مقتل السفير وحزب التبرير

دكتور أحمد راسم النفيس

لم أكن أعرف مدى الشعبية الطاغية التي يتمتع بها التحالف الطالباني البعثي الإرهابي إلى أن قتل السفير المصري في بغداد إيهاب الشريف.

إذ انطلقت على الفور الأقلام والحناجر تحمل الحكومة المصرية فضلا عن العراقية (العميلة) كامل المسئولية عن مقتل السفير أما السبب فهو أن الحكومة المصرية أرسلت سفيرها إلى بغداد بناء على تعليمات واشنطن!!!.

ولست أفهم سر هذه الحالة الغريبة من الشماتة في قتل السفير المصري وكأن الأمر لا يعدو كونه مجرد صفعة لرأس النظام وليس طعنة لكل مصري وعربي ومسلم.

من بين هذه الأصوات مساعد سابق لوزير الخارجية قال في جرأة يحسد عليها (لماذا تريد مصر أن تغضب المقاومة العراقية؟!) ونحن نرشحه نظرا لكفاءته ومواهبه!! فضلا عن ثقافته الأخلاقية والدبلوماسية الرفيعة لمنصب سفير مصر في دولة الخلافة الطالبانية التي يريد هؤلاء إقامتها في العراق (لا سمح الله) أو في منصب وزير خارجيتهم إذا تدهورت الأمور إلى ما هو أسوأ من ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله!!.

يقتلون سفير مصر ثم يسميهم ذلك (المفكر) مقاومة!!

لك الله يا مصر!!.

السيد السفير السابق يرى أنه لا يتوجب علينا أن نغضب تنظيم القاعدة ولا قادته الروحيين من أمثال الزرقاوي وابن لادن والظواهري (أبو عبد الرحمن إمام أهل مصر كما يسميه التنظيم في بياناته) كما أنه يتبرع بتبرير من عنده وهو أن قتل السفير المصري هو عمل من أعمال المقاومة المشروعة ولذا فنحن نقترح أن يضاف إلى تلك المهام آنفة الذكر مهمة وزير إعلام أبي مصعب الزرقاوي وهو خير من يقوم بهذه المهمة على ما يبدو.

البعض الآخر كتب يستعرض أخطاء النظام المصري والتي أدت إلى قتل السفير بالطبع ومن بينها (تلك المعاملة السيئة التي لقيها وفد هيئة علماء المسلمين بقيادة مثنى حارث الضاري لدى زيارته التاريخية "!!" لمصر وأن القوى السنية "وتحديدا تلك الهيئة" غاضبة من الدور المصري الذي أضفى شرعية على الاحتلال الأمريكي في العراق).

فات صديقنا أن من كان يحق له الغضب من الموقف المصري المساند للنظام السابق وغير المرحب باستلام الغالبية الشيعية الحكم في العراق عبر الانتخابات لم يقتل ولم يخطف لا السفير المصري ولا القائم بالأعمال كما فعل هؤلاء من قبل بل سعى لمد الجسور والتواصل مع مصر الرسمية وأن أيا من هذه المبررات لا يمكن سوقها لتبرير هذا العمل البربري.

كما أنه لم يكن من المبرر أو من اللائق الخلط بين لغة الصفقات السياسية والحديث عن تقاسم السلطة في العراق وبين عمل إجرامي جبان من هذا النوع.

الأهم من هذا أن تنظيم القاعدة كان أكثر وضوحا وصراحة من حزب التبرير الذي تطوع غير مشكور ولا مأجور بمهمة الدفاع عن القتلة على طريقة جهيزة التي قطعت قول كل خطيب عندما قال "نعلن نحن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أن حكم الله تعالى في سفير الكفار سفير مصر قد نفذ" وهاجم البيان "النظام المصري" وقال إن "أول من قام بالحرب على الإسلام والمسلمين هو النظام المصري منذ عقود عدة"، وأضاف أن سجون مصر مليئة بـ "المجاهدين" وأن المحاكم المصرية "التي تحكم بغير ما أنزل الله حكمت على الكثير من الموحدين بالإعدام ومنهم شيخنا أيمن الظواهري".

ومضى بيان القاعدة يقول "وليعلم القاصي والداني أن شيخنا أبا مصعب الزرقاوي حفظه الله وثبته وسدد رميه ومجلس شورى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين عازمون على الوقوف بوجه العلقميين والصليبيين وكل من يقف بجانبهم ونتوعد كل دول الطواغيت ونخبرهم بأن بلاد الرافدين ما باتت آمنة للكفار لأن الله تعالى مكن فيها رجالا مجاهدين مقاتلين في سبيل الله عز وجل

فمصالح الصليبيين والعلقميين قد اجتمعت في محاربة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

ونعلن نحن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أن حكم الله تعالى في سفير الكفار سفير مصر قد نُفذ ولله الحمد.

فيا عدو الله إيهاب، هذا لك خزي في الحياة الدنيا ولك ولأمثالك في الآخرة عذاب أليم".

قتل السفير واحتلال العراق!!.

الحجة التي أدلى بها حزب التبرير مثقوب الذاكرة وهي أن هذا العمل ما كان ليحدث لولا استجابة النظام للطلب الأمريكي بإرسال السفير المصري للعراق هي حجة واهية لا تقل في تفاهتها عن تلك الدعاية الفجة التي روج لها البعض عن أن هؤلاء قتلوا للسادات بسبب رفضهم لكامب ديفيد ولو أنهم استرجعوا ملف تلك القضية لما خرج موقفهم بتلك الصورة المخجلة التي تسعى لتحميل الضحية مسئولية وقوع الجريمة بدلا من أن تعلن إدانتها الواضحة للجريمة والقتلة وتطالب بإنزال القصاص الرادع بهم.

فليقرأوا ما قاله جهابذة تلك التنظيمات عن سبب قتلهم للرئيس السادات "نشهد قومنا ومن سمع أننا بريئون مما يعبدون من دون الله من أرباب بشرا كالحكام والرؤساء الذين يأمرون بمعصية الله ورسوله وكذلك في كل قانون أو شرع لم ينزل من عند الله في القرآن والسنة كالقوانين الوضعية والأفكار الرأسمالية والشيوعية أو الديمقراطية والاشتراكية والقومية وخلافه ونقول لعلماء المسلمين الحكوميين الذين باعوا دينهم ورضوا بعرض الدنيا الرخيص نقول لهم إن لم تعلنوا الحق فحسبنا الله وحده ونعم الوكيل ونعلنها إنذارا من الله إلى كل مسلم له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد إن هؤلاء الحكام قد خدعوك وجعلوا أنفسهم آلهة عليك فأطعتهم و خشيتهم وظننت أن هناك عذرا سينفعك عند الله تلك أسانيدهم فنقول لكل المسلمين ففروا على الله إني لكم منه نذير مبين ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين" توقيع خالد الإسلامبولي ورفاقه.

أما عن استهدافهم السفارات المصرية وغير المصرية فحدث ولا حرج وواقعة تفجير السفارة المصرية في باكستان أشهر من أن تنسى حيث اتهمت بينظير بوتو رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة (أنصار أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بنسف السفارة المصرية في إسلام آباد عام‏1995‏ وإحراق مبني البرلمان وخطف حافلة لطلاب إحدى المدارس‏.‏ وقالت بوتو التي تقيم منذ عدة سنوات خارج بلادها في بيان وزعه حزبها أن هذه العمليات الإرهابية جاءت ردا علي قيام حكومتها بإغلاق مراكز هامة للتدريب شبه العسكري للعناصر المتطرفة في مدينة بيشاور عاصمة الإقليم الحدودي الباكستاني المتاخم لأفغانستان فضلا عن شن حملات اعتقالات ضد هذه العناصر وتسليم بعض الإرهابيين المطلوبين للعدالة في دول أخرى).‏ الأهرام 1-10-2001.

ولا يفوتنا أن نذكر بحادثة إعدام الدبلوماسيين الإيرانيين على يد هؤلاء السفاحين عند اقتحامهم مدينة مزار شريف الأفغانية عام 1998.

وفي تقديرنا أن قيام هؤلاء بخطف واغتيال السفير المصري ربما بتواطؤ من بعض القوى العراقية التي عارضت وتعارض العملية السياسية برمتها جاء ردا على الموقف المصري السياسي والديني الذي أدان عمليات القتل الجماعي التي حدثت طوال الفترة الماضية ولعل ما ذكره البعض عن غضب هؤلاء من تلك المقابلة الفاترة التي حظي بها هؤلاء تفسر لنا قيامهم بتسهيل تلك المهمة القذرة.

الرسالة والرد

الرسالة التي أرسلها الزرقاويون لا تحتاج إلى شرح ولا تفسير والرد في تقديرنا ينبغي أن يكون بنفس درجة وضوح الرسالة.

أما ذيول البعثيين وحلفائهم الزرقاويون فنقول لهم ما قاله مظفر النواب:

كونوا عربا بشرا حيوانات

فالذئبة حتى الذئبة تحمي نطفتها

والنملة تعتز بثقب الأرض

أما أنتم!!!

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 21/ تموز/2005 - 13/ جمادى الأولى/1426