
أصدر علماء مسلمون كبار بالولايات المتحدة يوم الخميس "فتوى" ضد
الارهاب ودعوا المسلمين الى مساعدة السلطات في محاربة ويلات عنف
المتشددين.
والفتوى جزء من جهود مسلمي امريكا لمواجهة الصلات الظاهرة بين
الاسلام والارهاب وتجنب أي ردود فعل سلبية عقب تفجيرات الشهر الجاري
اليت نفذها متشددون اسلاميون مشتبه بهم في لندن ومصر.
وقال عصام عميش رئيس جمعية مسلمي أمريكا وهي احدى الجماعات التي
اعلنت الفتوى "وقوف فقهائنا جنبا الى جنب مع زعماء جاليتنا لا يترك اي
فرصة لأحد كي يوحي ان الاسلام والمسلمين يتغاضون أو يدعمون أيا من
اشكال أو اعمال الارهاب."
وقال ابراهيم هوبر المتحدث باسم مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية
ان هذه هي المرة الاولى التي يصدر فيها المسلمون في أمريكا الشمالية
فتوى ضد الارهاب رغم أنهم أدانوا مرارا مثل تلك الاعمال.
وأعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) عن مساندته لفتوى
أصدرها مجلس الفقه الإسلامي في أمريكا الشمالية ضد الإرهاب والتطرف
بمساندة أكثر من 120 إمام ومنظمة مسلمة في الولايات المتحدة.
وتقول الفتوى - التي أعلنت في مؤتمر صحفي عقد في الثامن والعشرين من
يوليو 2005 بالعاصمة الأمريكية واشنطن – في جزء منها، ما يلي:
"الإسلام يدين بشدة الغلوَّ في الدين واستعمال العنف ضد الأبرياء،
وليس هنالك من عذر أو تبرير لمن يمارس الإرهاب أو التطرف، كما أن
استهداف حياة المدنيين العزَّل وممتلكاتهم عبر العمليات الانتحارية أو
أي أسلوب هجوميِّ آخر حرام في الإسلام والذين يقترفون هذه الأعمال
البربرية مجرمون."
"والقرآن الكريم ينصُّ على أنَّ: "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ
نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ
جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا
وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً
مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ"، (سورة المائدة
32)، وقد بيَّن النبيُّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا عذر لمن
يقترف هذه الأفعال الظالمة فقال: "لا تكونوا إمَّعة، تقولون إن أحسن
الناس أحسنّا وأن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسَكم إن أحسنَ الناسُ
أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا "، رواه الترمذي عن حذيفة بن اليمان."
"كما أن الله عز وجل يأمر بالوسطية في الدين وفي كل جوانب الحياة،
إذ يقول سبحانه وتعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"، (البقرة 143)، وفي آيةٍ أخرى يبيِّن الله واجبات
المسلمين نحو الإنسانية حين يقول: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، (سورة آل عمران
104).
"وفي ضوء هدي الكتاب والسنة نؤكد على ما يلي:"
1. "كل الأعمال التي تستهدف المدنيين الأبرياء حرام في
الإسلام."
2. "حرام على كل مسلم أن يتعاون مع أي فرد أو مجموعة متورطة في
أعمال إرهابية وإجرامية".
3. "الواجب الوطني والشرعي يحتـِّم على المسلمين التعاون مع
الجهات الحكومية لحماية أرواح جميع المدنيين."
وقد شارك في مؤتمر إعلان الفتوى ممثلون عن منظمات مسلمة أمريكية
كبرى من بينها مجلس الفقه الإسلامي في أمريكا الشمالية، ومجلس العلاقات
الإسلامية الأمريكية (كير)، والجمعية الإسلامية الأمريكية (MAS)،
واتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا، والإتحاد الإسلامي في أمريكا
الشمالية (إسنا)، ومجلس الشئون العامة الإسلامية (MPAC).
واطلق مسلمو امريكا هذا الشهر حملة دعاية اعلانية في انحاء البلاد
قالوا فيها ان هؤلاء الذين يرتكبون أعمال الارهاب باسم الاسلام يخالفون
تعاليم القران.
وتقول الجمعيات والروابط الاسلامية انها لم تلحظ حتى الان أي ردود
فعل واسعة النطاق ضد جاليتهم عقب أحدث التفجيرات.
وقال هوبر ان الفتوى التي أصدرها مجلس الفقه بامريكا الشمالية تقول
"نعلن بكل وضوح وقوة (أن) جميع أعمال الارهاب التي تستهدف المدنيين هي
حرام في الاسلام."
ومجلس الفقه هو رابطة لعلماء الشريعة الاسلامية يعمل على تفسير
أحكام الدين. وقال هوبر انه الوحيد من نوعه في امريكا الشمالية.
ووقع وصدق أكثر من 130 رابطة ومنظمة اسلامية أمريكية وزعيما من
زعماء المسلمين على الفتوى.
وصدرت فتاوى مشابهة مناهضة للارهاب من جانب جاليات اسلامية أخرى.
وعقب التفجيرات التي وقعت في لندن أصدر رجال دين كبار يمثلون قرابة 500
مسجد في بريطانيا فتوى مماثلة وقدموها الى السياسيين المحليين.
ووفقا للشريعة الاسلامية يسمح فقط للسلطات الدينية المسؤولة المعترف
بها من جانب المسلمين باصدار فتاوى. ويقول كثير من المسلمين ان
المتشددين من امثال اسامة بن لادن أساءوا الى مسمى الفتوى في الغرب
لانهم استخدموه دون ترخيص للدعوة الى ارتكاب اعمال مثل القتل.
ولان الاسلام لا يستند الى هيكل سلطة تسلسلي عالمي فان تلك الفتاوى
غير ملزمة لجميع المسلمين في جميع أنحاء العالم وتلزم فقط التجمع الذي
أصدر زعماؤه الدينيين الفتوى.
وقد وقع على الحملة حتى الآن أفراد ومؤسسات يمثلون أكثر من 689 ألف
مسلما في أمريكا وعبر العالم.
وعند قراءته نص الفتوى في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأميركية، واشنطن،
قال مزمل صديقي رئيس المجلس الفقهي لأميركا الشمالية، "إن الإٍسلام
يشجب بشدة التطرف الديني واستخدام العنف ضد الأرواح البريئة. ولا يوجد
أي تبرير في الإسلام للتطرّف أو الإرهاب. إن استهداف حياة وممتلكات
المدنيين بالقنابل الانتحارية أو أي وسيلة أخرى للهجوم، يعتبر حراماً،
ومن يرتكبون تلك الأعمال الوحشية يُعتبرون مجرمين وليسوا شهداء."
وصرّح سلام المراياتي المدير التنفيذي لمجلس الشؤون العامة للمسلمين
-- وهو منظمة إسلامية مقرها بولاية كاليفورنيا -- بقوله "لقد جئنا إلى
هنا لكي نبرز أن هذا الموقف يعبر عن الاتجاه الرئيسي للمعتدلين
المسلمين في أميركا وللمسلمين في العالم كله، على خلاف الصيغة المتطرفة
والمزيفة للإسلام التي ينتهجها المتشددون. إن المتشددين ليست لديهم أي
شرعية إسلامية. ولا يوجد لديهم أي أساس إسلامي. إن ما يقولونه مصطنع،
وخارج عن طبائع الإسلام."
وكان مجلس الشؤون العامة للمسلمين قد شن حملة توعية بين الأميركيين
المسلمين تهدف إلى تكرار التأكيد على رفض الإسلام للإرهاب وتدريب أفراد
الجالية المسلمة لكي يتنبهوا لمن قد يحاول استغلال المناخ المنفتح في
المسجد لارتكاب أعمال إجرامية.
وقال المراياتي إن حملة مكافحة الإرهاب التي شنها المجلس ودعمه
لفتوى شجب الإرهاب، لم تكونا بغرض تحقيق مكاسب سياسية، إنما هما تعبير
عن واجب ديني خاصة تجاه الجيل الأصغر سناً.
وأعرب المراياتي عن الأمل في "أن يؤثر ذلك على مناطق العالم الأخرى،
ولكن الأهم من ذلك حسب اعتقادي هو أننا نفعل ذلك من أجل أبنائنا ومن
أجل مستقبلنا. ولا بد من توضيح تلك الأمور تماماً لأبنائنا. ويجب ألا
يكون هناك أي خلط أو غموض في ذلك."
وبالنيابة عن الجيل الأصغر، حضرت روبينا خان، أمين صندوق اتحاد
الطلبة المسلمين في أميركا وكندا، التي أضافت إقرار جمعيتها للفتوى.
وقالت "إن اتحاد الطلبة المسلمين يشجب بأشد العبارات الممكنة أي
هجوم إرهابي. إن الهجمات والتفجيرات من هذا النوع ليست مجرد هجمات على
الناس الأبرياء في العالم، بل إنها أيضاً هجمات على الرسالة المقدسة
التي أوحى بها الله سبحانه وتعالى التي تشجب العنف بلا تمييز واستهداف
الأبرياء."
وأضافت روبينا خان أن اتحاد الطلبة المسلمين يعتبر الهجمات
الإرهابية أعمالا بغيضة وخسيسة، بغض النظر عن دوافعها أو مرتكبيها." |