نـزار حيدر في حوار صحفي: أيتام النظام البائد لا زالوا يعيشون وهم العودة بالعراق إلى سابق عهده، يحكمه نظاما مركزيا حديديا والفيدرالية تحول دون تحقيق أوهامهم

تتفاعل مواقف حكومة الدكتور الجعفري بشأن عدد من القضايا التي يعتبرها الكرد، من الضروري التعامل معها قبل أن تنتهي الفترة الانتقالية، في الشارع الكردي.

فبين من يعتبر هذه المواقف، استعداءا صريحا من قبل الحكومة لتطلعات الكرد، يعتبرها البعض أنها مجرد زلات لسان أو تصريحات غير مقصودة، لا يمكن أن تؤثر على انسجام الحكومة الحالية.

جريدة (راية الحرية) التي تصدر في مدينة السليمانية في كردستان العراق، أجرت الحوار التالي مع نــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، لتستطلع رأيه بذلك، فكان الحوار التالي:

السؤال الأول: بدأ الشارع الكردي يشكك في نوايا حكومة الدكتور الجعفري إزاء تطلعات الكرد. هل ترى أن برنامج الحكومة الحالية، يحمل في طياته مثل ذلك بالفعل ؟ أم أنها مجرد أوهام ؟ .

الجواب : ابتداءا، يلزم أن نلاحظ أمر في غاية الأهمية، ألا وهو؛

أن علينا جميعا، كعراقيين نتطلع إلى بناء عراق جديد، أن نتعلم كيف نحترم العهود والمواثيق التي نبرمها، سواء فيما بيننا، كعراقيين، أو مع الآخرين، فالالتزام بالعهد، مسؤولية شرعية ووطنية، والى هذا المعنى أشار القران الكريم في قول الله عز وجل (إن العهد كان مسؤولا) أو كما في قوله عز وجل يحث فيه الناس على الالتزام بما يتعاقدون عليه (وأوفوا بالعقود) ومن البديهي والواضح جدا، فان الاتفاقات السياسية التي تبرم بين الأطراف المشتركة في العملية السياسية في العراق الجديد، هي عقود وعهود، لا ينبغي لأحد أن يخلفها أو يتنصل عنها، أو يحاول الالتفاف عليها أو تجاوزها وسحقها.

على زعماء العراق الجديد، أن يتعلموا كيف يحترمون عهودهم ومواثيقهم، وبالتالي أنفسهم، ليتعلم منهم العراقيون، من ثم، ذلك، حتى لا تتكرر تجارب نظام الطاغية الذليل، صدام حسين، الذي كان يعد ولا يفي، ويتعهد ثم يتنصل، ويقرر ثم يمزق الورقة التي كان يدون عليها قراراته بخط يده، حدث هذا مع الكرد ومع الجيران وحتى مع (رفاق دربه) الذين قتلهم الواحد تلو الآخر.

يجب أن يتميز العراق الجديد عن العهد السابق في هذا الأمر، والا فان أي تنصل عن عهد أو عقد، ومن قبل أي طرف كان، سيدق إسفينا بين الفرقاء، قد يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، ولنتذكر دائما، بأن سبب تحطم الثقة بين الفرقاء، في أغلب الأحيان، يعود إلى عدم التزام أحدهم بما يوقع عليه، والذي يؤدي عادة إلى انهيار العلاقة القائمة على أساس الثقة المتبادلة بين الأطراف، كما كان يحدث مع الطاغية الذليل.

قد يتساءل البعض، وكيف يمكن أن نخلق حالة الالتزام بالعهود والمواثيق بين الفرقاء ؟

الجواب:

أولا، يجب أن لا نفرض العهود على أحد، إذ يلزم أن يسعى الجميع للتوصل إليها بعيدا عن الضغط والإكراه، أو في ظل ظروف الابتزاز، فلا نكره أحدا على عهد أو ميثاق.

ثانيا، أن يشهد عليها العراقيون، فترة الحوار والنقاش والبلورة، وحتى فترة التوقيع عليها، ليكون الشعب هو الشاهد الأكبر عليها بعد الله عز وجل (والله خير الشاهدين).

ثالثا، لا ينبغي لأحد أن يفكر بالنيابة عن الآخرين، كما لا ينبغي لأحد أن ينصب نفسه وصيا على الناس أو ممثلا عنهم، فيتورط بمواقف حرجة، هو في غنى عنها،

خاصة إذا لم يكن مخولا، قانونيا أو أخلاقيا أو عرفيا، من قبل الشعب العراقي.

إن بعض من يتعهد، يظن بأن التوقيع على وثيقة، أمر قابل للالتفاف عليه، في الوقت المحدد وعندما يتمنى ذلك، أو أن الوثيقة كلام مجرد يمكن التنصل عنها متى يشاء، وكل ذلك خطأ كبير، ينبغي أن لا يستهين أحد بالعهود والمواثيق أبدا، وعليه أن لا يتعهد أو يوقع قبل أن يتأكد من قدرته على الالتزام بما سيمضي عليه، والا فان مصداقية المرء بالتزامه بالعهود، ووفائه بالعقود، وقديما قيل (عند الامتحان، يكرم المرء أو يهان) وان أعظم امتحان يمر به المرء، هو عندما يحين موعد الالتزام بعهد أو عقد أو موثق.

برأيي، فان قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، الذي وقع عليه أعضاء مجلس الحكم الانتقالي المنحل، لم تنطبق عليه الكثير مما ذكرناه انفا، ولذلك ولد وفيه الكثير من الثغرات القانونية، كما أنه دون بعجلة، ولذلك فان الكثير ممن وقع عليه لم يكن يعرف بالضبط ماذا دون فيه، وعلى ماذا يوقع، إذ كان جل همه هو أن تمر المرحلة (بسلام) وتتقدم العملية السياسية إلى الأمام، وبأي ثمن، وبعدها (الله كريم) ولهذا السبب، رأينا بعضهم يقول بأنه استغفل أو اخذ على حين غرة، فوقع عليه من دون وعي (طبعا مع كامل احترامنا للجميع)، لتمر الأيام، وإذا به يجد نفسه أمام استحقاقات كبيرة لا يقدر على الوفاء بها، فحدث ما شاهدناه ونشاهده اليوم.

وربما لهذا السبب، فان البعض فسر تصريحات رئيس الحكومة الانتقالية الحالية، الدكتور الجعفري، على أنها تنصل من التزاماته، وهو ممن وقع على القانون المذكور، أما أنا شخصيا، فلا أميل إلى هذا التفسير أبدا، لأنني في الواقع لا أشكك في نوايا الدكتور الجعفري، ولا في نوايا أي من الزعماء الجدد، بل إنني أفسر ذلك، على أنه محاولة من قبل الجعفري لتخفيف حدة الضغط الذي يتعرض له من قبل من عارض القانون، وهم كما نعرف أغلبية الشعب العراقي، وفيهم العديد من القوى والشخصيات المؤثرة في الساحة العراقية، والتي كانت قد سجلت تحفظاتها عليه في بيانات وحوارات ومقالات اطلع عليها العراقيون، بمن فيهم مع وقع على القانون.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنني أعتقد بأن ما ورد في القانون المذكور فيه الكثير من البنود التي لا يمكن تنفيذها بين عشية وضحاها، فضلا عن الفترة الانتقالية، التي لا تتعدى الأشهر، بسبب العجلة والاستعجال في تدوينه، ولذلك، أتصور بأن تصريحات رئيس الحكومة، تعبر عن الواقع، أكثر من تعبيرها عن النصوص والإنشاء والجمل التي وردت فيها ما اسماه السؤال بتطلعات الكرد.

بمعنى آخر، فأنا أفسر التصريحات، على أنها تعبير عن قصور في التنفيذ وليس تقصيرا متعمدا، والا فان الدكتور الجعفري كان قد صرح أكثر من مرة، {بأننا (يقصد حكومته) ملتزمون بتنفيذ كل ما اتفقنا عليه}، طبعا بضمنه القانون المذكور.

من هنا أعتقد بأن من المهم جدا، أن يأخذ الأخوة الكرد، تصريحات رئيس الحكومة على المحمل الحسن، بعيدا عن تفسيرات المتربصين بالعراق، وخاصة بالعلاقة الاستراتيجية القائمة بين الفرقاء الحاليين، أو بتحريض المتصيدين بالماء العكر، من اللذين يهولون التصريح ويحاولون تحميله فوق ما يتحمل، فالظرف الاستثنائي الذي يمر به العراق، يتطلب المزيد من الحكمة والتأني والتعقل، سواء عند الإدلاء برأي أو موقف أو تصريح، أو عند الإطلاع عليها، وعدم الاستعجال في التفسير (ففي العجلة الندامة) كما يقول المثل، من أجل أن لا نقدم لأعداء العراق مادة إعلامية دسمة، يسعون لصب الزيت عليها، من أجل إشعال الحرائق هنا وهناك.

لا ينبغي أن نتهم النوايا، كلما اختلفنا مع احد من رفاق الدرب وشركاء المسيرة، أو أخطانا الفهم والتفسير، لان اتهام النوايا أمر خطير يجرنا إلى حالة من انعدام الثقة التي يستحيل علينا، في أجوائها، أن نضع لبنة على أخرى.

السؤال الثاني: ما مدى تأثير التنصل من تطبيق المادة (58) على العلاقة بين الكرد والشيعة ؟

الجواب : لا أحد في نيته التنصل من أية مادة من مواد قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، إلا أن الذي يحدث هو أن مجلس الرئاسة والحكومة العراقية، انتبها إلى أن بعض مواد هذا القانون، بحاجة إلى فترة زمنية أطول من أجل تنفيذها على أرض الواقع، على عكس ما كان يتصوره مجلس الحكم عندما تبناها بالنصوص الحالية المثبتة في القانون.

إن المادة (58) هي جزء من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وهي ليست المادة الوحيدة التي لم تتمكن الحكومة، ومعها مجلس الرئاسة، في الالتزام بتنفيذها حتى الآن، كما أن هناك مواد قانونية صريحة، خالفتها بعض الأطراف بشكل كبير، كتغيير العلم العراقي في إقليم كردستان، وانتخاب رئيس الإقليم لمدة (4) سنوات، {وليس حتى نهاية العام الحالي، تاريخ انتهاء المرحلة الانتقالية التي نص عليها القانون المذكور}وهي مخالفة صريحة لقانون إدارة الدولة (المؤقت).

أعتقد أن السبب في ذلك لا يعود إلى النوايا السيئة لأحد، أبدا، بقدر ما أن الظروف القاسية التي يمر بها العراق اليوم، والتي لم تكن تخطر على بال أحد، وذلك بسبب موجة العنف والإرهاب التي تجتاح العراق، هي التي عرقلت الالتزام ببعض بنود ومواد القانون.

إن المؤمل من مجلس الرئاسة والحكومة، أن يبذلا كامل جهودهما من أجل الإسراع في تنفيذ أكبر قدر ممكن من مواد هذا القانون، لحين تدوين والمصادقة على الدستور الدائم، الذي نتمنى أن يكون الحل الأشمل والأكثر واقعية في معالجة الملفات الشائكة التي ورثها العراقيون من النظام الشمولي البائد.

إن الجهد السياسي الحالي، هو نتاج توافق وتحالف سياسي كبير، كما أن المجالس الثلاثة (الرئاسي والوطني والوزراء) هي نتاج لهذا التحالف، وان أي نجاح يتحقق، فإنما يشترك فيه كل المتحالفين، كما أن الفشل {في تطبيق مادة أو تجاوز أخرى} يتحمل مسؤوليته كل من يشترك في العملية السياسية الجديدة، ولذلك، لا يمكن أن نقسم النجاحات على الجميع، فيما نحمل مسؤولية الفشل لشخص أو جهة معينة، انه الظلم والإجحاف بعينه.

لا يمكن أن نلخص الحكومة بشخص الجعفري، أو بحزبه، أو حتى بالائتلاف الذي يمثله، وإنما هي نتاج لهذا التحالف الكبير بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية، خاصة الشيعة والكرد.

أعتقد أن من المهم أن تعلن حكومة الجعفري موقفها بكل صراحة وشفافية، إذا وجدت نفسها بأنها لا تستطيع الوفاء ببعض الوعود والالتزام ببعض العهود، ليس بسبب النوايا السيئة المبيتة، بكل تأكيد، وإنما بسبب القصور في الأداء جراء الظروف القاسية التي يمر بها العراق.

إن الحديث بصراحة وشفافية، راحة للجميع، فلا داعي لأن ينصب أحدهم نفسه وزيرا للنفي، كلما سئل عن أمر هام ما، نفى حدوثه، فلنتعلم فن الحديث بشفافية، ولنتذكر بأن العراقيين يعرفون كل شئ، ولا تخفى عليهم خافية، فلا داعي، إذن، للتستر على مجريات الأمور، إذ لم يعد العراقيون يعيشون في صندوق مغلق عليهم من الداخل، كما كان حالهم زمن النظام الشمولي البائد، وهم إذ يسكتون أحيانا، لا عن جهل، وإنما احتراما (للاعبين الكبار).

أما بشأن العلاقة الاستراتيجية بين الشيعة والكرد، فلا أعتقد بأنها يمكن أن تتأثر بأية مشاكل من هذا النوع، فإذا أخذنا بنظر الاعتبار، حرص الطرفين على تقوية وتمتين هذه العلاقة، والسعي لإزالة كل العوائق التي تقف في طريقها، بالحوار والتعاون والشفافية والصدق وحسن النية والصراحة، فان عدم تطبيق المادة المذكورة، فيما لو حصل، سوف لن يؤثر عليها أبدا، لأن مثل هذا التلكؤ ستستوعب أسبابه كل الأطراف المعنية، التي هي جزء لا يتجزأ من المجلس الرئاسي والحكومة، والذين سيتحملون مسؤولية ذلك بالتساوي، وان كل الأطراف تعرف جيدا، عدم وجود أية محاولات مسبقة للتنصل من تنفيذ أية مادة من مواد القانون، وان الأمر لا يتعدى كون ذلك قصورا وليس تقصيرا، وان كنت اعتقد بأن الأمور ستتقدم إلى الأمام كما هو مرسوم لها.

إن العلاقة الاستراتيجية بين الشيعة والكرد، بنتها الدماء التي اختلطت، وشيدتها التضحيات والنضالات المشتركة، فيكف يمكن أن نتصور تأثرها بمثل ذلك؟.

السؤال الثالث: كيف ترى العملية السياسية الجديدة في العراق ؟ وهل أنها قادرة بالفعل على تحقيق الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والتعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي ؟

الجواب: إذا حسنت النوايا، ولم ينص الدستور المرتقب على الثالوث المشؤوم (الفيتو والمحاصصة والتوافق) فان العملية السياسية الجديدة ستحقق الديمقراطية بمعناها الحقيقي، كما أنها ستحقق مبادئ حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والمساواة بين كل العراقيين على أساس الكفاءة والخبرة والنزاهة، كما أنها ستحقق مبدأ التعايش السلمي بين كل أطياف المجتمع العراقي.

إن العراقيين، حريصون جدا على بناء العراق الجديد الخالي من الاستبداد والظلم والتمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب، بل وحتى الانتماء السياسي، لأن كل هذه القيم الجاهلية، هي التي كانت السبب الحقيقي لتدمير العراق، ولما وصل إليه اليوم.

يجب أن نعترف بأن العراق يتكون من شرائح عديدة، دينية واثنية ومذهبية، كما أنه يتكون من اتجاهات سياسية متعددة، فمن دون الاعتراف بهذا التنوع، لا يمكن أن نضع الحلول المناسبة لمشاكل العراق، خاصة السياسية منها، أما محاولات البعض للقفز على هذا التنوع والسعي لتجاوزه وعدم النظر إليه بالعين المجردة، والذي هو في حقيقة أمره نقطة قوة للعراق وشعبه، فانه سوف لن يكون بامكانه أن يشارك في إيجاد الحلول المناسبة، فان مثله كمثل من يقفز في الهواء، ظنا منه انه سيصل إلى نتيجة ما.

إن ما يميز العقلاء عن غيرهم، هو أنهم يعترفون بالتنوع، ثم يبحثون عن طرق التعايش على أساسه، أما غيرهم، فيتشبث دوما بسياسة النعامة التي تطمر رأسها في التراب، ظنا منها بان العالم لا يراها، لأنها لا ترى شيئا.

لقد ولى زمن سياسات النعامة، وان من مصلحة العراقيين جميعا، أن يعترفوا بالتنوع ليجدوا الوسيلة المناسبة للتعايش في ظل هذا التنوع المحمود، فليس من الشجاعة والحكمة أن نهرب من الواقع، لنقع في مستنقع المشاكل، إنما الحكمة تكمن في الاعتراف بالواقع، لنجد له الحلول المناسبة.

السؤال الرابع: ما هو تصورك بشأن الفيدرالية ؟ هل أنك ترفضها؟ أم تتبناها كمشروع لترسيخ الوحدة الوطنية ؟.

الجواب : شخصيا، أعتبر أن الفيدرالية للعراق الجديد تحصيل حاصل، وهي صمام الأمان الذي يحافظ على وحدة العراق، أرضا وشعبا، ويصونه من التفتت، كما أنها أفضل مشروع لترسيخ الوحدة الوطنية، التي لا يمكن تحقيقها بالأنظمة الشمولية الاستبدادية.

كما أعتقد بأن جل العراقيين هم مع الفيدرالية، كنظام لا مركزي يمكن اعتماده في العراق الجديد، للقضاء على ظاهرة الأنظمة الشمولية التي ابتلي بها العراقيون على مدى العقود الماضية من الزمن.

فبعد التجربة المريرة التي مر بها العراقيون في ظل الأنظمة الشمولية، لا يمكن أن نتصور العراق محكوما، مرة أخرى، بنظام مركزي، يتدخل في كل تفاصيل الأطراف، وكأن الناس فيها لا يفهمون شيئا ولا يقدرون على إدارة أنفسهم بأنفسهم.

وفي تصوري، فان الاختلاف بين العراقيين ليس على أصل الفيدرالية، وإنما على النمط الأنسب لبلد كالعراق، ولذلك فان مكونات الشعب العراقي مشغولة اليوم بالتنظير لأفضل أنواع الفيدرالية، وليس في البحث في أصل الموضوع، الذي تراه الأغلبية كسد يمكن أن يواجه طوفان الاستبداد والديكتاتورية وعودة تجارب الأنظمة الشمولية.

طبعا، هذا لا يعني عدم وجود من لا زال يعتبر الفيدرالية، مقدمة مشروع لتقسيم العراق، وهؤلاء على نوعين، الأول؛ هو الذي يعتبره كذلك، عن جهل أو عدم معرفة بالموضوع، فهو يكرر ما يقوله الآخرون، ليس عن سوء نية بكل تأكيد، والثاني؛ هم الكثير من أيتام النظام البائد، الذين لا زالوا يعيشون وهم العودة بالعراق إلى سابق عهده، يحكمه نظاما مركزيا حديديا، ومن الواضح، فان الفيدرالية (أي النظام اللامركزي) تحول دون تحقيق أوهامهم المريضة، وهؤلاء، بالمناسبة، لا يتحدثون صراحة، ولا يعربون عن نواياهم بالمكشوف، فيرفعون شعار التباكي على وحدة العراق، ليظهروا للآخرين بأنهم حريصون عليها، وأنهم أكثر وطنية من الآخرين، في مزايدة مكشوفة ومفضوحة، على طريقة نظام الطاغية الذليل الذي كان يرفع شعار الحرص على وحدة العراق، كلما جرى الحديث عن الديمقراطية والتعددية، ليتبين في نهاية المطاف، بأنه هو، دون غيره، العامل الأخطر على وحدة العراق وسيادة البلاد وكرامة المواطن العراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 24/ تموز/2005 - 16/ جمادى الأولى/1426