدينا حقا اي امل في المستقبل هنا في الضفة الغربية."

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قد اوضح ان اسرائيل تعتزم التمسك بكتلها الاستيطانية الاكبر في الضفة الغربية ومواصلة البناء فيها حيث يعيش 245 الف مستوطن يهودي في عزلة حصينة عن 2.4 مليون فلسطيني.

كما تعهد ايضا بالا يتخلى ابدا عن القدس الشرقية العربية والتي يريد الفلسطنيون ان يقيموا عاصمتهم فيها.

هذه المناطق تحاط بشكل مضطرد بجدار عازل تقول اسرائيل انه يمنع المفجرين الانتحاريين لكن الفلسطينيين يرون فيه مصادرة لاراضيهم لحرمانهم من اقامة دولة ذات مقومات للبقاء.

وتمسك اسرائيل بالضفة الغربية كان دائما اكثر قوة من تمسكها بقطاع غزة الصغير منذ ان احتلت الدولة اليهودية الاثنين في حرب عام 1967 .

وأخلت اسرائيل اربع مستوطنات صغيرة فقط في شمال الضفة الغربية الشهر الماضي في نفس وقت اخلاء غزة.

وقال معين الاحمد (35 عاما) وهو عامل في الحكومة الفلسطينية "الناس هنا محبطون جدا...الانسحاب من غزة جاء على حسابنا بسبب بقاء (اسرائيل) في الضفة الغربية."

ويرحب الفلسطينيون بأي انسحاب ويشعرون بالسعادة وهم يرون اشقاءهم في غزة وقد تخلصوا من القيود التي تفرضها اسرائيل على السفر بين البلدات والمدن في القطاع.

لكنهم يرفضون ان يبقى سكان الضفة الغربية في مواجهة شبكة من الحواجز المرورية ونقاط التفتيش المعوقة اقتصاديا والتي تقول عنها اسرائيل انها ضرورة امنية بينما يصفها الفلسطينيون بأنها عقاب جماعي.

وحتى في غزة رغم الاحتفالات الشعبية التي شاركت فيها حشود الجماهير ورغم اعلام النصر واطلاق الرصاص في الهواء لاحت مشاعر القلق من نوايا شارون.

حتى فناجين القهوة التذكارية التي تباع في متاجر غزة اشارت الى اهم الاسئلة المقبلة "مبروك للانسحاب من غزة...وقريبا الانسحاب من الضفة الغربية."

لكن تلك الامال صعبة التحقيق.

وتخلت اسرائيل عن اريحا وطولكرم في مارس اذار ولكنها جمدت العملية قائلة ان الفلسطينيين يجب ان يأخذوا خطوات اكبر للسيطرة على الجماعات المسلحة مثلما تعهد عباس.

وقال ياسر عموري وهو مقاول بناء في طولكرم في الثالثة والخمسين من عمره "ماذا لدينا لنحتفل به" مرددا جملة تكرر سماعها في الضفة الغربية.

هذا وتدفق الفلسطينيون باعداد كبيرة على المستوطنات التي اخلاها الجيش الاسرائيلي صباح الاثنين ليعودوا منها بتذكارات واهية لكنها تشكل بالنسبة لهم رمزا لانحسار الاحتلال عن ارضهم بعد 38 سنة من الاحتلال المباشر.

وبعيد رحيل اخر جندي اسرائيلي في حوالي السابعة صباحا بدأ سكان خان يونس يتدفقون على مستوطنتي نيفيه ديكاليم وغاني تل ضمن تجمع غوش قطيف جنوب القطاع.

ورغم ان الجيش الاسرائيلي هدم معظم مباني المستوطنات التي تحولت الى ركام هائل اتجه الفلسطينيون من كافة الاعمار كبارا وصغارا وحتى بعض الجرحى والمقعدين الى المستوطنات ليشاهدوا هذه الارض المجهولة بالنسبة اليهم.

وشوهد اشخاص يعودون من المستوطنة محملين باشياء غير قابلة للاستخدام كقطع خشبية او قطع حديد او حتى قطعة من سياج شبكي او جزء من مصباح مكسور ويغطيه التراب او بقايا رصاص وصناديق رصاص قديمة فارغة.

وكان البعض اوفر حظا اذ عثر على حاوية قمامة فارغة او ماسورة مجاري مكسورة.

وقال عبد الرحيم حجو (40 عاما) ان "ما يأخذه هؤلاء الناس من المستوطنات ليس بغرض السرقة فلا شىء يستحق السرقة وانما كرمز من رموز الانكسار الاسرائيلي".

وبدوره قال عبد ابو مصطفى (32 سنة) "هم سرقوا دماء وارواح ابنائنا وارضنا وبراءة اطفالنا ويستكثرون علينا ان يأخذ الاطفال شيئا رمزيا من المستوطنات. هذه الارض لنا وكل شىء فيها لنا".

وفي خان يونس انتشر عناصر من كافة الفصائل والمجموعات الفلسطينية مدنيين وعسكريين رافعين راياتهم المختلفة تعبيرا عن فرحتهم بالانسحاب.

وينتمي هؤلاء وبينهم عدد ممن كانوا يعيشون في الخفاء خوفا من مطاردة الجيش الاسرائيلي الى "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة حماس الى "كتائب ابو الريش" التابعة لفتح و"كتائب ابو علي مصطفى" التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و"لجان المقاومة الوطنية" التابعة للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين و"لجان المقاومة الشعبية".

وردا على سؤال حول موضوع الكنس اليهودية التي قررت الحكومة الاسرائيلية ابقاءها في المستوطنات قال عباس ان "الجيش الاسرائيلي لم يترك كنسا وانما مباني شبه مدمرة بعد ان ازالوا عنها كل معالم الدين والقدسية".

واوضح "نحن مؤمنون ومسلمون ونعرف حرمة الاماكن الدينية الا ان هؤلاء تركوا هذه الابنية ولم يعد الان بالتالي لها حرمة وقدسية ومصيرها سيكون كباقي الابنية التي خلفها الاسرائيليون وراءهم شبه مدمرة".

وافاد مراسل وكالة فرانس برس ان مئات من الشبان الفلسطينيين حطموا ليل الاحد الاثنين زجاج كنيس مستوطنة كفار داروم في قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي واحرقوا كنيسي مستوطنتي نتساريم في الشمال وموراغ في الجنوب.

وكان ابو خوصة اعلن مساء الاحد ان السلطة الفلسطينية قررت هدم المعابد اليهودية التي تركت في قطاع غزة يوم الاثنين بعد اكتمال انسحاب القوات الاسرائيلية من القطاع.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 13 / ايلول/2005 -8/ شعبان/1426