التمهيد العفوي لزمن اللاقراءة التقليدية!

كتب المحرر الثقافي: لا أحد يدري ما سر التوافق الذي جعل من الارتجال في العمل الإعلامي المنوع مدعاةً لخلق حالة من هجر القراءة الجادة والمقصود بذاك قراءة الكتب بطبيعة الحال.

بين حين وآخر تبث آراء أو تدّون توقعات مشيرةً إلى نقد الحالة الناجمة عن كثرة المبثوثات الإعلامية (سماعاً ورؤية) من أجهزة الراديو والتلفاز وما استحدث بعدهما كـ(انترنيت) وغيره وكذلك كثرة المطبوعات اللامتخصصة بمجال معين ولنسميها بالصحف بشطريها (المجلات والجرائد) وغيرهما والتي تنشر موادها على أساس الاستفادة السريعة منها أي كونها نتاجات إعلامية ثقافية استهلاكية غالباً ما يعقب مطالعتها الاستغناء عنها.. على عكس مطبوعات الكتب الورقية التي يحفظها مقتنوها على رفوف أو أماكن خاصة بها حيث تعتبر إضافة لقيمتها ذات مظهر ديكوري مقبول أو مستحسن بالمقارنة مع الأشياء المكتبية أو البيتية الأخرى.

فإذا ما تم العلم أن الكتاب الورقي لم يعد حافظاً لاستقلاله كمطبوع ملموس ويحمل باليد نتيجة لكونه قد أصبح مطبوعاً كـ(صور) على أشرطة ممغنطة مثل الـ(C.D) أو ما هو مدون ضمن برامج تحفظ في أجهزة الكمبيوتر فهذا يعني أن المنافسة على النوع في تداول الكتاب هو اليوم في بداية التمهيد العفوي لها والسؤال المطروح بهذا الصدد يبقى هو: لمن ستكون الغلبة في نهاية المطاف للكتاب الورقي أو الكتاب الصوري؟!

لا شك أن هناك فائدة تجنى من مطالعة أي كتاب لكن الثمار الثقافية اليانعة تبقى مع الكتاب المطبوع الذي يحمل باليد وممكن مطالعته بأي مكان مناسب على عكس الكتاب الصوري الذي لا يمكن قراءته حالياً إلا من على شاشة ثابتة رغم أن هذه الشاشة ممكن أن تتجاوز فعل التقيد بالمكان بعد أن تم اختراع الكمبيوتر والانترنيت الحقيبي أي المحمول على شكل حقيبة يتقارب شكلها مع شكل الحقيبة الدبلوماسية. ولكن ما يبقى الصالح الكتاب الورقي أنه غير قابل لمصادرة تدوينات معلومات منه على عكس الكتاب الصوري القابل على تغيير بعض نصوصه بسهولة مما يمكن اعتبار ذلك في حالة وقوع تزوير أو التمهيد لذلك خروجاً على الأصول والذوق والأمانة.

إن للقراءة الراكزة غير القابلة للتأرجح هو اعتماد الكتاب الورقي ومع الاعتراف أن كثرة الصحف والإقبال المنقطع النظير على اقتناء أجهزة الكمبيوتر والانترنيت تساهم مساهمة فعالة في التمهيد العفوي على إضعاف الاهتمام بالكتاب الورقي وبالتالي الدخول في زمن القراءة الصورية فإن فتح هذا الملف الذي مازال مغلقاً أمام الرأي الثقافي العام يحتاج إلى معاودة التوجه لاعتبار الأولوية للكتاب الذي يعاني بدوره إلى تراجع الإصدار النوعي فيه حيث تتناغم سهام الارتفاع الكتب التجارية – الاستهلاكية بصورة تدعو لانكماش الإقبال عليها.

شبكة النبأ المعلوماتية - الجمعة 22/ تموز/2005 - 14/ جمادى الأولى/1426