
قال مسؤولون وسكان يوم الجمعة ان اسلاميين متشددين أمروا سكان اقليم
ناراثيوات المنتج للمطاط في جنوب تايلاند بالامتناع عن العمل أيام
الجمعة وقصرها على الصلاة.
وقال براتشا تايرات حاكم الاقليم لرويترز "المتشددون الاسلاميون
أخطروا الناس بعدم الانخراط في اي نشاط تجاري يوم الجمعة. لقد هددوا
سكان القرى شفهيا."
وصدر الامر في منشور وزع يوم الجمعة على سكان اقليم ناراثيوات
الفقير نسبيا حيث يعتمد نحو 80 في المئة من السكان البالغ عددهم 800
الف على تجارة المطاط.
وقال مزارع المطاط اوثاي كوسيابورن "صدر تهديد بمنعنا من اي نشاط
تجاري أيام الجمعة وعلينا ان نذهب للصلاة."
وشهد اقليم ناراثيوات الى جانب اقليمي يارا وباتاني والثلاثة تقطنهم
غالبية مسلمة اعمال عنف مستمرة منذ 19 شهرا قتل خلالها اكثر من 800 وهي
عادة ما تنتج نحو 600 الف طن من المطاط الطبيعي كل عام.
ويشكل هذا نحو 20 في المئة من اجمالي انتاج تايلاند وهي أكبر منتج
للمطاط الطبيعي في العالم وتعيش فيها اغلبية بوذية.
ويخشى مسؤولون من ان يؤدي العنف في المنطقة الى خفض الانتاج بنسبة
ستة في المئة العام الحالي.
وقال يام راتانانيوم وهو مزارع مطاط اخر "لا اعرف فكرة من هذه.
لكنها انتشرت والكل يطيع. بالقطع لن أخرج ايام الجمعة مهما كان سعر
المطاط جيدا.
"لكن ما يقلقني حقا هو ما سيحدث للاقتصاد هنا."
وعلى مدى الاعوام المئة الماضية كان العاملون في استخراج المطاط من
الاشجار في جنوب تايلاند مثل ويراتشارت سوانتشاتري يستيقظون في جوف
الليل للمرور على المزارع.
كان هذا قبل ان يصبحوا اهدافا لاعمال العنف في الاقاليم الثلاثة
التي يغلب المسلمون على سكانها في اقصى جنوب تايلاند والتي راح ضحيتها
اكثر من 800 قتيل منذ يناير كانون الثاني عام 2004.
وانهارت حياة ويراتشارت البسيطة بعد ان قتل من يشتبه انهم انفصاليون
مسلمون والديه البوذيين بقطع رأسيهما الشهر الماضي اثناء عملهما في جمع
المطاط قبل ساعات من بزوغ الفجر.
وقال ويراتشارت البالغ من العمر 27 عاما "انا منهار. في اليوم
التالي لمقتلهما لم يجروء احد في القرية على الخروج من منزله للعمل في
جمع المطاط."
وسيضطر ويراتشارت الى هجر المهنة التي عملت بها اسرته على مدى ثلاثة
اجيال مثله في ذلك مثل الاف البوذيين في المنطقة البالغ عدد سكانها
مليونا نسمة منهم 80 في المئة من المسلمين.
ويتزايد عدد النازحين لدرجة ان المطلعين على شؤون صناعة المطاط
يقولون انها ادت الى تراجع الانتاج في المنطقة التي يستخرج منها 20 في
المئة من المطاط الطبيعي في تايلاند الذي يبلغ الانتاج منه ثلاثة
ملايين طن سنويا.
كما اضطر من بقوا في الاقليم الى تغيير مواعيد عملهم ايثارا للسلامة
بالتخلي عن عادة الاستيقاظ في الساعة الواحدة صباحا للمرور على اشجار
المطاط التي يصل انتاجها الى اقصاه في ذلك الوقت المبكر من اليوم.
واصبح المزارعون يستيقظون عند الفجر رغم ان المطاط يتدفق في ذلك
الوقت بكميات اقل لكن احتمال تعرضهم للقتل يصبح اقل ايضا.
وقتل عشرة على الاقل من العاملين في استخراج المطاط في المنطقة بقطع
رؤوسهم في الاونة الاخيرة.
وقال دوروهمياه ماساه البالغ من العمر 46 عاما وهو مسلم يعمل في
استخراج المطاط "اعتدت جمع المطاط بين الساعة الثانية والخامسة صباحا
لان الحرارة المنخفضة تساعد على تدفق المطاط بكثرة من الاشجار."
واضاف "لكني توقفت. انا خائف."
ويقول اخرون انهم ينتظرون شروق الشمس قبل الخروج من منازلهم الى
المزارع رغم ما يعنيه ذلك من تراجع الانتاج.
وقال مسؤولون في الحكومة وتجار ان الاضطرابات المتمثلة في اطلاق
النار بصفة يومية والحرائق المتعمدة وتفجير العبوات الناسفة يحتمل ان
تؤدي الى خفض انتاج المطاط في تايلاند بنسبة ستة في المئة مما سيضيف
مزيدا من الضغوط على الاسعار العالمية المرتفعة بالفعل بسبب ارتفاع
اسعار النفط وقلق الاسواق.
وقال وسطاء في يالا عاصمة احد الاقاليم الثلاثة ان انتاج المطاط
الطبيعي في المنطقة تراجع بنسبة تتراوح بين خمسة وعشرة في المئة بينما
ارتفع السعر الى 50 باهت (1.20 دولار) للكيلوجرام من 20 باهت (0.48
دولار) للكيلوجرام قبل ثلاثة اعوام نتيجة العنف والامطار الغزيرة.
ويمكن أن يؤدي هذا التراجع الى افلاس ويراتشارت الذي كان والداه
يملكان اربعة افدنة مزروعة باشجار المطاط حيث تقلص دخل الاسرة الى 200
باهت (خمسة دولارات) يوميا وهو عشر ما كان يحصل عليه الوالدان قبل خسمة
اعوام. ويقول ويراتشارت أن هذا المبلغ يكفي بالكاد لدفع مصروفات
المدرسة الثانوية التي تتعلم فيها اخته في يالا.
وحاول رئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شيناواترا عدة اساليب مختلفة
لانهاء العنف منها فرض الاحكام العرفية وتشكيل لجان للمصالحة والوعد
بمساعدات سخية للتنمية.
لكن العنف تصاعد مما اضطر الافا من سكان الجنوب كثيرون منهم من
البوذيين على الرحيل.
وقال ويراتشارت ان مقتل والديه دق اسفينا بين المسلمين والبوذيين في
القرية التي اعتادوا العيش فيها معا في سلام ووئام.
واضاف "كنا في الماضي نتبادل التحية. لكننا لم نعد نتبادل الحديث
منذ الحادث واصبحنا متباعدين جدا." |