يبدأ عرض فيلم "الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد الذي
يدور حول موضوع العمليات الانتحارية وفاز بجوائز في اطار مهرجان برلين
السينمائي في الصالات الاوروبية هذا الاسبوع.
وفي حين ما زالت صور اعتداءات لندن ومدريد والتفجيرات اليومية في
العراق راسخة في الاذهان قام هاني ابو اسعد بكشف الساعات الاخيرة لخالد
وسعيد وهما انتحاريان فلسطينيان قبل تنفيذ عمليتهما في تل ابيب.
وقال المخرج المولود في الناصرة خلال عرض الفيلم مساء الاثنين في
معهد العالم العربي في باريس ان "العملية الانتحارية هي اقصى ما يمكن
ان يقوم به الفرد وادينها لكن اهتمامي كان التركيز على سرد قصة من
الداخل والانطلاق مما يدفع هؤلاء الرجال الى ارتكاب مثل هذه الاعمال".
ويعرض فيلم "الجنة الآن" الاربعاء لاول مرة في الصالات في فرنسا
وبلجيكا قبل ان يقدم في التاسع من الجاري في مهرجان تورونتو. وانتج هذا
الفيلم بالاشتراك مع هولندا والمانيا وفرنسا وحصل على جائزة الجمهور
وجائزة افضل فيلم اوروبي وجائزة منظمة العفو الدولية في مهرجان برلين
في شباط/فبراير الماضي.
وسيوزع هذا الفيلم في 23 من الجاري في النمسا و29 منه في المانيا ثم
المجر وايطاليا وهولندا حيث يقيم المخرج ثم في الولايات المتحدة في 11
تشرين الثاني/نوفمبر. ولم يحدد بعد موعد عرضه في اسرائيل بحسب شركة "سيلولويد
دريمز" التي توزعه في الخارج.
ولسرد قصة خالد وسعيد وهما صديقان منذ الطفولة اختارهما فصيل
فلسطيني لتنفيذ عملية انتحارية درس هاني ابو اسعد بدقة كبيرة عمليات
استجواب الانتحاريين الذين فشلوا في تنفيذ المهام المناطة بهم. وتبين
له ان معظم الانتحاريين لم يكونوا "ناشطين متشددين بل اشخاص عاديين".
ويصور الفيلم مشهد العشاء الاخير مع افراد العائلة وتحضير الانتحاري
جسديا للموت وكذلك الرسائل الاخيرة المصورة في جو ساخر اسود لان عطلا
يطرأ على الكاميرا ويضطر الانتحاري الى ان يكرر وصيته عدة مرات.
وترى سهى (لبنى الزبال وهي ممثلة بلجيكية من اصل مغربي) ابنة بطل
فلسطيني في الفيلم انه "يمكن ان يكون للمقاومة اشكال اخرى" وتحاول
ثنيهما عن تنفيذ العملية الانتحارية قائلة "لو قتلنا فعلنا مثلهم وتصبح
الضحية كالجلاد وبالتالي لن يكون هناك جنة".
ويعتبر خالد ان "الجنة في الذهن افضل من الجحيم الذي نعيشه. اننا
كمحكومين بالاعدام مع وقف التنفيذ".
وكان هاني ابو اسعد صور فيلم "الجنة الآن" بعد فيلمه الاول "عرس
رنا" في اجواء من التوتر الدائم في نابلس بين حظر التجول واطلاق النار
والانفجارات والعمليات الاسرائيلية.
وهذا التوتر واضح في الفيلم الذي يكشف المعضلة التي يواجهها الشباب
الفلسطيني. ويبرع قيس ناشف وعلي سليمان في تأدية دوريهما.
وقال المخرج "كانت فكرة تصوير مشاهد هناك ضربا من الجنون" مؤكدا انه
اثار شكوك المجموعات الفلسطينية المعارضة للصورة التي يعكسها الفيلم عن
الانتحاريين.
وكان الفريق يضم الى جانب الفلسطينيين هولنديين والمانا وفرنسيين
وبلجيكيين واسرائيليين قاموا بتصوير اللقطات في تل ابيب.
واخيرا قرر الفريق الاوروبي وقف انشطته بعد انفجار صاروخ على سيارة
قرب مكان التصوير واضطر هاني ابو اسعد انجاز فيلمه في الناصرة.
الفيلم الفلسطيني انتظار الوطن والحلم الخيالي
يحكي فيلم "انتظار" للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عما يسببه ترك
الوطن من توتر. فالانتظار نحو 50 عاما في سبيل الذهاب الى الوطن تجعل
منه حلما خياليا. والفيلم أحدث ما أخرجه مشهراوي المولود في غزة والذي
أسس السينما المتنقلة من أجل مخيمات اللاجئين.
واشتهر مشهراوي بفيلمه السابق "تذكرة سفر الى القدس" عام 2002 الذي
يدور في قالب كوميدي حول رجل يعرض الافلام في مخيم للاجئين ويحلم
بتقديم عرض في الهواء الطلق في القدس الشرقية.
ويدور فيلم "انتظار" حول المخرج المسرحي أحمد الذي ينتقل بين مخيمات
المنطقة بحثا عن ممثلين للمسرح الوطني الفلسطيني الجديد في غزة. واجتذب
هو وفريقه طوابير من المتطوعين في المخيمات في الاردن وسوريا ولبنان.
وكان الاشخاص الذين يودون التمثيل غير مهتمين بالمسرح ولكنهم كانوا
يتحرقون الى ارسال رسائل إلى الوطن والاقارب الذين لم يروهم منذ سنوات.
وقال مشهراوي إنه يفضل فلسطين التي تعيش في مخيلة ساكني المخيمات في
المنطقة عن فلسطين الحقيقية المحتلة الموجودة اليوم. انه يحب ان تتحول
رؤى احلام اللاجئين إلى حقيقة.
ويقول مشهراوي إنه داخل هذه الاحلام الجميلة يكمن الانتظار ومع مرور
الوقت يتزايد عدد المنتظرين.
وكان عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين تركوا وطنهم في الفترة من 1948
إلى 1950 نحو 800 ألف فلسطيني بينما أصبح عددهم الان نحو أربعة ملايين.
ويهدف مشهراوي من خلال تصوير المخيمات في لبنان وسوريا والاردن إلى خلق
صورة للخريطة الانسانية التي تكون فلسطين.
وقال الممثل محمود مسعد الذي يلعب دور أحمد الشخصية المحورية في
الفيلم وهو مخرج أيضا يعيش في هولندا "رسالة الفيلم هي بسيطة كتير.
الفيلم بيشرح للناس وبيفرج للناس قصة اللاجئين اللي هي بالعالم المخفي.
قصة اللاجئين اللي هي مش الحدث اليومي اللي يتطلع عليه العالم كله.
"الحدث بين الصراع الاسرائيلي والفلسطيني اللي هو فيه صراع ثاني
صراع الانتظار لاكثر من اربعة مليون فلسطيني عايشين بره فلسطين والعالم
كله ما بده يعلم لا عالميا ولا عربيا ولا عالميا يعني. هذا الفيلم
ببساطة بيحكي للعالم أو بينبش او بيطلع الناس هاي للجمهور انه فيه ناس
انه فيه صراع ثاني غير الصراع الاسرائيلي الفلسطيني فيه صراع بره صراع
الانتظار وعشان هيك الفيلم اسمه انتظار."
وتستدعي فكرة مشهراوي أعمال المخرجين الفلسطينيين في الاونة الاخيرة
مثل فيلم المخرج ايليا سليمان "يد الهية" وهو فيلم كوميدي حاز علي
جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي عام 2002 وكان أول فيلم
فلسطيني يحصل على حق العرض كاملا من أمريكا.
ولكن لم يجد فيلم "انتظار" مفرا من القاء غلالة سوداء ويائسة على
قضية العودة وهذا ما جسده مشهد النشرة التي تذيعها شخصية المذيعة
التلفزيونية السابقة بيسان والتي تريد ان تصبح ممثلة.
ففي الوقت الذي يفحص فيه المصور الصوت تقرأ بيسان في سرعة عناوين
الاخبار التي تحتوي على اخبار نمطية اعتاد الجمهور على سماعها على مدار
سنوات طويلة.
وقال المشهراوي "الصوت الذي تفحصه الصحفية بالفيلم لما بتحكي عن
المفاوضات المستمرة والرئيس الامريكي بده مطمئن على السلام والبابا بده
سلام دائم لكل العالم وجامعة الدول العربية وافقت والاسرائيلون قالوا
هيك والفلسطينيون قالوا هيك. هذه من الذاكرة تبعتها لما كانت تشتعل
بالتلفزيون الفلسطيني هذا كان نوع الاخبار اللى كنا طول الوقت نسمعها.
حلقة دائرة مسكرة ما لها بداية ولا نهاية كانت سلسلة انتظارات لا تنتهي
وهذا كان الوضع الفلسطيني اللي نحنا عايشينه الان."
رغم أن قصة الفيلم تتركنا أمام أحمد وفريقه في موقف ساخر من
الانتظار عندما يتسبب تفجير إسرائيلي في إغلاق الحدود فان الفيلم نفسه
يستمر.
وسيواصل الفيلم طريقه إلى المهرجانات الدولية بعد البندقية حيث
سيعرض في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي الاسبوع القادم.
فيلم (ميونيخ) لسبيلبرج يثير غضب
مدبر العملية الفلسطيني
قال محمد ابو داود الفلسطيني الذي دبر هجوما على دورة الالعاب
الاولمبية في ميونيخ عام 1972 قتل فيه 11 رياضيا إسرائيليا ان المخرج
ستيفن سبيلبرج كان يجب ان يتشاور معه بشأن فيلمه الجديد عن الواقعة
ليضمن أن يعرض الموضوع بشكل صحيح.
وفي مفارقة ترقى للنوع المعهود في روايات جون لو كير كرر أبو داود
ما قاله رجال جهازا المخابرات الاسرائيلي (الموساد) المخضرمون في معرض
تشكيكهم في المصادر التي اعتمد عليها المخرج في فيلم (ميونيخ) "Munich"
الذي يؤرخ للمذبحة وانتقام اسرائيل بعدها ببدء سياسة الاغتيالات.
وقال ابو داود في حديث هاتفي لرويترز من مكان لم يكشف عنه في الشرق
الاوسط "ليس عندي فكرة عن الفيلم. المفروض إذا أراد أن يظهر الحقيقة أن
يتحدث مع الناس الذين يعرفون الحقيقة."
وأضاف "لو تم الاتصال بي لقلت الحقيقة."
وباعتباره مخططا لمنظمة ايلول الاسود المنشقة عن منظمة التحرير
الفلسطينية ارسل ابو داود مسلحين لخطف الرياضيين الاسرائيليين من دورة
الالعاب الاولمبية عام 1972. وقتل اثنان من الرهائن اثناء الغارة وتسعة
اثناء عملية انقاذ لم يكتب لها النجاح قامت بها الشرطة الالمانية.
ويلقى ابو داود بالمسؤولية على السلطات الاسرائيلية والالمانية
الغربية السابقة في مقتلهم.
وقال إن المجزرة التي حدثت في ميونيخ كان يمكن تجنبها لو أنها حدثت
في مكان آخر غير المانيا.
وأضاف "أرادت رئيسة الوزراء الاسرائيلية جولدا مئير انذاك أن يقتل
الاسرائيليون والفلسطينيون من أجل تحقيق مكاسب سياسية رخيصة."
وتابع "ووقع الالمان تحت الضغط الاسرائيلي بسبب احداث التاريخ بينهم
وبين اليهود."
وانتقمت إسرائيل بعمليات اطلاق نار وزرع قنابل وعمليات للقوات
الخاصة (الكوماندوس) قتل فيها عشرة على الاقل من رجال منظمة التحرير
الفلسطينية ودفعت رفاقهم إلى الاختباء.
وقال ابو داود الذي نجا من هجوم بالرصاص في عام 1981 في بولندا ألقت
منظمة التحرير الفلسطينية اللوم فيه على الموساد إن إسرائيل استهدفت
بعض الابرياء وأنه يأمل أن يصور الفيلم ذلك أيضا.
وأضاف "الاسرائيليون قاموا بالانتقام وقتلوا اناسا لا علاقة لهم
بعملية ميونيخ. قتلوا اشخاصا سياسيين فقط لان لهم علاقة بمنظمة التحرير
الفلسطينية."
وتابع "إذا فشل الفيلم في أن يظهر هذه النقاط سيكون جائرا للحقيقة
والتاريخ."
ودخل أبو داود الاراضي الفلسطينية عام 1996 ومكث ثلاث سنوات بالضفة
الغربية قبل أن تقوم إسرائيل بابعاده بعد صدور كتاب يحكي عن عملية
ميونيخ ويتحدث خلاله أبو داود عن شهادته عما حدث.
واشتهر سبيلبرج في اسرائيل بفيلمه (قائمة شيندلر) "Schindler's
List" الذي يحكي عن فترة محارق النازي والذي ينتهي بمشهد مؤثر للناجين
يتطلعون لحياة جديدة في الدولة اليهودية الوليدة.
وتعهد المخرج بأن يتسم فيلمه الجديد (ميونيخ) بمراعاة حساسيات جميع
الاطراف.
وقال سبيلبرج في بيان "متابعة رد فعل إسرائيل على (واقعة) ميونيخ في
عيون الرجال الذين ارسلوا للانتقام لهذه المأساة يضيف بعدا انسانيا
لحادثة مروعة عادة ما نفكر فيها فقط من منظور سياسي أو عسكري."
وأكدت ممثلة إسرائيلية تشارك في الفيلم تقارير صحفية عن أن المخرج
استند على الاقل جزئيا إلى كتاب (الانتقام) "Vengeance" الذي يحكي عن
حملة الاعمال الانتقامية التي ادينت على نطاق واسع.
وقال زئيفي زامير رئيس الموساد المتقاعد لصحيفة هاأرتس الاسرائيلية
في يوليو تموز الماضي "يدهشني ان يختار مخرج مثله من بين كل المصادر ان
يعتمد على هذا الكتاب بالتحديد."
ودعم الناشط السابق مدبر الهجوم قول رئيس الموساد السابق. فقال أبو
داود "لقد قرأت كتاب الانتقام ووجدته مليئا بالمغالطات."
وقال "اليهود مارسوا الانتقام قبل انشاء دولتهم ومارسوه بعد قيامها
ومارسوه حتى بعد توقيعنا للسلام معهم." |