أدونيس.. الغرب يقتل الشرق ويخنقه بحبل من حديد

يقول الشاعر أدونيس في كتاب جديد له إن الجزع ينتابه مما يسميه أدب الواقع الزائف الذي انتشر هذه الايام إذ أن الادب الحقيقي في رأيه هو كشف واستبصار.

وفي رأيه أن هناك تحالفا مخيفا بين السوق والسلطة وأن العالم تغير كما تغير معنى الفلسفة والشعر والسرد الحكائي.

وتناول أدونيس موضوعات وشؤونا عديدة بينها موضوع الشرق والغرب فقال فيه ما يحمل تناقضا مع مقولة روديارد كيبلنج الشهيرة أن الشرق هو الشرق والغرب هوالغرب ولن يلتقيا. قال أدونيس "العالم واحد.. الغرب والشرق غير قابلين للانفصال."

وقد ورد ذلك في كتاب جديد لادونيس حمل عنوانا هو "الهوية غير المكتملة /الابداع. الدين. السياسة. والجنس" وجاء في وصف الكتاب القول إنه وضع "بالتعاون مع شانتال شواف"الروائية الفرنسية. الكتاب الذي جاء في 95 صفحة متوسطة وثلاثة اجزاء.. ترجمه عن الفرنسية حسن عودة وصدر عن "دار بدايات" السورية وحمل لوحة غلاف بريشة أدونيس نفسه.

شانتال شواف التي بدا أن مواد الكتاب جاءت نتيجة حوارات أو مقابلات معها وختمت الكتاب بموضوع عن شعر أدونيس.. قالت في مقدمة قصيرة في الصفحة الاولى "يتحدث إليك أدونيس كما لو أنك جالس معه على رصيف مقهى الفلور أو مقهى الدوماجو. اصغ اليه فصوته يحررك وحين يتكلم تفاجأ بأن العالم يتسع أمامك."

تحت عنوان "الادب" قال أدونيس "بعد الرواية الجديدة يظهر اليوم إلى النور تيار أدبي جديد يضم أعمالا أدبية هي بالتأكيد أشبه بتقارير عن الحياة اليومية. لم يعد هناك مسافات بين الكلمات والواقع. لم يعد هناك بالتالي أدب يصبو إلى رؤية العالم وفهمه بصورة أفضل. غير أن من الضروري في الادب خلق مسافة بين الكلمات والاشياء لان لصق الكلمات بالاشياء أشبه بمن يلصق وجهه بالمراة فلا يعود يرى أي شيء. إذا ما ألصقنا الكلمات بالواقع والاشياء لا يعود بوسعنا رؤية المراة ولا الوجه. لا الواقع ولا الكلمات بل إننا نعجز عن رؤية أي شيء. وعليه فان الادب الحقيقي هو كشف واستبصار."

أضاف أدونيس "علي احمد سعيد يقول "ينتابني الجزع من هذا الادب/ الواقع الزائف الذي ينتشر اليوم على غرار القول.. ذهبت إلى المقهى وشربت كذا ورأيت أشخاصا... فمن يقول هذا إنما يروي ما شاهده وما حدث أمامه فما جدوى ذلك.. إنه اعادة انتاج للابتذال الذي تحفل به أيامنا كلها. والحياة ليست بحاجة الى اعادة انتاجها من خلال اللغة. إنها بحاجة إلى أن تكون مفهومة من الداخل. وهذا يعني خلق هذه الحياة واعادة خلقها... ثمة بعض الروايات يجري الاحتفاء بها اليوم بوصفها الكلام المعاصر.. تفتقر إلى الاسلوب وإلى اللغة ويمكن لاي كان أن يكتبها. ذلكم هو الابداع الغفل.. إذ لم يعد ثمة هوية ورؤية للابداع."

وفي رأيه أننا "نشهد تحالفا موضوعيا بين السوق والسلطة وهو تحالف مخيف. لقد تغير العالم كما تغير معنى الفلسفة والشعر والسرد الحكائي. استولت عليه الصحافة ووسائل الاعلام."

وفي الحديث عن الشرق والغرب قال أدونيس "كان الشرق مصدر النور ثم غدا مع الديانات التوحيدية وعبر ممارساتها منبعا للظلام والعنف. بهذا المعنى فان الغرب اليهودي/ المسيحي ليس سوى شكل للشرق شكل مموه ومزركش بأدب زاخر من التسامح. أما أولئك الذين دأبوا على أن يروا في الشرق الشرق الملهم المبدع والذين دأبوا على أن يروا فيه النور من أمثال هولدرلن ونوفاليس وجوته ورامبو ونيرفال فهم لا يمثلون الغرب لان رؤيتهم للشرق العظيم في الغرب لم تكن مقبولة في جوهرها. فالغرب السياسي فضل بكثير من الابتذال المطامع الاقتصادية والاستراتيجية."

وتحدث عن الغرب الذي ربما كان "يقتل الشرق ويخنقه بحبل من حديد وقد دأب على خنقه حتى الان ولكن بحبل من حرير رغم أن الحصار والحرب على العراق ليس فيهما شيء من نعومة الحرير. وماذا يعني حبل من حرير.. يعني أن يترك الغرب للشرق استقلالا مزعوما ونظما متحررة مزعومة ولكن الغرب هو الذي يدير كل شيء."

أضاف أنه حين يتحدث عن الغرب "فانما أتحدث عن الغرب الاقتصادي والعسكري أما حين أتحدث عن الشعر والفن والفلسفة والابداع فان الحدود تنمحي بين ما يسمى الشرق والغرب هذا ان وجدت يوما."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1817/ اب/2005 -12/ رجب/1426